على مدار سنوات حكمه.. ما سر الخلاف بين نتنياهو ووزراء جيش الاحتلال؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

منذ بدء تولي بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية في عام 1996، عمل معه 8 وزراء للجيش، أُقيل نصفهم.

ووفقا لصحيفة "زمن إسرائيل" العبرية، جاء وزراء الجيش الثمانية من خلفيات أيديولوجية متعددة وخدموا في أوقات مختلفة.

كما كانت لهم شخصيات متباينة، ولكنهم أجمعوا كلهم تقريبا على مواجهة نتنياهو، مما دفعه للتشاجر معه ومحاولة الإطاحة بهم.

وهنا يسلط التقرير الضوء على علاقات نتنياهو المضطربة دائما بوزراء جيشه والتي كان آخرها ما حدث مع الوزير الحالي يوآف غالانت.

أسس شخصية 

وبالنظر إلى وزراء الجيش الذين بقوا في مناصبهم، تقول "زمن إسرائيل": "على عكس هيكل العلاقة المألوف بين وزير الأمن القومي ومفوض الشرطة، والذي يؤدي دائما إلى الاحتكاك بينهم، فإن العلاقة بين رئيس الوزراء ووزراء الدفاع قائمة على أسس سياسية شخصية".

وأكدت الصحيفة أن الخلافات لم تأت أبدا على خلفية تخطيط سياسي أو في ظل نزاع أمني، وإنما كانت دائما مشاكل سياسية شخصية.

ومثال على ذلك، في 24 يناير/ كانون الثاني 1999، أقال نتنياهو وزير الجيش يتسحاق مردخاي.

وذكر في خطاب إقالته: "مردخاي لا يستحق أن يكون في صفوفنا، ولا يمكنه الاستمرار في العمل كوزير للدفاع في الحكومة التي أترأسها".

وكانت تلك هي المرة الأولى التي يغرد فيها نتنياهو على وسائل التواصل الاجتماعي، واصفا وزير الجيش بأنه "سحق الديمقراطية الإسرائيلية".

وبالنظر إلى الأحداث المشابهة التي تعيشها إسرائيل حاليا، تنوه الصحيفة إلى أن الفرق بين قضية غالانت وقضية مردخاي هو خروج مئات الآلاف للتظاهر ليلة الإعلان، مع شعور عميق بالازدراء بأمن الدولة.

وأقال نتنياهو وزير الجيش في حكومته اليمينية، يوآف غالانت، أواخر مارس/آذار 2023، على خلفية تصريحات أدلى بها الأخير بشأن تعديل النظام القضائي، الذي قال إنه يمثل "خطرا مباشرا" على أمن إسرائيل. لكنه تراجع عن هذه الخطوة بسبب خروج مظاهرات واسعة ضد القرار.

وبرر ذلك قائلا: "نحن نعمل سويا على مدار الساعة في مواجهة التحديات الأمنية، مما دفعني لاتخاذ قرار ترك الخلافات وراءنا". وأكد نتنياهو أن غالانت سيستمر في منصبه، "مواصلين العمل معا من أجل مواطني إسرائيل". 

وعلى الرغم من هذا القرار، توضح الصحيفة أن "الكثيرين يخشون النهاية الحقيقية للقصة، فربما لا يزال نتنياهو يسعى جاهدا لتكون الكلمة الأخيرة له".

في عام 1999، بعد الضربة التي وجهها لمردخاي بشكل مفاجئ، قال الثاني: "بعث لي نتنياهو برسالة مليئة بالأكاذيب، كُتبت بواسطة سياسي تافه، إنه لا يستحق ثقتي ولا ثقة شعب إسرائيل، لقد خاطر بكل شيء من أجل رغباته السياسية".

ثم في الأشهر الستة التالية، تذكر الصحيفة العبرية أنه جرى تعيين موشيه أرينز في منصب وزير الجيش. فبعد إقالة مردخاي، نجت حكومة نتنياهو الأولى لبضعة أشهر، ثم انهارت بعد ذلك.

وفي عام 2009، عندما عاد نتنياهو لولاية ثانية كرئيس للوزراء، كان وزير الجيش حينها هو إيهود باراك، والذي استمر في منصبه حتى عام 2013.

وتذكر الصحيفة أن هذه المدة كانت أطول ولاية لوزير جيش في عهد نتنياهو. وذهبت إلى أن الطريقة التي يتعامل بها الاثنان مع بعضهما البعض هي التي حققت تلك المدة الطويلة.

إذ خططا معا للهجوم على المنشآت النووية في إيران، وهو أمر لم يتحقق. وبعد ذلك، اُستبدل إيهود باراك بموشيه يعلون. ولكن عقب ثلاث سنوات في المنصب، بدأ نتنياهو في التخطيط للإطاحة به. 

إذ اكتشف يعلون، عبر وسائل الإعلام، أن نتنياهو يجري مفاوضات سياسية مع زعيم المعارضة آنذاك يتسحاق هرتسوغ، وعرض عليه منصب وزير الجيش. 

وحول الفترة الأخيرة في منصبه، كتب يعلون: "في الأشهر الأخيرة من ولايتي، رأيت أن نتنياهو كان يبحث عن قضايا تمنحه فرصة الوقوف ضدي، وفهمت حينها أننا نسير في طريق بلا مخرج".

إساءة المعاملة

بعد يعلون، عُين أفيغدور ليبرمان في منصب وزير الجيش وفقا لصحيفة "زمن إسرائيل" العبرية.

وتشير الصحيفة إلى الحالة التي كان عليها هيكل الحكومة حين تولى ليبرمان منصبه، موضحة أنها كانت حكومة صغيرة تتكون من 61 نائبا، لكنه تمكن في النهاية من إنقاذها من الانهيار.

وتبين أنه طوال فترة حكمه كلها، احتاج نتنياهو إلى ليبرمان لتعزيز الائتلاف، إلى أن أعرب الثاني عن رغبته في سلوك نهج مختلف.

إذ أراد تفعيل الجيش الإسرائيلي بطريقة أكثر عدوانية، خاصة في غزة، لكن نتنياهو لم يسمح بذلك. 

بالإضافة إلى أنه في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، عين ليبرمان رئيس الأركان أفيف كوخافي، وهو ما أثار استياء نتنياهو.

وخلال الفترة نفسها، على خلفية إطلاق النار من غزة على المستوطنات المجاورة، توصلت إسرائيل إلى وقف لإطلاق النار عبر مصر. وبعد هذا الاتفاق، تذكر الصحيفة أن ليبرمان أعلن استقالته. 

وخلافا لمن سبقوه في المنصب، أي مردخاي ويعلون، ترى "زمن إسرائيل" أن ليبرمان كان مكافئا لنتنياهو في إطار العلاقة الصعبة.

وتابعت الصحيفة: "إن الرجل الذي رافق نتنياهو منذ بداية حياته السياسية كرئيس تنفيذي لحزب الليكود وكناشط سياسي كبير، والذي تولى منصبه على خلفيته السياسية العظيمة، لم يكن مستعدا للانحناء لرئيس الوزراء".

بعد ليبرمان، وللمرة الأولى منذ تاريخ حياته السياسية، شغل نتنياهو المنصبين في الوقت نفسه، رئيس الوزراء ووزير الجيش.

وهنا تتساءل الصحيفة: "لماذا لم يشغل نتنياهو المنصبين قبل ذلك رغم خدمة العديد من رؤساء الوزراء قبله في كلا المنصبين؟".

وتعتقد أنه ربما كانت الحاجة السياسية للتشاجر مع وزير الجيش وإلقاء اللوم عليه في المشاكل السياسية هي التي قادت نتنياهو حتى عام 2018.

ثم بعد ذلك، شغل نفتالي بينيت منصب وزير الجيش لنحو ستة أشهر، حتى تشكيل حكومة جديدة في مايو/أيار 2020، حيث عُين بيني غانتس لهذا المنصب.

وبالعودة إلى عام 2014، عندما كان يعلون وزيرا للجيش تشير الصحيفة إلى أن بينيت قاد خطا معاكسا داخل مجلس الوزراء، فيما يتعلق بكشف أنفاق حركة المقاومة الإسلامية حماس، مما دفع نتنياهو لمحاولة القضاء عليه سياسيا.

ومع ذلك، فإن ولاية بينيت -خلال فترة الحكومة الانتقالية- لم تكن كافية لإثارة خلاف كبير آخر. وبحسب الصحيفة العبرية، فإن الهدف التالي لنتنياهو كان بيني غانتس.

تقول الصحيفة: "كان نتنياهو يتعامل مع غانتس على أنه مبتدئ سياسيا، وبعد فترة وجيزة من تشكيل الحكومة البديلة معه بدأ في إساءة معاملته". وفي ديسمبر/ كانون الأول 2022، جاء دور يوآف غالانت. 

إذ أدى أكبر شخصية أمنية في الليكود، عام 2023، اليمين الدستورية لأهم منصب في الحكومة السابعة والثلاثين. 

وفي أقل من ثلاثة أشهر، أعلنت الصحافة عن بيان لنتنياهو، مفاده أن "رئيس الوزراء قد قرر عزل وزير الدفاع يوآف غالانت من منصبه".

وبعد خروج مئات الآلاف للتظاهر في الشوارع، أراد نتنياهو إنهاء الحدث السياسي، وأجرى مشاورات حول البدائل المحتملة. لكن الإسرائيليين رفضوا ذلك، وأثبتت استطلاعات الرأي أنه قرار خطير وغبي.

من وجهة نظر الصحيفة العبرية، لقد انهار التأييد الدائم لنتنياهو والليكود من قبل الإسرائيليين. ولذلك، لم يكن أمامه خيار آخر غير إبقاء غالانت في منصبه في الوقت الحالي. 

وفي الختام، تذهب "زمن إسرائيل" إلى أن تاريخ علاقات نتنياهو بوزراء جيشه قائم على "اختيار شخص مناسب للمنصب وقت التعيين، لكن الإقالة تعود لأسباب سياسية ومصالح شخصية".