صحيفة روسية: ضغوط غربية على الإمارات بسبب تعاملاتها مع موسكو
سلطت صحيفة إزفيستيا الروسية الضوء على "الضغوط التي تعاني منها أبوظبي" من قبل الغرب فيما يتعلق بالتعاون التجاري مع موسكو.
وأوضحت الصحيفة أنه "في ظل هذه الظروف، تحاول الإمارات خلق توازن وتسعى للمحافظة على علاقات مثمرة مع رجال الأعمال الروس".
وأكد ذلك السفير الروسي لدى الإمارات العربية المتحدة "مكسيم زاغورنوف" عقب زيارة أجراها وزير خارجية موسكو سيرغي لافروف إلى البلد الخليجي.
تطور ديناميكي
ووصل لافروف إلى الإمارات قادما من الأردن مساء 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، في زيارة استغرقت يومين، والتقى وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد وعقدا مفاوضات مغلقة.
التقى الدبلوماسيون هذا العام للمرة الرابعة، وكانت آخر محادثة جرت في 23 سبتمبر/أيلول على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
هذه المرة، كان الموضوع الرئيس، بحسب وكالة أنباء الإمارات، هو تعزيز التعاون الثنائي. ومع ذلك، فإن الأجندة العالمية والشرق أوسطية لم تكن بعيدة.
وحتى قبل بدء الاجتماع، حدد الوزير الروسي أن المتحدثين سيتطرقون إلى الوضع في اليمن وليبيا وسوريا والصراع العربي الإسرائيلي.
يعتقد بوريس دولجوف، الباحث في مركز الدراسات العربية والإسلامية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن العلاقات بين روسيا والإمارات تتطور بشكل ديناميكي، و"يمكننا ملاحظة ذلك من خلال عدد الزيارات المتبادلة".
وذكرت الصحيفة الروسية أنه من المهم الأخذ في الحسبان أن الإمارات عرضت وساطتها في العلاقات بين موسكو وكييف بعد الحرب التي شنتها الأولى في فبراير/شباط 2022.
وبينت أن القرار المتعلق بمنظمة أوبك يعد بمثابة إشارة أيضا على أن العلاقات بين روسيا والدول العربية تتطور بنجاح.
وقرر تحالف "أوبك بلس" خفض إنتاج النفط، في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022، قبل نحو شهر من الانتخابات النصفية المصيرية للرئيس الأميركي جو بايدن وحزبه الديمقراطي. وانتقدت واشنطن القرار وقالت إنه يدعم روسيا.
و"أوبك بلس" تحالف تقوده السعودية وروسيا يضم 23 دولة مصدرة للنفط منها 13 دولة عضوا في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" جرى تشكيله في 2016، لضبط إنتاج النفط ومن ثم الأسعار.
وتعد السعودية والإمارات، وبدرجة أقل الكويت والعراق، الدول الوحيدة في منظمة أوبك القادرة على ضخ المزيد من النفط. وتملك هذه الدول طاقة احتياطية تقدر بما بين 2.5 مليون و3 ملايين برميل يوميا.
والخطوة التي اتخذتها دول أوبك بلس ومن بينها الإمارات، تعطي الأمل في أن هذه الدول، من الناحية السياسية ستتبع بشكل موضوعي السياسات الروسية، وفق تقدير الصحيفة.
والإمارات عضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وستظل كذلك حتى عام 2023 فقط.
وفي الوقت نفسه، أكد الجانب الروسي مرارًا وتكرارًا أن مواقف الدولتين بشأن معظم القضايا المطروحة على جدول الأعمال الدولي تتقارب.
ميزان المصالح
ووفقا للسفير "مكسيم زاغورنوف"، لروسيا نقاط تقارب معينة مع الإمارات العربية المتحدة. على سبيل المثال، قرار منظمة أوبك بلس والرغبة التقليدية للمجموعات السياسية العربية في الحفاظ على العلاقات مع موسكو بمثابة ميزان للعلاقات مع واشنطن.
وبين أن الإمارات تضع نفسها كنافذة عربية على روسيا الاتحادية، والعلاقات مع السعودية تمر عبرها. وأيضا، الحديث عن المواجهة مع إيران، وإمكانية حل الوضع في سوريا قيد البحث.
وعلقت الصحيفة أن روسيا والإمارات تعملان على توطيد العلاقات التجارية إلى أقصى حد.
وتأتي الإمارات في المرتبة الثانية كأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط (بعد المملكة العربية السعودية)، فالناتج المحلي الإجمالي لهذا البلد، وفقا للبنك الدولي لعام 2020، يتجاوز 350 مليار دولار.
وصرح مكسيم زاغورنوف، أن الغرب يضغط على الإمارات في مسائل التعاون التجاري مع الاتحاد الروسي.
ومع ذلك، فإن أبوظبي تعمل على تحقيق التوازن، وتحافظ على العلاقات مع موسكو، وهو أمر له تأثير إيجابي على اقتصادها.
وأضاف أن "الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يضغطان على الهياكل المالية وحكومة الإمارات العربية المتحدة فيما يتعلق بتوطيد التعاون مع روسيا".
وبين السفير أن الوضع أصبح أكثر تعقيدًا فيما يتعلق بفتح الحسابات بعدد من البنوك ذات الجذور الإنجليزية أو الأميركية، فيكاد يكون من المستحيل على رجل أعمال روسي فعل ذلك.
ومع ذلك، تسعى الإمارات إلى الحفاظ على استقلاليتها في صنع القرار السياسي، وترى وجود فوائد في تدفق الشركات والاستثمارات الروسية.
ويقترح مكسيم زاغورنوف، أنه في الربع الأول من عام 2022، وصل نمو اقتصاد الإمارات إلى 8.2 بالمئة وهذا أفضل مؤشر منذ 11 عامًا.
كان أحد الأسباب هو تطوير القطاع غير الأساسي للاقتصاد، وكذلك بسبب نشاط الأعمال التجارية الروسية في الإمارات العربية المتحدة.
لذلك، يعتقد أن الإمارات ستحافظ على توازن العلاقات مع كل من أميركا وروسيا، وستضع المصالح التجارية لها أولا.
وفي نهاية عام 2021، ارتفع حجم التبادل التجاري بين روسيا والإمارات بنسبة 64.5 بالمئة مقارنة بعام 2020 (نحو 5.36 مليار دولار).
وبذلك أصبحت الإمارات رائدة شركاء موسكو التجاريين في العالم العربي. وفي الأشهر السبعة الأولى من عام 2022، اقترب حجم التجارة المتبادلة من 3 مليارات دولار.
وأضاف مكسيم زاغورنوف أنه منذ بداية الحرب على أوكرانيا، حافظت جامعة الدول العربية، التي تضم 22 دولة، على موقف الحياد.
ويجرى الحفاظ عليها رسميا حتى يومنا هذا، وتحل كل دولة في الشرق الأوسط قضايا التعاون مع روسيا بناء على مصالحها الخاصة.