قلق كبير من إيران.. ما أهمية الملف اليمني بالنسبة للولايات المتحدة؟

12

طباعة

مشاركة

على الرغم من التقارب بين المملكة العربية السعودية وإيران، لا تزال الولايات المتحدة الأميركية قلقة بشأن أنشطة طهران في اليمن.

وأعرب المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأميركية إلى اليمن تيم ليندركينغ عن قلقه بشأن سلوك الجمهورية الإسلامية الإيرانية، على الرغم من التقدم المحرز في إنهاء الحرب الكارثية في البلاد.

كما أوضح أن التقارب السعودي الإيراني الأخير (بوساطة صينية في مارس/آذار 2023) ليس كافيا لتخفيف حدة التوترات وتحقيق السلام في اليمن.

وفي هذا الإطار، تسرد صحيفة ألمانية أهمية الملف اليمني بالنسبة لواشنطن، ويتحدث عن الأهداف التي تحرزها من خلاله.

النفوذ الإيراني

وسلطت صحيفة "مينا واتش" الضوء على اجتماع المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأميركية إلى اليمن مع كبار المسؤولين اليمنيين والعمانيين والسعوديين في الخليج.

فقد أعرب عن قلقه بشأن سلوك الجمهورية الإسلامية إيران، على الرغم من التقدم المحرز في إنهاء الحرب الكارثية في اليمن بين التحالف الذي تقوده السعودية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

وتذكر الصحيفة أن الأميركيين عادة ما يؤكدون ترحيبهم بالاتفاق السعودي الإيراني وقدرته على تخفيف التوترات الإقليمية، لكنهم لا يخفون أن هذا الاتفاق تجاوز وجودهم في المنطقة وأنه يضع ثقلا على مفاوضاتهم بشأن العودة للاتفاق النووي الإيراني.

وفي هذا السياق، قال تيم ليندركينغ في 11 مايو/ أيار 2023، بعد أيام قليلة من عودته من اجتماعه في الخليج: "على الرغم من حقيقة أن هناك اتفاقا بين السعوديين والإيرانيين لتعزيز العلاقات الثنائية، بالإضافة إلى الدول التي أعلنت استعدادها لحل الصراع في اليمن، مازلت قلقا من الدور الإيراني في تسليح وتدريب وتجهيز الحوثيين خلال الحرب، لقتال السعودية".

وتابع: "إن الولايات المتحدة مسرورة للغاية لأن مثل هذه الهجمات لم تحدث منذ أكثر من عام، لكن الإيرانيين واصلوا تهريب الأسلحة والمخدرات إلى منطقة الصراع".

وأكد أن الولايات المتحدة "قلقة للغاية من استمرار ذلك في المستقبل، على الرغم من الفوائد التي قد تنجم عن الصفقة السعودية الإيرانية".

وبحسب الصحيفة الألمانية، أشار ليندركينغ إلى أن "التقارب السعودي الإيراني الأخير لن يجلب وحده السلام في اليمن، وذلك بسبب التوترات والانقسامات الداخلية هناك". 

وبين أن "الصراع في اليمن هو أبعد من السعودية وإيران. هناك توترات وانقسامات داخلية داخل المجتمع ساعدت في تأجيج هذا الصراع الذي لا علاقة له بالرياض وطهران".

ولذلك، شدد المبعوث الأميركي على أن "اليمنيين هم من سيقررون دولة اليمن المستقبلية"، لافتا إلى ضرورة اتخاذهم هذه القرارات بأنفسهم.

وأضاف: "تشمل هذه القرارات مسائل عديدة مثل قضية الجنوب (الانفصال)، والتمثيل في المؤسسات، وتخصيص الموارد"، مؤكدا أن "الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يقفان وراء حل سياسي يجرى إنشاؤه في جو يتسم بالشفافية والشمول بقيادة يمنية".

وعند سؤاله حول تقييم بلاده للوضع في اليمن بعد التقارب السعودي الإيراني، قال تيم ليندركينغ: "يجب أن نكون واضحين بشأن وجود الكثير من العمل الذي تم خلال السنوات القليلة الماضية قبل توقيع الاتفاق السعودي والإيراني وخارجه، وهو الذي أوصلنا إلى هذه المساحة الحالية الأكثر إيجابية الآن".

وفي مقابل ذلك، يعتقد أنه "لا يمكن توقع حل دائم بسرعة لإنهاء الحرب في اليمن"، مشيرا إلى أن "العملية السياسية ستستغرق وقتا وستواجه على الأرجح العديد من الانتكاسات".

اليمن محور أساسي

كما تلفت الصحيفة الألمانية إلى أن الولايات المتحدة، في الوقت الحالي، ترى اليمن "محور سياستها في المنطقة"، لا سيما مع تلاشي نفوذها أمام بعض ضغوط إيران وضعف تأثيرها في سوريا مع عودة النظام السوري للجامعة العربية.

وترى الصحيفة كذلك أن الملف اليمني يحقق للولايات المتحدة العديد من المميزات. أولها، عودة العلاقة الجيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال زيادة الاتفاقات الأمنية وتعزيز وجودها في المنطقة.

وتوضح أنه "بعد تقليص دور الولايات المتحدة في المنطقة، أرسلت واشنطن العديد من المسؤولين الأميركيين منذ توقيع الاتفاق السعودي الإيراني".

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تهدف بذلك إلى وضع إستراتيجية جديدة بناء على هذه النقطة، مستخدمة الوعود الأميركية خلال زيارة بايدن للسعودية في يوليو/ تموز 2022 أساسا لعودة هذا الوجود.

وبقدر الخذلان -وفقا لوصف الصحيفة- الذي لاقاه الخليجيون في اليمن خلال الإدارات (الأميركية) الثلاث الأخيرة، تلفت "مينا واتش" إلى أن الولايات المتحدة تريد العمل على دعم سياسات الخليج لإنهاء الحرب اليمنية، بما يحقق عودة وجودها.

أما الميزة الثانية، توضح الصحيفة أن الولايات المتحدة تتخذ من سياستها في اليمن أساسا لاحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة.

ومن وجهة نظرها، ترى واشنطن الملف اليمني أسهل من نظيريه السوري والعراقي وحتى اللبناني للضغط على الإيرانيين بشأن التوقيع على الاتفاق النووي.

والميزة الثالثة -كما تذكر الصحيفة الألمانية- هي اعتبار الولايات المتحدة اليمن الملف المناسب لاختبار قدرتها على الانتصار في معركة دبلوماسية أمام الصين، ومنعها من تحقيق نقاط في الشرق الأوسط. 

وتوضح أن دور بكين المركزي في إبرام الصفقة الإيرانية السعودية هو "قفزة كبيرة في دبلوماسية الصين العالمية، ويمثل موطئ قدم في الشرق الأوسط".

وأخيرا، تشير إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن "يواجه أزمة فشل ذريع في سياسته الخارجية بسبب الحرب في أوكرانيا، فضلا عن التمدد الصيني المستمر وفقدان ثقة دول الخليج به".

ولذلك، تعتقد الإدارة الأميركية أن "نجاحها في اليمن يمكنه أن يدعم حظوظ الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية القادمة".

وفي الختام، تؤكد الصحيفة الألمانية أن الملف اليمني يبقى في أولوية البيت الأبيض. وتوضح أن "السبب لا يتعلق فقط بإيجاد حل سلمي ينهي الحرب، ولكن لأنه مرتبط بملفات أخرى متعلقة بسياسة الشرق الأوسط والعالم ككل".

كما تعتبره الولايات المتحدة "بوابة سهلة الإنجاز لاستعادة نفوذها، في ظل المخاوف من عودة حرب باردة دولية تدفع المنطقة نحو الانحياز لأحد الأطراف".