عشرية سوداء.. مجلة إيطالية تعدد جرائم السيسي بحق المصريين منذ الانقلاب

12

طباعة

مشاركة

نددت مجلة إيطالية بوضع حقوق الإنسان واستمرار القمع وإسكات صوت المعارضة في مصر منذ انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013، الذي أطاح بحكم الرئيس الراحل محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد.

وقالت مجلة "نيغريسيا" إن آلاف الأشخاص لقوا حتفهم في الشوارع أو زُج بهم في السجون منذ الانقلاب الذي نفذه الجنرال عبد الفتاح السيسي، بينما باتت الاعتقالات التعسفية تشكل القاعدة. 

وأعادت المجلة التذكير بالمجزرة التي ارتكبتها قوات الأمن خلال فض اعتصامي المتظاهرين السلميين في ميدان رابعة العدوية والنهضة بين 14 و 17 أغسطس/ آب  2013 وقتلها مئات الضحايا.

وأشارت على وجه الخصوص إلى فظاعة مقتل 37 من أنصار مرسي المحتجزين داخل سيارة شرطة اختناقاً بسبب إطلاق الغاز المسيل للدموع.

انقلاب دام

وأوضحت المجلة الإيطالية أنه قبل انقلاب 2013 جرى تنظيم حملة لجمع التوقيعات لسحب الثقة من الرئيس السابق مرسي، تلتها مظاهرة مناهضة للحكومة دعت إليها حركة تمرد، المخترقة من قبل قوات الأمن المصرية، في 30 يونيو 2013.

وأضافت أن هذه المظاهرة مهدت الطريق أمام الجيش ورئيس النظام الحالي عبد الفتاح السيسي لتنفيذ الانقلاب.

ونجح الانقلاب في الإطاحة بحكم مرسي بدعم من حزب النور السلفي وبتوافق بين الشرطة والجيش والكنيسة القبطية والنظام القضائي والليبراليين بقيادة محمد البرادعي، الذي أعلن لاحقًا تبرؤه من العملية.

وفي غضون أيام قليلة، تلاشت كل الأحلام الثورية لميدان التحرير، تلك الحركة الشبابية والحقوق المدنية والاجتماعية التي انطلقت من تونس ووصلت إلى القاهرة وبلدان أخرى في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تتأسف المجلة الإيطالية.

وتابعت: كذلك مطالب العمال خصوصا على إثر تشكيل الاتحاد المصري للنقابات المستقلة في أعقاب احتجاجات 2011 ، والذي تم إخضاع أنشطته تدريجياً للرقابة العسكرية.

وأردفت أن الانقلاب في مصر دشن موسمًا مظلمًا لانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد بعد أن أدى بعشرات الآلاف من السياسيين إلى خلف القضبان، بمن فيهم إسلاميون ونشطاء ليبراليون ويساريون.

وأضافت أن المعتقلين تعرضوا إلى محاكمات صورية، وتمديد لا نهاية له لفترات الحبس الاحتياطي واتهامهم بتهم مختلفة لإطالة فترة إيقافهم، ناهيك عن العنف في الإيقاف.

هذا إلى جانب وقوع وفيات نتيجة عدم الحصول على الرعاية الطبية الكافية والانتحار في السجن، بالإضافة إلى تهديد أفراد الأسرة في مصر وخارجها.

وكانت هناك الآلاف من حالات الاختفاء القسري أو لنشطاء عادوا للظهور بعد أسابيع أمام القضاة في ظروف صحية غير مستقرة.

ذريعة "الإرهاب"

وانتقدت المجلة الايطالية  تواصل توظيف "تقنية" منع المعارضة من خلال قانون التظاهر الصادر عام 2013، وحجة "إجراءات مكافحة الإرهاب" المستخدمة للحد من أي شكل من أشكال المعارضة.

وبحسب نشطاء ومشغلي مراكز الفكر الدولية الرئيسة التي تتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، من منظمة العفو الدولية إلى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أعقب إطلاق سراح ناشطين مهمين في السجن موجات جديدة من الاعتقالات التعسفية لثني أي شكل من الأشكال المعارضة.

نتيجة لذلك، تشرح المجلة أن محاولات التظاهر بعد تفريط نظام السيسي في جزيرتي تيران وصنافير في عام 2016 لصالح السعودية أو الاحتجاجات المناهضة للحكومة في عام 2019 التي أثارتها مقاطع فيديو على الإنترنت، لم يكن لديها مجال كبير لتحدي نظام السيطرة العسكري الذي أقامه المستبد المصري.

وانتقدت المجلة كذلك تعدد أحكام الإعدام خاصة ضد جماعة الإخوان المسلمين، منددة بتنفيذ المئات منها رغم المعارضة الدولية.

وذكرت حظر جميع أنشطة الإسلاميين بما في ذلك حزب الحرية والعدالة بعد الهجوم على قسم شرطة المنصورة في ديسمبر 2013 واغتيال المدعي العام بالقاهرة هشام بركات في يونيو 2015.

وقالت إن تصاعد التوتر أدى إلى تأجيج "الإرهاب" لا الحد منه، خاصة في منطقة سيناء حيث انتشرت جماعة أنصار بيت المقدس التابعة لتنظيم الدولة.

إرث الانقلاب

وأوضحت المجلة أن انقلاب 2013 لم يكن بمثابة نهاية لتطلعات حركة الساحات 2010-2011 نتيجة قمع نظام السيسي العسكري فحسب. 

لكنه أثار مناخًا من الرقابة والخوف في مصر أكثر تفشيا عند مقارنته بالنظام الاستبدادي لحسني مبارك (1981-2011) وقوانين الطوارئ الخاصة به.

وأضافت أن هذا الانقلاب العسكري شكل نموذجا ألهم العديد من الدول المجاورة التي اجتحاتها موجات الاحتجاجات المتتالية في عام 2019.

بعبارة أخرى، تشرح المجلة أن هذا الانقلاب أظهر أن الرد على التحركات لا يكمن في التغيير الجذري والديمقراطية وفي قبول المطالب الاجتماعية التي تأتي من الشارع، بل في توسيع صلاحيات "الدولة العميقة" والجيش. 

وهو ما أكدته الاحتجاجات في السودان عام 2019، وعودة النظام السوري بقيادة بشار الأسد إلى الساحة الدبلوماسية الدولية للجامعة العربية.

وكذلك فشل الانتقال الديمقراطي الوحيد في تونس في ظل عودة الاستبداد بدلاً من التعددية السياسية وصلاحيات البرلمان، وذلك بعد أن أعلن الرئيس قيس سعيد عن إجراءات إستثنائية في 2021.

كما نددت المجلة بالدعم الفوري للسيسي ومساره الإنقلابي من روسيا بقيادة فلاديمير بوتين، فضلا عن الدعم غير المشروط من فرنسا وإيطاليا بقيادة الرئيس فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء ماتيو رينزي.

وساهم البلدان بإمداداتهما من الأسلحة وزياراتهما إلى قمة شرم الشيخ (2015) وافتتاح توسعة قناة السويس (2015) بشكل مباشر في قمع المعارضة وتوطيد سلطة السيسي غير المؤكدة في تلك الفترة.

من ناحية أخرى، تخلت الولايات المتحدة عن الإسلاميين ولم تفعل شيئًا للدفاع عن أول رئيس منتخب في تاريخ مصر، حسب المجلة. 

وعدت المجلة "الاكتشافات الأخيرة غير المسبوقة لحقول الغاز في وسط البحر المتوسط، وأقساط القروض الممنوحة من صندوق النقد الدولي، وكذلك المشاريع الفرعونية لبناء عاصمة تابعة للقاهرة، بأنها لا تمثل سوى القليل مقارنة بالآثار طويلة المدى التي أحدثها انقلاب 2013 على مصر ودول شمال إفريقيا والشرق الأوسط".

في الختام، نوهت المجلة بأن وجود مجتمع مدني نابض بالحياة، قريب من حقوق العمال ومشاركة نسائية عالية في الاحتجاجات، وعدد متزايد باستمرار من المنظمات غير الحكومية، النشطة داخل وخارج البلاد، من شأنه أن يمنح الأمل في مستقبل تكتسب فيه التعبئة في الشوارع مساحة سياسية أكبر وتحقق تغييرًا جذريًا في العلاقة بين الدولة والمجتمع.