جنين تتعرض للقصف والتهجير.. غضب شعبي يصطدم بخذلان عربي وتواطؤ غربي مع إسرائيل

12

طباعة

مشاركة

مستهدفة برا وجوا من الاحتلال الإسرائيلي المدعوم غربيا، ومطعونة بخيبات حكام الأنظمة العربية، ومنكوبة بسلطتها، ومخذولة من المنظمات الإنسانية والحقوقية وحتى الأممية، ومنصورة بأيادي المقاومة الفلسطينية، هكذا لخص ناشطون حال مدينة جنين ومخيمها.

ودخل العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها بشمال الضفة الغربية، يومه الثاني في 4 يوليو/تموز 2023، ويعد الأكبر منذ 21 عاما، والذي حولها إلى بؤرة عنف متصاعد من قبل الاحتلال ضد الفلسطينيين.

وحتى كتابة هذا التقرير، استشهد في ما أسماها الاحتلال "عملية عسكرية" 9 فلسطينيين وأصيب عشرات آخرون في مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية، فيما استُشهد عاشر قرب مدينة البيرة (وسط).

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن العملية تستهدف غرفة العمليات المشتركة للفصائل ومسلحين فلسطينيين، مشيرا إلى إصابة جندي إسرائيلي واعتقال عدد من الفلسطينيين.

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن 3 أطفال من بين القتلى في العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين، معربا عن انزعاجه من نطاق العملية.

وأطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز المدمع نحو مستشفى جنين الحكومي، وأطلقت النار تجاه الصحفيين، ودفع جيش الاحتلال بمزيد من جرافاته العسكرية باتجاه المخيم، ووضع عوائق لمنع دخول الطواقم الطبية.

وأرغمت القوات الإسرائيلية مئات الفلسطينيين في المخيم على ترك منازلهم تحت تهديد السلاح، وواصلت هجومها عليه ودفعت بتعزيزات عسكرية ترافقها جرافات إلى محيطه، واستهدفت منازل المواطنين وممتلكاتهم بالصواريخ وإطلاق النار الكثيف.

وقال رئيس بلدية جنين شمالي الضفة الغربية، نضال العبيدي، في تصريحات صحفية أدلى بها في 4 يوليو 2023، إن "الجيش الإسرائيلي هجر قرابة 4 آلاف فلسطيني ويحاصر نحو 13 ألفا في مخيم جنين"، واصفا الوضع بـ"الكارثي".

وأثار التهجير القسري لأهالي جنين تحت نيران الاحتلال موجة غضب واسعة بين الناشطين على تويتر، وعدوه بمثابة جريمة حرب ونكبة جديدة، وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، مستنكرين إبادة المدينة التي تضم نحو 13 ألف فلسطيني أمام مرأى ومسمع العالم أجمع.

وأعربوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #جنين_تقاوم، عن استيائهم من إعلان الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة البريطانية دعمهما "إسرائيل" في عدوانها على جنين تحت عنوان "حق الدفاع عن النفس".

واستنكر ناشطون صمت حكام الأنظمة العربية خاصة المطبعة مع الاحتلال الإسرائيلي وأصحاب الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، على تصعيد العدوان على جنين، وضبط ألسنتهم وتنميق كلماتهم إذا ما اضطروا لإصدار بيانات شجب وإدانة، مشيدين بصمود المقاومة.

تحية للمقاومة

وتفاعلا مع الأحداث، قال رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية لحركة حماس عزت الرشق، إن جنين مخيمها وأحياءها ومآذنها ستظل موطنا للمقاومة ومنبعا للثوار ضد العدو، مهما طال إرهابه، ولها في مسيرة القسّام إرثٌ مبارك تتوارثه الأجيال وتتواصى به.

وأكد عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" موسى أبو مرزوق، أن الاحتلال غير شرعي بكل المقاييس، واستمراره بمفعول القوة لا يُضفي عليه أي شرعية، كما أن وجود مسلح يقاوم هذا الاحتلال لا يمنح عدوانه شرعية، وممارساته كلّها باطلة.

وأردف: "من حق الفلسطيني التمتع بالحرية الكاملة وأن يقرر مصيره وأن يحمي نفسه، وأهله وشعبه ومستقبلهم".

وحذر ممثل حركة حماس في لبنان أحمد عبدالهادي، من أن الاحتلال يتابع بحذر شديد تنفيذ عدوانه على جنين بهدف استئصال المقاومة فيها تمهيدا للقضاء عليها في كل الضفّة وتنفيذ مخططاته فيها، ويراقب ردّة فعل المقاومة وخصوصا في غزة، فإذا تأكّد بأنّه سيَأمَن ذلك فسيمضي حتى النهاية في مخططه، وستكون كارثة كبيرة.

وقال الباحث في الشؤون الإسرائيلية سلطان العجلوني، إن نظرة إلى أعمار الشهداء في جنين تظهر حجم المأزق الذي يعيشه الكيان المختل.

ولفت إلى أن "دولة كانت تواجه مجموعة جيوش في آن واحد وعلى جبهات متفرقة وتحسم المعركة خلال ساعات تعجز عن حسم المعركة مع مجموعة "صبية" بأسلحة خفيفة بدائية محاصرين في نصف كلم مربع "إنها دولة كرتونية لا محالة زائلة".

وحث الباحث في المحتوى الإعلامي المرئي راجي الهمص، كل فلسطيني على الصعيد الفردي والجماعي أن يجعل مما يجرى في جنين مرحلة انطلاق حقيقي لفعل مقاوم مختلف يؤسس لحالة استنزاف متواصل للعدو في الضفة، وغزة والقدس والداخل.

دعم غربي

واستهجن سياسيون وناشطون مجاهرة أميركا وبريطانيا والغرب بالدعم الكامل للمحتل الإسرائيلي وتأييد اعتدائه على جنين ومخيمها بدعوى استخدامه حقه في الدفاع عن نفسها، مستنكرين ضعف موقف المجتمع الدولي واتهموه بالنفاق والازدواجية.

وأدان الناطق باسم حماس عبد اللطيف القانوع، تصريحات وزارة خارجية بريطانيا الداعمة لعدوان الاحتلال على جنين والتي تحابي فيها الكيان وجرائمه واستنكر إصرارها على الاستمرار في ظلم الشعب الفلسطيني، ودعاها إلى معاينة آثار الدمار والإجرام في جنين قبل إصدار تصريحاتها التي وصفها بالمجحفة.

وأكد المحامي مراد المهدي، أن العدو الإسرائيلي ومن وراءه أمريكا وبريطانيا وكافة أنظمة التطبيع والتصهين، يقودون عدوانا إجراميا بشعا وحرب إبادة ضد الإنسانية في جنين، أمام الصمت المؤيد للعدوان من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية والمجتمع الولي، وحملهم والعدو الإسرائيلي ودول التطبيع مسؤولية ذلك.

وانتقد محمد مقداد، إعلان بريطانيا دعمها عملية الجيش الإسرائيلي في جنين، قائلا إن "ملة الكفر واحدة".

وقال الكاتب والباحث أحمد سليمان العمري، إن الحقيقة الماثلة الآن أمامنا كرابعة النهار وبحجم القتل والقهر هي أن الفلسطيني يواجه مؤامرة غير مسبوقة.

وأردف: "بريطانيا حاكتها ونفذتها وسلّمتها لأمريكا بعد أن عجزت، وتآمر الغرب معها وتواطؤ العرب هوانا وظلما لأنفسهم وأبناء جلدتهم، فتركوا الفلسطيني للجيش الإسرائيلي في جنين ومُخيّمها؛ يَقتُل ويُنكّل ويُمارس الاحتلال بأبشع صورهط.

ووصف ما يحدث في جنين بأنه "تصفية عرقية يندى لها الحبين"؛ مشيرا إلى أن قوات الاحتلال لا تتورّع بقتل مئات الأُسر بأطفالها ونسائها الهاربين من النار والدمار؛ في جنين ومُخيّمها بتقديس أمريكي، وبمثابة ضوء أخضر من الأنظمة المُطبّعة.

وتمنى السياسي الفلسطيني غازي حسين، تجريد أميركا من الفيتو ومن عضويتها الدائمة في مجلس الأمن وطردها منه لدعمها حروب وجرائم إسرائيل وتهويدها وضم القدس والجولان.

وقال الباحث في القانون الدولي علي مطر، إن المجتمع الدولي الكاذب، دائماً يستخدم مصطلحات القانون الدولي، لكن عندما تتعلق القضية بالفلسطينيين وبالاحتلال الإسرائيلي ينسى ذلك، يوم أمس تم تهجير أكثر من 3000 فلسطيني من مخيم جنين قسرا، فيما لم نسمع أي صوت استنكار، علما أن التهجير القسري يندرج ضمن جرائم الإبادة وضد الإنسانية.

تهجير قسري

واستهجن ناشطون تهجير أهالي جنين قسرا، مستنكرين صمت المنظمات الإنسانية والحقوقية على جرائم الاحتلال الإسرائيلي.

وأشار الصحفي أحمد منصور، إلى إجبار جيش الاحتلال مئات العائلات الفلسطينية التي تسكن مخيم جنين على النزوح من بيوتها تحت تهديد قصف منازلهم تمهيدا لاقتحام المخيم، لافتا إلى أن آليات الاحتلال مصحوبة بالجرافات تتقدم نحو المخيم وسط ترقب لمواجهة فاصلة مع المقاومين.

وقال الأكاديمي خالد عبيد العتيبي، إن الاحتلال الصهيوني يخلي سكان مخيم جنين من مساكنهم بقوة السلاح بعد المجازر التي ارتكبها ويتعامل بوحشية مع من يرفض الخروج أو الاستسلام والعالم يتفرج على الإرهاب والصلف البريري دون أن يحرك ساكنا، متسائلا: "أين حقوق الإنسان يا منظمات حقوق الإنسان!".

وعرضت الصحفية زينب عواضة، مقطع فيديو لصحفي فلسطيني يبكي على الهواء مباشرة متأثرا بمشاهد إصابات الأطفال والنساء التي وصلت لأحد مستشفيات جنين خلال العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين.

واستنكرت وضع مؤسسات حقوق الطفل وحقوق الإنسان في سبات عميق، مؤكدة أنه لا يعول في استعادة الحقوق الفلسطينية إلا على اليد والزناد.

وعدّ محمد المختار الفال، العربدة الصهيونية في جنين إدانة صارخة لنظام دولي تغيب فيه العدالة وحماية حقوق الإنسان، ولا تترك أملا للتعلّق بوهم السلام مع الكيان الصهيوني الذي تتكشف أبعاد خططه الحقيقية في الصراع ويفرض واقعا جديدا على الفلسطينيين يتطلب موقفا يمكنهم من إبقاء روح المقاومة حية في نفوسهم.

وتساءل عبدالله البدر: "أين مدعي حقوق الإنسان عنهم؟ أين من أزعجوا العالم بحقوق الشواذ؟"، مستنكرا بالقول: "طبعا لا صوتٌ لهم ولا فعل".

ودعا قائلا: "يارب تزلزل الأرض من تحت أقدام الحزب الصهيوني المحتل، اللهم أرنا بهم عجائب قدرتك فإنهم لا يعجزُونك".

خيانة جنين

وصب ناشطون جام غضبهم على حكام الأنظمة العربية الحاكمة لصمتهم وصمهم الأذان وغضهم الأبصار عن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين، متهمين السلطة الفلسطينية بخيانة جنين والتنسيق مع رئيس وزراء الكيان المحتل بنيامين نتنياهو لاقتحام المدينة ومخيمها.

وعرض الكاتب والصحفي السوري الدكتور أحمد موفق زيدان، مقطع فيديو يوثق الدمار الهائل الذي سببه الاحتلال الإسرائيلي في المدينة، قائلا: "من هنا مرّ البرابرة الجدد، من هنا مرّ الصهاينة المحتلون.. ستظل جنين وصمة عار في وجوهكم ووجوه الليكود العربي.. وستظل تاج فخار لمقاومة عنيدة ثابتة صامدة..".

وكتب في تغريدة أخرى: "جنين الصامدة في وجه الاحتلال الصهيوني وداعميه من الليكود العربي، ستظل شوكة في خاصرتكم، وسيبقى ثوارها وأبطالها جنود الله المرسلة للمحتلين تعذيباً وقتلاً، وللمؤمنين تثبيتاً وتحريضاً".

وتابع بالقول: "من إدلب العز إلى جنين الصمود الجرح واحد والمصير مشترك.. فلا تحزنوا".

وأكدت سوريتا السادي، أن ما يحصل في جنين إبادة جماعية ونكبة ومجازر، قائلة: "فلتسقط الحكومات المطبعة والقانون الدولي وجمعيات حقوق الإنسان".

وقال المغرد محمد، إن ما يحدث في فلسطين المحتلة (جنين) دليل كبير على خيانة وازدواجيه المعايير لدى حكام المسلمين اليوم.

ورأى المغرد عبدالصمد، أن أحداث جنين تؤكد أن حكام العرب مالوا كل الميل عن ثوابت الدين الإسلامي، قائلا: "أملنا الوحيد في الشعوب أمّا الحكام لا أمل منهم يرجى".

وقال أزهر طوالبة، إن الصور والفيديوهات التي نُشاهدها لأهالي جنين وهُم يُرغمونَ على إخلاء بيوتِهم، تُثبِت أنّنا أمّة عاجِزة، مُنكَّسة القِوام، تكالبَ عليها حكّامٌ لئام، لا يُدرِكونَ مِن الحُكمِ إلّا مصالِحهم، وإلّا عيشَ أبنائهم بنعيمٍ ورغيد.

وبين الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، أن اجتماع قيادة السلطة والبيان الذي صدر عنه؛ هو فيلم شاهدناه مرارا من قبل، وبذات التفاصيل، مؤكدا أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لن يتغيّر، بل هو يعمل على توريث السلطة لأشخاص من ذات اللون.

وأضاف: "أي أنه يصادر الحاضر والمستقبل في آن، ومجاملات قوى المقاومة له ضرب من العبث، والتغميس خارج الصحن".

وعلق الإعلامي عاطف ديلغموني، على إعلان فلسطين وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل وإلغاء تفاهمات العقبة وشرم الشيخ، مؤكدا أن الإعلام الإسرائيلي فضح عباس والسلطة الخائنة لفلسطين بقوله إنه "وافق على اقتحام مخيم جنين للتخلص من الارهابيين".

وأوضح أن ذلك يعني أن عباس أعطاهم الضوء الأخضر حسب التنسيق الأمني المقدس مع الصهاينة، قائلا: "لعنة الله عليه وعلى كل خائن إلى يوم الدين".

وأكد السياسي نضال السبع، أن عباس يكذب حين يقول إنه أوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، مشيرا إلى أن عملية اقتحام جنين التي يديرها بنيامين نتنياهو، منسقة معه.