"فاغنر سيناء".. مليشيا مسلحة شكلها السيسي وتثير مخاوف المصريين
في نفس يوم تمرد مرتزقة "فاغنر" الروس على نظام الرئيس فلاديمير بوتين 24 يونيو/حزيران 2023، نشر مسلحو القبائل في سيناء، الذين سلحهم ودربهم الجيش المصري، فيديو مثيرا للجدل يُظهر تحولهم لقوة شبه عسكرية غير رسمية.
الفيديو جرى حذفه لاحقا من الصفحات الرسمية لاتحاد قبائل سيناء، بعدما أثار ضجة، وعقب عليه مصريون واصفين هؤلاء المسلحين بأنهم "فاغنر سيناء".
ولكن رغم ذلك، لا يزال مقطع الفيديو الذي نشره مسلحو القبائل الموالون للجيش واستعرضوا خلاله قوتهم وتسليحهم موجودا على صفحات موالين للقبائل، ويثير ضجة وقلقا شعبيا.
وتخوف ناشطون من تكرار ما حدث في روسيا والسودان بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي" قائد قوات الدعم السريع.
قالوا إنه رغم الإعلان عن انتهاء ما تسمى "الحرب على الإرهاب"، لا تزال هناك مجموعات قبلية تحمل السلاح في سيناء، وهو ما يثير التساؤل عن السبب ومخاطر تحول دورهم مستقبلا لخطر على السلطة التي أنشأتهم.
وصف بعضهم هذه المليشيات التي شكلها رجل الأعمال إبراهيم العرجاني الذي يقود بيزنس الجيش في شبه الجزيرة، بأنها "فاغنر المصرية" أو "فاغنر سيناء"، و"حميدتي سيناء".
فاغنر المصرية ..قوات إبراهيم العرجاني في سيناء التي تأسست برعاية السيسي وغدا تنقلب عليه https://t.co/aSTwcpP7ZK
— kotb elaraby (@kotbelaraby) June 24, 2023
قوات العرجاني في سيناء ...
— Mohammed Sobhi Sultan (@nicesobhi2975) June 24, 2023
العرجاني فاجنر مصر وحميدتي سيناء
--
حاطين صورته قبل صورة السيسي https://t.co/epgdTnNnHB
استنساخ النموذج
بعد فشله في القضاء على تنظيم ولاية سيناء، اتجه النظام المصري نحو إعادة إنتاج واستنساخ نموذج "الصحوات العراقية" سيئة السمعة، التي أنشأها الاحتلال الأميركي لمعاونته في قتال المقاومة السنية و"تنظيم الدولة" هناك.
"مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان"، أكدت أن الجيش سمح تدريجيا بتشكيل مجموعات مسلحة موالية له بداية من 2017، إلا أن التحول النوعي حدث بعد يوليو/تموز 2020.
جرى ذلك حين درّب الجيش، بعد تردد، هذه المجموعات في معسكرات تابعة له بشكل منتظم وسمح بعملها بتنسيق عملياتي ودعم نيراني جوي ومدفعي كجزء من العمليات الأمنية ضد "تنظيم الدولة".
بينت المؤسسة في تقرير حول هذه المجموعات المسلحة أن "القفزة الأكبر حدثت منتصف 2021 عقب طلب من المخابرات الحربية، وتحديدا مكتب شؤون القبائل، من وجهاء قبائل السواركة والترابين والرميلات بتكوين مجموعات مسلحة".
ولفتت أنه جرى تمويلهم من رجال أعمال تابعين لهذه القبائل وتدريبهم في مقرات تابعة للجيش في العريش وبئر العبد.
وبدأت ظاهرة "المتعاونين" مع الجيش عام 2015 بشكل غير رسمي، لكن شبيهة "فاغنر" ظهرت بشكل رسمي في أبريل/ نيسان 2017، حين جند الجيش قرابة 250 من شباب القبائل الموالية وسلحهم لمحاربة مسلحي تنظيم "ولاية سيناء".
وأطلق عليهم أهالي سيناء أسماء "الصحوات" و"فرق الموت" و"جيش قبيلة الترابين"، لأن أغلبهم من هذه القبيلة لذلك يستهدفها تنظيم الدولة، وأخيرا لقب "فاغنر".
ظاهرة "المتعاونين" ظهرت عام 2015 حين أعلنت قبيلة الترابين "المقاومة الشعبية" ضد تنظيم الدولة الذي قتل عددا من أفرادها، وقد أثيرت اعتراضات حولها، بسبب مخاوف من تشكيل جماعات مسلحة خارج إطار الجيش.
وحصل المتعاونون على امتيازات منها زراعة المخدرات دون اعتراض الجيش والشرطة، وتوسعوا فيها.
وتردد تقديمهم رشا لقادة بالجيش والسلطة؛ للتغاضي عنهم بدعوى أنهم معاونون للدولة، كما أكد مصدر سيناوي لـ "الاستقلال".
حينئذ رفضت قوى سياسية وإعلاميون حكوميون استعانة الجيش برجال القبائل في القتال، محذرين من أن هذا قد يغير طبيعة سيناء بالكامل ويحولها إلى مكان يخرجها عن سيطرة الجيش، فضلا عن أنه مؤشر على غياب الدولة.
واستنكر الإعلامي المقرب من السلطة إبراهيم عيسى، حينئذ خلال برنامجه "25-30" أبريل 2015، على قناة "أون تي في"، ما أعلنته قبيلة "الترابين" في سيناء حول إعلانها المقاومة الشعبية المسلحة قائلًا: "دي مسخرة".
وتابع: "ده تبقى دولة مش عارفة تدافع عن أرضها وعن سيادة قرارها"، ما جعل الفكرة تتراجع مؤقتا.
ومع هذا وبسبب تزايد معدلات الهجمات على عناصر الجيش والشرطة، اتجه النظام عام 2015 إلى تشكيل "المجموعة 103" و"مجموعة الموت" كما كانوا يطلقون عليها، وهي مكونة من عشرات من شبان القبائل المتعاونة.
كانت مهمتهم في البداية مساعدة الجيش في عملياته العسكرية في مدينتي الشيخ زويد ورفح، وكان لها الدور الأبرز في جرائم قتل عدد من المعتقلين رميا بالرصاص، بحسب ما ظهر في تسريب قناة "مكملين" المعارضة أبريل 2017.
ولاحقا بدأ إشراكهم في القتال وتسليحهم، حيث ظهر الشيخ موسى الدلح (توفي سبتمبر 2022)، أحد زعماء قبلية "الترابين" وأكبر مورد سلع وخدمات للجيش وصديق رئيس النظام عبد الفتاح السيسي في 7 مايو/أيار 2017 ليدعو قبائل السواركة والرميلات، لتشكيل تحالف قبلي لقتال تنظيم "ولاية سيناء".
ومنذ ذلك الحين لعب "الدلح" دورا مع الجيش المصري لمحاربة "تنظيم الدولة" في سيناء مع رفيقيه، الراحل سالم أبو لافي (قتله التنظيم 2017) وإبراهيم العرجاني رجل الأعمال السيناوي الذي فجر التنظيم منزله.
وبعد غياب "الدلح" و"لافي" أصبح إبراهيم العرجاني هو الرابط بين القبائل التي تحارب تنظيم الدولة، والجيش.
وتطور تعاونه مع المخابرات الحربية ليصبح هو ممول المجموعات القبلية المسلحة، مقابل تحوله إلى "مقاول بيزنس الجيش".
ومع الوقت، تضاعف عدد المقاتلين البدو من أبناء القبائل والعائلات الكبرى في سيناء وأصبح يُقدر حاليا بألف مقاتل، من قبائل الترابين والسواركة والرميلات والبياضية والأخارسة والدواغرة، ممن يقاتلون مع الجيش.
ومع توسع الجيش والمخابرات الحربية في تدريبهم وتسليحهم، باتوا يتسلحون بأكثر من 700 قطعة سلاح خفيفة ومتوسطة المدى، و50 سيارة جيب مصفحة عليها مدافع رشاشة، بخلاف مئات سيارات الدفع الرباعي، بحسب مصادر مصرية.
"عمرو عاطف"، اسم مستعار من سكان العريش، روى لـ "الاستقلال" أنه كان يشاهد مسلحي تنظيم الدولة يوقفون السيارات ويوزعون منشورات تحث السكان على عدم التعاون مع الجيش المصري أو الاستخبارات الاسرائيلية، أو الاتجار في المخدرات.
لكنه منذ بدء تعاون مسلحي القبائل مع الجيش رسميا، بدأ يشاهد دوريات وكمائن أمنية لمسلحين من بعض أبناء قبيلة الترابين، يقفون بسيارتهم بجوار مدرعات "همر" الجيش، ويتفحصون ركاب السيارات بدعوى التعرف على أي "مشبوهين" متعاونين مع التنظيم.
أوضح أن مسلحي القبائل كان يقودهم – للمفارقة – ثلاثة من المطلوبين سابقا للشرطة المصرية خلال عهد الرئيس الراحل حسني مبارك بسبب إتجارهم في السلاح والمخدرات، وهم الدلح ولافي والعرجاني.
قال: ليست كل القبائل تشارك الجيش في القتال ضد تنظيم الدولة وأن بعض أهالي سيناء رفضوا دعم الجيش، بسبب استمرار اعتقال مئات البدو بالسجون، وهدم منازلهم، وعدم الاكتراث بأحوالهم المعيشية المتدنية، وهؤلاء جرى البطش بهم.
وقد انتقد الكاتب البريطاني روبرت فيسك، سياسة الجيش المصري في الاعتماد على "المليشيات" لمحاربة تنظيم الدولة وعدها "دليلا على فقدان المؤسسة العسكرية المصرية السيطرة على الأمور في شبه الجزيرة المصرية".
قال في مقال بصحيفة الإندبندنت البريطانية 4 مايو 2017 إن الجيش المصري أصبح يقتفي ذات الطريقة المظلمة التي انتهجها جيرانه السوريون والعراقيون، باستخدام مليشيات من القتلة في حربه على تنظيم الدولة في سيناء.
ولفت فيسك إلى وقائع قتل هذه المليشيات وجنود الجيش معا عمليات تصفية خارج إطار القانون في سيناء، والتي دانتها منظمتا هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية.
أيضا وصف الباحث ديفيد شنيكر بمجلة "فورين أفيرز" 10 مايو 2017 الاستعانة بخدمات هؤلاء الصحوات (القبائل) في سيناء على غرار العراق، بأنه تجربة "فاشلة" تظهر أن الجيش المصري ضعيف وغير قادر وحده على حسم الأمر.
وانتقد الاعتماد على البدو رغم تلقي مصر المساندة أيضا من سلاح الجو الإسرائيلي بشكل متزايد، "لاستهداف الإرهابيين في سيناء" وفق قوله.
فرسان الهيثم
لم تعرف مصر المليشيات أو الجيوش الموازية أو الحركات المسلحة المنفلتة، لذلك جاء فيديو الإعلان عن مليشيات مسلحة في سيناء موالية للسلطة بدعوى محارب تنظيم الدولة مثيرا للجدل بين المصريين.
عقب بث مسلحي القبائل فيديو الاستعراض العسكري بالسلاح يوم 24 يونيو 2023، تساءل مصريون عن اسم هذه المجموعة بسبب انتشار التسميات للمجموعات المسلحة أو تلك تظهر في ثياب وأشكال مختلفة.
مواقع موالية للقبائل المسلحة، قالت إنهم "فرسان الهيثم" ونشرت فيديوهات لهم وهم يدلون بقسم أمام شخص غير معروف يخطب فيهم، يُرجح أنه من المخابرات الحربية المصرية، ووصفتهم بأنهم "أبناء الحاج إبراهيم العرجاني".
وإبراهيم العرجاني، الذي كان مهربا سابقا خلال حكم مبارك وسجن لهذا السبب، تحول إلى لغز كبير بعدما أصبح في عهد السيسي رجل أعمال يدير بيزنس الجيش ويشرف على العديد من الملفات مع المخابرات الحربية.
وشكل "العرجاني" ومول قوات من أبناء القبائل، دربها وسلحها الجيش، لمحاربة مجموعة "ولاية سيناء" التابعة لتنظيم الدولة، كما تولى دور "مقاول غزة" المصري كواجهة لشركات العسكر.
أيضا أكدت مديرة وحدة التوثيق في مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، إيمان محمد جاد، والصحفي عبد الستار حتيتة لموقع "الحرة" الأميركي 26 يونيو/حزيران 2023 أن "المجموعة التي ظهرت بالفيديو اسمها "فرسان الهيثم".
أكدا أنها "مجموعة نخبة تابعة لاتحاد قبائل سيناء"، تشبه أفراد عناصر العمليات الخاصة"، وعددها غير معروف.
فيما قالت مواقع في سيناء إنهم يشكلون "وحدة المداهمات" بين مسلحي القبائل ممن يتولون الهجوم على بؤر تنظيم الدولة.
وأوضحت منظمة هيومن رايتس ووتش، 30 أغسطس/آب 2022 أن بعض "هذه المليشيات تُطلق عليها السلطات "المناديب" (المندوبون)، بينما يُطلق عليها سكان سيناء "الجواسيس" أو "الكتيبة 103" لجمعهم المعلومات عن الأهالي.
وعلى الرغم من مرور عام كامل على القضاء على تنظيم الدولة في سيناء، فإن أفراد المجموعات القبلية لا يزالون يحملون السلاح، بما فيه الثقيل ومضادات الدروع، ويملكون السيارات المصفحة، والطائرات المسيرة التي تستخدم للتصوير.
لكن السؤال الذي ظل يتردد هو لماذا لا تزال هذه المجموعات مسلحة وتتوسع وتنشر فيديوهات دعائية عن حجم تسليحها برغم إعلان السلطات المصرية انتهاء الإرهاب في سيناء؟
وهل يمكن أن يتحولوا مع الوقت وتعاظم قوتهم وتسليحهم لقوات فاغنر أو حميدتي أخرى في مصر؟، خاصة أن العرجاني وزميله لافي سبق أن حاربا الشرطة المصرية بالسلاح عام 2009؟
وكان رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي أعلن في كلمة أثناء احتفالية عيد الشرطة 24 يناير/كانون الثاني 2023 أن مصر أصبحت خالية من الإرهاب، بعد عشر سنوات من محاربته، قائلا: "موضوع الإرهاب، نجحنا بنسبة كبيرة ان احنه نخلصه (ننهيه)".
وأعلن السيسي حينها، أنه سيتم تنظيم احتفالية كبيرة في الشيخ زويد "وسط شمال سيناء"، بمناسبة القضاء على الإرهاب لكن هذه الاحتفالية لم تحدث حتى الآن.
ومع هذا ازداد تنظيم الدولة قربا من قناة السويس وعاد إلى مناطحة قوات السيسي.
وشن التنظيم هجمات في يناير/كانون الثاني ومايو/أيار 2022 بمناطق تبعد 15 و25 كيلومترا عن قناة السويس، وهجمات أقرب في 11 أغسطس 2022 على مسافة 5 كيلومترات فقط من المجرى الملاحي، ما يشكل تحديا للجيش ونظام السيسي.
وكان آخر هجوم قريب من قناة السويس يوم 31 ديسمبر 2022 حيث تبنى التنظيم الهجوم على حاجز أمني في مدينة الإسماعيلية بالمدافع الرشاشة، ما أسفر عن مقتل 3 جنود وإصابة 12 آخرين بينهم ضابط.
جرائم فاغنر المصرية
منذ بدء عمل هذه المجموعات القبلية في القتال بجانب الجيش، وثقت منظمات حقوقية محلية ودولية انتهاكات جسيمة نفذتها هذه العناصر بحق المدنيين في سيناء، وبعلم قادة الجيش والمخابرات.
كان أبرز هذه الجرائم هو شريط "تسريب سيناء" المصور الشهير الذي بثته قناة "مكملين" المصرية المعارضة في أبريل/نيسان 2017 ويُظهر تصفية معتقلين في سيناء -بينهم طفل-على أيدي مجموعة من قوات الجيش المصري والمليشيات.
ووفقا لما ظهر في الشريط، عمل الجنود بعد تصفية المعتقلين على وضع السلاح بجانبهم وتصويرهم، قبل أن يسترجع السلاح الذي وضع بجانب الجثث بعد التصوير.
ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش 21 أبريل/نيسان 2017 لتحقيق دولي في الانتهاكات التي يرتكبها الجيش المصري والمسلحون البدو في شبه جزيرة سيناء، مقدرة أن بعض الانتهاكات "جرائم حرب يمكن أن ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية".
وتضمن تقرير المنظمة توصيات شديدة اللهجة ضد الحكومة المصرية، ودعوات للدول الغربية لوقف المساعدات العسكرية والأمنية، ومراقبة استخدام السلطات المصرية للأسلحة التي تصدرها تلك الدول.
وقد دعت "مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان" الحكومة المصرية في 25 يونيو/حزيران 2023 إلى تفكيك المليشيات القبلية المسلحة في سيناء بشكل فوري، وخاصة بعد انتهاء عمليات مكافحة الإرهاب، ودعت لوقف تجنيد الأطفال ضمن هذه المجموعات.
تدعو مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان الحكومة المصرية إلى تفكيك المليشيات القبلية المسلحة في #سيناء بشكل فوري، وخاصة بعد إنتهاء عمليات مكافحة الإرهاب. كما تدعو الى وقف تجنيد الأطفال ضمن هذه المجموعات وإعادة تأهيلهم ودمجهم ضمن المجتمعات المحلية. https://t.co/p4VBY33hPB
— Sinai for Human Rights (@Sinaifhr) June 25, 2023
ووفقا لهيومن رايتس ووتش، فإن الجيش وزع في حالات قليلة منشورات "غير رسمية" في بلدات شمال سيناء تنأى بالقوات المسلحة عن عنصر أو أكثر من المليشيات.
وقال في هذه المنشورات إن الجيش سيعاقبهم، ومع ذلك، قالت هيومن رايتس ووتش إنها "لم تجد أي دليل على محاسبة أفراد المليشيات المُسيئين"
وتقول مديرة وحدة التوثيق في مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، إيمان محمد جاد لموقع "الحرة" إنه "حدثت انتهاكات من عناصر هذه المليشيات تسببت في هدم منازل مدنيين بغير وجه حق".
كما تسببوا في اعتقال أبرياء أو مصادرة أملاك بعض السكان، و"لم يتم التحقيق في هذه الانتهاكات، ولا يزال هناك بعض المعتقلين الأبرياء في السجون بلا تهمة بسبب هذه المليشيات".
وتحذر مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان من أن "غياب الفرز والمحاسبة لهذه المليشيات قد يُنتج مسخا أو وحشا يؤدي في المستقبل أدوارا مختلفة".
ويقول أحد أهالي العريش إن استمرار تواجد هذه المجموعات المسلحة بالرغم من ادعاء الجيش والسيسي أنهم قضوا على الإرهاب يرجع لاستخدامها في إرهاب أهالي سيناء بعد انتهاء دورهم في محاربة تنظيم الدولة.
تساءل قائلا لـ "الاستقلال": لماذا ظهر الاستعراض العسكري لهذه القوات المسلحة لقوة القبائل (فرسان الهيثم) وهم مدججون بالسلاح بعد أيام قليلة من تظاهر آلاف المصريين المهددين بالطرد من منازلهم في سيناء بسبب توسيع ميناء العريش؟!
قال: تحمل سكان شمال سيناء العبء الأكبر للحملة التي استمرت 8 سنوات في المنطقة، بين الجيش وتنظيم ولاية سيناء، الفرع المحلي لتنظيم الدولة ووقفوا مع العسكر والآن يهجروننا.
ويواجه آلاف المصريين خطر التهجير من منازلهم في مدينة العريش لتوسيع الميناء وفق رغبة السيسي الذي تجاهل مظاهراتهم وأصر على التهجير، ما دفعهم للتظاهر بشكل يومي وفق موقع "ميدل إيست آي" البريطاني 18 فبراير/شباط 2023.
الموقع البريطاني أوضح أن السكان والناشطين يقدرون أن نحو 21 ألف ساكن سيتأثرون بخطط توسيع الميناء في العريش، في حين قدر النائب عن العريش "رحمي بكير" العدد بحوالي 4000 شخص.
ويقول محللون إن تهجير آلاف البدو والسكان المحليين في سيناء أدى إلى زيادة المظالم والدفع ببعضهم إلى حافة التطرف، والانضمام إلى الجماعات المسلحة بغرض الانتقام من النظام.
كما أن استخدام القبائل في قتال التمرد نتج عنه خلق العديد من المشكلات، حيث تقوم هذه المليشيات بالأدوار القذرة من قتل واختطاف وتعذيب بعد الاتهامات التي وجهت للجيش في أعقاب التسريبات التي كشفت عن انتهاكات واسعة في سيناء.