بعد تصنيف "الحوثي" منظمة إرهابية.. هل يعود التصعيد العسكري في اليمن؟

12

طباعة

مشاركة

في تطور مفاجئ، أعلن مجلس الدفاع الوطني اليمني، في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2022، تصنيف مليشيا "الحوثي" منظمة إرهابية، ووجه باستكمال الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرار التصنيف.

جاء ذلك بعد أيام من تصريح مصادر حكومية عن إعادة تشكيل الفريق التفاوضي مع الحوثيين، برئاسة وزير الخارجية أحمد بن مبارك.

وجاء القرار ردا على الهجوم الحوثي الذي استهدف ميناءين لتصدير النفط الخام (في شبوة وحضرموت)، وهو ما يعني قطع الطريق أمام أي مفاوضات مع المليشيا في ظل المساعي الدولية والأممية المتواصلة لتمديد الهدنة، التي انتهت مطلع أكتوبر 2022.

واستهدفت مليشيات الحوثي ليلتي 18 و19 أكتوبر 2022، ميناء النشيمة بمحافظة شبوة، وفي 21 من نفس الشهر، استهدفت ميناء الضبة لتصدير النفط بمحافظة حضرموت (شرق اليمن) بطائرتين مسيرتين.

وكان هذا هو التصعيد عسكري الأول من نوعه ضد الموانئ النفطية اليمنية منذ بدء النزاع عام 2015 وأيضا الأول بهذا الحجم منذ انتهاء الهدنة.

وعقد مجلس الدفاع الوطني، في 22 أكتوبر، اجتماعا طارئا برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي القائد الأعلى للقوات المسلحة رشاد العليمي، للوقوف أمام تداعيات "العمليات الإرهابية للمليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني".

إعلان حرب

وأقر مجلس الدفاع اتخاذ قرارات وصفها بـ"الحازمة لردع الاعتداءات"، ووجه الحكومة بالتنفيذ الفوري لها وفق "خطة دفاعية ودبلوماسية واقتصادية مزمنة لحماية مصالح الشعب اليمني، وإفشال المحاولات التخريبية للمشروع الإيراني"، بحسب وكالة "سبأ" الرسمية للأنباء.

ولوح المجلس بالانسحاب من اتفاق الهدنة المنتهية واتفاق ستوكهولم، وحذر "من أن هذا التصعيد الإرهابي من شأنه إعفاء الحكومة اليمنية من الالتزامات كافة التي تنصلت عنها المليشيات الحوثية".

وهو ما يعني عودة خيار الحرب وتلاشي فرص الحل السياسي، بما في ذلك الانسحاب من اتفاق "ستوكهولم"، الذي وقعته الحكومة مع الحوثيين في 13 ديسمبر/كانون الأول 2018، وبموجبه أوقفت القوات الحكومية تقدمها نحو مدينة الحديدة الإستراتيجية على البحر الأحمر.

وتضمن الاتفاق صفقة لإخلاء مدينة الحديدة من السلاح، بالإضافة إلى آلية لتبادل الأسرى، وتفاهم لتهدئة القتال في محافظة تعز (وسط) وفتح طرقها.

وأصدر "مجلس الدفاع الوطني" الذي تأسس بموجب القانون رقم (24) لسنة 1997، وحدد صلاحيته باتخاذ التدابير كافة في حالة الطوارئ والتعبئة العامة، القرار رقم (1) لسنة 2022.

ونص القرار على تصنيف مليشيات الحوثي، منظمة إرهابية وفقا لقانون الجرائم والعقوبات، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية المصدق عليها من قبل اليمن.

وحذر مجلس الدفاع الكيانات والأفراد الذين يقدمون الدعم والمساعدة أو التسهيلات أو أي شكل من أشكال التعاون والتعامل مع مليشيات الحوثي من "أنه سيتم اتخاذ إجراءات وعقوبات صارمة تجاههم".

ويعد مجلس الدفاع الوطني أعلى سلطة عسكرية وأمنية في البلاد، ويتولى رئيس الجمهورية رئاسته ويختص بالنظر في الشؤون الخاصة بوسائل تأمين الجمهورية وسلامتها.

كما يتولى المجلس رسم السياسة العامة لإعداد وتعبئة جميع إمكانيات الدولة ومواردها البشرية والمادية والفكرية والمعنوية بهدف إعدادها إعدادا صحيحا لتحويلها من حالتها في حالة السلم إلى حالة الحرب حسب مقتضيات الظروف والإشراف على تنفيذ هذه السياسة.

بالإضافة إلى تقدير حالة الطوارئ وحالة الحرب والتعبئة الكلية أو الجزئية واتخاذ الإجراءات بشأنها طبقاً للدستور.

تبعات القرار

ورأى خبراء يمنيون أن قرار تصنيف الحوثي منظمة إرهابية خطوة متقدمة تضع المليشيا في قائمة المنظمات الإرهابية مثل تنظيمي الدولة والقاعدة، بالإضافة إلى كونه تصعيدا نوعيا في مسار التعامل معها داخليا وخارجيا.

كما أنه يضع اليمن على أبواب تصعيد سياسي وعسكري خطير من شأنه أن يؤثر سلبا على الجهود التي ترعاها الأمم المتحدة ويزيد من حالة عدم الثقة بين الفرقاء.

وتعليقا على هذه التطورات قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي إن "القرار يمثل تحولا خشنا في موقف الشرعية التي أعيد تشكيل قيادتها للقيام بمهمة رئيسة هي إنهاء الحرب عبر التفاوض مع جماعة الحوثي الانقلابية".

وأضاف لـ"الاستقلال"، "أن هذا القرار يأتي في وقت يفتقد فيه المجلس للإرادة والقوة الكافيتين لتحمل ارتدادات هذا القرار".

وشدد التميمي على أن "هذا القرار يعزز من خيار المواجهة العسكرية مع الحوثيين فيما لا تزال الشرعية تعاني من انقسام حاد ومن شبح الصراع الذي يتأسس على تباين كبير في المشاريع السياسية الذي يهدد بعضها الدولة اليمنية قدر تهديد الحوثيين لها". 

واستدرك بالقول: "مع ذلك يكشف بيان مجلس القيادة الرئاسي عن حرصه على إبقاء التفاهمات الحالية مع الحوثيين مع تهديد بالتنصل عنها وهو ما لا يتفق مع قرار قوي كهذا الذي صنف جماعة الحوثي منظمة إرهابية".

من جانبه يرى المحلل العسكري، علي الذهب أن قرار مجلس الدفاع الوطني بشأن تصنيف مليشيا الحوثي إرهابية "يمثل هروبا واضحا من مواجهتها الحقيقية".

وأضاف في تغريدة على منصة "تويتر" في 23 أكتوبر 2022، أن "المعركة في الميدان واضحة، والجبهات معلومة، وخرق الهدنة واقع، والجيش موجود".

وتساءل الباحث السياسي اليمني، مصطفى ناجي عن مدى جاهزية الحكومة اليمنية لمتابعة وتفعيل قرار تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية عبر أجهزتها الاستخباراتية والاقتصادية.

وفي تغريدة على "تويتر"، أشار ناجي إلى أن "التصنيف يقتضي إعداد قوائم متابعة وتفعيل القضاء وإصدار نشرات دورية واستهداف التمويل والمتعاونين وغيره".

تأثير سعودي

وحول الدور السعودي في هذا الإطار أشار الكاتب التميمي إلى أن "قرار مجلس القيادة الرئاسي يعكس طبيعة التأثير السعودي وتوجهات السياسة السعودية".

وبين أن المملكة "تتحرك بشكل واضح باتجاه حشد المجتمع الدولي لإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة ارهابية على المستوى العالمي". 

ولفت إلى أن "هذه الإجراءات رغم طبيعتها الراديكالية فهي لا تزال تفتقد إلى إرادة الحسم مع الحوثيين سواء من جانب السعودية أو من جانب الشرعية".

وبين أن "الحسم العسكري يمثل أقصر الطرق لإنهاء خطر الحوثيين وحليفهم إيران من جنوب شبه الجزيرة العربية".

وخلال انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي، في 13 أكتوبر 2022، طالبت السعودية المجلس والمجتمع الدولي بتصنيف مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، منظمة إرهابية، في ظل عرقلتها جهود السلام وتهديد الممرات الملاحية وإمدادات النفط العالمي.

وقالت المملكة على لسان مندوبها لدى الأمم المتحدة عبدالعزيز الواصل إن "الوقت حان لتصنيف تلك المليشيات مجموعة إرهابية، ومقاطعتها وتجفيف منابع تمويلها" وفق صحيفة سبق السعودية.

وجدد مجلس الوزراء السعودي، خلال اجتماعه في 18 أكتوبر 2022، دعوة المجتمع الدولي لتصنيف مليشيا الحوثي المدعومة من إيران جماعة إرهابية.

وحث المجلس خلال اجتماعه برئاسة، الملك سلمان بن عبدالعزيز، على "مقاطعة المليشيا الإرهابية وتجفيف منابع تمويلها، معبرا عن حرصه على دعم الجهود الدولية لإحلال السلام في اليمن"، بحسب وكالة الأنباء السعودية "واس".

وجاءت دعوة السعودية في أعقاب تبادلها زيارات فنية منتصف أكتوبر مع مليشيات الحوثي بين صنعاء وأبها للتنسيق بشأن إنجاز صفقة لتبادل الأسرى بين الطرفين التي ترعاها الأمم المتحدة.

وخلال أكتوبر، تحركت الدبلوماسية للحكومة اليمنية في اتصالات مكثفة مع عدد من سفراء الدول الغربية والعربية ومسؤولي الأمم المتحدة، لإطلاعهم على خطوة الهجوم الحوثي وتداعياته على الملاحة الدولية والاقتصاد وأمن المنطقة واستقرارها.

وطالبت الحكومة بموقف رادع ضد الحوثيين وضغوط فعلية على إيران الداعمة لهم، وفق تصريحات متفرقة لوزير الخارجية اليمني، أحمد عوض بن مبارك.