تشمل تطوير 6 حقول.. ما أهمية جولة التراخيص النفطية الخامسة بالعراق؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

في محاولة للاستفادة بشكل أكبر من الثروات النفطية والغازية، أتمت الحكومة العراقية توقيع جولة التراخيص الخامسة في 21 فبراير/شباط 2023، والتي شملت تطوير 6 حقول ورقع استكشافية في مختلف مدن وسط وجنوب البلاد، وفازت بها شركات صينية وإماراتية.

وشملت عقود الجولة الخامسة استكشاف وتطوير إنتاج الرقعة الاستكشافية "نفط خانة" في محافظة ديالى شرقي العراق، مع شركة "جيو جيد" الصينية، التي ستتولى أيضا تطوير إنتاج حقل "الحويزة" النفطي في محافظة ميسان جنوبي البلاد.

وتضمنت العقود تطوير إنتاج حقل "السندباد" النفطي في محافظة البصرة جنوبي العراق مع شركة "يو أي جي" الصينية.

وذهبت إلى شركة "الهلال" الإمارتية عقود تطوير إنتاج حقول "كلابات – قمر" و"الخشم الأحمر-انجانة" في ديالى، واستكشاف وتطوير إنتاج الرقعة الاستكشافية "خضر الماء" بالبصرة.

ولعل ما آثار التساؤلات بخصوص الجولة الخامسة، هو مدى اختلافها عن جولات التراخيص الأربعة السابقة التي أبرمها العراق منذ عام 2003 وحتى الآن في محافظات وسط وجنوب البلاد، إضافة إلى الانعكاسات الاقتصادية المتوقعة من الجولة الحالية.

تعويل عراقي

وفي حفل التوقيع النهائي لجولة التراخيص الخامسة، بمقر وزارة النفط العراقية بالعاصمة بغداد في 21 فبراير، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن  "العقود هذه طال انتظارها لخمس سنوات، وكلف تأخرها ملايين الدولارات وأضرارا بيئية سلبية على المواطنين".

وقال السوداني إن الحكومة تنتظر "من وزارة النفط تهيئة المتبقي من الجولة الخامسة، وأن تهيئ الجولة السادسة لاستثمار كل ما لدينا من رقع وحقول في هذه الثروة سواء الغاز المصاحب أم الغاز الطبيعي".

وأكد "التزام الحكومة تجاه الشركات الفائزة بهذه العقود بتأمين وتوفير مستلزمات ومتطلبات العمل بمختلف المجالات الأمنية والإدارية والقانونية".

وأشار إلى أن "الإصلاح في القطاع النفطي يكون بالاستثمار الأمثل للثروة النفطية، ودخول العراق سوق الغاز العالمي خيار خططنا له وسيجرى تنفيذه"، مبينا أنه "لا يمكن استمرار الحالة الشاذة بحرق الغاز، التي تهدر الثروات وتؤثر في البيئة".

وأكد السوداني أن العراق يستورد الغاز بتكلفة تصل إلى 10 تريليونات دينار سنويا (1310 دنانير للدولار الواحد)، وأن البلد يستورد اليوم حتى المشتقات النفطية رغم أنه منتج ومصدر للنفط"، مشيرا إلى أن "أحد الأسباب الرئيسة لأزمة الكهرباء هو عدم توفر الوقود".

وتعهد رئيس الوزراء العراقي بـ "العمل على توقيع عقود إنشاء واستثمار المصافي، وسنصل إلى الاكتفاء الذاتي من الغاز خلال ثلاث سنوات لتغطية كل احتياجاتنا"، مضيفا: "إننا في مرحلة انتقالية بالتحول من الاعتماد التام على إيرادات النفط إلى تنويع مصادر الدخل".

وفي السياق، قال نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط العراقي حيان عبدالغني، في كلمة خلال الحفل، إن "الحكومة كانت حريصة على توقيع جولة التراخيص الخامسة"، مبينا أن "جولة التراخيص الجديدة ستنتج 250 ألف برميل من النفط الخام يوميا".

وأضاف عبدالغني أن "الحكومة تحرص على استثمار الغاز والصناعات التكريرية، كما نخطط لجولة تراخيص جديدة تهدف لتعظيم الإنتاج الوطني من الغاز الحر والمصاحب".

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد إن" ما يميز جولة التراخيص الخامسة أنها ستكون لحقول حدودية مع دول الجوار وسيجرى تحويلها لحقول منتجة تضيف كميات كبيرة من النفط الخام والغاز للإنتاج الوطني".

وأوضح جهاد خلال مقابلة مع قناة "العراقية" الرسمية في 21 فبراير 2023 أن "الجولة الخامسة ثبّتت بندا يقلل مخاطر تراجع أسعار النفط على العراق بأن لا تتحمل الحكومة مسؤولية التراجع في التزاماتها مع الشركات النفطية الداخلة في تلك الجولة وكذلك الحقول المستثمرة ستكون في مناطق حدودية فقيرة بمحافظات ديالى وميسان والبصرة".

وأردف قائلا: "بالتالي سينعكس بالإيجاب على أهاليها، لأنه سيوفر فرص عمل لهم ما يرفع مستواهم المعيشي"، لافتا إلى أن" عقود الجولة تلزم الشركات النفطية بنسبة تشغيل للعراقيين بتلك الحقول لا تقل عن 90 بالمئة".

ولفت إلى أن "تلك الحقول ستنتج 250 ألف برميل من النفط يوميا بعد إكمال العمل فيها وما بين 800 إلى 1000 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز، وقد تتضاعف هذا الأرقام مع تقدم عمليات التطوير".

بدورها، رأت لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية في البرلمان العراقي أن جولة التراخيص الخامسة ستحقق قفزة نوعية في إنتاج النفط، وستنقذ العراق من أزمة مالية عالمية متوقعة.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع" عن عضو اللجنة زينب جمعة الموسوي، قولها إن "جولة التراخيص الخامسة مهمة وتنافسية وشفافة لتطوير حقولنا النفطية والغازية والرقع الاستكشافية التي تبنتها وزارة النفط قبل أكثر من 10 سنوات".

وأضافت أن "هذه الجولة مكملة لسابقاتها الأربعة"، مشيرة إلى أنها "ستحقق للعراق قفزة نوعية في إنتاج النفط وتثبت موقعه في الخريطة العالمية وتسهم في إنقاذ البلاد من أزمة مالية متوقعة، خاصة إذا انخفضت أسعار الطاقة في السوق العالمية".

"أفضل الجولات"

وبخصوص اختلاف هذه الجولة عن غيرها من الجولات الأربعة التي بدأت بعد عام 2003، قال الخبير النفطي العراقي حمزة الجواهري إن "البنية التحتية في كل جولات التراخيص النفطية السابقة من الأولى حتى الرابعة- التي شملت 13 حقلا نفطيا- كانت قديمة وجرى إزالتها بالكامل، والآن في الجولة الخامسة كلها جديدة، بل وهي الأحدث في العالم".

وأضاف الجواهري خلال مقابلة في 22 فبراير 2022 أن "الموضوع الآخر، هو ما يتعلق بالغاز المصاحب، ففي الجولة الأولى لم تُلزم الشركات في معالجته، لكنها تلزمهم في تسليمه إلى الحكومة في نقطة خارج الحقل. أما الجولات الأخرى كلها ألزمت الشركات من اليوم الأول معالجة الغاز قبل تسليمه إلى الحكومة العراقية في نقطة ما خارج الحقل".

وأوضح الخبير أن "الشركات من الجولة الثانية فما فوق، تراخت عن مسألة معالج الغاز المصاحب وفي الوقت نفسه وزارة النفط العراقية لم تعطها أهمية كبيرة.

لذا تأخرت الشركات في إنشاء محطات الغاز، وبالتالي ترك يحترق رغم أنه مضمّن في العقد، ومن هنا فإن المسألة ليست في العقود ولكن في إدارتها.

ومنذ بدء إنتاج النفط في العالم، بدأت معه ممارسة حرق الغاز الصادر أثناء استخراج النفط الخام. وتحرق الشركات النفطية الغاز لأن ذلك أقل تكلفة من معالجته وبيعه.

إلا أن هذا الغاز المحترق مصدر كبير  لتلوث الهواء  وانبعاثات الغازات الدفيئة، وفي الوقت نفسه يعد ثروة كبيرة مهدورة.

ولفت الجواهري إلى أنه "في الجولة الحالية، ألزمت الحكومة الشركات بالبدء في بناء منشآت معالجة الغاز، وكذلك ألا يكون لديهم مكاتب خارج الدولة مثل دبي وغيرها، وإنما تأتي بالكوادر إلى المحافظات العراقية نفسها ويستقرون هناك أو قرب الحقول، إضافة إلى إلزامهم بعدم شراء أجهزة ومعدات من الشركات التابعة إلى بلدانهم".

وأكد الخبير النفطي أنه "جرى كذلك إيقاف كل ما كان في جولات التراخيص السابقة من أن العراق يتحمل نفقات سفيرات أفراد الشركات النفطية وغيرها من الصرفيات، لأنها تعد تكاليف إنتاج، إضافة إلى أنه أصبح العاملين العراقيين في هذه الحصول يشكلون نسبة 90 بالمئة".

وفي نقطة وصفها بـ"المهمة"، أشار الجواهري إلى أن "الجولة الحالية ثبتت مبدأ نسبة المشاركة في الربح وليس بالإنتاج.

أي أن حصة إنتاج النفط خلال 20 عاما يستطيع أن يسجلها المستثمر في بورصة (وول ستريت) النفطية على أنها مملوكة له، لكن المشاركة في الربح تعني أنه لا يستطيع تسجيلها"، مؤكدا أن "الجولة الحالية جرى فيها تدارك أخطاء الجولات السابقة".

انعكاسات اقتصادية

وبخصوص ما ستحققه جولة التراخيص الحالية من فائدة اقتصادية، قال الخبير الاقتصادي العراقي، فراس الزوين في حديث لـ"الاستقلال" إن "أي زيادة في الواردات النفطية بالتأكيد تمثل عنصر قوة للعراق، كونه يعتمد بشكل كلي على تصدر النفط، والذي يشكل ما نسبته 95 بالمئة من الميزانية العامة للبلد".

وأوضح الزوين أن "العراق مرّ في عامي تفشي فيروس كورونا بظروف صعبة جدا كونها أثرت على أسعار النفط بشكل سلبي، وتركت البلاد في مأزق مالي حقيقي".

ورغم أن العراق استعاد أنفاسه بعد ذلك على أثر الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار النفط مجددا، فإنه يعاني حتى الآن من جراح الماضي.

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أنه "إذا أخذنا في الحسبان أن هذه الزيادات النفطية جراء جولة التراخيص الخامسة، ستكون تقريبا دائمة، على خلاف ارتفاع أسعار النفط التي مهما ارتفعت فإنها دائما مهددة بالهبوط".

وأردف: "لذلك لا يعوّل عليها (ارتفاع أسعار النفط) اقتصاديا حتى وإن وصلت إلى 150 دولارا للبرميل الواحد، لأنه خاضع للعرض والطلب، وللظروف المتغيرة العالمية، وهذا ربما يأتي خلافا للتخطيطات التي تبنى على زيادة الأسعار".

وأكد الزوين أن "زيادة حصة العراق حاليا جيدة بالنسبة لأسعار التراخيص الحالية، لأن في التراخيص السابقة كان هناك غبن للبلاد، لذلك أي جولة جديدة تحسم لصالح البلاد، فبالتأكيد ستعطي فسحة في الجانب المالي عكس الزيادة في أسعار النفط".

وحقق العراق خلال العام 2022 عائدات مالية بأكثر من 115 مليار دولار جراء تصدير النفط الخام، لتكون الأعلى منذ سنوات بحسب الأرقام الرسمية التي أعلنتها وزارة النفط العراقية في يناير/ كانون الثاني 2023.

وبحسب تلك الأرقام الصادرة عن وزارة النفط العراقية، فقد بلغ معدّل التصدير اليومي 3 ملايين و320 ألف برميل، وهو ما مجموعه مليار واحد و211 مليونا و800 ألف برميل لعام كامل.