صحيفة عبرية: دول أوروبية عديدة باتت أكثر اقتناعا بضرورة ردع إيران

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

وصفت صحيفة عبرية المواقف الأوروبية تجاه إيران بأنها باتت "أكثر يمينية وتشددا" من ذي قبل، موضحة أن أحد الأسباب الرئيسة لذلك هو الدعم الإيراني المقدم لروسيا في حربها ضد أوكرانيا.

وتطرقت صحيفة "زمن إسرائيل" إلى ماهية الإجراءات التي قد تتخذها الدول الأوروبية ضد إيران لحرمانها من الامتيازات التجارية والمالية التي حظيت بها جراء الاتفاق النووي عام 2015.

كما تحدثت عن قناعة ناشئة بضرورة تدخل واشنطن وتوجيه ضربة عسكرية لإيران، مشيرة في هذا الصدد إلى القصف الأميركي الأخير الذي طالها في سوريا في 32 مارس/آذار 2023.

الموقف البريطاني

وكشف تقرير في صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، 25 مارس 2023، عن لمحة من الحملة التي تشنها المملكة المتحدة خلف الكواليس ضد إيران.

ووفقا للتقرير، يعيد مكتب الهجرة البريطاني فحص جميع تأشيرات عمل الإيرانيين في البلاد، وفي غضون ذلك يوقف دخول العاملين الجدد. 

وعزت الصحيفة البريطانية ذلك إلى وجود شكوك حول أن هؤلاء هم في الواقع "باب خلفي" تدخل من خلاله عناصر معادية إلى بريطانيا.

وتنوه صحيفة "زمن إسرائيل" هنا إلى حذر البريطانيين واستخدامهم مصطلح "عناصر معادية" بدل "الحرس الثوري". 

وبينت أنه من الواضح بشكل كبير أن الجهة الإيرانية الوحيدة التي يمكن أن تقف وراء هذا النشاط هي الحرس الثوري الإسلامي، وفقا للصحيفة.

وتذكر الصحيفة العبرية أن التقرير البريطاني نُشر أثناء زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى لندن، وترى أن ذلك "ليس من قبيل الصدفة. 

كما أشارت إلى أن "نتنياهو التقى خلال الزيارة بوزيرة الداخلية البريطانية، سويلا بريفرمان، التي تتخذ مواقف متشددة للغاية من إيران، وتقف وراء مبادرة إعلان الحرس الثوري منظمة إرهابية".

وأحد أسباب هذه المبادرة، "المواد الاستخباراتية التي قدمها جهاز الأمن البريطاني، حيث حاول الحرس الثوري عام 2022 قتل واختطاف 10 مواطنين بريطانيين على الأراضي البريطانية".

وبحسب التقرير البريطاني نفسه، أحبطت بعض هذه المحاولات بمعلومات استخباراتية كان مصدرها إسرائيل. 

وجدير بالذكر أن بعض أعضاء شبكة إيران الدولية للإعلام (معارضة تبث من لندن) اضطروا، خلال الشهرين الماضيين، إلى مغادرة بريطانيا ونقل البث إلى واشنطن، بعد أن أبلغتهم أجهزة الأمن البريطانية أنهم لم يعودوا قادرين على ضمان سلامتهم. 

وتقول الصحيفة العبرية إنه "على الرغم من هذا الوضع والمعلومات الدقيقة حول أنشطة الحرس الثوري، فإن مبادرة وزيرة الداخلية بريفرمان قوبلت بمعارضة شديدة من وزير الخارجية، جيمس كليفرلي".

من وجهة نظر كليفرلي، فإن تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية سيضر بالمصالح البريطانية الأخرى.

ورغم موقفه المعارض لهذه المبادرة، اندرج وزير الخارجية مع وزير الهجرة روبرت جينريك تحت قائمة الأفراد الخاضعين لعقوبات النظام الإيراني، حسب ما أوردته الصحيفة.

وأتت هذه العقوبات في إطار رد طهران على العقوبات التي فرضتها عليها المملكة المتحدة عام 2022. 

يمين إسرائيل

في ضوء المحادثات التي أجراها نتنياهو في الأسابيع الأخيرة في باريس وبرلين ولندن، تشير "زمن إسرائيل" إلى احتمالية إعلان إحدى دول المجموعة الأوروبية الثلاث انتهاكا جوهريا للاتفاقية النووية.

وأبرمت الاتفاقية مع إيران عام 2015، وانسحب منها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لاحقا وانتهى العمل بها فعليا، كما أعلنت طهران.

ولذلك يصف الخبراء السياسيون المواقف الأوروبية الجديدة بأنها "الأكثر عدوانية" على الإطلاق تجاه طهران.

وأضافت الصحيفة أنه "في بعض الأجزاء التي تُناقش مع الأوروبيين بخصوص الانتهاكات الإيرانية، من المفاجئ سماع أنهم ليسوا على وفاق مع يمين الولايات المتحدة فحسب، بل إنهم على يمين إسرائيل في بعض الأحيان".

وفي هذا السياق، قال مصدر إسرائيلي إن "هذه حقيقة لم نكن لنحلم بها قبل بضع سنوات"، وفق ما نقلت الصحيفة.

وبحسب مصدرين إسرائيليين، فإن السبب الرئيس للوضع الجديد هو التعاون بين إيران وروسيا في الحرب في أوكرانيا، والنهج العنيف الذي تتبعه إيران في قمع التظاهرات الداخلية. 

ويتركز الجهد الإسرائيلي الآن على إقناع الدول الموقعة على الاتفاقية بتفعيل "آلية التراجع". 

وتقول الصحيفة إن "مثل هذا الإعلان من قبل إحدى الدول الموقعة على الاتفاقية -الصين وروسيا ومجموعة دول E3- يلغي على الفور جميع المكاسب الاقتصادية التي لا تزال إيران تتمتع بها، بل ويعيدها إلى العزلة الاقتصادية والدولية التي كانت عليها قبل عام 2015". 

مدفع العقوبات

وفي مارس 2023، تلقى المبعوث الإيراني الخاص للمفاوضات، راني باغري، دعوة إلى اجتماع عاجل في أوسلو، مع ممثلي مجموعة E3.

أثار الممثلون الأوروبيون أسئلة صعبة في الاجتماع بشأن التخصيب غير الطبيعي بنسبة 83.7 بالمئة، والذي جرى اكتشافه في منشأة تحت الأرض في فوردو، وطالبوا بزيادة الإشراف والمراقبة. 

وفي 28 فبراير/شباط 2023، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها رصدت في إيران جزيئات من اليورانيوم المخصب بنسبة 83.7 بالمئة، أي أقل بقليل من نسبة التسعين بالمئة الضرورية لإنتاج قنبلة نووية وذلك في منشأة فوردو.

وفي هذا السياق، من الجدير بالذكر أن رئيس وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، رافائيل غروسي، زار طهران مطلع مارس 2023.

وبحسب الصحيفة العبرية، كان الهدف من هذه الزيارة حث الإيرانيين على زيادة الرقابة على مختلف المواقع.

بالإضافة إلى الحصول على أجوبة بخصوص بقايا اليورانيوم المخصب التي جرى اكتشافها في ثلاثة مواقع مختلفة، والتي لم تخضع لإشراف الأمم المتحدة.

وتشير الصحيفة إلى أن هذا المطلب مطروح على الطاولة منذ عام 2018، وذلك عندما كشفت إسرائيل عن الأرشيف النووي لليورانيوم المخصب في مستودع يقع بالقرب من طهران. 

تقول إن "إيران خائفة من مسار العقوبات التي ستطبقها عليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والموجودة في التقرير ربع السنوي لمجلس المحافظين". 

وأضافت أنه من المقرر صدور التقرير بشكل مفصل في يونيو/حزيران 2023. ولذلك لا يستبعد كبار المسؤولين الإسرائيليين أنه "في حال كانت الإجابات الإيرانية غير مرضية، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستصدر تقريرا خاصا حتى قبل التاريخ المذكور".

وكما هو الحال في إسرائيل، فإن الخوف الأكبر في أوروبا الآن هو إمكانية تخصيب إيران اليورانيوم بنسبة 90 بالمئة، وبالتالي امتلاكها سلاحا نوويا في أرض الواقع.

وفي هذا السياق، توضح "زمن إسرائيل" أن الهدف الآن هو ردع طهران قدر الإمكان عن الوصول إلى تلك النقطة. ويتفق على هذا الهدف مجموعة دول E3، وهذا هو سبب الاجتماع العاجل في أوسلو. 

ومن رحلات نتنياهو الأخيرة في أوروبا، تتكهن الصحيفة وقوع اختلافات صغيرة بين دول E3. ومع ذلك، لم يبدِ أي منهم الاستعداد لتحقيق "آلية التراجع" من الاتفاق النووي مع إيران.

وتؤكد الصحيفة: "ليس من المستحيل أن يكون جزء من الجهد الإسرائيلي التوسط بين دول المجموعة الثلاث من أجل الوصول إلى نص متفق عليه، يُعلن بموجبه عن الآلية". 

الضعف الأميركي

تتحدث الصحيفة العبرية عن الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في الصورة، حيث خاضت أخيرا نزاعا عسكريا مباشرا مع إيران وقواتها العسكرية في سوريا.

وعلى غير العادة، تلفت الصحيفة إلى أن إيران هي التي بدأت جولة القتال هذه المرة قبل الجيش الأميركي.

ففي 23 مارس 2023، تعرضت منشأة الصيانة الأميركية التابعة لقوات التحالف الدولي في الحسكة بسوريا لهجوم بطائرة بدون طيار، وأعلنت المليشيات المدعومة من إيران مسؤوليتها عنه.

ونتيجة هجوم طائرة بدون طيار، قُتل متقاعد أميركي وأُصيب خمسة جنود آخرين. وزعمت مصادر أميركية أن أنظمة الدفاع الجوي لم تكن تعمل وقت الهجوم وأنه جرى اكتشاف هذه الثغرة الأمنية وتنفيذ الهجوم. 

وردا على الهجوم، نفذت القيادة المركزية الأميركية غارة جوية على مباني ومرافق المليشيات المدعومة من إيران في منطقة البوكمال على الحدود السورية العراقية. 

وبأوامر من وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، هاجم سلاح الجو عدة أهداف للمليشيات الإيرانية، مما أسفر عن مقتل نحو 14 مقاتلا مواليا لإيران.

وفي ختام التقرير، تتساءل "زمن إسرائيل" عن الأسباب التي دفعت إيران للهجوم في المقام الأول، وما هو مصدر هذه الجرأة؟

وترى الصحيفة أن الإجابة تكمن في تقوية الأمن الإيراني صلاته مع روسيا والصين، ولا سيما في ظل الضعف الأميركي في الشرق الأوسط.

وبحسب بيان له في 28 مارس 2023، حذر رئيس أركان الجيش الأميركي مارك ميلي من أن إيران على بعد أسابيع قليلة من الحصول على المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية.

ويقوي هذا البيان، وفق الصحيفة، بشكل كبير الأصوات في إسرائيل التي تدعو إلى ضرورة اتخاذ الولايات المتحدة تدابير أكثر قسوة ضد طهران.

وتؤكد أن قادة الدول يقرون بوجود تهديد عسكري يتطلب تدخلا أميركيا، ولو كان فقط لتغيير الخطاب الدولي تجاه إيران.