خضر شحرور.. مدير أوقاف يتزلف للأسد ويروج لإيران ويفتي بقتل السوريين

12

طباعة

مشاركة

يجتهد مدير أوقاف ريف دمشق خضر شحرور، بإطلاق "توصيفات الثناء" على رئيس النظام السوري بشار الأسد وقواته، تزلفا وطمعا في البقاء بمنصبه.

ونظرا لقدرته الفائقة في توظيف العبارات خدمة لتلميع صورة النظام، اختاره جهاز المخابرات ليكون إماما وخطيبا لصلاة عيد الفطر 2023 في العاصمة دمشق التي حضرها بشار الأسد ومسؤولو حكومته.

ولذلك أراد الخمسيني شحرور، أن تكون خطبته أمام الأسد من مسجد "حافظ الأسد" بدمشق "جامعة مانعة"، يثبت فيها الولاء المطلق له.

فقد خاطب شحرور الأسد قائلا: "سيادة الرئيس هذا شعب سوريا الذي أحبك فبادلته الحب بالحب.. هذا هو جيش سوريا الذي انكسر على صخرته أعتى جيوش العالم.. كل ذلك بهذه المعادلة قائد حكيم وشعب صبور وجيش لم تثنه الأعداء عن معركته، جعل العالم يعود إلى سوريا معترفا بوضوح رؤيتها وذلك بحكمتكم وصبركم"، وفق وصفه.

وربط شحرور تهافت الدول العربية للتطبيع مع نظام الأسد، كما قال في الخطبة "تحقيقا لقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك"، بحسب زعمه.

وختم شحرور خطبته موجها كلامه لبشار الأسد ببيت الشعر الدارج قال فيه: "عيد وعيد وعيد صرن مجتمعة… وجه الحبيب ويوم العيد والجمعة".

النشأة والتكوين

ولد خضر أحمد شحرور في مدينة عربين بريف دمشق، وأصدر وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد الذي يعد لسان هوى بشار الأسد، قرارا مطلع أبريل/نيسان 2010 بتعيين خضر شحرور مديرا لأوقاف ريف دمشق خلفا للمدير السابق المهندس محمد زياد الموصللي.

وشحرور مدرس في مجمع "الفتح الإسلامي" بدمشق، وجرى تعيينه سابقا مديرا للتوجيه والإرشاد في وزارة الأوقاف التابعة للنظام السوري.

وفي عام 2016 أعلنت وزارة أوقاف النظام السوري نيل خضر شحرور درجة الدكتوراه في أصول الفقه من جامعة الأزهر مع درجة الشرف الأولى.

كما أنه عضو في "المجلس العلمي الفقهي" الذي أسس عام 2018 ويتبع لوزارة الأوقاف ويضم المذاهب الإسلامية كافة، ومهمته "إصدار الفتاوى" بعدما وسع الأسد من صلاحياته وعين وزير الأوقاف "السيد" رئيسا له مع معاونين و30 من كبار العلماء "ممثلين عن المذاهب كافة" عقب إلغاء دار الإفتاء بمرسوم في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.

وعقب اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، أعلن شحرور ولاءه لنظام الأسد وعداءه للثورة واصفا إياها بـ "المؤامرة" متسقا مع الرواية الرسمية لإعلام النظام الصادرة عن أجهزة المخابرات لتبرير قمعها.

واستخدم شحرور المنبر وخطابه الديني للدفاع عن النظام السوري، عبر دعوة طلاب الشريعة إلى رفض الخروج على الحاكم.

ذراع الأوقاف

وهذه ليست المرة الأولى التي يكلف فيها خضر شحرور بمهمة خطبة وأداء صلاة العيد بحضور الأسد.

فقد خطب في خطبة عيد الأضحى عام 2018، وقال حينها مخاطبا الأسد "لقد قدت السفينة إلى بر الأمان وكنت الربان الماهر"، الأمر الذي جعله محط سخرية من السوريين ولقبوه بـ "شيخ المنافقين".

وكانت المهمة الأبرز التي خاضها شحرور وفق وسائل إعلام سورية معارضة، بتكليف من مخابرات الأسد، هي محاولات إقناع أهالي "عربين" وباقي المدن والبلدات بريف دمشق الثائرة ضد النظام عقب عام 2011، بالاستسلام وإبرام المصالحة مع النظام.

لم ينجح شحرور بإقناع الأهالي في المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد بقبول التسويات الأمنية، قبل أن يقرر النظام شن حملة عسكرية على الغوطة لسحبها من يد المعارضة.

وبالفعل، أفضت الحملة العسكرية التي شنتها قوات الأسد بدعم روسي عام 2018 إلى تهجير وتشريد عشرات الآلاف من أبناء الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي إلى الشمال السوري بعد قتل الآلاف منهم بكل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا بما فيها السلاح الكيميائي.

وعقب ذلك بدأت المهمة الجديدة لشحرور، حيث استخدمته مخابرات الأسد، في محاولة إعادة هيبة النظام في قلوب أهالي المدن الثائرة، والتي جرى السيطرة عليها من قبل قوات الأسد بعد تهجير أهلها.

وجرى ذلك ضمن محاولة "تدجين جديدة" يقودها رجال دين بينهم شحرور ابن المنطقة وذراع وزير الأوقاف الحالي محمد عبد الستار السيد فيها.

ومن المواقف الدالة على ذلك، والتي أثارت سخرية وتهكما من قبل السوريين، حينما حضر شحرور أداء القسم لرؤساء المجالس المحلية الجدد في الغوطة الشرقية بعد تعيينهم في مدن وبلدات ريف دمشق عام 2018.

وكانت صيغة القسم الجديد التي سخر منها السوريون هي: "أقسم بالله أن أقوم بالعمل على ترسيخ حب القائد والوطن والجيش العربي السوري، وأن أحارب الفكر التكفيري أينما كان، وأن أزيل ما استطعت مخلفات كل أشكال الإرهاب، وأن أكون شفافا بذلك، والله على ما أقوله شهيد".

ويعد شحرور من المقربين من وزير أوقاف الأسد محمد عبد الستار السيد المتحكم "الحصري" بالشأن الديني في سوريا،  إذ اصطحبه معه  حينما ذهب إلى طهران مطلع مارس/آذار 2018، والتقى المرشد الأعلى علي خامنئي.

كما سبق أن سافر شحرور مع السيد إلى موسكو في مطلع مارس/آذار 2017 للقاء مفتي الجمعية الدينية لمسلمي روسيا "ألبير قارغانوفوقام" لإجراء مباحثات حول "تبادل الخبرات في المجال الديني والتعليمي لمحاربة التطرف وتيارات التكفير والإرهاب".

"شيخ المخابرات"

وحينما أجرى نظام الأسد انتخابات شكلية لأعضاء مجلس الشعب المنتخبين مسبقا من قبل أجهزة المخابرات عام 2016، أدلى شحرور بصوته في جامع العثمان بدمشق.

وقال حينها: "الحقيقة اليوم نستفتي على الدولة والقانون ونقول لا للإرهاب والمجرمين والتكفيريين، ونعم لوحدة سوريا وللجيش العربي السوري، نعم لقائد الوطن، والاستفتاء الحقيقي اليوم يعبر عن أكثر من قضية مجلس شعب"، وفق ما نقل موقع وزارة الأوقاف.

وكشف شحرور في مقابلة مع منصة رقمية محلية في أبريل/نيسان 2022، استخدامه لحساب فيسبوك باسم مستعار لمتابعة باقي المشايخ والأشخاص الذين يهمونه.

وتلقى شحرور هجوما لاذعا من السوريين عام 2019، حينما رد على سؤال طرح عليه عبر اتصال هاتفي، عن شاب معتقل ومهدد بحبل المشنقة بعد عودته من إدلب ضمن ضمانات تقدمها مخابرات الأسد لجذب النازحين واللاجئين بالعودة إلى سوريا.

وقال شحرور عبر برنامج "أنت تسأل والإسلام يجيب" الذي يقدمه على قناة "سما" الموالية، إن "هذا الشاب صار بيد العدالة، والسلطة عادلة" ووصفه بأنه "مجرم ولا بد أن يأخذ عقابه"، وذلك من دون أن يعرف قصته، أو يوجه بإطلاق سراحه كونه رجع إلى مدينته عبر تعهد السلطات الأمنية أمام الإعلام الحكومي بعدم التعرض للعائدين.

ويعد شحرور من أبرز عرابي تمرير التشيع الذي تعمل إيران على نشره في مناطق سوريا، مبررا ذلك بتعدد المذاهب وحوارها.

إذ يتهم شحرور "بتلبيته احتياجات إيران في نشر الحسينيات التي تعد مدخلا لعمليات التشيع في ريف دمشق.

ففي نهاية عام 2018، افتتح مكتب لـ "المرجع الديني الكبير"، محمد اليعقوبي بحضور خضر شحرور الذي بارك هذا الافتتاح في منطقة السيدة زينب.

وبدأت تتضح صورة "شيخ المخابرات" أكثر فأكثر، حينما وجه شحرور، في مطلع مايو/أيار 2018، كتابا إلى خطباء الغوطة الشرقية حول الالتزام بالمنهج الموحد للخطابة.

وحمل الكتاب الموقع منه بندا يتضمن "الدعاء للسيد الرئيس بشار الأسد في كل خطبة والتضرع إلى الله العلي القدير بأن يوفقه لما فيه خير البلاد والعباد".

كما قاد شحرور شخصيا حملة دعم لبشار الأسد في ريف دمشق، لإعادة انتخابه رئيسا عام 2021، والتي انتهت بإعلان النظام فوزه في انتخابات صورية وغير شرعية، بولاية رابعة بعد حصوله على 95.1 بالمئة من الأصوات.

دعم تمدد إيران

ويعمل شحرور عبر وسائل الإعلام التي يظهر عليها، على تمرير الرسائل المطلوبة منه، إذ عد شحرور، في تصريح نقلته وسائل إعلام روسية في 19 يوليو/تموز 2020 أنه: "لولا وزارة الأوقاف وعلماء الدين الوسطيون والمعتدلون الذين كانوا يسيرون في ركب هذه الوزارة لانتشر الإرهاب في كل أنحاء سوريا".

ومضى يقول: "سوريا ليست طائفية، ولم ينجح فيها هذا المشروع الذي عزف أعداؤها على أوتاره"، مشيرا إلى أن هناك "أناس باعت نفسها بالدولار والريال وبالليرة"، مؤكدا على أن المشكلة كانت إعلامية وليست دينية".

وتحت شعار "لن تسبى زينب مرتين"، جلبت إيران عشرات الآلاف من المليشيات الشيعية من لبنان والعراق وإيران وباكستان وأفغانستان، إلى سوريا والقتال تحت "راية إيران الطائفية" بزعم "حماية" مقام السيدة زينب بنت الخليفة الرابع علي بن أبي طالب الواقع جنوب العاصمة دمشق.

وعقب عام 2011 شهدت سوريا حوادث تحمل طابعا طائفيا أبرزها نبش قبر الخليفة "عمر بن عبد العزيز" في قرية دير شرقي بريف إدلب الجنوبي، عقب سيطرة النظام السوري على المنطقة المقررة قرب طريق M5، والذي جرى توثيقه عبر تسجيل مصور في مايو/أيار 2020.

كما ظهرت تسجيلات مصورة كثيرة لتوجه زوار من الشيعة إلى قبر الصحابي معاوية بن أبي سفيان في دمشق وشتمه ورميه بالأحذية، دون إبداء أي استنكار على هذه الحادثة من "علماء السلطان" القابعين في العاصمة أو ريفها.

هذا فضلا عن انتشار مقاطع فيديو لعناصر من قوات الأسد ينحدرون من الطائفة العلوية وهم يشتمون الصحابة أمثال أبي بكر وعمر وعثمان في أحد أحياء دمشق القديمة.

في حوار لخضر شحرور مع وكالة "ارنا" الإيرانية نشر في 7 مارس/آذار 2018، قال إن "الشيعة والسنة في المنطقة اتحدوا وشكلوا محور المقاومة الذي يضم إيران وحزب الله وسوريا، والذي قلب جميع المعادلات في المنطقة".

وأضاف: "إن أهم أهداف تشكيل محور المقاومة بمحورية الجمهورية الإسلامية الإيرانية مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب والقضاء على الإرهاب في المنطقة".

ومضى يقول: "إن الجمهورية الإسلامية التي أساس تكوينها هو الإيمان والعدل أنشأت محورا للمقاومة الذي نشاهد له اليوم الكثير من المناصرين في المنطقة".

ورأى شحرور أن "حضور المستشارين الإيرانيين في سوريا، هو للدفاع عن الشعب السوري في مواجهة المؤامرة الغربية الأميركية الهادفة لتقسيم المنطقة إلى مقاطعات وحماية الكيان الصهيوني"، متجاهلا قتل المليشيات الطائفية للسوريين وتهجيرهم وإحداث عمليات تغيير ديموغرافي واضحة.

وكثيرا ما يشارك شحرور في مؤتمرات ينظمها حزب الله اللبناني في العاصمة بيروت للترويج لـ "فكر المقاومة والممانعة"، إذ يرى أن "الأمة تتعرض لمؤامرة تكرر بذات السيناريو على الدول العربية".