رئيس الحزب الديمقراطي الليبي لـ"الاستقلال": حفتر والدبيبة يعرقلان الانتخابات
أكد رئيس الحزب الديمقراطي الليبي محمد صوان، أن حزبه صار الفاعل الأول على الساحة السياسية الليبية رغم حداثة تدشينه (2021) بصفته "الوحيد المؤهل للعمل في كل الجغرافيا الليبية بما يمتلكه من مقار في طرابلس وبنغازي".
وأضاف صوان في حوار مع "الاستقلال" أن الحزب يمتلك أكبر كتلة في المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري)، ومتحالف مع كتلة في مجلس النواب، مؤكدا أن قيادة الحزب الحالية كانت وراء إنجاح اتفاق الصخيرات وتسوية جنيف الأخيرة.
واتفاق الصخيرات الذي وقع نهاية عام 2015، انبثق عنه تشكيل حكومة الوفاق الوطني السابقة، التي أعلن المجتمع الدولي الاعتراف بها كممثل شرعي ووحيد لليبيا.
أما تسوية جنيف فيقصد بها توقيع اللجنة العسكرية المشتركة "5+5"، اتفاقا دائما لوقف إطلاق النار في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، ما مهد الطريق لإنهاء الحرب الأهلية، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة للتمهيد لعقد الانتخابات.
غير أنه منذ مارس/ آذار 2021 تعقدت الأمور بليبيا مجددا، مع تكليف مجلس نواب طبرق (شرق) حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، بينما بقيت حكومة الدبيبة التي فشلت في عقد الانتخابات، معترفا بها دوليا وترفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.
ولمعالجة هذه الأزمة، طرحت الأمم المتحدة مبادرة قادت إلى تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة للتوافق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، لكن هذا المسار لا يزال متعثرا.
وتعليقا على هذا الوضع، أرجع صوان تعقد المشهد وعدم تنظيم الانتخابات إلى سعي أسماء مثيرة للجدل لترسيخ نفوذها مثل الجنرال الانقلابي خليفة حفتر والدبيبة، وكلاهما رشح نفسه للانتخابات، رغم عدم أهليتهما.
إقليميا، أكد صوان أنه لا توجد دول عدوة لليبيا وأخرى صديقة، ففي عالم السياسة لا توجد عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة هي الأساس الدائم للعلاقات
كما تناول أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه ليبيا في حل أزمة الطاقة الراهنة إذا تحقق الاستقرار السياسي، وأن حزبه تربطه علاقة جيدة بالحزب الحاكم في تركيا، وتطرق الحوار أيضا إلى العديد من القضايا المهمة على الساحة الليبية.
الحزب الديمقراطي
- بداية هلا عرفت القارئ بالحزب الديمقراطي الليبي الذي تترأسه؟
الحزب الديمقراطي هو حزب سياسي وطني، تأسس عام 2020، يعمل على إقامة دولة ديمقراطية مدنية، تقوم على الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة ويميل للديمقراطية الاجتماعية، وينحاز لقيم المجتمع الليبي، ويحمي الفئات الضعيفة والطبقة الوسطى من تغول الرأسمالية.
معظم كوادر الحزب الديمقراطي ورموزه المؤسسين أصحاب تجربة سياسية سابقة منذ 2012 في حزب العدالة والبناء الذي خاض مراحل صعبة ومريرة مرت بها العملية السياسية في ليبيا عبر البرلمان والحقائب الوزارية بالحكومات السابقة.
فضلا عن الدخول في تحالفات واتفاقيات، وصراعات سياسية وعسكرية مما أكسب قياداته وكوادره خبرة كبيرة في تلك المجالات وغيرها بعيداً عن الأطروحات الأيدولوجية الضيقة التي تأسس عليها حزب العدالة والبناء.
وكأمر طبيعي حصلت العديد من المواقف والمراجعات لم يستوعبها بعض الأعضاء والقيادات داخل الحزب السابق؛ الأمر الذي استدعى أن تكون هنالك انطلاقةٌ جديدة أكثر مرونة وواقعية وبشكلٍ جديد مستفيدة من رصيد التجربة السابقة، فكانت ولادة الحزب الديمقراطي.
وظل حزب العدالة والبناء الذي توليت رئاسته من 2012 حتى 2020 الحزب الفاعل الرئيس على الساحة بعدما تفككت الكثير من الأحزاب المنافسة.
وهو ما أدى لانتقال ذلك الزخم والفاعلية للحزب الجديد ليصبح الحزب الديمقراطي هو الرئيس والفاعل اليوم ومن السهل أن يدرك ذلك المتابع للشأن الليبي.
- ما واقع ومستقبل الحزب في ليبيا في ظل الأوضاع السياسية الحالية؟
الحزب الديمقراطي بات طرفا أساسيا ويمتلك مشروعا داعما للتوافق نتج عنه حكومة توافقية وكتلةٍ وطنية كبيرة بها أعضاء بمجلسي الدولة والنواب، إضافة لسياسيين وعسكريين من كل الجغرافيا الليبية، وسيكون له دور أساسي في تشكيل المستقبل السياسي للبلاد.
ونجحنا في الوصول إلى الشرق الليبي والدخول في مقاربة سياسية وشكلنا تحالفا واسعا مع التيار الوطني في الطرف الآخر بالشرق والجنوب الليبي، وهو ما جعل حزبنا الوحيد المؤهل للعمل في كل أنحاء الجغرافيا الليبية.
وحزبنا اليوم بتجاوزه للخلافات بانفتاحه ومرونته استطاع توسيع دائرة تواجده وتنوعها، ولم يعد محصورا مكانيا ولا أيدولوجيا في نطاقٍ جغرافي أو فكري محدد تبعاً للصراع.
وهو ما يرسم -في تقديرنا- مستقبلاً واعدا للحزب الأكثر انتشارا ونشاطا في العديد من المجالات في المشهد السياسي.
- ما حجم العضوية والنفوذ السياسي والاقتصادي والتشريعي لدى الحزب في البلاد؟
أقولها وبكل ثقة إن حجم العضوية في الحزب الديمقراطي لا تُقارن بأي حزب آخر وهو الأكثر فروعاً وانتشاراً في ليبيا بالرغم من حداثته.
فهو يمتلك رصيداً هائلاً من الكوادر المدربة في العلاقات الدولية والعمل السياسي والإعلامي، فضلاً عن الكوادر الشابة والرموز الاجتماعية وكل هذا نتيجةً لرصيدنا الكبير خلال السنوات السابقة.
ومن ثم فإننا نمتلك أكبر كتلة في المجلس الأعلى للدولة، وتحالفنا مع كتلة بمجلس النواب، ونمتلك أكبر منصات ومنافذ إعلامية؛ إضافةً لتمكنه من توفير الحد الأدنى المطلوب لتمويل مناشطه وأعماله الإعلامية والإدارية.
أبرز الإسهامات
- ما إسهامات الحزب في مواجهة المشكلات التي تعيشها ليبيا؟
الحزب الديمقراطي كان حاضراً بشهادة الجميع في كل الأزمات والصراعات السابقة، فقياداته الحالية كانت فيما مضى هي الأساس الذي أنجح اتفاق الصخيرات في 2015، والذي كان له دور كبير في التخفيف من الصراع وإعطاء قبلة الحياة للعملية السياسية.
كما ساهم بإنجاح الحوار الذي أسفر عن تسوية جنيف الأخيرة، ولعب دورا بارزا في إيجاد تيار وطني من خلال التواصل مع الشرق الليبي وكسر القطيعة والجمود بين الجانبين؛ متجاهلا العديد من الانتقادات التي واجهت الحزب من قبل الكثير من المتشددين، وكان أحرص على إيجاد حل للمشكلات التي تمر بها البلاد.
والآن رغم عدم تحقق إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات بالشكل المطلوب؛ إلا أن هذه التسوية قد كسرت حاجز التواصل، وأذابت قمة جبل الجليد بين الليبيين المتخاصمين في الغرب والشرق كمقدمة لما بعدها.
فكل من انتقد الحزب الديمقراطي بالأمس نراه الآن يصعد إلى القارب الذي صنعه الحزب، ونحن مسرورون بهذا جدا.
- لرئيس الحزب تجربة سابقة في رئاسة الحزب الذي يمثل التيار الاسلامي في ليبيا منذ ثورة فبراير ولمدة تسع سنوات فما ملخص تجربتك تلك؟
تجربتي بدأت مع المرحلة الانتقالية عقب سقوط نظام شمولي متخلف مقارنة بالأنظمة الاستبدادية في زمانه، بالنظر إلى طريقة التغيير المسلح التي تمت وما أعقبها من صراعات، والجهود التي بذلت بعد ذلك ولا تزال تتفاعل إقليميا ودوليا لإجهاض التجربة الديمقراطية الوليدة في المنطقة.
وهذا الإجهاض يهدف إلى إحباط ثقة الشعوب في قدرتهم على بناء نموذج ديمقراطي وتحميل القوى السياسية أسباب الفشل، والأخطر هو القبول بأي نظام استبدادي حتى في ظل استقرار القطيع.
وقد واجهنا الصعوبات وأنقذنا المسار السياسي من الانهيار الكامل عام 2014 بإسقاط محاولات الانقلاب على الشرعية.
وفي 2015 بتوقيع اتفاق الصخيرات الذي أعطى قبلة الحياة للعملية السياسية وأوجد شرعية معترفا دوليا، وهزيمة تنظيم الدولة ومنعه من اتخاذ ليبيا قاعدة له، ومنع عسكرة الدولة عام 2019 مرة أخرى.
وفي عام 2020 كان لنا دور بارز في إنجاح الحوار السياسي والذي نتج عنه حكومة جنيف وهي خطوة في اتجاه تعزيز المسار السياسي وإبعاد شبح الحرب.
وفي عام 2021 استطعنا أن نتجاوز كل الخلافات ونصل إلى تسوية مع خصوم الأمس ونتج عن ذلك توافق كبير بين أشد أطراف الصراع خصاماً وولدت الحكومة الليبية.
وعلى الرغم من أننا لم نصل إلى ما نصبو إليه من توحيد البلاد تحت سلطة واحدة وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية حتى الآن؛ إلا أننا استطعنا طي صفحة الماضي وتكسير الحواجز بين الليبيين وهو تمهيد لازم لخطوات قادمة تنهي الأزمة.
من خلال التجربة لم أعد مقتنعاً بنسبة صفة "إسلامي" لأي حزب أو شخص أو مؤسسة في مجتمع كل سكانه مسلمون لا لشيء إلا لأن الإسلام قاسم مشترك بين الجميع ولما يسببه ذلك من حساسيات.
بينما في المجتمعات المختلطة يمكن القول هذا حزب إسلامي أو جمعية إسلامية أو مصرف إسلامي أو طعام إسلامي وهكذا.
تعلمت خلال هذه التجربة أن الشعوب تحتاج إلى من يقدم لها الحلول لمشاكلها وليس الأيدولوجيا؛ فهي بحاجة إلى الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية والحياة الكريمة.
وأن عالم السياسة لا يعرف سوى الأقوياء ولا مكان فيه للضعفاء فقد يتعاطف الناس مع الضعيف ولكنهم يختارون القوي.
وتعلمت أن أتمسك بالفكرة عندما تكون صحيحة ومبنية على مشورة، وأدافع عنها دون تردد، ولا أزال أتعلم.
- هل يوجد أي قواعد للحزب في الشرق الليبي أو الجنوب؟ أم أنه يتمركز فقط بالعاصمة طرابلس؟
حزبنا موجود في كل مدن ليبيا، وأعضاؤه من كافة تراب الوطن، وقد افتتحنا فروعاً في المنطقة الشرقية ولدينا فيها أعضاء ينضمون بالمئات بين فترة وأخرى، ولا يخلو الأمر من بعض الإشكاليات البسيطة نتيجة الجمود السياسي خلال الفترة السابقة وما تسبب به الصراع.
وهذا يعود للعديد من الأسباب ولكن على رأسها مواقف الحزب التصالحية، ودعمه للحكومة التوافقية التي تمارس عملها من بنغازي وسرت وطبرق وسبها.
إضافةً إلى وجودنا أساساً في الغرب الليبي، وبالتالي فمن البديهي أن يلقى هذا الحزب كل هذا القبول والترحيب في كل مكان من أرض الوطن.
الأزمة والعلاقات
- ما السبيل لإخراج ليبيا من حالة الاصطفاف والاحتراب الأهلي؟
قيادة الحزب منذ 2014 كانت في طليعة القوى السياسية التي تطفئ فتن الحرب وتدفع باتجاه السلام والحوار وقبول الآخر.
وهو ما جعل كوادر الحزب تتحمل عبئاً كبيراً من الحملات الإعلامية بالتخوين والعمالة وصولاً إلى التبديع والتكفير من التيار الديني المتشدد.
كل هذا بسبب المرونة العالية للحزب وكوادره وحرصه على التسوية وضرورة الحوار وطي صفحة الماضي كما أسلفت.
- كيف ينظر الحزب للعلاقات مع دول الجوار الليبي وما الدور الذي يمكن أن يساهم به الجيران في حل المعضلة الليبية؟
لا شك أن ليبيا تؤثر وتتأثر بعلاقاتها مع دول الجوار، فأمنها واستقرارها يؤثر عليهم وبالتالي من حق هذه الدول أن تكون حريصةً على أمنها واستقرارها المرتبط بليبيا.
وأن تكون حريصة أيضا على مصالحها بحيث يكون لها موطئ قدمٍ في البلاد باعتبار ليبيا دولةً تمتلك العديد من الموارد النفطية، إضافةً لكونها دولةً واعدةً وإذا ما استقرت فإنها ستشهد نهضةً عمرانية، لذلك فمن الطبيعي أن تجد بعض الدول تحرص على مصالحها.
وحزبنا لديه علاقات يفتخر بها مع عدد من الدول عبر الأحزاب الموجودة فيها منذ انطلاق العملية السياسية في 2012 وما تلاها، وقد استفدنا من تجارب العديد من تلك الدول وهذه العلاقات مبنية على الثقة والاحترام المتبادل.
وبالحديث عن التدخلات الخارجية؛ فإنني لستُ مع النظرة التقليدية الجامدة التي تصنف دولاً معينةً باعتبارها دولاً صديقة وأخرى عدوة.
بل نحن نرى أن التحالفات وخارطة العلاقات في مجال السياسة غير ثابتة، وأن العلاقات التي تربط الدول هي علاقات مصالح.
وبالتالي لا توجد عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، فالمصالح المشتركة والاحترام المتبادل هو الأساس الدائم للعلاقات مع الجيران.
ومن هذا المنطلق فليس لدينا أي عقدة أو موقف أو نظرة مسبقة عن أي دولة، ولا نتمترس حول مواقف سابقة حصلت.
بل نمد أيدينا لكل الدول وندعوها إلى التعامل مع الحزب بعيداً عن الصورة النمطية التقليدية التي رسمت في ظروف مختلفة.
ما أود التأكيد عليه هو أننا كحزب سياسي فاعل وقوي وله حضوره وتأثيره في المشهد السياسي؛ انطلقنا من جديد بأيادي بيضاء مفتوحة، ونريد أن نفتح علاقات مع الجميع ونحن على استعداد للتواصل مع الجميع، دون خلفياتٍ مسبقة.
- الوجود التركي في ليبيا أحدث نوعا من التوازن في المشهد الليبي.. كيف ترى مستقبل هذا الدور؟
تواصلنا مع الأصدقاء الأتراك وغيرهم من الحلفاء خلال أزمة عام 2019 (محاولة اللواء الانقلابي خليفة حفتر السيطرة على طرابلس) بحكم أننا كنا شركاء في المجلس الرئاسي الحاكم في تلك الفترة.
وهذا التدخل التركي أحدث توازناً في الملف الليبي، وهو تدخل إيجابي ساهم في وضع حدٍ للصراع المسلح، وفي فتح المجال أمام الحوار الوطني.
وأتمنى أن يكون هذا الدور فاعلا أكثر وأن يساهم في تحقيق الحل السياسي كما ساهم في إنهاء الصراع المسلح.
والعلاقات الليبية التركية تاريخية مرتبطة بالعديد من الأواصر، ومرشحة للتطور والازدهار إذا ما استقرت ليبيا وشرعت في مسيرة البناء والتنمية، والاستفادة من الخبرات التركية لاسيما في تأسيس البنية التحتية خاصةً بعد التميز الذي تشهده تركيا خلال السنوات الأخيرة.
وإجمالاً لا أحد يشكك في إيجابية التدخل التركي ونحن كحزب ديمقراطي تربطنا علاقات جيدة مع العديد من الأحزاب التركية وفي مقدمتها حزب العدالة والتنمية الحاكم.
حفتر والانتخابات
- ما أنسب الطرق برأيكم للتعامل مع خليفة حفتر؟
كان سلوكنا السياسي واضحاً خلال الأزمة السياسية والصراع الحاصل، فعندما كان هنالك تهديد للدولة المدنية ومحاولة لعسكرتها، وقفنا بكل قوةٍ ضد هذه المحاولات.
وعندما وضعت الحرب أوزارها وأدرك الجميع محلياً ودولياً أنه لا يمكن الحسم عبر الاحتكام للسلاح، كنا في مقدمة من دعا للتواصل مع خصومنا في الشرق الليبي وجلسنا معهم بشجاعة أمام الليبيين وغيرنا يمارسها تحت الطاولة سرا.
وعملنا مع شركاء الوطن على تسوية سياسية في إطار الدولة المدنية بمشاركة الجميع -وللأسف- لا يزال المتشددون والمستفيدون من الانقسام يعرقلونها.
رؤيتنا تقوم على أن القضاء هو الوسيلة الوحيدة لمعاقبة كل من يشتبه في أنه تورط في أي جرائم.
فعندما تستقر البلاد وتتوحد وتمارس المؤسسات مهامها بالشكل الأمثل، عندها فقط يمكن محاسبة كل من ارتكب مخالفات، أما الآن وفي ظل هذا الانقسام والصراع فكل طرف يرى الآخر على خطأ بالتالي لا أحد يستطيع محاسبة الآخر.
والحل برأيي هو جلوس الأطراف الرئيسة لإنتاج تسوية، وحكومة موحدة تهيئ للانتخابات، وقاعدة دستورية تسمح للجميع بالمشاركة في الانتخابات دون إقصاء لأحد؛ إلا من يُقصيه القضاء.
- قضايا الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها حفتر وقواته في ترهونة.. إلى أين وصلت؟
في الحقيقة إن ما شهدته ترهونة من جرائم خطيرة وجرائم ضد الإنسانية، وما نشهده إلى الآن من العثور على مقابر جماعية، تحتم طرح هذه الملفات أمام قضاء عادل ونزيه في ظروف مستقرة وتسيطر فيها الدولة على كل السلاح.
لأن هذه الجرائم في الحقيقة مروعة ومتنوعة ويشترك فيها العديد من الأطراف منها ما كان في 2019 وقبلها وبعد هذا التاريخ، وسيكتشف الجميع تورط العديد من الشخصيات المغمورة التي لا يعرف أحد دورها الآن.
- ما أسباب عرقلة الانتخابات بين مجلسي النواب والأعلى للدولة؟
سبب عرقلة الانتخابات بالنسبة لنا كان واضحاً، وهو ترشح بعض الشخصيات المثيرةً للجدل كـ "سيف الإسلام القذافي" الذي يوجد بحقه مذكرة اعتقال من محكمة الجنايات الدولية، إضافة إلى حكم محكمة ليبية.
وبغض النظر عن الجدل حول الحكم، إلا أنه من غير الممكن في رأيي أن يترشح شخص ويفوز بالانتخابات ثم تُصدر المحكمة حكما بحقه.
الشخصية الأخرى هو عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة، فبالرغم من توقيعه على تعهد في جنيف بعدم الترشح إلى الانتخابات إلا أنه أخلف تعهده وترشح.
وهو في ذات الوقت رئيس للحكومة وقد رأى البعض أنه سخر موارد الدولة لخدمة حملته الدعائية وفي هذا غياب للعدل وتكافؤ الفرص بين المترشحين.
إضافةً إلى ترشح حفتر واعتراض البعض على ترشحه باعتبار خلفيته العسكرية وازدواجية جنسيته (يحمل الجنسية الأميركية).
في تقديري أن أبرز هذه الأسباب هو ترشح رئيس حكومة الوحدة الوطنية وعدم حماسته هو وحكومته إلى إجراء الانتخابات بصفتها ستُفقدهم السلطة، ما جعل وزير الداخلية بالحكومة يخرج قُبيل الانتخابات بأسبوع ويعلن حالة الطوارئ مما يعني تعطيل الانتخابات.
مستقبل ليبيا
- هل ترى أن ليبيا يمكنها أن تلعب دورا ما في حل أزمة الطاقة الدولية؟
ليبيا من الممكن أن تلعب دوراً فعالاً في (حل) أزمة الطاقة العالمية بشكلٍ أكبر من دورها الحالي الذي يعد متواضعاً بالنظر إلى أرقام صادراتها من الطاقة.
لكن في حال استقرار ليبيا، وتم الاهتمام أكثر بالبنية التحتية للمؤسسات، وعلى رأسها المؤسسة الوطنية للنفط فإن إنتاج ليبيا من النفط من الممكن أن يرتفع أكثر.
أيضاً من الممكن لليبيا أن تلعب دوراً في حل أزمة الغاز بالنظر إلى امتلاكنا كمياتٍ كبيرة من الغاز والمعادن الأخرى.
- ما مستقبل ليبيا من وجهة نظركم في المدى القريب؟
ليبيا دولة حصل فيها تغيير من ضمن دول الربيع العربي، ولكن التغيير أخذ منحى يختلف عن دول الجوار، فكان التغيير بصبغة مسلحة.
تدفق السلاح من خارج ليبيا نتيجة تجدد الصراع أطال عمر الأزمة وأرهق الوطن والمواطن وتسبب في كوارث.
في تقديرنا أن ليبيا لديها فرصة أن تنهض بسرعة لأنها لا تعاني من مشاكل اقتصادية تعيق خروجها من الأزمة.
فإذا نجح الليبيون في إيجاد تسوية وحكومة موحدة وتمكنوا من إنجاز الانتخابات، تصبح ليبيا الدولة الأقرب إلى الاستقرار بسرعة بالمقارنة مع غيرها من الدول التي تمر بالمرحلة الانتقالية بعد موجة التغيرات التي اجتاحت المنطقة.
- كيف ترى دور البعثة الدولية في حل الأزمة الليبية أو التخفيف من حدتها؟
البعثة الحالية لم تكشف حتى الآن عن أي فاعلية أو جدية في التواصل الفعال مع أطراف الصراع أو المجتمع المدني أو الشخصيات السياسية، ومن الواضح وجود ارتباك، والبداية بالنسبة للسيد عبدالله بايتلي (المبعوث الأممي) بداية متعثرة، ونرجو ألا يستمر هذا التعثر..
ونأمل أن يكون التحرك خلال الفترة القادمة أسرع؛ لأن الأزمة التي تعاني منها ليبيا أزمة كبيرة وتحتاج تحركا أكبر من البعثة.
برأيي أن فريق البعثة الأممية (السابقة) بقيادة السيد غسان سلامة ومساعدته السيدة ستيفاني (وليامز) كانا أكثر فريقٍ فاعل واستطاع أن ينجز شيئاً ولا نستطيع أن نحملهم صراعات الأطراف الليبية، لكن كفريق ربما كان هو الأفضل.