بعد عامين من المصالحة.. موقع أميركي يرصد تطور علاقات قطر مع رباعي المقاطعة
أكد موقع أميركي أنه رغم مرور عامين على "إعلان العلا"، الذي أنهى حصار السعودية ومصر والإمارات والبحرين، لدولة قطر، إلا أن العلاقات لم تعد إلى طبيعتها، ولا سيما مع الإمارات والبحرين.
وأوضح موقع "ذا ميديا لاين" أن قطر خرجت من الأزمة الخليجية منتصرة، فلم تنفذ الشروط الجائرة التي فرضها عليها رباعي المقاطعة، كما نجحت في تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم بصورة رائعة.
هدنة مؤقتة
ورأى الموقع الأميركي أن اتفاق العلا كان بمثابة "هدنة" لضمان نجاح كأس العالم، ومتوقع عودة التوتر إلى منطقة الخليج من جديد.
وكان من المفترض أن يُنهي إعلان العلا – الموقع في 5 يناير/ كانون الثاني 2021- الأزمة الخليجية، التي نشبت في 5 يونيو/ حزيران 2017.
عندما أعلنت الدول الأربع مقاطعة شاملة لقطر، بما في ذلك سحب جميع البعثات الدبلوماسية، وإغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية أمام الطائرات والمواطنين القطريين.
وحددت دول الحصار 13 شرطا للمصالحة مع قطر، كان أبرزها: تقليص مستوى علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع إيران، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية في الدوحة، وإغلاق قناة الجزيرة، وتسليم المطلوبين المتهمين بقضايا "الإرهاب" من المقيمين في قطر.
كما تضمنت الشروط الامتناع عن دعم أو تمويل الجمعيات والمنظمات التي تصنفها الدول الأربع على أنها "إرهابية"، وقطع علاقة الدوحة بجماعة الإخوان المسلمين، وتنظيمات أخرى.
ومع ذلك، لم يُتناول إعلان العلا بشكل مباشر الشروط الـ13، ولم يحدد الموقعون على الاتفاقية إذا ما كانت قطر قد استوفت هذه الشروط أو أن دول الحصار قد تنازلت عنها، حسب التقرير.
وبحسب الاتفاق، كان من المفترض أن تُجرى مفاوضات بين قطر وكل من الدول الحصار الأربع، كل على حدة، خلال عام من توقيع الاتفاقية؛ بهدف إنهاء الخلافات وإعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية وغيرها.
وخلال العامين الماضيين لم يتم إصدار أية بيانات حول المفاوضات الجارية بين قطر والدول الأربع– وفق ذا ميديا لاين- لكن كانت هناك بعض الزيارات البينية.
فقد زار أمير قطر، تميم بن حمد، كلا من مصر والسعودية والإمارات، وفي المقابل، أجرى قادة تلك الدول زيارات إلى الدوحة، لكن ظلت البحرين مهمشة.
هذا بالرغم من إعلان وزير خارجيتها، عبد اللطيف الزياني، أن بلاده اتصلت بقطر لتحديد موعد للمفاوضات، لكن الأخيرة لم تستجب، وفق زعمه.
بدورها، لم ترد قطر بشكل رسمي أو غير رسمي على تصريحات المسؤولين البحرينيين، غير أن قادة الدولتين ظهرا جنبا إلى جنب في صورة، على هامش "قمة جدة للأمن والتنمية"، بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن، في 16 يوليو/ تموز 2022.
وعينت قطر سفراء لدى السعودية ومصر، بدورها، أرسلت كلتا الدولتين سفراء إلى الدوحة. وفي المقابل، لا تزال سفارات قطر مغلقة في كل من البحرين والإمارات، ولم يتم تعيين أي سفراء، كما بقيت سفارتا البحرين والإمارات في الدوحة مغلقتين.
مشهد ضبابي
وكشف مصدر في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لـ"ذا ميديا لاين" أنه "لم تجر مفاوضات بين البحرين وقطر، ولم تعقد أية جلسات على الإطلاق".
وقال المصدر: "عُقدت جلسات تفاوض محدودة بين قطر والإمارات، ولم تؤد إلى أي شيء، فقد ركزت قطر كليا على تنظيم كأس العالم، لكن مفاوضات الدوحة مع الرياض والقاهرة جرت كما ينبغي".
وأضاف أن هناك العديد من الرسائل والمسائل العالقة" بين قطر من جهة، وكل من الإمارات والبحرين من جهة أخرى، موضحا أن الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تتابع هذه القضايا.
ورفض المصدر التطرق إلى الشروط الـ13 التي حددتها دول الحصار، وإذا ما كانت قطر وافقت على تنفيذها أم لا ، لكنه أكد أنه "لم يتم التوصل إلى اتفاق كامل" بين قطر والدول الأربع.
وأشار المصدر إلى أن القمة الخليجية الأخيرة، التي عقدت خلال زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، للسعودية، في ديسمبر/ كانون الأول 2022، لم تتطرق إلى الحديث عن مصير إعلان العلا.
وذكر "ذا ميديا لاين" أن من القضايا التي تسببت في الخلافات موضوع منح الجنسية القطرية لأسر من السعودية والإمارات والبحرين، ممن يشغلون مناصب سياسية أو عسكرية في بلدانهم أو المقربين من دوائر السلطة فيها.
وطالبت دول الحصار بعودة هذه الأسر إلى بلدانها الأصلية، لكن ذلك لم يحدث، فيما تواصل قطر حملتها لاستقطاب أبناء هذه العائلات إلى الدوحة، حسب زعم الموقع الأمريكي.
وفيما يخص جماعة الإخوان المسلمين، ادعى الموقع أنها ما تزال تعمل من العاصمة القطرية دون قيود على أنشطتها.
بدوره، قال المحلل السياسي السعودي عبد العزيز العنزي، لـ"ذا ميديا لاين"، إن بعد إعلان العلا، "توقع الكثيرون أن تتوقف قطر عن تمويل الحملات الموجهة ضد السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لكن هذا لم يحدث".
وزعم العنزي وجود تمويل قطري لمنظمات حقوقية برئاسة الإيطالي، أنطونيو بانزيري، الذي حاول بأوامر قطرية تنظيم العديد من الأنشطة ضد السعودية، وطالب باتخاذ إجراءات ضد القيادة السعودية في قضية مقتل جمال خاشقجي.
وأضاف العنزي أن "بانزيري هاجم أيضا مصر والإمارات والبحرين والسعودية، ودعم العديد من الشخصيات المعارضة أو المتهمين بالإرهاب في هذه الدول".
عودة متوقعة
وزعم المحلل السعودي أن قطر لم توفِ بأي من الشروط الـ 13، مشيرا إلى أن "ما حدث هو هدنة مؤقتة لنجاح تنظيم المونديال فقط، وأن الدوحة ستعود إلى الممارسات التي تضر بالمصالح الخليجية أكثر".
وعن مصر مضى العنزي في مزاعمه قائلا: "يبدو أن قطر تحاول كسب موطئ قدم لها في مصر عبر الاستثمار؛ لتتمكن من إعادة الإخوان المسلمين – التي هي في أضعف حالاتها- إلى المشهد".
من جانبه، رأى المحلل السياسي السعودي، جنيد الشمري، أن ما وصفه بـ"حرب قطر الناعمة على دول الخليج" ستعود بقوة، معتقدا أن إعلان العلا كان مجرد هدنة.
"فلا تزال قطر تدعم الجماعات الإرهابية، ولا يزال الحرس الثوري الإيراني موجودا على أراضيها بالإضافة إلى القوات التركية"، حسبما زعم الشمري.
وأردف المحلل السياسي السعودي أن "قناة الجزيرة لم توقف أيضا نشاطها العدائي ضد الدول الأربع، بل على العكس، فقد احتدت لهجتها بعد انتهاء المونديال".
وفي المقابل، قال الصحفي القطري سالم المهندي، إن قطر "انتصرت" في الأزمة الخليجية، مؤكدا أنها "لم تتخل عن أي من مبادئها، ولم تستجب للشروط الجائرة التي وضعتها دول الحصار".
وأضاف المهندي أن "الدول التي بدأت الحصار هي التي عادت إلى رشدها"، مضيفا: "الآن لن تستعيد قطر علاقاتها مع أي دولة إلا وفقا لشروطها".
وشدد على أن بلاده "لا يمكن أن تنسى الإساءات التي تعرضت لها، أما الدول التي تحاول فرض إملاءاتها على قطر، فلن تسمح لها الدوحة بفرض شروطها عليها، ولذلك لم تحدث مصالحة مع البحرين حتى الآن".
ويعتقد المهندي أنه "لن يجد جديدا بعد كأس العالم، وأن الأمور ستستمر لمصلحة قطر؛ لأنها رسمت سياسة واضحة للجميع".
وتابع: "وحتى علاقات الدوحة، سواء مع طهران أو أنقرة أو أي عواصم أخرى، فهي في مصلحة المنطقة"، مؤكدا أنه "يجب ألا نفكر في الصراع بل بالحوار".
وختم الصحفي القطري بالقول إن "قطر ليست بحاجة إلى أي دولة أخرى حاليا، فخلال الحصار الذي فرضته الدول الأربع استطاعت قطر أن تعزز كل شؤونها من أمن غذائي إلى القضايا الدبلوماسية وغيرها، وهي الآن ليست بحاجة إلى أية دولة خليجية".