انتخابات البرلمان التونسي.. كيف شكلت صفعة جديدة على وجه قيس سعيد؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة "لاتريبون" الفرنسية عن أسباب ضعف الإقبال على الانتخابات في تونس، بعد "الإجراءات الاستثنائية" التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد عام 2021.

وفي 29 يناير/كانون الثاني 2023، انطلقت الجولة الثانية من أول انتخابات برلمانية في تونس، بعد الإجراءات المذكورة.

 

ومنذ 25 يوليو/تموز 2021، تعيش تونس أزمة سياسية، وقت أن بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية منها حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.

تبعها أيضا تمرير دستور جديد للبلاد في 25 يوليو 2022 وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/كانون الأول.

وتعد قوى تونسية هذه الإجراءات "انقلابا على دستور 2014 (دستور الثورة) وتكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما ترى فيها قوى أخرى "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بنظام حكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.

أما سعيد، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر خمس سنوات، فقال إن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ تونس من "انهيار شامل".

عزوف الشباب

وحسب ما أعلنه رئيس الهيئة العليا للانتخابات في تونس، فاروق بوعسكر، كانت نسبة الإقبال في الجولة الثانية من الانتخابات نحو 11.3 بالمئة من إجمالي المواطنين الذين يحق لهم التصويت.

وقد أرجعت صحيفة "لاتريبون" الفرنسية نسبة المشاركة الضعيفة للشعب التونسي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلى سياسات الرئيس قيس سعيد. كما وصفت الصحيفة الإجراءات التي اتخذها عام 2021 بأنها "انقلاب".

كذلك أكدت أن خروج عدد قليل جدا من التونسيين، للتصويت لبرلمان منزوع من صلاحياته الحقيقية، مثل "صفعة" على وجه سعيد، والإصلاحات السياسية التي فرضها منذ انقلابه، في بلد يعيش أزمة اقتصادية عميقة.

وبينما كانت النسبة في الإعادة 11.3 بالمئة، بلغت نسبة المشاركة في الجولة الأولى لانتخابات البرلمان، التي عُقدت في 17 ديسمبر 2022، 8.8 بالمئة، وفق أرقام الهيئة التونسية.

وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن مشاركة الناخبين كانت هي القضية الرئيسة التي شغلت الرأي العام في أيام الاقتراع، بعد امتناع ما يقرب من 90 بالمئة من الناخبين عن التصويت في الجولة الأولى.

وأكد التقرير أن هذه النسبة من العزوف عن التصويت تعد "قياسية"، منذ بزوغ الديمقراطية في بلد الربيع العربي قبل 12 عاما.

وحسب التقرير، تجنب الشباب -الذين أوصلوا سعيد إلى السلطة عام 2019- الذهاب إلى صناديق الاقتراع بحد بعيد، إذ إن نسبة المصوتين، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 25 عاما، بلغت 5 بالمئة فقط.

وتحدث للصحيفة أحد الممتنعين عن التصويت، ويبلغ من العمر 37 عاما، قائلا: "أنا لا أثق في الطبقة السياسية، لا يمكن لسعيد إحداث تغيير جذري، وهو بالفعل لم يقدم شيئا حتى الآن".

وفي أول تعليق له على نسبة التصويت، رفض سعيد أن يكون ذلك دليلا على تراجع شعبيته، مؤكدا أن سبب عزوف الناخبين هو ما وصفه بـ"العبث" الذي حصل في البرلمان خلال العقد الماضي.

وقال سعيد: "90 بالمئة لم يصوتوا، هذا يؤكد أن التونسيين لم يعودوا يثقون بهذه المؤسسة، خلال العقد الماضي كان البرلمان مؤسسة تعبث بالدولة وكان دولة داخل الدولة".

وأضاف الرئيس التونسي خلال لقاء مع رئيسة الوزراء نجلاء بودن، في 31 يناير 2023، قائلا:"عمقنا الشعبي أكبر من عمقهم الشعبي".

ويشكل انتخاب 131 نائبا (من أصل 161 مقعدا، جرى شغل 30 منها بالفعل) المرحلة الأخيرة من العملية التي أطلقها سعيد قبل 18 شهرا للعودة إلى نظام رئاسي كامل، على غرار ما كان قبل الثورة، عام 2011 وسقوط الديكتاتور زين العابدين بن علي.

واعتقادا منه بأن البلاد لا يمكن حكمها في ظل الوضع الذي كان قائما، استولى سعيد على جميع السلطات، ثم أجرى استفتاء على دستور جديد، لإلغاء النظام البرلماني المعمول به.

أسباب ضعف الإقبال

وأشار الخبراء إلى أن ضعف الإقبال على الانتخابات يرجع إلى عدة عوامل، أولها مقاطعة المعارضة للتصويت، وعلى رأسها حركة النهضة الإسلامية، التي سيطرت على البرلمان خلال العِقد الماضي.

فعلى الرغم من الانقسامات القوية داخل المعارضة، والتي حالت دون حراكها في الشارع، قاطع المعارضون الانتخابات، بسبب رفضهم انقلاب سعيد، وفق الصحيفة.

وإزاء الانتخابات، طالبت حركة النهضة باستقالة سعيد و"إفساح المجال أمام الشعب الذي لفظه لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة كمدخل لحل الأزمة الراهنة وكفرصة أخيرة قبل إعلان الإفلاس والانهيار الذي قاد إليه البلاد".

ورأت النهضة أن "برلمان قيس سعيد لا يعبر إلا عن أقلية الأقلية، وليس من حقه أن يمارس السلطة التشريعية باسم الشعب أو الأغلبية وباسم الناخبين، وكل ما يصدر عنه لا معنى ولا مشروعية له".

أما العامل الثاني، فهو أن غالبية المرشحين غير معروفين وليس لديهم انتماءات سياسية، لذلك أدلى عدد قليل من الناخبين بأصواتهم لمن يعرفونهم بشكل شخصي.

وذلك مثل محمد التليجاني وعلي كريمي، اللذين ذهبا إلى مدينة قفصة، على بعد مئة كيلو متر جنوبا، وهما في الخمسين من العمر، للتصويت لابن عمهما، اعتقادا منهما "بأن له الحق في أن يكون ممثلا في البرلمان".

لكن في المقابل، هناك من ذهب للإدلاء بصوته تأييدا لسياسات سعيد، إذ قال أحدهم للصحيفة: "ذهبت للتصويت لعدم إعطاء النظام القديم (النهضة) فرصة للعودة أبدا". وأضاف: "إنهم مسؤولون عن بؤسنا"، وفق وصفه.

وحسب الخبراء، فإن "جزءا من الشعب يشارك سعيد كره الأحزاب السياسية، ويوافقونه على تقييد صلاحيات البرلمان".

وشددت الصحيفة الفرنسية على أنه "من الصعب جدا على البرلمان الإطاحة بالحكومة، هذا فضلا عن أن إقالة مجلس النواب للرئيس ستكون مستحيلة".

ووفق الباحث في مركز كولومبيا للدراسات في تونس، يوسف الشريف، فإنه بالنظر إلى عدم اهتمام الشعب بالسياسة، "لن يكون لهذا البرلمان سوى القليل من الشرعية".

وأتبع: "وفي المقابل، سيكون الرئيس، بفضل دستور 2022، قادرا على الهيمنة على البرلمان كما يشاء".

وحول أحد أسباب عزوف الناخبين، أكدت الصحيفة أن اهتمام 12 مليون تونسي يذهب إلى موضوعات أخرى، أهمها الاقتصاد.

وتحدث أحد التونسيين، ويبلغ من العمر 51 عاما، قائلا: "أنا لا أصوت أبدا، كل القطاعات الاقتصادية تعاني، وسعيد غير مهتم بها".

وذكر التقرير بأن التونسيين شهدوا انخفاضا حادا في قوتهم الشرائية، مع ارتفاع معدل التضخم إلى أكثر من 10 بالمئة.

كما أنهم تحملوا نقصا في المواد الغذائية المدعومة مثل الحليب أو السكر أو الزيت، تخلص الصحيفة الفرنسية.