صحيفة إيرانية: نواجه دولا "هشة ومشلولة" ويمكننا إغلاق مضيق هرمز
أشادت صحيفة فارسية بفرض إيران عقوبات على مجموعة من الأفراد والكيانات في الاتحاد الأوروبي ضمن مبدأ المعاملة بالمثل، لكنها رأت الأمر مازال غير كافٍ.
وأعلنت الخارجية الإيرانية في 13 ديسمبر/كانون الأول 2022، أنها أدرجت 5 كيانات و10 أشخاص في قائمة عقوباتها ضد الاتحاد الأوروبي.
وعزت الوزارة العقوبات إلى إقدام الكيانات والأفراد على "إجراءات متعمدة لدعم الجماعات والأعمال الإرهابية" أثناء الاحتجاجات المستمرة في البلاد، حسب ما ذكرت وكالة أنباء "إرنا" الحكومية.
المعاملة بالمثل
وجاء في البيان أن فرض العقوبات جاء "بسبب الدعم المتعمد للأعمال والجماعات الإرهابية والترويج للإرهاب والعنف والتحريض عليها، ونشر الكراهية التي تسببت في حدوث اضطرابات وأعمال شغب وانتهاكات لحقوق الإنسان".
وتشمل العقوبات "حظر إصدار التأشيرات ومنع دخول أشخاص إلى إيران ومصادرة ممتلكاتهم وأصولهم في المناطق الخاضعة لسلطة طهران"، حسب البيان.
وأوضح أن جميع المؤسسات الإيرانية، وبناء على موافقات السلطات المختصة، ستنفذ التدابير اللازمة لتنفيذ العقوبات.
وذكر أن "إيران تتعامل على أن دعم وتسهيل إجراءات هؤلاء الأشخاص والمؤسسات، انتهاكا للالتزامات الدولية للاتحاد الأوروبي".
وتشمل قائمة الكيانات التي شملتها العقوبات الإيرانية؛ إذاعة "فردا"، القسم الفارسي من إذاعة أوروبا الحرة، وإذاعة "زمانه" التي تبث من هولندا.
وأيضا مجلة "شارلي إبدو" الفرنسية وشركة هندسة المياه التجارية (WET) وشركة "کیدلمایستر بروجكتا"، حسب الوكالة.
وتضم قائمة العقوبات المفروضة على الأفراد قائد الاتصال في سلاح الجو الألماني وقاعدة رامشتاين الجوية مايكل تراوترمان، وقائد القوات الألمانية في العراق العقيد هولجر كونكيل، ونائبة البرلمان الأوروبي هانا نيومان، والسياسي والدبلوماسي الفرنسي برنار كوشنير، وآخرين.
وفي وقت سابق، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على 40 شخصية و7 مؤسسات إيرانية على خلفية قمع الشرطة لمظاهرات عمت البلاد عقب وفاة الشابة "مهسا أميني".
ومنذ 16 سبتمبر/أيلول 2022 تتواصل احتجاجات بأنحاء إيران إثر وفاة أميني (22 عاماً) بعد 3 أيام على توقيفها لدى "شرطة الأخلاق" المعنية بمراقبة قواعد لباس النساء.
وأثارت الحادثة غضبا شعبيا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية في إيران، وسط روايات متضاربة عن أسباب الوفاة.
وفي تعليقه على الإجراء الإيراني، رأى علي شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة "كيهان" الأصولية، والمقربة من المرشد الإيراني علي خامنئي، أن فرض عقوبات إيرانية على مسؤولين أو مؤسسات أوروبية وأميركية إجراء غير كاف، ودعا إلى تفعيل ما يمكن تفعيله من الآليات المتاحة لردع "العدو".
أثنى شريعتمداري على الإجراء الذي اتخذته وزارة الخارجية الإيرانية ضد الدول الأوروبية، والذي يضاف إلى إجراءات أخرى، من قبيل استدعاء سفراء هذه الدول والاحتجاج عليهم.
وقال إن ما فعلته الوزارة عمل يستحق الثناء، إلا أنه غير كافٍ في خضم الحرب المشتركة واسعة النطاق التي يشنها مَن وصفهم بأنهم أعداء خارجيون ضد إيران.
وهي الحرب التي "داسوا فيها على جميع القوانين الدولية المعترف بها"، وذلك من خلال المشاركة العلنية في تقديم الدعم المالي والسلاح لـ "الإرهابيين من مثيري الشغب"، والدعاية الإعلامية لـ"جرائمهم الوحشية"، وفق وصفه.
وأكد شريعتمداري أن معاقبة مسؤول أوروبي أو أميركي معين، أو استدعاء سفراء بعض الدول إلى وزارة الخارجية، عمل غير متوازن، لأن عامل الردع فيه لا يمكن أن يزيد على درجة الصفر.
فالإجراءات المذكورة تكاد تكون الحد الأقصى مما يمكن توقعه حسب المعروف لدى وزارة الخارجية.
وهذا يعني أن عمل وزارة الخارجية جدير بالثناء، ولكن كما ورد في الأمثال فإنه "من أجل أن تتحرك العربة، يجب أن تدور عجلاتها الأربع".
وأضاف: "لهذا ينبغي القول إن لدى جمهورية إيران الإسلامية العديد من القدرات التي لم تستخدمها بعد، أو قلما استخدمتها، لجعل الولايات المتحدة وأوروبا الإرهابيتين تأسفان على دعم الإرهابيين"، كما قال.
مضيق هرمز
اختار شريعتمداري قدرة واحدة من هذه القدرات التي يرى أنها مشروعة من ناحية القانون الدولي، وهي إمكانية إغلاق مضيق هرمز في وجه الملاحة الدولية طالما رأت إيران أن مصالحها الوطنية في خطر.
خاصة أن المضيق ذو أهمية كبيرة، لأنه ثاني أكثر المضايق ازدحاما في العالم، حيث يمر منه يوميا ما يقرب من 18 مليون برميل من النفط، أي ما يعادل 42 بالمئة من النفط الخام العالمي، بحسب قوله.
حشد شريعتمداري في مقاله العديد من الأدلة التي يرى أنها تتيح لإيران إمكانية إغلاق المضيق أمام ناقلات النفط والسفن الأجنبية التي تحمل الأسلحة والبضائع، ومنها معاهدة جنيف لعام 1958، ومعاهدة جامايكا لعام 1982، وموضوعهما "النظام القانوني للممرات المائية الدولية وحق مرور السفن".
ويقول إن المعاهدتين تمثلان أساسا قانونيا يمكن الاستناد إليه في إغلاق المضيق من جانب إيران، إذا رأت أن مصالحها الوطنية معرضة للخطر.
وحسب ما ورد في الاتفاقيتين، يرى شريعتمداري أن لإيران الحق المطلق والقانوني في عدم السماح لناقلات النفط والسفن التي تحمل البضائع التجارية التابعة للدول المعادية بالمرور عبر مضيق هرمز.
واستند في ذلك إلى الفقرات 14 إلى 23 من معاهدة جنيف لعام 1958، والفقرات 17 إلى 37 من معاهدة جامايكا لعام 1982، التي تختص بموضوع الدول المتشاطئة والحق في عبور السفن من المضايق.
وأشار الكاتب إلى بعض البنود التي رأى أنها تصب في مصلحة إيران حال اتخاذها قرارًا بإغلاق مضيق هرمز، وأهمها الفقرة الأولى من المادة 16 في اتفاقية جنيف، والتي تنص على أنه يمكن للدول المتشاطئة أن توقف عبور السفن الأجنبية بشكل مؤقت من أجل المحافظة على أمنها.
كما أشار إلى الفقرة الرابعة من المادة 14 من اتفاقية جنيف، التي تنص على أن "عبور السفن لا يكون ضارا طالما لا يضر بسلام أو نظام أو أمن الدول المتشاطئة".
والفقرة الأولى من المادة 16 التي تتيح للدول المتشاطئة إمكانية تقرير ضرر السفن من عدمه، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأضرار.
هذا بالإضافة إلى المادة الثالثة من المادة 16، التي تتيح للدول المتشاطئة أن "توقف مؤقتًا مرور السفن الأجنبية، دون أن تفرق بين هذه السفن، حفاظا على أمنها".
وعن إدراك الغرب لخطورة التهديد بإغلاق مضيق هرمز وخوفه من هذا الإجراء، ذكر شريعتمداري بما كتبه في ديسمبر 2011، حينما كان الكونغرس الأميركي يناقش قانون حظر تصدير النفط الإيراني.
إذ أشار الكاتب حينها إلى أن أفضل الطرق وأكثرها فعالية للتعامل مع هذا الحظر هو التمسك بـ"الحق الشرعي" في إغلاق مضيق هرمز في وجه ناقلات النفط، استنادا إلى البنود 14 إلى 23 من معاهدة جنيف لعام 1958، والبنود 17 إلى 37 من معاهدة جامايكا لعام 1982.
وأثار هذا الاقتراح، بحسب شريعتمداري، ردود فعل أميركية وأوروبية وعربية في ذلك الوقت، حتى إن صحيفة "لوموند" الفرنسية كتبت أن "إيران تمتلك القدرة على إغلاق مضيق هرمز، ويمكن أن تكون الموافقة على قانون حظر النفط الإيراني في الكونغرس أمرا مؤسفا لأميركا وأوروبا وحلفائهم الإقليميين".
كما كتبت صحيفة "بوستون غلوب" الأميركية أنه "يمكن لإيران أن تغلق مضيق هرمز في أي لحظة، ما سيؤدي إلى وقف تصدير ملايين براميل النفط يوميا.
وسيكون هذا الإغلاق هو أقوى رد على مصالح الولايات المتحدة، لأن النمو الهائل في أسعار النفط سيؤدي إلى كارثة لا يمكن إصلاحها للاقتصاد الغربي، وفق قوله.
وقيَّمت وكالة الطاقة الأميركية إغلاق هرمز بأنه كارثي، لأن هذا المضيق هو الممر الوحيد لثماني دول تطل على الخليج.
أما خبير شؤون الدفاع والطاقة الإماراتي، أحمد العطار، فقد حذر من تلغيم الخليج، لأن ذلك سيجعل مواجهة إيران مستحيلة، ووصف إغلاق مضيق هرمز بأنه أهم تهديد يمكن تصوره، لأن ذلك سيتسبب في إيقاف حركة النفط والتجارة، وفق ما نقلت الصحيفة.
يرى شريعتمداري أن خوف الغرب من احتمالية إغلاق مضيق هرمز يشير بوضوح إلى أن هذا الإغلاق في وجه الدول التي اتهمها بدعم "الإرهابيين" في إيران قانوني، ويمكن لإيران أن تفعله وأن الظروف الحالية تسمح لها بذلك، لأنها ستواجه دولا هشة ومشلولة، بحسب تقييمه.
وتابع: "هذا بالإضافة إلى أن القوة العسكرية لإيران تضاعفت، ومكانتها الإقليمية زادت بشكل كبير عما كانت عليه قبل 11 عامًا، حينما فرض عليها حظر تصدير النفط".
وفي ذلك إشارة إلى توسع النفوذ الإيراني في العديد من الدول العربية، مثل لبنان واليمن والعراق وسوريا، وهو ما يتيح لها استخدام كل أدواتها الإقليمية في الضغط على الغرب حال اتخاذ قرار الإغلاق.
وعلى الجانب الآخر، يرى شريعتمداري أن الولايات المتحدة والدول الغربية تواجه العشرات من الأزمات المعطلة مثل الوقود والغذاء والأمن والعمالة، وأزمة الصراعات الداخلية، وأعمال الشغب، ويمكن لإغلاق مضيق هرمز أن يضاعف من أزمات هذه الدول ويصيبها بالشلل.
وللتأكيد على أن التهديد بإغلاق مضيق هرمز جزء من السياسة الإيرانية، ذكَّر شريعتمداري بموقف المرشد الإيراني، علي خامنئي، من الضغط على الغرب عبر هذه الخطوة.
وترسخ ذلك حينما هدد الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، بأن بلاده لن تسمح لأحد بتصدير النفط في حال منعها من تصدير نفطها، في إشارة إلى إمكانية إغلاق المضيق ووقف حركة الملاحة فيه.
وعدّ خامنئي وقتها كلام روحاني تصريحا مهما يعكس سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ونهجها.
وختم الكاتب مقاله بالتنويه إلى موقف المرشد السابق، آية الله الخميني، من استخدام مضيق هرمز في الضغط على خصوم إيران ومنع السفن الأميركية من الوصول إلى مياه الخليج.
إذ قال الخميني أثناء الحرب العراقية الإيرانية: "لو كان الأمر بيدي لضربت أول سفينة بمجرد دخولها مياه الخليج"، بحسب ما نقل الكاتب.