هيمنة متزايدة.. صحيفة إسبانية: "القوة السوداء" تغزو ولايات أميركا للمرة الأولى

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة إسبانية عن الانتخابات النصفية التي شهدتها الولايات المتحدة، في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2022، التي أظهرت هيمنة ما أسمتها "القوة السوداء" في البلاد.

وفي الحقيقة، من بين أكبر 20 مدينة في البلاد، هناك 11 عمدة من السود (الأميركيين من أصل إفريقي) مقابل ستة أعضاء فقط من البيض، وفق وصف صحيفة بوبليكو. بالإضافة إلى ذلك، احتل الديمقراطيون 18 مجلسا من أصل 24 مجلس مدينة.

وقالت الصحيفة إن الحزب الجمهوري تمكن في الانتخابات التشريعية النصفية من تجنب الموجة الجمهورية الحمراء المخيفة.

وخلال هذه المناسبة، تمكن من الاحتفاظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ وانتهى به الأمر بفقدان السيطرة على مجلس النواب، ولكن فقط بهامش ضيق للغاية. 

صناعة التاريخ

وبهدوء، اتخذت البلاد خطوة إلى الأمام في سيناريو آخر تعزز خلال السنوات الأخيرة في الولايات المتحدة.

في الواقع، يتعلق الأمر بالسلطة المحلية ورؤساء البلديات؛ بعد الثامن من نوفمبر، تاريخ الانتخابات البلدية في العديد من المدن.

من بين المدن العشرين الأكثر اكتظاظا بالسكان، كانت رئاسة البلديات من نصيب 11 عمدة من الأميركيين الأفارقة، وهم ثاني أكبر أقلية في البلاد، بنسبة 13.6 بالمائة، بعد اللاتينيين.

ونوهت الصحيفة بأن هذه القوة المحلية تتجلى من خلال المعطيات التالية: للمرة الأولى في تاريخ البلاد، سيكون لمدنها الأربع الأكثر اكتظاظا بالسكان، نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو وهيوستن، "رؤساء بلديات سود"، وفق وصف الصحيفة.

وسيحكم باقي رؤساء البلديات من هذه الأقلية مدن مثل دالاس وشارلوت وإنديانابوليس وسان فرانسيسكو وسياتل ودنفر وعاصمة البلاد، واشنطن.  

وفي قائمة المدن العشرين، توجد مدن بها عدد كبير من السكان من أصل إفريقي، على الرغم من أن هذه النسبة لم تتجاوز 50 بالمائة من التعداد السكاني بأي حال من الأحوال.

وتحديدا، تعد واشنطن المكان الذي يحتل فيه المجتمع ذو الأصول الإفريقية أعلى نسبة من التعداد السكاني، في حدود 45.8 بالمائة من سكانها، تليها شارلوت بنسبة 35.5 بالمائة.

بالإضافة إلى ذلك، تضيف: "يوجد خمس مدن تضم أقل من 30 بالمائة من "السكان السود": شيكاغو بنسبة 29.2 بالمائة، وإنديانابوليس بنسبة 29 بالمائة، ودالاس بنسبة 24.3 بالمائة، ونيويورك بنسبة 23.8 بالمائة، وهيوستن بنسبة 22.8 بالمائة".

وفي بقية المدن، لم يتجاوز عدد أولئك السكان نسبة 10 بالمائة؛ مما يكشف عن حقيقة أنه للحصول على رئاسة البلديات المذكورة، فإن هذه الأقلية قد حصلت على دعم قطاعات واسعة من السكان من أعراق الأخرى.

ويدل هذا المؤشر على أن المقترحات السياسية التقدمية للأميركيين من أصل إفريقي قد كان لها تأثير على المقترعين، مما أسهم في توحيدهم وجذبهم لدعم هذه القوة.

ونقلت الصحيفة أن السر وراء هذا الدعم واضح، إذ إن غالبية السكان في المدن الكبرى تصوّت لصالح الحزب الديمقراطي.

ومن بين قائمة العشرين الأكثر اكتظاظا بالسكان في الولايات المتحدة، اختارت مدينتان فقط (جاكسونفيل وفلوريدا، وأيضا فورت وورث، في تكساس، في المرتبة 12 و13 من حيث عدد السكان في الولايات المتحدة، وكلتاهما في جنوب البلاد) عمدة جمهوريا. 

وذكرت الصحيفة أن من بين أحد رؤساء البلديات التي تتولى المنصب للمرة الأولى تبرز عمدة لوس أنجلوس الجديدة، كارين باس.

وتعليقا على ذلك، قال فرانك سكوت، العمدة الديمقراطي لمدينة ليتل روك: "في كل مرة يكون لدينا عمدة جديد، يكون الأمر مثيرا، ولكن أن يكون لدينا عمدة آخر، امرأة سوداء، ستدير واحدة من أعظم المدن في بلدنا، أمر مهم حقا". 

تصويت تقدمي

ونقلت الصحيفة عن السياسي الأميركي فرانك سكوت، أن "صعود رؤساء البلديات من أصل إفريقي في المدن الكبرى لا يتعلق فقط بقبول تلك الأقلية في مناصب المسؤولية والاحتفاء بالتنوع العرقي".

في الحقيقة، يكشف وجود ما أسمته الصحيفة "العمدة الأسود"، بشكل عام، عن الزخم الذي يتمتع به التصويت التقدمي، وبالتالي، الديمقراطي، في العالم الحضري.

وأما على المدى القصير، فيزيح هذا المؤشر الستار عن ربط هؤلاء العمداء بالسياسات التقدمية للطبقة الوسطى والقطاعات الاجتماعية الأكثر حرمانا.

عموما، تفسر كل هذه العوامل سبب انتخاب مدن مثل لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو وسياتل أو دنفر، حيث لا تصل تلك الأقلية حتى إلى 10 بالمائة من التعداد السكاني، لرؤساء بلديات من أصل إفريقي. 

في هذا المعنى، أوضح عالم السياسة من جامعة آيوا، ستيفن شميدت أن "غالبية الناخبين البيض يثقون في أن السياسيين السود سيديرون المشاكل بشكل أفضل في تلك المدن. وبالإضافة إلى ذلك، هي مشاكل غالبا ما تعاني منها المجتمعات السوداء بصفة خاصة"، وفق تعبيره.

ويضيف شميدت: "في كثير من الحالات، مثل نيويورك، لم يحل العمدة الأبيض السابق الكثير من المشاكل التي عانت منها المدينة، وخاصة الجريمة". 

وفي الحديث عن التصويت المرتبط بالتنوع الثقافي، يشير الخبير السياسي من جامعة أيوا إلى أنه: "من ناحية، يميل الحزب الديمقراطي إلى دعم المرشحين من أصل إفريقي من أجل دعم مبدأ الشمولية".

من ناحية أخرى، في بعض الحالات، يكون رئيس البلدية امرأة، لذلك من المرجح أن ينجذب الناخبون إلى التصويت للنساء وللسود، وهي ميزة مزدوجة، وفق قوله.

ونوهت الصحيفة بأن أولى انتكاسات للعنصرية النظامية والتمييز العنصري في الولايات المتحدة ظهرت سنة 1954، بموجب الإعلان عن عدم دستورية الفصل العنصري على نطاق واسع بعد الحرب الأهلية.

وفي سنة 1955، عين الرئيس الجمهوري، دوايت أيزنهاور، فريدريك مورو مستشارا للمشاريع الخاصة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يشغل فيها أسود منصبا في إدارة البيت الأبيض، في حكومة رئيس، تقول بوبليكو. 

بعد هذا التعيين، جاء أول عمدة من أصل إفريقي لمدينة رئيسية في الستينيات، عقد حركة الحقوق المدنية، عندما انتخب كارل ستوكس رئيسا لبلدية كليفلاند، في أوهايو، في نوفمبر 1967.

وكانت الخطوات الأولى في الصعود السياسي الذي لا يمكن وقفه بالفعل لتلك الأقلية في الولايات المتحدة، والتي وصلت ذروتها مع وصول القرن الحادي والعشرين.

أولا، مع جورج دبليو بوش، الذي عيّن القاضي كلارنس توماس في المحكمة العليا، وكونداليزا رايس وزيرة للخارجية، وكولن باول وزيرا للدفاع. 

بعد ذلك، وصلت الرئاسة التاريخية لباراك أوباما (2008-2016). والآن، عزز الرئيس الحالي جو بايدن هذا المسار.

إذ إن "ستة من أصل 25 شخصا في حكومته ينتمون إلى السود، بمن فيهم نائب رئيس الدولة وأيضا المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، أول شخص من تلك الأقلية يشغل هذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة"، وفق بوبليكو.