"تتبنى نظريات المؤامرة".. هكذا همشت سياسات ميلوني المسلمين في إيطاليا

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع بريطاني الضوء على السياسات المعادية للمسلمين التي اتبعتها رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، بعد وصولها للسلطة في أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

وقال أستاذ الدراسات الدولية في كلية "ويليامز" الأميركية، فريد حافظ، في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" في نسخته الفرنسية، إن "ميلوني، التي تترأس حزب (إخوة إيطاليا) -ممثل الفاشية الجديدة- تصدرت وسائل الإعلام بأخبارها المشؤومة".

ووفق حافظ، فإن صعود ميلوني، بالإضافة إلى شريكها من اليمين المتطرف "حزب الرابطة"، أثار قلق النخب السياسية في أوروبا.

العداء للدين

وأشار أستاذ الدراسات الدولية إلى أنه "رغم هذه المخاوف، فإن ميلوني لم تقف ضد سياسات الاتحاد الأوروبي، ولم تشق وحدة موقف حلف شمال الأطلسي (الناتو) تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا، وهما ملفان أثارا قلق نظرائها الأوروبيين بشكل خاص".

وتابع: "بل إن زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا، مارين لوبان، انتقدت ميلوني لتقديمها (تنازلات) إلى الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة".

وأضاف حافظ أنه "بغض النظر عن اتباع رئيسة الوزراء الإيطالية سياسات مناهضة مجتمع الميم، فقد دعمت ميلوني نظرية المؤامرة التي تروج لخطة مزعومة حول أسلمة أوروبا".

ففي سبتمبر/ أيلول 2019، كتبت ميلوني مقدمة لـ"التقرير الأول عن أسلمة أوروبا"، الذي نشرته مؤسسة "FareFuturo" التابعة لليمين المتطرف.

وقالت ميلوني في مقدمتها: "بما أننا نخشى أن تتحقق نبوءة (هولبيك)، فإنه إذا لم تقرر أوروبا -وفي القلب منها إيطاليا- أن تتبع سياسات وتمتلك أدوات للحفاظ على نفسها، فإن نبوءة هولبيك ستتحول إلى حقيقة".

ويُعرف الكاتب، ميشيل هولبيك، بالعداء للدين الإسلامي، كما تخيل في روايته "استسلام" أنه ستتم أسلمة المجتمع الفرنسي.

وتناولت روايته وصول حزب مسلم لحكم فرنسا بعد منافسة بين زعيم الجبهة الوطنية، مارين لوبان، وزعيم حزب إسلامى أسماه، محمد بن عباس، لرئاسة الجمهورية عام 2022، في نهاية فترة ولاية ثانية للرئيس الاشتراكي، فرنسوا هولاند.

علاوة على ذلك، خاطبت ميلوني قبل وصولها لرئاسة وزراء إيطاليا، المسلمين قائلة إنه "إذا شعرت أن في الصليب إهانة لك، فهذا ليس المكان الذي ينبغي أن تعيش فيه، فالعالم شاسع وممتلئ بالأمم الإسلامية، وسنحارب أسلمة أوروبا لأننا لا نعتزم أن تصبح أوروبا قارة مسلمة".

وفي مناسبة أخرى، قالت: "نعم للقيم العالمية، ونعم للصليب، ولا للعنف الإسلامي! نعم لحضارتنا لا لمن يريدون تدميرها!".

التعصب الأعمى

ووفق المقال، فإن مليوني "تتخذ الآن الخطوات الأولى لمحاربة هذه الأسلمة المزعومة".

وأورد المقال ما ذكرته الباحثة، آدا مولول مارين، في تقريرها عن الإسلاموفوبيا في إيطاليا عام 2022، من أن أعضاء حزبي "إخوة إيطاليا" و"الرابطة"، أدلوا بتصريحات ضد وجود أو بناء مساجد جديدة في البلاد، بحجة أنها "تثير صراعات اجتماعية".

وأشار الكاتب إلى أن صحيفة "Il Giornale" الإيطالية أكملت المهمة، "عبر إثارة الخوف من المسلمين، لإضفاء الشرعية على السياسات التمييزية للحكومة الإيطالية".

ففي تغطيتها الإعلامية، حذرت الصحيفة من بناء مساجد جديدة، معتبرة أن بناء المساجد دليل على النوايا الهادفة لإنشاء "أحياء إسلامية" في إيطاليا.

وفقا لتقارير وسائل الإعلام المحلية، فقد قدم حزب ميلوني، الذي يقود التحالف الحكومي الحالي في إيطاليا، مشروع قانون يهدف إلى منع استخدام المرائب والمستودعات الصناعية كمساجد. 

وفي مقدمة هذا المشروع، ادعى رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، توماسو فوتي، أن إقرار هذا القانون سيعيق عملية أسلمة إيطاليا.

وحسب المقال، فإن "مشروع القانون قيد المناقشة حاليا في لجنة البيئة في مجلس النواب، وهو على غرار ما حدث في بعض ولايات النمسا، مثل كارينثيا وفورارلبرغ، حيث يهدف إلى إجراء تعديلات على قوانين التخطيط العمراني".

وأوضح حافظ أن هذا القانون -الذي يُعد حاليا- تهدف الحكومة الإيطالية من ورائه إلى "التحايل على أي انتقاد فيما يتعلق بانتهاك الحريات الدينية".

وهذا على عكس ما حدث في سويسرا، حيث إن حظر بناء المآذن، منصوص عليه بشكل صريح في الدستور، ما يعد انتهاكا لحقوق الإنسان.

ففي 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، وافق 57.5 بالمئة من الناخبين، على المبادرة الشعبية الداعية إلى حظر بناء مآذن جديدة في سويسرا، والتي أطلقها ساسة من أقصى اليمين وحظيت بتأييد "حزب الشعب السويسري".

وحسب حافظ، فإن "هناك عدة محاولات مماثلة على المستوى الإقليمي باءت بالفشل، لأن القانون عد مُخالفا للدستور".

ومع ذلك، هذه المرة، تسعى الحكومة اليمينية المتطرفة، بقيادة "إخوة إيطاليا"، للاستفادة من سيطرتها على السلطة.

وأفاد المقال بأنه على الجانب الآخر، تواجه حكومة ميلوني معارضة من مختلف الأحزاب بما في ذلك حزب الخضر، وأحزاب ليبرالية أخرى أصغر حجما، حيث إن أحزاب المعارضة تحت قبة البرلمان ترى أن "مشروع القانون الجديد سيقيد الحريات الدينية للمسلمين"، وفق حافظ.

عدم الاعتراف بالمسلمين

وذكر أستاذ الدراسات الدولية بأن "المسلمين يمثلون حاليا حوالي 4.9 بالمئة من إجمالي عدد السكان في إيطاليا، ما يوازي 2.7 مليون شخص تقريبا".

وأوضح أن "معظم هذه النسبة هي من العمال الفقراء وأحفاد المهاجرين، ويعاني الكثير منهم من ضيق الحالة المادية".

وبالتالي، فإن "العديد من أماكن الصلاة ليست مساجد ضخمة وملفتة للنظر ومزخرفة، بل تقع في مرائب أو مناطق صناعية"، وفق حافظ.

ولفت حافظ إلى أن "إيطاليا لا تدعم بناء المباني الدينية الإسلامية ولا حتى تعترف بالإسلام بشكل قانوني".

وأضاف أن "إيطاليا تعترف اليوم بالكنيسة الكاثوليكية كسلطة مستقلة وذات سيادة، كما أنها وقعت عقودا تعترف فيها بـ13 طائفة دينية، أصغر بكثير من الطائفة المسلمة في إيطاليا، مثل الهندوس واليهود".

وتابع: "ورغم ذلك، يفتقر المسلمون إلى اعتراف قانوني مماثل، يسمح لهم بإضفاء الطابع المؤسسي على مؤسساتهم الدينية".

"لكن مثل هذا العقد يحمل أيضًا بعض المخاطر، لأنه قد يُعَرض المسلمين لمزيد من الضغط والمراقبة والتحكم من قبل الدولة الإيطالية، على غرار ما يمكن ملاحظته في النمسا"، وفق أستاذ الدراسات الدولية.  

وأشار حافظ إلى أن "سياسات حزب ميلوني تدفع المسلمين أكثر على أن يكونوا على هامش المجتمع، وتهدد العبادة الجماعية، وهي إحدى الركائز الأساسية في الدين الإسلامي".

وختم المقال بالقول إنه "مع وجود حزب فاشي جديد في السلطة، فإن الحكومة الإيطالية تتخذ خطوات أخرى لسلب الحريات الدينية، وجعل إيطاليا دولة تمييز ضد المسلمين".