كما فعلت بسوريا واليمن.. هل تتعامل إيران بسياسة "الأرض المحروقة" مع شعبها؟

12

طباعة

مشاركة

خلال عشرة أيام من عمر الاحتجاجات الإيرانية، المتصاعدة منذ 16 سبتمبر/أيلول 2022 إثر مقتل الشابة مهسا أميني على يد "شرطة الأخلاق" بدعوى مخالفتها قواعد اللباس، قتلت قوات النظام 180 شخصا، واعتقلت 8 آلاف آخرين، وفق منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة.

الناشطة حدث نجفي (20 عاما)، من بين قتلى 22 سبتمبر 2022، بعد استهدافها بست رصاصات في الرأس والرقبة والصدر على أيدي قوات الأمن، في مظاهرة بمنطقة مهرشهر بمدينة كرج، مركز محافظة البرز، غرب طهران، أثناء اشتباكات مع المتظاهرين.

ووسع قتل "نجفي" نطاق الاحتجاجات الميدانية على مستوى البلاد والتي طالت أكثر من 146 مدينة في جميع المحافظات البالغ عددها 31، كما ضاعف مقتلها حالة الغضب الشعبي والإصرار على الخلاص من النظام وإسقاطه.

وتجلت ملامح الغضب في تغريدات الناشطين عبر حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #حديث_نجفي، فضلا عن مواصلتهم التغريد على وسم #مهسا_أميني، وتداول مقاطع فيديو وصور ترصد ترديد المتظاهرين هتاف "الموت للديكتاتور"، وأخرى لحرق مقار حكومية وصور معممي إيران، وعلى رأسهم مرشد الثورة علي خامنئي.

وعد ناشطون التصعيد الشعبي الإيراني ضد النظام وهروب قوات "الباسيج" أمام المتظاهرين وفشله في إخماد الحراك، بمثابة دليل على خروج الشعب عن سيطرة النظام الجمهوري "الديكتاتوري"، مستنكرين تجاهل المجتمع الدولي والإعلام الغربي والعربي المتعمد للأحداث.

وفي دليل على تجاهل النظام للانتفاضة الشعبية انتقل بشكل أعمق نحو فرض مزيد من الاستبداد، وصرف الأنظار عن الأزمة الداخلية بزعم تحريك أطراف خارجية لها، ودعا رئيس السلطة القضائية في إيران غلام حسين محسني إجئي إلى "عدم التساهل" مع المتظاهرين.

فيما اتهمت إيران واشنطن بمحاولة زعزعة استقرار إيران وأمنها رغم أنها لم تنجح في ذلك، وقالت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، إن محاولات الولايات المتحدة "لانتهاك سيادة إيران" على خلفية الاحتجاجات التي أثارتها حادثة أميني "لن تمر دون رد".

إسقاط النظام

وأعرب ناشطون عن تأييدهم لانتفاضة الشعب الإيراني وتضامنهم معه، وشعورهم بمعاناته وتقديرهم لأن الشعب "ضاق ذراعا" بالفشل المستمر للنظام، داعين كافة الأنظمة الحاكمة لتأييد انتفاضتهم.

وتفاعلا مع المعطيات والنتائج التي خلفها الحراك الشعبي الإيراني أشارت زعيمة المعارضة، مريم رجوي، إلى سقوط 180 شهيدا و8 آلاف معتقل من الشباب خلال 9 أيام فقط.

وقالت إن "الشعب وبتوسيع الانتفاضة إلى 146 مدينة ومقاومة ضد نظام يسحق المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، يعطي روحا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

ودعت رجوي العالم إلى "إدانة النظام ودعم المحتجين على القمع الوحشي"، موجهة التحية لشباب الانتفاضة في مناطق نارمك وصادقية وهفت حوض واكباتان وستارخان وطريق شريعتي السريع "الذين يشتبكون بكل شجاعة مع القوات القمعية ويجبرونهم على الانسحاب".

وقال الكاتب والمحلل السياسي أحمد مازن، إن "شرارة الثورة الإيرانية كانت فتاة، وما زالت المرأة تؤكد لنظام الملالي أنه لا فرق بينها وبين الرجل، فكلاهما يريدان إسقاط هذا النظام الطائفي السفاح". وأكد المعارض الإيراني رسام الكاريكاتير سائر سبيل، أن "يد الشعب الإيراني تکاد تخنق خامنئي". وقال الإعلامي فيصل القاسم، متمنيا انتصار الانتفاضة: "قلوبنا مع الشعب الإيراني العظيم، مع المرأة التي ضاقت ذرعا بثقافة الإرهاب وخناجر التخلف والرجعية، مع الشباب الثائر التائق للتحرر من ربقة الطغيان، شتان بين الشعب وهذا النظام الوظيفي المفروض عليه" . وأشار الإعلامي أحمد منصور إلى "تصاعد التظاهرات وامتدادها إلى عشرات المدن في إيران، حيث يحرق المتظاهرون المباني الحكومية".

تجاهل إعلامي

واستنكر ناشطون التجاهل الإعلامي والحقوقي والتزام الساسة الغربيين الصمت تجاه ما يشهده الشارع الإيراني من غضب واسع واحتجاج متوقع أن يصل حد الثورة التي تكتمل أركانها خلال الفترة المقبلة.

وتساءلت عايدة صقر: "أين العالم الحر مما يحصل في إيران؟ أين المنظمات العالمية؟ منظمات حقوق الإنسان؟ أين الإعلام الحر؟ جمعيات حماية المرأة؟ والأهم أين الحرية؟".

وقالت: "يبدو أن من نطلب منهم مساندة الحرية والإنسان هم أنفسهم ليسوا أحرارا، الشعوب المناضلة تركت وحيدة".

ورأى عماد أبو فارس أن أكثر ما يثير العجب هو تجاهل الغرب "سياسيا وإعلاميا" لثورة الشعب الإيراني العظيمة.

وشدد على أن "الديكتاتورية في إيران هي أكثر الديكتاتوريات شوفينية، والغرب كان يدعي أنه ينظر للنظام هناك كمصدر إرهابي مجرم وخطير".

وتساءل: "ألا يجب على الغرب دعم الثورة الإيرانية لتخليص العالم من شرور الإرهاب الإيراني".

وبشر أمين سر ائتلاف المعارضة الأردنية، مضر عدنان زهران، بأن "الثورة الإيرانية المباركة ستغير وجه المنطقة، وستنتصر رغم أنف الإعلام الدولي الذي يتجاهلها وتخلي الكثير من صانعي القرار الغربيين عن ثوار إيران الأحرار"، داعيا الشعب الإيراني لـ"الصبر". وحمل طارق بن عباس المجتمع الدولي أميركا وروسيا وبريطانيا وفرنسا مسؤولية ما يحصل في إيران، قائلا: "المشهد أمامكم وأمام العالم واضح، الشعب يريد التغيير ويريد حياة كريمة".

وحذرهم قائلا: "تغليب مصالحكم على الجانب الإنساني وتجاهل ما يحدث لشعب يرزح تحت حكم استبدادي سيكون وصمة عار يسألكم عنها ضمير العالم الإنساني".

الأرض المحروقة

في المقابل، توقع ناشطون أن يصعد النظام الإيراني عبر أذرعه الداخلية والخارجية من قمع الشعب، في اتباع لسياسة "الأرض المحروقة" التي اتبعتها قواته الداعمة لأنظمة الاستبداد والمليشيات العسكرية في كل من سوريا واليمن.

ودعم الحرس الثوري الإيراني عبر قواته وأذرعه الشيعية في لبنان والعراق النظام السوري بقيادة بشار الأسد ما أدى إلى سقوط مئات الآلاف من القتلى المدنيين.

كما دعمت مليشيا الحوثي في اليمن التي تسيطر على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات منذ عام 2014، ما أدى إلى سقوط آلاف القتلى إضافة إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية حول العالم.

وذكر الصحفي معن حبيب بقتل النظام الإيراني ما يقرب من ألف محتج عام 2019 لإخماد الانتفاضة التي حصلت في ذلك الوقت، مشيرا إلى أنه لم يستخدم كل أوراقه، لكنه بالتأكيد سيلجأ لسياسة "الأرض المحروقة" لو قرر المجتمع الدولي التدخل بشكل حقيقي وليس بيانات شجب واستنكار.

وتوقع أسامة عبدالواحد سحق النظام الإيراني للثورة المستجدة والتي "اشتعلت مرارا وتكرارا وخذلها المجتمع الدولي الذي يهادن نظام الملالي وفقا لتقاطع مصالح لا تنتهي، وسيكتفي مدعو حقوق الإنسان ببيانات الشجب والتذكير كل عام بأسماء مهسا أميني ومن سيلحق بها من طلاب الحرية". وأوضح أستاذ الأخلاق السياسية محمد المختار الشنقيطي أن "الثورة الحالية في شوارع إيران مزيج من التمرد السياسي على الظلم والتفلت الاجتماعي من قيم الإسلام، بسبب أن النظام ألبس ظلمه وجوره لبوس الإسلام". 

وذكر أن "هذا ما جعل الشباب الإيراني أكثر شباب المنطقة نفورا من الدين"، محذرا من أن "عاقبة الإكراه في الدين الذي حرمه القرآن هي التفلت من الدين".