لحماية "بيزنس" الجيش.. هكذا يتحايل النظام المصري على الممولين الدوليين
منذ الإفراج المفاجئ عن مؤسس شركة "جهينة"، رجل الأعمال صفوان ثابت ونجله سيف في 22 يناير/ كانون ثاني 2023، ثم الاستقبال الحار للمعارض البارز ممدوح حمزة بعد عودته من المنفى، أثيرت تساؤلات عدة في مصر عن أهداف هذه "الإفراجات أو الانفراجات".
وفي 13 فبراير/شباط 2023، أعلن المعارض المصري البارز ممدوح حمزة عودته إلى عاصمة بلاده القاهرة بعد غياب دام نحو 3 سنوات.
وقال حمزة، في بث مباشر عبر صفحته على فيسبوك إنه وصل مطار القاهرة، معربا عن تفاؤله بحدوث "انفراجة" في مصر.
وأشار إلى أن "مسؤولا أمنيا التقاه بالمطار وأبلغه أن مصر ترحب بأولادها وتفتح لهم ذارعيها ليعودوا إلى بلادهم لتستفيد منهم".
كان السؤال الذي يبحث عن إجابة هو: هل قررت السلطة فتح صفحة جديدة مع خصومها؟ ولماذا هذه "الانفراجة" مع رجال أعمال فقط؟ وهل تتبعها خطوات أخرى مع رجال أعمال مثل خيرت الشاطر وحسن مالك و100 من قيادات الإخوان المسلمين؟
أم أن ما يجري "تهدئة خادعة مؤقتة" لتمرير عاصفة الأزمة الاقتصادية عبر "التجمل" بتنفيذ تعليمات صندوق النقد؟ أم أنه فخ لـ "أعداء الوطن" للعودة؟
خصوم اقتصاديون
وفي 15 فبراير، أفرج أيضا عن رئيس جهاز المحاسبات السابق المستشار هشام جنينة، الذي جرى سجنه، لأنه كشف فسادا بـ 600 مليار جنيه.
وتحالف جنينة مع رئيس الأركان السابق سامي عنان، خصم رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، لإزاحة الأخير في انتخابات 2028، ليدفع المتفائلين بالحديث عن أنها انفراجة سياسية أيضا.
لكن المتفائلين اكتشفوا أن "جنينة" خرج فقط لأنه أنهى محكوميته، وقبل خروجه حملته السلطة قضية جديدة منذ عام 2018 كي يصمت.
الملاحظة الأولى أن الإفراجات أو الانفراجات التي جرى الحديث عنها، شملت "خصوما اقتصاديين" كبار فقط مثل رئيس شركة جهينة ونجله، والخبير الاستشاري العالمي ممدوح حمزة، ولم تشمل سياسيين.
كما أن إطلاق سراح المستشار هشام جنينة جاء بعد قضاء فترة سجنه 5 سنوات بالكامل، بل وتلفيق تهمة جديدة في القضية رقم 441 لسنة 2018.
وكانت المحكمة العسكرية قد أدانت جنينة عام 2018، بـ "نشر أخبار كاذبة ومسيئة عن القوات المسلحة"، عقب إدلائه بتصريحات صحفية، بحسب ما نشرت "بي بي سي" البريطانية 13 فبراير من نفس العام.
قال جنينة وقتها إن الرئيس الأسبق لأركان القوات المسلحة، سامي عنان، يمتلك وثائق تخص فترة حكم المجلس العسكري بعد ثورة 25 يناير 2011، "تدين النظام الحالي والجيش"، وهو ما نفته عائلة الأخير ومحاميه حينها.
والقضية الجديدة التي أدرج جنينة على ذمتها، زعم موقع "اليوم السابع" الأمني، بأنها "أكبر قضية حررتها الأجهزة الأمنية بشأن اللجان الإعلامية والإلكترونية التابعة لجماعة الإخوان، رغم أنها تضم صحفيين من تيارات مختلفة يسارية ومستقلة".
واعترفت الصحيفة أن القضية: "تضم عددًا كبيرًا من المتهمين المختلفين في الأفكار والأيديولوجية، إلا أن كرههم لاستقرار البلاد وحدهم لتنفيذ المؤامرة".
الملاحظة الثانية أن هذه الإفراجات "اقتصادية" بحتة، تبدو كأنها استجابة لشرط مباشر وأوامر من صندوق النقد الدولي، ضمن خطة تفعيل دور القطاع الخاص وتوفير الطمأنينة له لينقذ الاقتصاد.
الملاحظة الثالثة أن هذه الإفراجات الاقتصادية تبدو نوعا من "التحايل" على تخلي الجيش عن بيزنس شركاته وتقليص نشاطها، بحيث يبدو النظام كأنه استجاب للصندوق بتسهيل عمل القطاع الخاص، دون المساس باقتصاد العسكر.
إذ خالف السيسي تعهداته لصندوق النقد ووسع "بيزنس العسكر"، خشية غضب الجيش الذي يحميه وفق معادلة (حماية مقابل اقتصاد).
لذا يُعتقد أنه يسعى عبر إجراءات عدم ملاحقة رجال الأعمال وإطلاق البعض لموازنة مطالب الصندوق.
الملاحظة الرابعة أن ما قاله ممدوح حمزة عقب وصوله مصر من أنه يعد هذه خطوة متفائلة للانفراج السياسي، نفاه هو ضمنا حين نقل عن اللواء الذي التقاه في المطار، أن هدف الترحيب بعودته هو أن "الدولة تستفيد من أبنائها المخلصين".
وكانت السلطات قد قررت بشكل مفاجئ رفع اسم حمزة من قوائم ترقب الوصول في إطار ما تسميه بالانفراجة وفتح صفحة جديدة مع من تطلق عليهم "أبناء مصر المخلصين".
ليست انفراجة
المحامي الحقوقي جمال عيد نفى كلام ممدوح حمزة، وقال: "لا أرى انفراجة ولا أي إرادة سياسية للإصلاح واحترام القانون".
شدد على أن الانفراجة تتم حين يختفي تعبير "سجين رأي" وحين يعود المغتربين، وحين يسافر الممنوعين، وعندما يعمل الصحفيين المحاصرين بالجوع والبطالة.
- النهاردة مفروض المستشار هشام جنينه يرجع بيته.
— Gamal Eid (@gamaleid) February 13, 2023
- شفت فيديو المهندس ممدوح حمزة عقب عودته من الخارج بيقول :
انا متأكد ان فيه إنفراجه ،،،،، !!!!!!!
أنا متشكك ، بس هنشوف
وقال جمال عيد، في 16 فبراير 2023، إنه "حتى الآن لا توجد أي مؤشرات لانفراجة سياسية كما يدّعون"، وفق ما نقل موقع "العربي الجديد".
وبين أن "خروج المستشار جنينة كان بعد قضاء عقوبته كاملة، ورجوع المهندس ممدوح حمزة بعد 3 سنوات من الغياب عن بلده هو بمثابة الرجوع عن قرار خاطئ من البداية. كل ما في الأمر أن شخصين استعادا حريتهما، لا أكثر ولا أقل".
وللتدليل على أنه لا توجد "انفراجه"، تساءل "عيد" عقب تأخر إطلاق جنينة: "يا ناس يا بتوع الانفراجة ومصر بتتغير، يا ضياء رشوان، يا عمرو حمزاوي، يا نجاد البرعي، يا أنور السادات، فين المستشار هشام" وتنبأ بتدويره في قضية جديدة.
ووصف "عيد" تحقيق النيابة مع المستشار هشام جنينة في قضية جديدة بأنها "رسالة ترهيب من أجل التزام الصمت، وبلاغ واضح من الجهاز الأمني يبلغه بأنه ما زال تحت النظر".
أيضا نقل عن "أستاذ كبير وصحفي مخضرم" قوله تعليقا على عودة المهندس ممدوح حمزة: إن ما حدث هو "إفراج" وليس "انفراجة"، الافراج للشخص نفرح له، لكن والانفراجة للمجتمع، وهو ما لم يحدث بعد".
وقال الصحفي المعارض المقيم بالخارج وائل قنديل، عبر تويتر: "أي كلام عن انفراجة هو لغو فارغ".
ورفض الربط بين حالة المستشار جنينة وحالة ممدوح حمزة، "فالأول خرج من محبسه بعد أن أمضى مدة عقوبته كاملة ومدرج على قضية جديدة، والثاني تصالح أو تفاهم مع النظام الذي أيده طويلًا ثم عارضه لبعض الوقت".
لا أرى أي رابط بين حالة المستشار جنينة وحالة ممدوح حمزة، فالأول خرج من محبسه بعد أن أمضى مدة عقوبته كاملة خمس سنوات وخرج ليجد نفسه مدرجًا على قضية جديدة..أما الثاني فقد تصالح أو تفاهم مع النظام الذي أيده طويلًا ثم عارضه لبعض الوقت وعاد من الخارج..
— wael kandil (@waiel65) February 14, 2023
أي كلام عن انفراجة هو لغو فارغ
وقال في تغريدة أخرى، إن الانفراجة حصلت في علاقة حمزة بالسلطة التي غضب منها بعض الوقت، فلما ذهب عنه الغضب عاد، أما الانفراجة السياسية العامة فهذه قضية أخرى لم تتوفر شروطها يومًا في عمر هذه السلطة.
انفراجة حصلت في علاقة حمزة بالسلطة التي غضب منها بعض الوقت، فلما ذهب عنه الغضب عاد، أما الانفراجة السياسية العامة فهذه قضية أخرى لم تتوفر يومًا شروطها يومًا في عمر هذه السلطة.
— wael kandil (@waiel65) February 15, 2023
أما اعتبار خروج جنينة من السجن انفراجة فهو ابتذال، لا يقل رخصًا عن وصف رأس الدولة لعلاقة مصر بالإمارات https://t.co/aillz2PAyu
وبين ناشطون أن السماح برجوع ممدوح حمزة ما هو إلا خطة لوقف التقارب الملحوظ بين أطياف المعارضة بالخارج وكسر التقارب، متوقعين أن يلتزم الصمت للأبد بعد عودته.
وبدأ حمزة يتقارب مع نسبيا مع جماعة الإخوان في السنوات الأخيرة، وقال تصريحات إيجابية عن حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، واعتذر علنا عن أنه شارك في الانقلاب مما أثار صدمة وتساؤلات بعد عودته وتصريحاته.
بركات صندوق النقد
كان استهداف نظام السيسي لرجال أعمال من أصحاب المشروعات الغذائية والتجارية الناجحة، واعتقالهم ونهب شركاتهم بحجج مختلفة منها "الإرهاب" أو التهرب الضريبي وغيرها، بمثابة رسالة للمستثمرين بالداخل والخارج للهرب بأموالهم.
وأعلنت ياسمين وفريدة محمد خميس، في 25 ديسمبر 2022 بيعهما حصتيهما (26 بالمائة) من أسهم شركة النساجون الشرقيون الشهيرة لصناعة السجاد، بقيمة 1.7 مليار جنية لشركة في بريطانيا مملوكة لهما.
وكشف الصحفي والناشر هشام قاسم أن هذا "توجه أصبح يتكرر بعد المضايقات التي أصبح يتعرض لها أصحاب الاستثمارات المصريين، مثل اعتقال صفوان ثابت ونجله سيف"، ليزيد مأزق السلطة التي تواجه انهيارا اقتصاديا.
هذه المؤشرات الخطيرة على الهروب المتسارع لاستثمارات رجال أعمال مصريين، والذي لا يشجع قدوم استثمارات خارجية أيضا، أزعج صندوق النقد أكثر مما أزعج نظام السيسي.
لذا مع استفحال كارثة الانهيار الاقتصادي جاء الاتفاق مع الصندوق مرتبطا بشروط واضحة أبرزها رفع السلطة يدها عن رجال الأعمال والتوقف عن ابتزازهم وإطلاق المعتقلين منهم لنشر مناخ يشجع على عودة الاستثمارات لمصر.
إذ التزمت مصر بإخراج الدولة من بعض القطاعات الإستراتيجية لصالح القطاع الخاص، تحت مظلة اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي على برنامج لإعادة هيكلة الاقتصاد المصري يدعمه الصندوق بقرض بلغ حوالي ثلاثة مليارات دولار.
وكان ملفتا خلال لقاء عبد الفتاح السيسي، مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، في دبي خلال فبراير 2023، الحديث عن أنهما مجددا "ناقشا التزام مصر بالمضي قدما في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي".
ووفقا لبيان الرئاسة المصرية، أكد السيسي حرص مصر على "زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد".
لكن "جورجيفا" شدّدت في مقابلة مع موقع "اقتصاد الشرق" 13 فبراير 2023: "إذا ما أرادت مصر المضي في طريق يقودها نحو وضع أفضل، فعليها مواصلة إفساح المجال أمام القطاع الخاص لخلق مليون وظيفة جديدة تحتاجها البلاد كل عام".
وكانت أولى إشارات تنفيذ أوامر الصندوق بجذب رجال الأعمال سواء المصريين أو الأجانب وعدم التعرض لهم، هي إطلاق رجل الأعمال صفوان ثابت صاحب أشهر شركة (جهينة) أثارت جدالا دولية.
وجاء إعلان مجلس إدارة شركة جهينة للصناعات الغذائية، تعيين سيف صفوان ثابت، نائبا لرئيس مجلس إدارة الشركة والعضو المنتدب بعد أقل من شهر الإفراج عنه، مؤشرا لعودة الأمور لنصابها وفق تعليمات الصندوق.
وكان سيف، يشغل وقت اعتقاله منصب الرئيس التنفيذي لـ"جهينة" خلفًا لوالده.
وخلال الأعوام الثلاث التي قضاها ثابت ونجله في الحبس، تولى رئاسة الشركة رجل الأعمال السعودي، محمد بن عبد الله بن محمد الدغيم، في ديسمبر 2020، ثم خلفه أحمد الوكيل، رئيس الغرفة التجارية بالإسكندرية التجارية، في يناير 2021.
وقد أكد هذا الدور لصندوق النقد الدولي في إطلاق المعتقلين من رجال الأعمال أو رفع القيود عنهم، العديد من الناشطين.
الصحفي الاقتصادي مصطفى عبد السلام أكد أن الإفراج عن المهندس صفوان ثابت ونجله "يأتي في سياق اشتراطات صندوق النقد على الحكومة بتحسين مناخ الاستثمار".
الاقتصاد أولوية
أيضا ربط تقرير لوكالة رويترز البريطانية في 21 يناير 2023 بين الإفراج عن صفوان ثابت وابنه سيف بقرض صندوق النقد الدولي الأخير بقيمة 3 مليار دولار.
وربطت "رويترز" ضمنا بين إطلاقه سراحهما، وحصول مصر قبل ذلك مباشرة على حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي "تعهدت بموجبها الحكومة بأن تكون أكثر دعما للقطاع الخاص".
وأكد الناشط السياسي والحقوقي "سام يوسف" عبر تويتر أن هناك دلالات قوية أن السبب المباشر وراء الافراج عن صفوان ثابت ونجله سيف هو ضغوط الصندوق "لتغيير مناخ الاستثمار ولتشجيع المستثمرين على ضخ اموال جديدة".
هناك دلالات قوية ان السبب المباشر وراء الافراج عن صفوان ثابت وسيف هو تلميحات البنك الدولى الذى طلب الافراج عنه لتغيير مناخ الاستثمار ولتشجيع المستثمرين على ضخ اموال جديدة وخصوصا ان هذا الطلب قد تم تعزيزه من جانب بعض دول الخليج.. تقاد سياسات مصر من صندوق النقد ودول الخليج. pic.twitter.com/V37MPlu4Ip
— Dr.Sam Youssef Ph.D.,M.Sc.,DPT. (@drhossamsamy65) January 23, 2023
الصحفية شهيرة أمين قالت إن أحد شروط قرض صندوق النقد "عدم ملاحقة رجال الاعمال ودور أكبر للقطاع الخاص في الاقتصاد"، ولهذا جرى إطلاق سراح رجل الأعمال صفوان ثابت.
شرط من شروط قرض صندوق النقد عدم ملاحقة رجال الاعمال ودور اكبر للقطاع الخاص في الاقتصاد ..صفوان رفض بيع شركته ودة سبب حبسه https://t.co/rUKX0JLhsH
— shahiraamin13 (@sherryamin13) January 22, 2023
و"نقل العديد من رجال الأعمال أجزاء كبيرة من ثرواتهم واستثماراتهم إلى خارج البلاد لتكون في مأمن". وجرت "مطالبات متكررة من أطراف دولية للحكومة المصرية بتوضيح موقف صفوان ثابت ونجله"، ما أساء لسمعة النظام الاقتصادية، بجانب السياسية.
إ٫ تحول حبس صفون ثابت ونجله إلى قضية رأي عام ليس فقط داخل مصر، بل لاقت قضيته اهتمام خبراء الأمم المتحدة ومنظمات أعمال ومال دولية ومؤسسات حقوقية كبرى مثل "هيومن رايتس ووتش".
واتهمت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية في بيان 27 سبتمبر/أيلول 2021، أنها تحتجز صفوان وسيف "في ظروف ترقى إلى مستوى التعذيب بعد رفضهما التنازل عن أصول شركتهما لكيان مملوك للحكومة"، وإساءة استخدام قوانين مكافحة الإرهاب".
وفي 23 أبريل/نيسان 2022 نشرت مجلة الايكونوميست البريطانية تقريراً سلبياً عن الاقتصاد المصري، مؤكدة أن حبس صفوان ثابت وابنه بدون تهم معلنة أو محاكمة تصرف أحمق وتأثيره كارثي على الاستثمار في مصر.
واتهم التقرير الجيش بأنه المتحكم الأول في الاقتصاد وأنه "يأخذ ما يريد" وأن صندوق النقد الدولي كان يشكو (قبل اتفاقه الأخير مع السيسي) من خنق مصر للقطاع الخاص لحساب الأجهزة على طريقة "المافيا".
أكدت الإيكونوميست إن جنرالات الجيش يستولون على كل ما يريدون، وأنهم يحاولون الاستيلاء على شركة جهينة أكبر شركة لتصنيع الألبان والعصائر في مصر، عبر أساليب "المافيا" والعصابات.
وكانت حملة الاعتقالات والنهب بدأت في عام 2020 وشملت مالك صحيفة "المصري اليوم"، وصاحب سلسلة شركات تجارية "صلاح دياب"، ثم رئيس مجلس إدارة شركة "جُهينة" للألبان "صفوان ثابت".
وأيضا شملت مالك "مجموعة التوحيد والنور التجارية" محمد السويركي، وإجبار الجيش شركة "العربي" للأجهزة المنزلية التنازل له عن توكيل "توشيبا"، ضمن توسيع أنشطة الإنتاج الحربي في الأجهزة المنزلية، رغم نفي "شركة العربي" ذلك، ربما تحت التهديد.
وضمن من جرى التضييق عليهم رجل الأعمال والاستشاري العالمي ممدوح حمزة الذي اعتقل عام 2019 ثم حكم عليه بالسجن عام 2020 بتهمة التحريض ضد الدولة.
كما شملت لاحقا عام 2021 مالك قناة المحور، رجل الأعمال المصري حسن راتب لنهب القناة وشركاته وجامعته في سيناء، بخلاف أصحاب شركات أخرى صغيرة.
مؤشرات دولية
وقد ربطت تحليلات لصحف أجنبية ضمنا بين هذه الإفراجات وبين أحوال مصر الاقتصادية، وعلاقة الصندوق.
في 9 فبراير/شباط 2023 قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن "السيسي يطلق حملة خصخصة بضغط من صندوق النقد الدولي"، ويحتاج فيها للقطاع الخاص، في إشارة للربط بين الافراجات الاقتصادية وبدء بيع استثمارات لرجال أعمال.
أضافت أن مصر طرحت حصصا في 32 شركة تديرها الدولة في كل شيء من الكهرباء والبنوك إلى الفنادق "محاولة لجذب المزيد من الاستثمارات الخاصة في الوقت الذي تكافح فيه البلاد التي تعاني من ضائقة مالية"، ما يعني الحاجة لدور رجال الأعمال.
واتهم تحليل في مجلة "فورين بوليسي" الأميركية 14 فبراير 2023 صندوق النقد الدولي بأنه "شريك لحكومة السيسي في الأزمة الاقتصادية".
ولفت التحليل إلى أن "برامج الصندوق فشلت في انتشال مصر من أزمتها الاقتصادية" المستمرة منذ انقلاب السيسي عام 2013.
أوضح أن الصندوق متهم بأنه "ساعد النظام على إثراء نفسه بشكل واضح ودمر الصحة المالية للدولة المصرية وأفقر السكان".
بين أن الصندوق اكتشف أخيرا أن المشاكل المركزية التي تقوض الاقتصاد المصري كانت من داخل النظام وليست بسبب الصدمات الخارجية حرب أوكرانيا كما يشاع، لهذا بدأ يطالب مصر بحل المشكلات الداخلية مع رجال الأعمال.
"تجرأ البرنامج الثالث للصندوق على محاولة كبح جماح الكسب غير المشروع للنظام، بعدما أدرك أن ذلك كان ضروريًا"، بحسب تقرير فورين بوليسي.
وفي 7 فبراير 2023، أكد الكاتب والناشط الحقوقي "عبد الرحمن منصور" في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" أن "مجتمع الأعمال عانى من حنق السيسي".
وأوضح أن رجال الأعمال "تعرضوا لضغوط للتبرع لصندوق تحيا مصر، والذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه أداة يستخدمها النظام لابتزاز المصالح التجارية لتمويل مشاريع السيسي السياسية".
قال إن حكم السيسي العسكري أصبح التهديد الأكثر خطرًا منذ بداية حكم الضباط الذي استمر 70 عامًا، فهو يقوض العقد الاجتماعي الذي صاغه الضباط عام 1952 والذي كان حجر الزاوية للاستقرار السياسي في البلاد.
وبين أن هذا العقد الاجتماعي تأسس على تفاهم غير مكتوب، تسامحت بموجبه قطاعات كبيرة من المجتمع مع تجاوزات السلطة للحقوق السياسية مقابل منافع اقتصادية واجتماعية ترعاها الدولة، ولكن السيسي قوض ذلك.