"يبشر بقرب زوالها".. تفاعل واسع مع الانقلاب القضائي بإسرائيل ومواجهات الشارع

12

طباعة

مشاركة

خلّف تصديق الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) على قانون إلغاء "حجة المعقولية"، احتجاجات وإضرابات ومواجهات داخلية واسعة في إسرائيل، قابلها تفاعل كبير لدى الشعوب العربية، برز في شكل تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وصوَّت الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون "الحد من المعقولية" في 24 يوليو/تموز 2023، ليصبح بذلك قانونا نافذا رغم الاعتراضات المحلية الواسعة.

ومن شأن القانون أن يمنع المحاكم الإسرائيلية، بما فيها المحكمة العليا، من تطبيق ما يُعرف باسم "معيار المعقولية" على القرارات التي يتخذها المسؤولون المنتخَبون.

والقانون هو واحد من 8 مشاريع قوانين طرحتها الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو في إطار "إحداث التوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية"، ضمن خطة "إصلاح القضاء" المزعومة التي تصفها المعارضة بـ"الانقلاب"، وتتظاهر احتجاجا عليها منذ 29 أسبوعا. 

وقبل التصديق وبعده، تواصلت الاحتجاجات أمام مقر الكنيست وجرت صدامات مع شرطة الاحتلال. كما أعلن أخيرا مئات من ضباط وجنود الاحتياط، بمن فيهم طيارون وقادة في سلاح الجو وقف خدمة الاحتياط، احتجاجا على المضي قدما في الانقلاب على القضاء.

وهذه التطورات أثارت تفاعل الناشطين العرب وهو ما ظهر عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #اسرائیل_تتآكل، #اسرائيل_تنهار.

وتداول ناشطون مقاطع فيديو توثق عملية دهس استهدفت الاحتجاجات الإسرائيلية وقعت على طريق رئيس في مدينة كفار سابا المحتلة، وعدوها دليلا على أن الكيان الإسرائيلي يتغنى بديمقراطية كاذبة.

ورأوا أن الاحتلال الإسرائيلي بات متصدعا ويعاني من شقاق كبير غير مسبوق، ويسقط إلى الهاوية، وينهار من الداخل، مبشرين بأن الكيان إلى زوالٍ قريب.

زوال إسرائيل

وتفاعلا مع الأحداث، أكد الباحث في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي، أن "إسرائيل" كيان في طور الذبول، مشيرا إلى وقوع هزة أرضية بمقاييس إسرائيلية.

وأشار إلى أن المتدينين في حكومة نتنياهو طرحوا اليوم مشروع قانون يعد تعليم التوراة مثل أداء الخدمة العسكرية.

ويعني هذا أن من يتفرغ لتعلم التوراة يعفى من الخدمة العسكرية، لافتا إلى أن المتدينين يتجهون لحسم الصراع على طابع إسرائيل.

ورأى الإعلامي عاطف ديلغموني، أن إرهاصات زوال دولة الكيان الصهيوني قد بدأت ولن تكون هناك دولة إسرائيل عام 2028.

وقال الناشط أدهم أبو سلمية، إن الكيان الصهيوني يدخل رسميا حقبة العد التنازلي لنهايته بحكومة يمينية متطرفة دكتاتورية وشعب ممزق منقسم على ذاته، وجيش تائه يجد نفسه في المحطة الأخيرة مسخرا لحماية فاسد متطرف اسمه نتنياهو وعصابته.

وكتبت نور هادي: "الكيان المؤقت يشتعل من جديد، ﴿هذا ما وَعَدَ الرَّحمنُ وَصَدَقَ المُرسَلونَ﴾".

وبشر النجداوي عصام، بأن إسرائيل وكيانها المصطنع على صفيح ساخن والاحتلال المقيت الجاثم فوق صدر الجميع إلى زوال.

وأعربت الكاتب الصحفية آيات عرابي، عن سعادتها بتفكيك الصهاينة لدولتهم وتسريحهم لجيشهم.

حرب أهلية

وتحدث ناشطون عن إمكانية أن تؤدي الاحتجاجات في إسرائيل إلى حرب أهلية، وتصدع داخل المؤسسة العسكرية وانقلاب عسكري محتمل وتصاعد حالة التمرد الداخلي نتيجة إصرار حكومة نتنياهو على إقرار تغييرات تحد من صلاحيات القضاء لصالح السلطة التنفيذية.

وأجاب رئيس منتدى العلاقات الدولية للحوار والسياسات الكاتب شرحبيل الغريب، على سؤال على ماذا الصراع في إسرائيل؟، موضحا أن الذي يجرى ليس تعديلات قضائية بالمفهوم الإيجابي بل هو انقلاب حقيقي على النظام الصهيوني الليبرالي تقوده الزعامات الدينية المتطرفة والتيار القومي في الليكود (حزب نتنياهو).

وأضاف أن جوهر الخلاف الحقيقي الآن على مستقبل إسرائيل، وفق تقديره.

وأوضح الأكاديمي الكويتي أحمد الذايدي، أن الكيان الصهيوني يعيش حالة صدام اجتماعي غير مسبوقة على أثر التعديلات القضائية التي تحد من صلاحيات المحكمة العليا.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، أن مسار الأحداث في إسرائيل "مبشّر"، منوها إلى حديث رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود أولمرت، لقناة بريطانية عن حرب أهلية، بعد تصويت الكنيست؛ وتأكيده حين سألته هل يقصد ذلك حقا؟ بالقول: "نعم أعني العصيان المدني مع كل التداعيات المحتملة على استقرار الدولة وقدرة الحكومة على الأداء".

وقال الكاتب السياسي حاتم رشيد، إن إقرار الكنيست للتعديلات القضائية التي اقترحتها حكومة نتنياهو لتقليص صلاحيات المحكمة يرسخ حالة الانقسام المجتمعي في مجتمع الغزاة المستوطنين الصهاينة.

وأضاف أن إقرار التعديلات يعزز من الصراع حول هوية المجتمع بين صهيونية علمانية غربية وأخرى، أصولية توراتية بملامح داعشية يهودية تناظر الأنماط الشرقية الاستبدادية،  وفق وصفه.

وأكد رشيد، أن اليهود الاشكناز في غالبيتهم في صفوف المعارضة وهي تعي أنهم من أسس المشروع الصهيوني وتجسيده العملي فيما يسمى اليوم دولة إسرائيل، مشيرا إلى أن هؤلاء يهيمن عليهم الشعور بأنهم معرضون لتهميش متزايد بسبب تنامي قوة الصهيونية الدينية برجعيتها وتزمتها.

وأكد الصحفي عماد أبو الروس، أن الأزمة في إسرائيل أعمق من مشروع القانون الذي مرر في الكنيست، لأنها ليس لديها دستور ناظم، ولأن الصراع يتحول ما بين اليسار واليمين الإسرائيلي، وعمليا تحولت الأزمة إلى وجود كيانين افتراضيين ما بين البرلمان والمحكمة العليا وصراع في الصلاحيات.

وأشار كار مصطفى، إلى أن نتنياهو يُسقِط كل التسويات ويمضي قدما بالسيطرة على مؤسسات الحُكم بإلغاء الرقابة القضائية، لافتا إلى أن الانقسام يهدد بشلّ الاقتصاد والجيش، مؤكدا أن الأوضاع إذا تفاقمت في إسرائيل، فهي أقرب إلى حرب أهلية.

حفاوة وارتياح

وأبدى ناشطون ارتياحهم لما يشهده الكيان المحتل من صراع داخلي وتحارب واحتجاجات مناهضة للحكومة ورافضة لقراراتها، واقترابها من أن تصبح حربا أهلية، متداولين صورا تظهر توشح الصحف العبرية باللون الأسود وكُتب أسفل الصفحة "يوم أسود للديمقراطية الإسرائيلية".

وعرضت الإعلامية راميا الإبراهيم، مقطع فيديو يوثق عملية دهس المعارضين للتعديلات، ووصفته بأنه "يسر القلب والخاطر".

 وأعربت أشجان نبيل، عن سعادتها من أن الإسرائيلي يفرم في الإسرائيلي، متسائلة: "أين أكذوبة الجيش الذي لا يُقهر؟! ".

وعلق الصحفي مرتضى رواس، على مقطع دهس المتظاهرين، قائلا: "هذا ما يفعله الإسرائيليون ببعضهم البعض، فما بالكم بما يفعلونه بأصحاب الأرض".

وعن تطورات المشهد السياسي الإسرائيلي بعد إقرار قانون إلغاء سبب المعقولية، أشار المتخصص في الشؤون الإسرائيلية سعيد بشارات، إلى محاولة دهس متظاهرين في تل أبيب، وإطلاق نار على متظاهرين قرب كيبوتس في النقب، والتنكيل بمتظاهر من قبل الشرطة.

كما لفت إلى الفوضى قرب المحكمة العليا والكنيست، وإغلاق شوارع رئيسة في تل أبيب، وفقدان السيطرة على المتظاهرين في شارع ايلون، مما أدى لإغلاقه في كلا الاتجاهين.

وأشار الكاتب والداعية جهاد حلس، إلى أن الفوضى تعم أرجاء "إسرائيل"، داعيا الله أن يشتت شملهم، ويفرق جمعهم، ويجعل بأسهم بينهم شديد.

وذكر في تغريدة أخرى، أن "إسرائيل" تفقد السيطرة، والفوضى تعم أرجاء الكيان الغاصب.

وقال المحامي والباحث الفلسطيني صالح أبو عزة: "لا تخلو مظاهرة للمعارضة الإسرائيلية، إلا وتتكرر عمليات الدهس التي يقوم بها بعض المستوطنين المحسوبين على اليمين"، مضيفا أن الشارع الإسرائيلي محتقن، ولربما بحاجة للحظة حرجة تؤدي عمليات الدهس فيه إلى سقوط قتلى، لكي يتطور هذا الاحتقان إلى دموية مُفرِطة.