تنويع الهجمات.. إستراتيجية جديدة للمقاومة الفلسطينية بالضفة تؤرق الاحتلال
انتقلت المقاومة الفلسطينية إلى إستراتيجية جديدة لتنويع الهجمات ضد إسرائيل عبر التغلب على جهاز الأمن العام المعروف باسم "الشاباك" وإلحاق الضرر بـ "تل أبيب".
ويرى موقع "نيوز ون" العبري أنه يجب على الشاباك أن يستجيب بطريقة إبداعية ورادعة، وأن يأخذ زمام المبادرة ويدمر البنية التحتية للمقاومة في الضفة الغربية، وفق وصفه.
معركة العقول
وأشار الموقع العبري إلى أن "معركة العقول" بين الشاباك الإسرائيلي والمنظمات الفلسطينية مستمرة، بعد أن تمكن الجهاز من توجيه ضربة قوية لمجموعة "عرين الأسود" الفلسطينية في نابلس، بحسب زعمه.
ويعمد الاحتلال لاغتيال عناصر المجموعة الفلسطينية المسلحة، والتي ظهرت علنا لأول مرة في عرض عسكري مطلع سبتمبر/أيلول 2022 في البلدة القديمة بنابلس، وينتمي أفرادها لمختلف الفصائل.
وأردف: "تمكّنت المنظمات الفلسطينية من مفاجأة الشاباك وتنفيذ هجوم مزدوج في القدس أسفر عن مقتل مستوطنين إسرائيليين".
وبعد فترة طويلة من الصمت النسبي، تعود العبوات الناسفة إلى محطات الحافلات داخل الأراضي المحتلة، ولكن هذه المرة بأجهزة أكثر تطورا وخطورة.
وبعد قرابة 20 عاما على غيابها، عادت عمليات تفجير الحافلات النوعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ كانت السمة المميزة للانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000- 2005).
وقتل إسرائيليان وأصيب 22 آخرون، بعضهم في حال الخطر الشديد، صباح 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، جراء انفجار عبوتين ناسفتين في موقفين للحافلات بمدينة القدس المحتلة.
وإلى جانب ذلك، نوه الموقع العبري إلى أنه "لا يزال الشاباك يحقق في ملابسات انفجار سيارة مفخخة في منطقة جنين".
واستهدف مقاومون فلسطينيون، في 24 نوفمبر، حاجز الجلمة الإسرائيلي" في جنين شمال الضفة الغربية المحتلة بعبوة شديدة الانفجار. ولم ترد أي معلومات عن وجود إصابات.
ويقول الموقع: "يبدو أن وضع العبوة كان يهدف لشن هجوم على مستوطنة أو قاعدة للجيش الإسرائيلي في المنطقة. المؤشرات خطيرة وتشير إلى عودة الكفاح المنظم إلى الميدان".
ويقدر مسؤولون كبار في حركة التحرير الوطني "فتح" أن الفصائل الفلسطينية انتقلت إلى إستراتيجية جديدة لتنويع النضال الذي تستخدمه ضد إسرائيل.
وتنص هذه الإستراتيجية على أنه سيجرى استخدام الكفاح المسلح بأسلوب مختلف ليكون من الصعب على الشاباك إحباطه.
ولفت الموقع العبري إلى استمرار المقاومة الفردية مثل، عمليات الدهس والطعن وعمليات إطلاق النار على الجنود والمستوطنين في منطقتي نابلس وجنين.
بث الذعر
وأشار المحلل السياسي والأمني "يوني بن مناحيم" إلى أن تلك العمليات تهدف إلى بث الذعر في أوساط الجمهور الإسرائيلي الذي يخشى عودة أيام الرعب التي شهدتها الانتفاضة الثانية عام 2000.
ويقول مسؤولون في حركة المقاومة الإسلامية حماس إنه في كل مرة يبدو لإسرائيل فيها أنها نجحت، يفاجئها الفلسطينيون بأعمال مقاومة جديدة ومبتكرة.
وبينما كانت إسرائيل تنهمك في قتال الفصائل العسكرية في نابلس وجنين، فاجأها الفلسطينيون بهجوم مزدوج ومتطور في القدس.
ويرى المحلل الإسرائيلي أن العودة إلى هجمات المقاومة المنظمة لها تأثير قوي على الجمهور الإسرائيلي الذي لا يريد العودة إلى أيام الانتفاضة الثانية.
إذ تخطط الفصائل الفلسطينية للعودة إلى العمليات الاستشهادية في المستقبل إذا جددت إسرائيل الإجراءات المضادة المستهدفة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفق تقدير الموقع.
ولفت إلى أن الفصائل تحاول خلق توازن رعب ضد إسرائيل وإلحاق الضرر بصلابتها، "وتتطلب الإستراتيجية الجديدة رداً إسرائيلياً رادعاً وخلاقًا"، بحسب تعبيره.
وأردف: "يبدو أن هناك بنى تحتية مقاومة جديدة في المنطقة، وأيضا معامل لإنتاج المتفجرات وآلاف الأسلحة غير القانونية وكميات كبيرة من الذخيرة".
ورأى أنه "يجب على قوات الأمن الإسرائيلية تدمير هذه البنية التحتية لأن السلطة الفلسطينية تخشى المواجهة مع المقاومين". وهذا يعني على المستوى السياسي اتخاذ قرار بشأن عملية عسكرية كبيرة في شمال الضفة الغربية، وفق تقديره.
وأنهى مقالته بالقول إنه لا توجد طريقة أخرى لطرد المقاومة سوى الدخول المكثّف لقوات الجيش الإسرائيلي إلى عمق المنطقة.
وبين أن عملية "كاسر الأمواج" التي أطلقها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية نهاية مارس/آذار 2022 لمواجهة التصعيد "ليست كافية للقضاء على أوكار" المقاومة.
وفي سياق متصل، أشار موقع معاريف العبري إلى أنه مر أكثر من ثمانية أشهر على بداية الموجة الأخيرة.
وأوضح أن تقييم القيادة السياسية والعسكرية للوضع متشائم ويتوقع استمرار التصعيد حتى بعد تغيير الحكومات في إسرائيل.
استخدام الأسلحة
ويرى الموقع العبري أنه في ظل الأوضاع الداخلية (غير المستقرة) في السلطة الفلسطينية من ناحية الحكم، فإن شمال الضفة الغربية لا يزال في قلب التصعيد الأخير.
ولفت الموقع العبري إلى أنه في عام 2022، جرى تسجيل 31 قتيلا إسرائيليا نتيجة الأعمال الفدائية- وقتل 23 مستوطنا في هجمات و8 جنود قتلوا أثناء القتال في الضفة الغربية، وفي الهجمات على الأرض.
وفي جميع جوانب العمليّات الفدائية، كان هناك زيادة في العام 2021، بما في ذلك المقاومة الشعبية المتمثلة في إلقاء الحجارة وقنابل المولوتوف، خاصة على الطرقات.
وفي عام 2022، وبحسب معطيات الجيش الإسرائيلي حتى الآن، حدثت 281 عملية فدائية شملت إطلاق نار وعبوات ناسفة وطعن ودهس، مقارنة بـ 91 هجمة خلال عام 2021.
وبحسب المعطيات فإن 239 من هذه الهجمات "استهدفت قوات الأمن و42 ضد المدنيين"، وفق وصف الموقع.
كما سجّلت المقاومة الشعبية زيادة من 2946 عملية في عام 2021 إلى 3382 عملية في عام 2022.
وأشار المحلل الأمني "تال ليف رام" إلى أنه خلال العام 2021، استشهد 136 فلسطينيا مقارنة بـ 76 في عام 2021.
وكان معظم الشهداء وفقا لبيانات الجيش، من الناشطين الفلسطينيين الذين شاركوا في القتال ضد قوات الجيش الإسرائيلي خلال أنشطة عملياتية بشكل رئيس في جنين ونابلس شمال الضفة الغربية.
وتشير المعطيات إلى زيادة كبيرة في عدد عمليات إطلاق النار تجاه قوات الجيش الإسرائيلي، والتي تضاعفت ثلاث مرات منذ عام 2021.
ويرى المحلل أنه يمكن فهم تلك الأرقام في إطار الزيادة في النشاط العملياتي في قلب مخيمات اللاجئين في جنين ونابلس.
ولكن هناك أيضا زيادة دراماتيكية، فالنشاط الناجح ضد التنظيم الفلسطيني لـ "عرين الأسود " قد أدى بالفعل إلى اتجاه نحو تقليص نطاق الحوادث، وفق زعمه.
ولفت المحلل الأمني إلى أن تلك المنظمات توفّر السلاح للشباب في الشوارع الفلسطينية، مما أدى إلى ازدياد الأسلحة النارية بشكل كبير، مقارنة بعمليات الطعن والدهس وغيرها.