سمير ديلو لـ"الاستقلال": لا لانقلاب جيش تونس ونعم لتبكير انتخابات الرئاسة
أكد القيادي بجبهة الخلاص الوطني التونسية سمير ديلو، أن الرئيس قيس سعيد أراد أن يزين وجه انقلابه القبيح عبر الانتخابات البرلمانية التي عقدت في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2022، لكنه كان على موعد مع "فضيحة مجلجلة".
وقال ديلو في حوار مع "الاستقلال"، إن ما حصل في "17 ديسمبر" لم يكن انتخابات أصلا، بل مجرد عملية صورية كان يراد منها إيهام العالم بالعودة إلى الشرعية عبر تنظيم انتخابات تتوفر فيها الشروط الدُنيا للمصداقية.
ومع مقاطعة أكثر من 90 بالمئة من الشعب للانتخابات، أوضح ديلو أن العملية السياسية التي أطلقها قيس سعيد بشكل أحادي انفرادي وفوقي تحمل مقومات فشلها داخلها وستنهار تلقائيا.
وفي هذا السياق، شدد على أن الدعوة لعقد انتخابات رئاسية مبكرة مشروعة ومحل إجماع، باستثناء حاشية الرئيس والمستفيدين من انفراده بالسلطة، مؤكدا في الوقت ذاته رفضه لأي انقلاب من الجيش أو أي طرف لحلحلة الأزمة.
وديلو (56 عاما)، سياسي ومحام تونسي انخرط لسنوات طويلة في صفوف حركة النهضة، قبل أن يستقيل منها عام 2021، وشغل سابقا منصب وزير حقوق الإنسان بين عامي 2011 و2014.
وتمثل جبهة الخلاص الوطني أكبر تجمع سياسي مدني مناهض للانقلاب، وتأسست في 31 مايو/ أيار 2022، من خمسة أحزاب هي "النهضة"، و"قلب تونس"، و"ائتلاف الكرامة"، و"حراك تونس الإرادة" و"الأمل"، إضافة إلى حملة "مواطنون ضد الانقلاب"، وعدد من البرلمانيين.
فضيحة الانتخابات
كيف ترى جبهة الخلاص الانتخابات التشريعية التي أجراها قيس سعيد أخيرا؟
ما حصل يوم 17 ديسمبر لم يكن انتخابات أصلا؛ بل مجرد عملية صورية كان يراد منها تزيين الوجه القبيح للانقلاب، وإيهام العالم بالعودة إلى الشرعية عبر تنظيم انتخابات تتوفر فيها الشروط الدُنيا للمصداقية.
لكن بدلا من ذلك كان قيس سعيد على موعد مع فضيحة مجلجلة، تمثلت في تدني نسبة مشاركة الناخبين لتصل إلى 8.8 بالمئة، بينما قاطعها 90.12 بالمئة.
لتكون هذه النسبة الأضعف عالميا منذ الحرب العالمية الثانية، فضلا عن نسبة ترشح لم تغط كامل الدوائر في المحافظات التونسية!
أضف إلى ما سبق تضارب تصريحات رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر.
إذ أعلن قبيل الاقتراع بيومين أن العدد المتوقع للمشاركين في هذه الانتخابات لن يقل عن قرابة الثلاثة ملايين، بينما لم تتجاوز 600 ألف ناخب من بين 9 ملايين.
كما زعم أن السبب في تدني المشاركة هو غياب المال الأجنبي الفاسد وتغيير القانون الانتخابي ودعوات المقاطعة.
فضلاً عن أن تعليق قيس سعيد على فضيحة تدني نسبة المشاركة بأنه يعكس حالة إنكار مُطلق ومكابرة غير مسبوقة ورفضا قاطعا للإقرار بالخطأ في مسار 25 يوليو ومشروع الحكم الفردي.
كيف يمكن لجبهة الخلاص إبطال هذا المشروع؟
العملية السياسية التي أطلقها سعيد بشكل أحادي انفرادي وفوقي تحمل مقومات فشلها داخلها، وهي لا تملك أيا من شروط النجاح وستنهار تلقائيا.
لكن مع ذلك يجب على المعارضة ألا تدخر جهدا في السعي لإسقاطها بكل أشكال النضال المدني السلمي.
هل تمتلك الجبهة إستراتيجية شاملة لإعادة الأوضاع الى نصابها في تونس؟ وكيف؟
أظن أنه لا يمكن الحديث عن إستراتيجية شاملة لإعادة الأوضاع إلى نصابها في تونس اليوم.
ولكن هناك خططا يجرى تطويرها، وتحيطها دوريات ومساع للتوسع والإدماج والانفتاح، واستعداد لا حدود له من أجل العودة لمسار الثورة.
وماذا عن أزمة صندوق النقد والفشل الاقتصادي العميق لمسار قيس سعيد.. كيف تخرج منه تونس؟
المشكلة ليست في الأزمة الاقتصادية ذاتها بل في عدم الاهتمام بحلها من رئيس له أولويات أخرى وحكومة فاقدة للكفاءة بشكل غير مسبوق.
مبادرات حل
كيف ترى الجبهة الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وما إمكانية تحقيق ذلك؟
هذه الدعوة مشروعة، وإذا استثنينا حاشية الرئيس وبطانته والمستفيدين من انفراده بالسلطة، فهذا المطلب يكاد يصبح محل إجماع.
فالرئيس فقد شرعيته بالانقضاض على دستور 2014 الذي أقسم عليه وعلى حمايته، وفقد مشروعيته بمقاطعة أكثر من 90 بالمئة من الناخبين للانتخابات التي نظمها رفضا للمسار الانقلابي.
كيف قرأت ردود الفعل المختلفة بخصوص مبادرة "ارحل" التي تطالب بعزل قيس سعيّد؟
ردود الأفعال تتراوح بين الموافقة والترحيب، وأراها سابقة لأوانها؛ بينما أنصار قيس سعيد أو من بقي منهم فيرون مبادرة "ارحل" من الكبائر.
ما موقف اتحاد الشغل من مبادرة "ارحل"؟
اتحاد الشغل لا ينازع في شرعية الرئيس احتراما للانتخابات الشعبية التي أتت به للسلطة؛ ولكن موقفه تدرج من المساندة إلى توجيه الانتقادات لقراراته الانفرادية، ثم إلى التحفظ.
حتى أصبح اليوم موقف الاتحاد التونسي للشغل معارضا حازما ضد قرارات سعيد وطالبه بالعودة عن المضي في الجولة الثانية من الانتخابات والدعوة لحوار وطني شامل لإنقاذ تونس من السقوط في الهاوية.
ما موقف الجبهة من مبادرة الاتحاد التونسي للشغل للحوار الوطني لإنقاذ تونس؟
لم نطلع على مضمون هذه المبادرة التي مازالت في طور المشاورات الأولية، ولكننا بشكل مبدئي نرحب بكل الخطوات التي تساعد على تلمس ضوء في آخر نفق الأزمة التي خلقها انقلاب قيس سعيد.
ما موقف الجيش والمؤسسات الأمنية والقضائية من سعيد بعدما شاهدوا رفض 90 بالمئة من الشعب للانقلاب؟
الجيش التونسي مؤسسة جمهورية منضبطة لا تتدخل في الشأن السياسي، وقد أخطأ سعيد في حقها بتوريطها في إغلاق البرلمان بممارسة عسكرية.
أما الأمن فعلاقته بالسلطة الحاكمة تخيم عليها معركة كسر عظم بين وزير الداخلية والمقابلات الأمنية.
ماذا لو قام الجيش بانقلاب ناعم على قيس سعيد، هل ستقبل جبهة الخلاص بهذا الانقلاب أم لا؟
لسنا مع الانقلابات مهما كان تقريرها وبقطع النظر عن هوية من يقف خلفها.
خطاب سلطوي
كيف ترى محاولات إلهاء التوانسة باعتقال رموز سياسية من حركة النهضة ورافضي الانقلاب؟
هي محاولات يائسة لتحقيق هدفين يسعى إليهما قيس سعيد منذ بدء انقلابه على الدستور والديمقراطية.
وهما تشويه كل رموز النخبة السياسية التي أفرزتها ثورة الياسمين في 2011 من خلال محاولة إلصاق تُهم الفساد والإرهاب بهم بغير دليل.
إضافة إلى محاولة إلهاء الشعب التونسي عن معاناته اليومية بسبب غلاء المعيشة، وفقد المواد الأساسية، وصرف الأنظار عن فشل السلطة في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
داعمو قيس سعيد يتهمون معارضي الانقلاب بأنهم لا وزن لهم. ما ردكم؟
أعتقد أن العكس هو الصحيح، فأنصار قيس سعيد لا وزن لهم ولا حضور قوي في الشارع ويعمدون على قوة السلطة ليس أكثر.
والدليل على ذلك واضح وضوح الشمس حيث دعا قيس سعيد أنصاره للنزول للشارع فلبى دعوته العشرات.
ثم دعاهم لاستشارة إلكترونية فلم يشارك فيها سوى خمسمائة ألف مواطن، ودعاهم للاستفتاء على الدستور فاستجاب أقل من ربع الناخبين.
ثم تبنى إستراتيجية في تحريضهم على المشاركة في الانتخابات التشريعية الحالية فقاطعها أكثر من 90 بالمئة من الناخبين التوانسة. فمن الذي لا وزن له برأيكم بعد كل هذه الإخفاقات الكاشفة!؟
كيف ترى خطورة استمرار خطاب الكراهية والتخوين من قبل قيس سعيد لمعارضيه؟
خطاب قيس سعيد وبعض مناصريه يقسم التونسيين ويشجع على العنف وهو بمقتضى القانون يشكل جرائم تستوجب المقاضاة.
فضلا عن أن الرئيس مازال يواصل خطاب الشتم والسب بحق رافضي الانقلاب ويصفهم بأنواع الحشرات والزواحف كافة.
كما أن قيس سعيد لا يقر لأحد أن يشاركه في مسار 25 يوليو الذي اخترعه، فهو لا يقسم الشعب التونسي إلى مواطنين صالحين ومناوئين وعملاء يستقوون بالأجنبي.
بل إنه يقسم حتى مؤيديه إلى مساندين أحسنوا مساندته، وآخرين يُظهرون خلاف ما يبطنون وهم منافقون.
ولا ندري ما مواصفات النظام الجديد سوى أنه نظام الفرد الذي يأمر فيطاع، ولا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.
فهو الذي يكتب دستور ثم يغيره بجرة قلم، وهو من يُعين هيئة لكتابة الدستور ثم لا يأخذ بشيء مما كتبته؛ كما أنه استبدل نظام الانتخابات لاختيار الولاة والمسؤولين بالتعيينات.