رغم دعمها له بالمسيرات.. لماذا يمتنع بوتين عن بيع مقاتلات سوخوي-35 لإيران؟
يتعاظم القلق الأميركي من دعم إيران لروسيا في حربها على أوكرانيا عبر تزويدها بالأسلحة اللازمة للمعارك الدائرة منذ فبراير/ شباط 2022.
وقد أثار هذا الدعم قلق الولايات المتحدة التي تعد ذلك جزءا من شراكة دفاعية متنامية بين روسيا وإيران، وفق تقرير نشره موقع فرارو الخبري الإيراني.
ومع ذلك، هناك مؤشرات على أنه من غير المرجح أن تفي موسكو بوعودها لإيران في مجالات مهمة، مثل توريد أسلحة روسية متقدمة للجيش الإيراني.
تزايد التوتر
وكان البيت الأبيض قد حذر قبل أقل من عام، من علاقات عسكرية "غير مسبوقة" بين روسيا وإيران، لكن اليوم هناك بوادر على تزايد الخلافات في هذه العلاقات.
حتى إنه يمكن القول إن موسكو لم تعد شريكا موثوقا، وإن العلاقة مع طهران صارت تبادل (مصالح)، وليست شراكة إستراتيجية.
ففي أواخر عام 2022، عندما كانت روسيا في خطر بسبب استنزاف مخزونها من الأسلحة بعد شهور من القتال في أوكرانيا، وافقت إيران على إمدادها بالذخيرة، خاصة الطائرات الحربية المسيرة، من طراز شاهد–136، التي استخدمتها موسكو في الهجمات على المدن والبنية التحتية الأوكرانية.
وتحتاج إيران إلى 64 مقاتلة جديدة لتحديث سلاحها الجوي المتقادم، والذي يشمل في الغالب طائرات أميركية الصنع، اشترتها طهران قبل ثورة 1979.
وفي تعليقه على هذا التعاون، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، في ديسمبر/كانون الأول 2022، إن إيران وروسيا تبنيان "شراكة دفاعية كاملة تهدد الشرق الأوسط والعالم بأسره".
وأضاف كيربي أن "الدعم يتدفق من الجانبين"، وأن موسكو تقدم "مستوى غير مسبوق من الدعم العسكري والفني" لطهران.
ووفق موقع فرارو، كانت طهران تتوقع استلام عدد غير محدد من المقاتلات الروسية، من طراز سوخوي-35، بالإضافة إلى طائرات مروحية، وأنظمة دفاع جوي متطورة من طراز س-400، وذلك في إطار الشراكة المتنامية بين الجانبين.
ومع ذلك، لا يوجد ما يشير إلى أن إيران قد تلقت أي معدات أو ستتلقى أيًا منها في المستقبل المنظور، على اعتبار أن "التصريحات الأخيرة للمسؤولين الإيرانيين لا تحتوي على شيء من التفاؤل السابق بشأن تسليم الطائرات".
فقد سبق أن أكد عضو لجنة الأمن القومي بمجلس النواب الإيراني، شهريار حيدري، أن مقاتلات سوخوي-35 التي طلبتها إيران من روسيا ستصل إلى البلاد في أوائل عام 2024.
ولكن وزير الدفاع الإيراني، محمد آشتياني، أكد عدم تنفيذ عقد شراء مقاتلات سوخوي-35 من روسيا.
وكانت موسكو قد وعدت بتسليم طهران مقاتلات سوخوي-35 بحلول عام 2023. ومع ذلك، فإن مصادر مطلعة تشك في إمكانية تحقيق ذلك. ويبدو أن المسؤولين الإيرانيين يشعرون بالخجل والأسف لعدم وفاء روسيا بالتزاماتها.
أسباب الخلاف
وحول أسباب الخلاف ومظاهره، يقول الموقع إنه في يونيو/حزيران 2023، أيّدت موسكو البيان المشترك لمجلس التعاون الخليجي، الذي تضمن مطالبة الإمارات بالجزر المتنازع عليها مع إيران، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغيرة.
وهذه الجزر الثلاث صغيرة، ولكنها مهمة في الخليج العربي، وتقع تحت سيطرة إيران منذ أن استولى الشاه الإيراني الراحل عليها عام 1971 قبل إعلان استقلال الإمارات.
وفي ردها على هذه الواقعة، استدعت إيران السفير الروسي ألكسي ديدوف، وطلبت من موسكو "تصحيح موقفها" الذي تعده طهران تدخلا غير مقبول في شؤونها الداخلية.
ومن خلال دعمها لبيان مجلس التعاون الخليجي، تُظهر روسيا أنه على الرغم من شراكتها الإستراتيجية الواضحة مع إيران، فإنها لا تزال تنوي موازنة علاقاتها مع إيران والدول العربية في الخليج.
وجدير بالذكر أن موسكو لديها علاقات اقتصادية مهمة مع الدول العربية، تنامت منذ غزو تلك الدولة لأوكرانيا، يقول موقع فرارو.
ومن المثير للاهتمام، أن وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية قد قللت في ردها على الإجراء الروسي من شأن الشراكة بين إيران وروسيا.
كما قالت إن هذا التعاون تكتيكي فقط، وأن موسكو ليست حليفا إستراتيجيا، وفق الموقع الإيراني.
وفي هذا السياق، قال رئيس جهاز المخابرات السرية البريطاني ريتشارد مور، في أواخر يوليو/تموز 2023، إن إيران تبحث عن أموال من خلال بيع الأسلحة لروسيا.
ويبدو أن هذا يؤيد تقارير سابقة تفيد بأنها باعت تكنولوجيا طائرات بدون طيار بقيمة 900 مليون دولار إلى موسكو.
تاريخ التعاون
ويسلط الموقع الضوء على تاريخ التعاون العسكري بين روسيا وإيران، فيقول إن موسكو باعت معدات عسكرية مهمة لطهران في الماضي.
وبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في أغسطس/آب 1988، عرض الاتحاد السوفيتي على طهران ما يشبه "شيكا على بياض" لشراء أي أسلحة تقليدية تريدها من روسيا.
في ذلك الوقت، عرض الاتحاد السوفيتي على إيران 72 مقاتلة من طراز ميج 29، وميج 24، وميج 31، وميج 36، بالإضافة إلى قاذفات سوخوي-24.
جاء هذا العرض في وقت كانت تعاني فيه طهران أزمة مالية بعد الحرب التي استمرت ثماني سنوات مع جارتها العراق، ولم يكن بإمكانها سوى شراء عدد أقل من طائرات ميج 29، وسوخوي-24، وأنظمة الدفاع الجوي إس-200. وسلمت موسكو هذه الأسلحة إلى إيران في عامي 1990 و1991.
استمرت مبيعات الأسلحة الروسية إلى إيران، ولكن لم تكن موسكو وطهران حليفين في ذلك الوقت، ولم يكن لديهما تحالف رسمي أو شراكة كما هو الحال اليوم، يقول الموقع.
ويتابع: "في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، اكتفت روسيا ببيع 6 طائرات هجومية فقط من طراز سوخوي-25 منخفضة التقنية نسبيا لإيران".
وفي عام 2007، وقعت إيران عقدا بقيمة 800 مليون دولار مع روسيا لشراء أنظمة دفاع جوي روسية من طراز إس 300.
ولكن موسكو رفضت تسليم هذه الأسلحة لمدة عقد تقريبا، ولم تنقلها إلى إيران إلا في عام 2016.
وبعد انتهاء حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على إيران رسميا في أكتوبر/تشرين الأول 2020، لم يعد لدى روسيا أي قيود دولية يمكن استخدامها كذريعة لرفض تسليم الأسلحة التي قيل إن إيران دفعت ثمنها بالفعل.
ونظرا لأن التعاون بين البلدين يبدو أحادي الجانب، فإن الامتيازات العسكرية أو السياسية التي تحصل عليها إيران في مقابل دعمها لروسيا ستكون محل تساؤل من جانب الإيرانيين في الفترة المقبلة، وفق تقدير الموقع.