تمارس "لعبة صفرية".. ماذا يقصد وزير خارجية الصين باتهامه لواشنطن؟
في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2022، عينت الصين سفيرها لدى الولايات المتحدة تشين جانج، بمنصب وزير الخارجية، لكن قبل رحيله عن واشنطن، بعث برسالة مفتوحة للشعب الأميركي، حملت مضامين عديدة، تعبر عن سياسة جديدة لبلاده مليئة بالتهديد والتحذير.
صحيفة "سوهو" الصينية، تناولت رسالة الوزير الجديد، مؤكدة أنها استخدمت لهجة شديدة الحدة، وتكشف عن تحذيرات لواشنطن من أن عدم تخليها عن عقلية "اللعبة الصفرية"، سيتسبب في إغراق العالم.
رسالة مفتوحة
وقالت الصحيفة الصينية إن تشين جانج عمل بجد وكرس الكثير من الجهد لتيسير العلاقات الصينية الأميركية.
وأضافت: "بعد تعيينه وزيرا للخارجية، لن يركز تشين على العلاقات الصينية الأميركية، لكنه سيتولى مهمة جديدة سيكون فيها مسؤولا عن دبلوماسية القوى الكبرى".
وقبل مغادرته منصبه سفيرا للصين لدى الولايات المتحدة، نشر رسالة مفتوحة على موقع "ناشيونال إنترست" الأميركي.
وركزت رسالته على النقاط الساخنة، مثل مضيق تايوان، وبحر الصين الجنوبي، والحدود الصينية الهندية، والصراع بين روسيا وأوكرانيا، وكذلك التطورات المستقبلية في العلاقات الأميركية الصينية.
وفي نهاية رسالته، أصدر تشين نداء للأميركيين، آملا أن يتخذ 300 مليون أميركي القرار الصحيح، وأن يكونوا حذرين، وأن يصدروا أحكامهم مستقلة عن الدعايات.
وأن يمنعوا الحكومة الأميركية الحالية من الاستجابة لأي أصوات غير معنية، تؤدي إلى دفع العلاقات الصينية الأميركية إلى وضع سيئ لا يمكن إصلاحه لاحقا.
وحذر من العقلية التي تفكر بها الولايات المتحدة تجاه الصين، قائلا: "إذا أبقت الولايات المتحدة على عقلية اللعبة الصفرية، وسعت دائما إلى الفوز أو الخسارة مع الصين، فسيكون من الصعب على العلاقات الصينية الأميركية أن تتطور بشكل صحي سليم، لكنها ستستمر في التدهور".
وأكد أن "عواقب ذلك ستكون سيئة لدرجة لا تطاق بالنسبة للولايات المتحدة".
ولفتت الصحيفة إلى أن مقال الوزير الجيد هو "تحذير شديد نادر من نوعه توجهه الصين للولايات المتحدة".
وأضافت: "كانت هناك مشاكل كبيرة في العلاقات الصينية الأميركية، وأصبحت التناقضات بين الجانبين أكثر بروزا".
استفزاز متواصل
وأشارت الصحيفة الصينية إلى أن الولايات المتحدة تواصل استفزاز الصين، وهو ما "لن يؤدي إلا إلى إغراق العالم في حالة من الذعر الوشيك".
ويأمل تشين أن يستيقظ الشعب الأميركي ولا يسمح أن يتلاعب به بعض الأشخاص بدوافع خفية.
وعقبت الصحيفة بأن "الشعب الأميركي ينتخب الساسة الأميركيين، لكنهم بدورهم يقومون بخداع شعبهم".
وأوضحت أن العالم كله يرى حقيقة الولايات المتحدة، حيث إنها في حال واجهت دولة ضعيفة، تبرز هيمنتها وتتدخل عن عمد في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، بل قد ترسل قواتها هناك بشكل مباشر.
وفي المقابل، بمجرد أن تواجه دولة يمكن أن تشكل لها تهديدا، تبدأ في تغيير وجهها الظاهر، وتبدأ في إظهار النفاق والتعامل بمعايير مزدوجة.
وأكدت أن الولايات المتحدة والصين يخوضان حربا تجارية منذ فترة طويلة، كما أن الصين انخرطت في مواجهات عديدة في مضيق تايوان.
لكن الولايات المتحدة كانت تتظاهر دوما بأنها "رجل طيب"، فعند التواصل مع الجانب الصيني، تقدم العديد من الوعود.
لكن بمجرد أن تدير ظهرها، تُنسى هذه الوعود جميعا، ومن ثم تقوم باستفزازات خطيرة للصينيين بشأن مضيق تايوان.
وقبل أيام قليلة، صادق الرئيس الأميركي جو بايدن على قانون تفويض الدفاع الوطني (ميزانية 2023)، وتجاوز الجزء المتعلق بتايوان 50 صفحة من القانون.
ووفقا لذلك، ستقدم الولايات المتحدة لتايوان في السنوات الخمس المقبلة 10 مليارات دولار، كمساعدة عسكرية.
كما أنها ستمنح تايوان وضع حليف من خارج حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وهو ما سيسمح للسلطات التايوانية بالحصول على مواد دفاعية مباشرة من الولايات المتحدة.
مستقبل مقلق
وأكدت الصحيفة الصينية أن الهدف من هذه السياسات الأميركية هو "تحويل تايوان إلى ترسانة مسلحة".
ونتيجة لذلك، نظمت قيادة القطاع الشرقي في القوات المسلحة الصينية قواتها البحرية والجوية لإجراء مناورات عسكرية حول جزيرة تايوان، وكان ذلك بمثابة "تحذير شديد اللهجة للولايات المتحدة الأميركية".
أما فيما يتعلق بقضية بحر الصين الجنوبي، فقد قامت الولايات المتحدة كذلك بإجراء العديد من التحركات الصغيرة.
فمنذ فترة طويلة، صرحت الصين بأن الدول الواقعة في بحر الصين الجنوبي ستجري مشاورات حول "مدونة قواعد السلوك في بحر الصين الجنوبي"، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة ليس لها الحق في التدخل في شؤون بحر الصين الجنوبي.
لكن تحت تأثير الولايات المتحدة، فإن "بعض الدول حول بحر الصين الجنوبي، والتي تحمل أوهاما غير واقعية بشأن الولايات المتحدة، تسببت في عدم المضي قدما لإنفاذ هذه المدونة".
فعلى سبيل المثال، تسمح الفلبين للولايات المتحدة باستخدام قواعدها العسكرية.
وتعقب الصحيفة بالقول: "تواصل الولايات المتحدة زرع الألغام حول الصين، ولا تخشى أن تفجر نفسها في النهاية".
وأكد وزير الخارجية الصيني الجديد أن "العالم يقف عند مفترق طرق، وكذلك العلاقات الصينية الأميركية".
فلم تعد العلاقات بينهما مجرد لعبة اقتصادية. مؤكدا: "سواء كانت العلاقة بين البلدين جيدة أم سيئة، فسيكون لها تأثير عميق على العالم".
واختتم خطابه للأميركيين محذرا: "إذا تصرفت الولايات المتحدة بتهور، فستكون نتائج ذلك سيئة، وستتحمل الولايات المتحدة مسؤولية هذه النتائج بشكل كامل".