لاهور شيخ جنكي.. سياسي كردي يخوض صراع نفوذ ضد ابن عمه على رئاسة حزب طالباني
على مدى عامين، يخوض الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني (ثاني أكبر الأحزاب الكردية في العراق) لاهور شيخ جنكي، صراع نفوذ ضد شريكه في رئاسة الحزب، بافل الطالباني، بعدما تفجرت خلافات بينهما بعد عام واحد من توليهما القيادة المشتركة للحزب أسفرت عن إبعاد الأول خارج البلاد.
وفي 19 فبراير/ شباط 2020، أنهى "الاتحاد الوطني" أزمة رئاسة الحزب التي استمرت ثلاث سنوات، وذلك بانتخاب لاهور وبافل، رئيسين مشتركين له، خلفا للرئيس العراقي الأسبق جلال الطالباني، الذي تزعّم الحزب منذ تأسيسه عام 1975 وحتى وفاته في 2017.
تضييق مستمر
لم تتوقف حملات التضييق التي يتعرض لها شيخ جنكي، فقد داهمت قوات أمنية في 8 مارس/آذار 2023، بستانا للأخير في منطقة سرجنار بمحافظة السليمانية، واعتقلت "عددا من المسلحين"، وفق بيان صدر عن السلطات الأمنية بالمحافظة التي يديرها "الاتحاد الوطني".
لكن مكتب الرئيس المُبعد من الاتحاد الوطني الكردستاني، ردّ على ذلك عبر بيان صدر عنه في اليوم نفسه، قال فيه إن "مجموعة غير شرعية برفقة قوة أمنية ودون أمر من القاضي ودون أي عذر داهمت بستان لاهور شيخ جنكي في قرية كلاسبي في السليمانية".
وأوضح البيان أن "البستان لم يتم استخدامه من أي قوة منذ عامين، ويوجد فيه عدد قليل من الناس من المنطقة يعملون كفلاحين"، محملا بافل طالباني وشقيقه قوباد (نائب رئيس حكومة إقليم كردستان) المسؤولية عن سلامة من جرى اعتقالهم.
وتوعد شيخ جنكي باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة ضد هذا الانتهاك للقانون، وأن هذه المجموعة غير الشرعية "ستدفع ثمن أفعالها غير اللائقة وغير المقبولة وسيتم إحباط مؤامراتها في أقرب وقت ممكن".
وتأتي هذه التطورات بعد كتاب وجهته محكمة استئناف أربيل بإقليم كردستان العراق في 20 فبراير 2023، إلى المجلس الأعلى السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، يؤكد شرعية الرئيس المشترك للحزب لاهور شيخ جنكي.
وجاء في الكتاب، إن "النظام الداخلي للاتحاد الوطني الكردستاني يتضمن وجود رئيسين مشتركين وهما (بافل جلال حسام الدين) و(لاهور جنكي برهان)، وتمت المصادقة عليهما في المؤتمر الرابع للحزب".
وأضافت المحكمة أنه سيجري التعامل مع "الاتحاد الوطني الكردستاني" على هذا الأساس (رئيسين مشتركين)، وفي حال وجود أي معلومات جديدة يجب إعلامها بها عن طريق توجيه كتاب رسمي.
منفي للخارج
في يونيو/حزيران 2021، حصلت توترات كبيرة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، انتهت بإبعاد لاهور شيخ جنكي عن الرئاسة المشتركة، وإعلان بافل الطالباني رئيسا منفردا للحزب الكردي.
لكن لاهور شيخ جنكي وصف ما جرى بأنه "مؤامرة"، وقال خلال تصريحات نقلتها وكالة "شفق نيوز" في يوليو/تموز 2021 إن "الاتحاد الوطني الكردستاني أقوى مما كان يعتقد الأعداء، ولن يسمح شعب كردستان وعائلات الشهداء أن يضعف". وأردف: "لذا يجب على الأعداء أن يضعوا أحلامهم تحت الأرض".
وفي 17 يوليو 2021، أعلن المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني قرارا بتجريد الرئيس المشترك للحزب لاهور شيخ جنكي من جميع صلاحياته وتسليمها للرئيس المشترك بافل الطالباني.
ونصّت وثيقة صادرة بتوقيع مقرر المكتب السياسي للحزب، نشرها موقع "باسنيوز" الكردي، بأن "يُسلم الرئيس المشترك، لاهور شيخ جنكي، جميع صلاحياته إلى الرئيس المشترك بافل الطالباني لحين الانتهاء من تعديل النظام الداخلي. ينفذ القرار من تاريخ صدوره".
وفي 23 أغسطس/آب 2021 قرر الاتحاد الوطني الكردستاني، نفي رئيسه المشترك المستقيل لاهور شيخ جنكي إلى خارج العراق مؤقتا، ومنحه مهلة ثلاثة أيام من تاريخ صدور الأمر الترحيل، فيما أكدت مصادر محلية مغادرته إلى لندن.
وأوضحت وثيقة صادرة عن الحزب، أنه يسمح بعودة لاهور شيخ جنكي إلى إقليم كردستان بعد أسبوعين من الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
القرار الذي كان الأول من نوعه في البلاد منذ عقود، نص على إجبار مؤيدي شيخ جنكي، الذين كانوا محتشدين حول منزل الأخير لحمايته على العودة إلى منازلهم، وتأمين الحماية اللازمة لخروجه بـ "أمر من الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني بافل الطالباني".
وأعلن بافل الطالباني في 1 سبتمبر/أسلول 2021 تعرضه للتسمم على يد ابن عمه وشريكه في قيادة الحزب لاهور شيخ جنكي، مؤكدا أن لديه الأدلة التي سيعلنها في المستقبل، وذلك خلال مقابلة مع عدد من القنوات الكردية.
وقال الطالباني، إنه تعرض لعملية تسميم موثقة بالأدلة، ونجا منها "بأعجوبة". وأردف: "لدي أدلة وفحوصات من مختبرات داخلية وخارجية وروسية أيضا واعترافات فيديو ووثائق أخرى تثبت تعرضي لعملية تسميم".
وأضاف أن "أطباء سألوني كيف بقيت حيا كون هذا السم كان من نوع قاتل وخلال مدة قصيرة".
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 صادق المكتب السياسي للاتحاد الوطني، على قرار إبعاد كل من لاهور شيخ جنكي وقياديين اثنين آخرين من صفوف الحزب، بتوصية قدمها بافل الطالباني، حسبما ذكرت وكالة "موازين" العراقية.
مسؤول أمني
لاهور جنكي برهان الطالباني من مواليد عام 1975، هو ابن عم بافل، ويوصف بأنه أبرز داعمي حزب "العمال الكردستاني"، وتولى العديد من المناصب الأمنية في محافظة السليمانية.
انقطع عن التعليم عام 1984 بعد تعرض منطقته في محافظة السليمانية إلى القصف خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980 إلى 1988)، ثم توجه مع عائلته إلى إيران وأكمل لاهور شيخ جنكي لمدة عامين دراسته.
وفي مطلع التسعينيات من القرن العشرين، سافر لاهور شيخ جنكي إلى بريطانيا لإكمال دراسته الجامعية، لكن لا يعرف التخصص الذي درسه والشهادة التي حصل عليها.
وخلال تلك المرحلة، كان يصحبه رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني الراحل جلال الطالباني معه خلال اللقاءات والاجتماعات التي يجريها الأخير مع العديد من الوفود الأجنبية.
وفي 1999 إلى عام 2000، كان لاهور شيخ جنكي نائبا لممثل الاتحاد الوطني في تركيا، وبعد عودته إلى إقليم كردستان العراق، أصبح قريبا من رئيس الحزب جلال الطالباني.
وإبان الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، قاتل إلى جانبهم ضد الجيش العراقي، بقيادة قوات البيشمركة الكردية التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني، والسيطرة على محافظة كركوك الغنية بالنفط في شمال العراق.
ثم تولى ملف مكافحة الإرهاب في محافظة السليمانية، وكان أحد مؤسسي "جهاز زانياري" الأمني، الذي يعد بمثابة المركز الاستخباراتي والأمني الأكثر قوة، والذي تولى قيادته لمدة طويلة.
يُعرف لاهور شيخ جنكي بأنه مهندس بناء جسر العلاقة بين غربي كردستان (محافظ السليمانية) والقوات الأميركية والتحالف الدولي الذي تشكل عقب اجتياح تنظيم الدولة للعراق في عام 2014.
وبعدما كان يتهم لاهور شيخ جنكي بأنه يقف وراء تعكير العلاقة بين الاتحاد الوطني، والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه مسعود البارزاني، يعد اليوم أقرب إلى الأخير، في ظل أزمة بين الجانبين بسبب حادثة اغتيال ضابط كردي.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2022، اغتيل العقيد هاوكار الجاف المنشق عن جهاز مكافحة الإرهاب في السليمانية، بتفجير عبوة لاصقة في سيارته وسط أربيل، واتهمت حكومة الإقليم بقيادة الحزب الديمقراطي، قيادات في الاتحاد الوطني بالتورط في مقتله.
وقال شيخ جنكي خلال مقابلة مع موقع "المونيتور" الأميركي أجراها أثناء تواجده ببريطانيا في مايو/أيار 2022، إنه لم يكن سببا في إثارة المشكلات بين "الاتحاد الوطني" و"الحزب الديمقراطي" الكردستانيين، وأن الخلافات موجودة أساسا بينهما.
واتهم لاهور جنكي، ضباطا في الجهاز الاستخباري داخل "الاتحاد" بالتورط في اغتيال زميل لهم كان يقيم في أربيل عاصمة إقليم كردستان، دون أن يضيف تفاصيل أخرى.
وأشار خلال المقابلة إلى أن قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، كان يسعى لتنصيب القيادي في الحزب برهم صالح (الرئيس العراقي السابق) أمينا عاما للاتحاد الوطني، وبافل الطالباني نائبا له، لكنه اعترض على ذلك، وقال له: "بأي حق تُعيّنه رئيسا؟ فأنت لست أمينا عاما علينا".
المصادر
- مداهمة بستان تابع لـ"لاهور شيخ جنكي" واعتقال مسلحين بداخله في السليمانية
- شيخ جنكي يرد على اقتحام بستانه ويحمل "بافل وقوباد" المسؤولية: ستدفعون ثمن افعالكم
- لاهور طالباني
- محكمة استئناف أربيل للاتحاد الوطني: لاهور شيخ جنكي مازال رئيسا مشتركا للحزب (وثيقة)
- حزب طالباني ينفي لاهور شيخ جنكي إلى خارج العراق
- المكتب السياسي للوطني الكوردستاني يجرد الرئيس المشترك للحزب لاهور شيخ جنكي من كل صلاحياته
- الاتحاد الوطني يصادق على قرار إبعاد لاهور شيخ جنكي وثلاثة أعضاء بارزين في الحزب
- لاهور جنكي يكشف عن تدخل قاسم سليماني بملف رئاسة "اليكتي"
- الاتحاد الوطني الكردستاني يؤكد تعرّض بعض قادته للتسميم
- "أمتلك أدلة فيديوية".. بافيل طالباني: تعرضت للتسميم ونجوت بأعجوبة
- "انقلاب أبيض".. ماذا يجري داخل ثاني أكبر حزب كردي بالعراق؟