مشروع قناة إسطنبول.. كيف يؤثر على تصويت الناخبين بالانتخابات التركية؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تناول موقع "أتلانتيكو" الفرنسي مشروع قناة إسطنبول، موضحا الآثار الإيجابية التي ستعود على تركيا منه، والتحديات التي تواجه تنفيذه في ظل الوضع القائم.

وقال الموقع إن "هذا المشروع الجديد الذي يربط بين البحر الأسود والبحر المتوسط، يمكن أن يتيح للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فرصة لتحقيق مكاسب كبيرة".

وأضاف أن هذا المشروع الذي يصفه أردوغان بأنه "حلم" و"مشروع مجنون"، هو عبارة عن ممر مائي اصطناعي بطول 45 كيلومترا وعرض 150 مترا وعمق 25 مترا، وهذه ضعف أبعاد مضيق البوسفور، الرابط بين البحرين الأسود ومرمرة. 

"لكن المشروع يتعرض لانتقادات شديدة خاصة من المعارضة، فما أسباب اعتبار المشروع مثيرا للجدل؟ وما حجج المنتقدين؟"، يتساءل الموقع الفرنسي.

حلقة وصل

وحسب قوله، فإن مشروع شق قناة موازية لمضيق البوسفور يمثل تحديا اقتصاديا كبيرا، وتأثيره ليس محصورا فقط داخل حدود تركيا، بل يتجاوزها ليشمل أهدافا عسكرية وإستراتيجية تقود إلى تعزيز مكانة البلاد وإعادتها إلى الساحة الدولية.

فعلى الصعيد الاقتصادي، هذه القناة ستتيح زيادة مرور السفن من البحر الأسود، الذي تطل عليه دول عدة لديها إمكانات زراعية كبيرة.

وقد اتضح هذا في دور الحبوب الأوكرانية في مكافحة العديد من المجاعات في الشرق الأوسط وإفريقيا.

وبالتالي، تهتم دول مثل أوكرانيا ورومانيا وبلغاريا وجورجيا بنجاح مشروع قناة إسطنبول لتعزيز التبادل التجاري مع بقية دول العالم، وفق الموقع الفرنسي.

وبالإضافة إلى ذلك، تتمتع منطقة البحر الأسود بإمكانيات سياحية هائلة، ما سيسمح لأنقرة بتعزيز العلاقات بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأسود، والسيطرة على هذا الرابط، والحصول على إيرادات عديدة من الضرائب على عبور البضائع.

وعلى الصعيد العسكري، فإن شق القناة سيمكّن السفن والغواصات من العبور بسهولة أكبر في هذه المنطقة، وهو عنصر لا يستهان به كما يتضح من تكثيف الوجود العسكري الغربي والروسي في المناطق المحيطة بأوكرانيا.

كذلك ستمكّن القناةُ تركيا من السيطرة على الدخول والخروج من البحر الأسود، مما سيسمح لها بتعزيز مكانتها داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتحسين علاقتها مع روسيا، التي تعتمد على أنقرة في الوصول إلى الشرق الأوسط.

وعلى المستوى الإستراتيجي، فهذا يعني أن تركيا يمكن أن تصبح مرة أخرى ملتقى للعلاقات بين أوروبا وروسيا، بمشروع مشابه لقناة السويس.

وفي وقت يخضع مضيق البوسفور للمعاهدات الدولية في قواعد المرور وتحصيل الرسوم، فإن هذه القناة ستكون خلاف ذلك.

إذ ستكون تحت السيادة التركية الكاملة، ما يعطي لأنقرة ورقة ضغط على المعسكرين الشرقي والغربي.

كما يرى الرئيس التركي في هذا المشروع وسيلة لإحياء القطاع العقاري، مع وجود العديد من الإنشاءات التي ستقام بالقرب من القناة الجديدة.

لكن في الجانب المقابل، فإن لهذا المشروع آثارا مثيرة للجدل من عدة جوانب، أولها أن تمويله يشكل عبئا على الاقتصاد التركي، الذي يعاني حاليا من ارتفاع نسبة التضخم.

وبالإضافة إلى ذلك، ستكون هناك عواقب بيئية للمشروع، مثل تدهور البحر الأسود وبحر مرمرة، حيث يتميز الأول بأنه أقل ملوحة، وبنظامه البيئي الهش.

وهذا يعني أن بعض الأنواع في مياهه لن تتمكن من التكيف بسرعة مع هذا التغيير في درجة الملوحة، كما سيكون لهذا التغيير تأثير على المياه الجوفية أيضا.

وألمح الموقع الفرنسي إلى أن مشروع قناة إسطنبول فُتح للنقاش منذ عام 2011، وكان من المفترض إنجازه عام 2023، بمناسبة الذكرى المئوية لجمهورية تركيا.

"وعلى الرغم من كونها مثيرة للجدل، فإن هذه القناة ضرورية إذا كانت تركيا تعتزم استعادة مكانتها كقوة دولية كبرى، إذ أنها ستعطي البلاد دورا أساسيا في العلاقات بين الغرب وروسيا وأوراسيا"، حسب التقرير.

أهمية القناة

ومن الناحية النفسية، سيسهم هذا المشروع الطموح في تمكين أردوغان من موضعة نفسه كأحد بناة الدولة التركية، على غرار ما فعله مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك في السابق.

لذلك فإن إنجاز هذه القناة إستراتيجي للغاية، وتترتب عليه نتائج ضخمة، ويمكن أن يكون له عواقب طويلة الأمد تجعل تركيا دولة رائدة أساسية بين أوروبا والشرق الأوسط وآسيا.

وبينما تستعد تركيا لانتخاب رئيسها وتجديد برلمانها، في 14 مايو/أيار 2023، فهل هناك فرصة لتنفيذ هذا المشروع؟ وهل سيكون موضوعا في الحملات الانتخابية؟، يتساءل الموقع.

في هذا السياق، سيتمحور السؤال الرئيس حول تمويل هذا "المشروع المجنون"، خاصةً في ظل تفاقم أزمات الاقتصاد التركي، وارتفاع معدلات التضخم، والضغوط الديموغرافية والمناخية.

وسيكون هذا المشروع أكثر ملاءمة كحجة دعائية خلال الحملة الانتخابية، لكنه لن يكون في صميم الحملة، فملفات الإرهاب والحرب في أوكرانيا ستشغل مكانة أكبر في الحملة الانتخابية، حسب الموقع الفرنسي.

وأكد أن هذا المشروع قد يُنفذ في المستقبل، إذا تمكّن الاقتصاد التركي من الوصول لحالة مستقرة، وإذا لم تواجه البلاد أي أزمات جديدة مثيلة للزلزال المدمر الذي ضربها في 6 فبراير/ شباط 2023.

وأشار التقرير إلى أن تركيا أكّدت لروسيا أنّ القناة الجديدة المؤدية إلى البحر الأسود لن تسهّل وصول السفن الحربية الأجنبية إلى هذا الفضاء البحري المهم بالنسبة لموسكو. 

وهذا بدوره يطرح علامات استفهام حول استغلال هذه القناة واستخدامها المستقبلي لأغراض جيوسياسية من قبل تركيا على وجه الخصوص.

وفي واقع الأمر، فمن من الضروري هنا التذكير بأن السفن الحربية والغواصات التابعة لحلف الناتو وروسيا ليست بحاجة إلى قناة إسطنبول للتمكن من المرور عبرها في الوقت الحالي، لوجود مضيق البوسفور.

وربما لن تتضح الأهمية العسكرية للقناة إلا عند حدوث حالة حرب واسعة النطاق، مع وجود عدة مئات من السفن التي يتعين عليها الوصول إلى البحر الأسود في وقت واحد.

في هذه الحالة فقط، سيكون من الضروري استخدام قناة إسطنبول بموازاة مضيق البوسفور، إلا أن اندلاع حرب كهذه أمر غير مرجح فيما يبدو، حسبما أورد الموقع الفرنسي.

وبطبيعة الحال، فإن الجانب الروسي لا يولي الكثير من الاهتمام لشق القناة الجديدة، حيث إن المنفعة النهائية من ذلك ستعود إلى الاقتصادات المحلية على ضفاف البحر الأسود، مثل أوكرانيا ورومانيا، في حين سيقوي شق القناة موقف تركيا كعضو في حلف الناتو. 

وبشكل عام، فإن المشروع اقتصادي في الأساس ويبدو أن الطابع العسكري فيه ثانوي، هذا بالرغم من أن وجود ممر أكثر اتساعا أو عدة ممرات لعبور عدة سفن عسكرية في وقت واحد هو من أهم المميزات في حالة الحرب.