وسيم الأسد.. تاجر مخدرات إقليمي وقائد مليشيا محلية مدرج على عقوبات أميركا

12

طباعة

مشاركة

لا يكف وسيم بديع الأسد، ابن عم رأس النظام السوري بشار الأسد، عن استفزاز السوريين باستعراض السلطة والمال التي يعيشها، والتباهي بنفوذه داخل العائلة التي تحكم سوريا بالحديد والنار منذ عام 1971.

يجاهر وسيم (43 عاما) باستعراض نفوذه الأمني والاقتصادي في قرى الساحل السوري، وهو الذي شكل مليشيا هناك وقاد جموعا من "الشبيحة" لقمع الثورة السورية لحظة اندلاعها في مارس/آذار 2011.

وعرف وسيم في أوساط السوريين كأحد أبرز مهربي المخدرات التي أصبحت "تجارة رابحة" لنظام الأسد وباتت تبلغ عائدتها عليه 57 مليار دولار سنويا، بحسب ما أكدت "روزي دياز" المتحدثة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في تغريدة لها بتاريخ 28 مارس/آذار 2023. 

وقد ورد اسم وسيم الأسد في أحدث قائمة عقوبات فرضتها في 28 مارس 2023، الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، على 12 شخصا وشركتين "يدعمون النظام السوري بتجارة الكبتاغون" المخدر.

ونشر موقع وزارة الخزانة الأميركية بيانا قال فيه إن مكتب مراقبة الأصول حدد الأفراد الرئيسين الداعمين للنظام السوري بإنتاج وتصدير الكبتاغون.

وذكر البيان أن قائمة العقوبات الجديدة من شأنها أن تسلط الضوء على "الدور المهم لمهربي المخدرات اللبنانيين – الذين تربطهم علاقات وطيدة بحزب الله – في تسهيل تصدير الكبتاغون، كما تؤكد على "هيمنة عائلة الأسد على الاتجار غير المشروع بالكبتاغون لتمويل النظام القمعي".

النشأة والتكوين

ولد وسيم عام 1980 في مدينة القرداحة بريف اللاذقية، كابن لإحدى زوجات ثلاث اقترن بهن والده بديع الأسد.

لم يكن والده صاحب نفوذ زمن ابن عمه حافظ الأسد الذي تولى السلطة بانقلاب عسكري عام 1971، قبل أن يسلم الحكم لابنه بشار عند وفاته عام 2000 في عملية توريث للسلطة انتهكت قوانين الدستور.

وليس هناك معلومات عن دراسة وسيم، إلا أنه من هواة شراء الشهادات الفخرية من جامعات في أوروبا، بينما شقيقه الأكبر عمار هو رئيس فرع نقابة المهندسين في اللاذقية وعضو في برلمان النظام.

ويصف وسيم الأسد نفسه بأنه رجل أعمال تصل أنشطته إلى خارج سوريا ولا سيما إيران.

فبحسب معرفات صفحته فهو صاحب شركة "أسد الساحل" للنقل البحري والجوي والبري والاستيراد والتصدير، وهو كذلك مالك مكاتب تخليص العريضة وجوسه والقصير مع لبنان التي يستغلها لتهريب المخدرات.

وحينما اندلعت الثورة في مارس 2011، وانتشرت المظاهرات في أحياء دمشق المطالبة بإسقاط نظام الأسد، عمد وسيم المقرب من ماهر شقيق بشار لإثبات الولاء.

فنظم وسيم مسيرات بالسيارات الفارهة وعليها صور بشار على أوتوستراد المزة بالعاصمة الذي يضم سفارات لبعض الدول ويعد عصب دمشق المروري ويمر بجامعتها ومدينتها الجامعية.

كما نصب وسيم الأسد خياما بدمشق وريفها وطرّزها بصور بشار الأسد وأخيه ماهر ووالدهم حافظ، للتعبير عن تأييده المطلق لهم، حيث راح يقدم الطعام للمتوافدين.

كما دعم إنتاج بعض الأغاني التي تمجد الأسد، ولا سيما أنه استطاع جذب الفنانين الموالين لإنجاح "فعالياته التشبيحية".

وحينما بدأ نظام الأسد يفقد السيطرة على المدن الثائرة اضطر إلى تشكيل كتائب مسلحة من أعضاء حزب البعث الحاكم في المدن السورية، وعملت وزارة الدفاع على تسليحها آنذاك.

وقتها شكل وسيم مليشيا "كتائب البعث" ومولها من صناعة الكبتاغون، حتى أصبحت ذراعا له تساعده لاحقا في عمليات التهريب والنقل كونه يعد شخصية رئيسة في شبكة تهريب المخدرات الإقليمية.

وجه العائلة

يرى كثير من السوريين أن وسيم يمثل الوجه الحقيقي لعائلة الأسد، التي تسرق خيرات البلد وتمارس سلطتها الأمنية في فرض نفوذها، ولا يهمها سوى النهب والاستعراض.

اشتهر بتجارة المخدرات قبل عام 2011، لكنها تطورت أكثر بعد هذا التاريخ حينما أصبحت تجارة النظام الأساسية لتعويض النقص في النقد الأجنبي بعد العقوبات الغربية عليه وعلى البنوك الحكومية.

إذ كانت هناك مجموعات لتهريب المخدرات برئاسة "وسيم بديع الأسد"، الأولى بالتعاون مع رجال حزب الله اللبناني في مناطق وادي بردى والقلمون بريف دمشق المطلة على لبنان، والثانية بالتعاون مع مليشيات الحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر في البادية الشرقية نحو الأردن والخليج والعراق.

يُعرف وسيم بـ "مواقفه التشبيحية" على السوريين، إذ نشر تسجيلا مصورا، أواخر يناير/كانون الثاني 2019، على صفحته في موقع فيسبوك هاجم فيه الفنانين والشخصيات المؤيدة التي انتقدت عجز حكومة الأسد على تلبية متطلبات من تبقى من السوريين في مناطق سيطرة النظام من المواد الأساسية كالغاز والكهرباء وغيرها.

كما وصف وسيم الأسد منتقدي الحكومة بأوصاف مخلة بالآداب، وبعبارات بذيئة، وصلت لدرجة تخيير الناس بين السكوت على الأزمة الحاصلة في المواد الأساسية، أو دخول من وصفهم المسلحين عليهم.

ويعرف عن وسيم سيطرته على معظم التعهدات والمناقصات في محافظة طرطوس، وفي إحدى المرات جرى فضحه من قبل أحد أبناء المحافظة عام 2020 حينما أراد الاستيلاء بالقوة على مقهى يطل على البحر المتوسط في المدينة عبر إجراء مزايدة شكلية.

وفي أبريل/نيسان 2019، نشر تسجيلا مصورا يظهر احتفاله داخل إحدى الفيلات الفاخرة في مدينة "الضمير" بريف دمشق، بافتتاح مشاريع استثمارية جديدة في منطقة "البتراء" الواقعة بالريف المذكور، تشمل ثلاثة مقالع مختصة باستخراج مواد البناء والإعمار، وظهر برفقته ضباط في قوات الأسد في وأمامهم مأدبة طعام.

وحينها نقل موقع "اقتصاد" المعارض عن "هيثم مسعود"، وهو اسمٌ مستعار لأحد مالكي مقالع الحجر في المنطقة، قوله إن وسيم الأسد استغل مكانته الاجتماعية ونفوذه الأمني في سبيل الاستيلاء على ثلاثة من أكبر الكسارات الحصوية الموجودة في منطقة "البترا".

وتعود ملكية تلك الكسارات لأشخاص من مدينة "دوما"، كانوا قد فروا إلى أوروبا خوفا من بطش النظام وملاحقة أجهزته الأمنية لهم عقب اتهامات بدعم وتمويل مجموعات "إرهابية".

ترند سوري

وبشكل متكرر يتعرض وسيم لسيل من انتقادات السوريين، ولا سيما عندما ينشر صورا له مع سياراته الفارهة.

وأشهرها حينما ظهر وسيم واقفا أمام سيارته الخاصة من نوع (همر) أميركي وأرفقها بعبارة: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده".

كما أنه لا يتوانى عن السير في موكب فاخر لأكثر من 15 من سياراته في مناطق الساحل السوري.

واللافت أن وسيم الأسد يقود سيارات فارهة جدا وبعضها عليها صورة رئيس النظام تكسو مقدمتها، بينما بعض لوحات السيارات لا تحمل أرقاما بل فقط جملة "سوريا الأسد"، والتي يتجول فيها في المحافظات السورية.

كما تعرض وسيم لسخرية كبيرة من السوريين في سبتمبر/أيلول 2021 حينما ظهر في بث مباشر من داخل أحد المراقص الليلية بمدينة اللاذقية، وهو يتمايل مع الموسيقى الصاخبة وبقربه راقصة على خشبة المسرح.

وفي لحظة البث كانت تتعرض مواقع عسكرية لقوات الأسد لغارات جوية إسرائيلية، حيث طالبه البعض بأن يدعو وزارة الدفاع للرد وليس الاكتفاء بالقول إنها "تحتفظ بحق الرد"، إلا أن وسيم اضطر لحذف صفحته الشخصية على الفور من فيسبوك.

كما ظهر وسيم الأسد، في طهران بتاريخ 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 وهو يشرب السجائر ويستمع للأغاني.

ونشر وسيم تسجيلا مصورا في سيارة يقودها رجل إيراني في شوارع طهران ويطلب منه وضع الأغاني بصوت مرتفع، في أثناء ذهابه إلى مقر "اجتماع عمل" وفق قوله.

وتجمع العديد من الصور والمشاهد المصورة، وسيم الأسد مع نوح زعيتر أحد أكبر رموز تجارة المخدرات التابعين لـ "حزب الله" والمطلوب لدى الإنتربول الدولي بتهمة زراعة وترويج وتهريب المخدرات.

كما تظهر صوره جلوسه مع قادة من مليشيا الفرقة الرابعة في قوات الأسد التي يترأسها ماهر شقيق رأس النظام والذي تؤكد واشنطن ولندن أنه يُشرف شخصيا على تجارة الكبتاغون خارج سوريا.

وعلقت مواقع إعلامية سورية معارضة على الصورة بالقول إنها تجمع "كبار تجار المخدرات في الشرق الأوسط"، أبرزهم "وسيم الأسد" والذي ارتدى معطفا أبيضا، وعلى يمينه اللبناني "نوح زعيتر" أكبر تاجر مخدرات في المنطقة، وأحد أبرز المطلوبين في لبنان.

وعلى يمين نوح زعيتر، المدعو "محمد زعرور" وهو ضابط أمن في الفرقة الرابعة التي يديرها ماهر الأسد، وتتهمها أميركا بصناعة وتجارة الكبتاغون.

وتشير الصورة التي جمعت هؤلاء الشخصيات إلى أن نظام الأسد و"حزب الله" اللبناني، حولوا سوريا إلى دولة مخدرات إذ توزع شبكاتهم الكبتاغون و"الإمفيتامين" الأكثر طلبا في منطقة الشرق الأوسط عبر أقرباء بشار وشخصيات في "الحزب" ذراع إيران العسكري في لبنان.

وفي إشارة إلى علاقات وسيم الخارجية، فقد ظهر في سبتمبر 2019 إلى جانب نائب رئيس وزراء شبه جزيرة القرم، غيورغي مرادوف، وهي التي ضمتها روسيا إليها عام 2014.