على خطى طالبان.. هل إشراك حركة الشباب في حكم الصومال ينهي أزماته؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تطرق مركز إيطالي إلى فرص إشراك حركة الشباب الصومالية في حوار سياسي يهدف إلى الحد من العنف المتفشي في البلاد، لافتا إلى بعض العراقيل أمام هذه العملية، خصوصا روابط الحركة بتنظيم القاعدة.

واستعرض مركز "الدراسات الجيوسياسية"، سيناريو يمكن عبره حل الأزمة الأمنية المتواصلة في البلاد منذ أكثر من 15 سنة، حال سارت حركة الشباب على خطى نظيرتها في أفغانستان، طالبان التي تمكنت من الصعود للحكم عبر الحوار.

سنين دموية

وفي هذا السياق قال المركز الإيطالي إن رئيس الصومال الجديد حسن شيخ محمود يعمل على جبهتين.

من جهة، يعزز العمليات العسكرية والأمنية لتأمين أكثر المناطق غير المستقرة في البلاد، وفي الوقت نفسه، يحاول إشراك قادة حركة الشباب في حوار سياسي للحد من مستوى العنف.

وأوضح أن الحرب الأهلية بين القوات الفيدرالية وحركة الشباب مزقت البلاد لأكثر من خمسة عشر عاما ولم تظهر أي بوادر للانفراج.

وتمكنت الحركة الموالية لتنظيم القاعدة من التعامل مع حملات مكافحة التمرد وتجذرت أكثر فأكثر في المجتمع الصومالي.

وعلى الرغم من أن انتخاب حسن شيخ محمود شكل إشارة مشجعة لمواجهة التحديات خصوصا الأمنية، إلا أنه من غير المرجح أن يجري حل النزاع دون إشراك الحركة في عملية المصالحة خصوصا في ظل الموجة القوية من انعدام الأمن الناجم عن الهجمات الأخيرة التي شنتها في العاصمة مقديشو.

وأشار المركز إلى أن الحملات العسكرية المشتركة بين الحكومة الفيدرالية والوحدات العسكرية التابعة لبعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال، أميسوم، أسهمت منذ عام 2010 في طرد حركة الشباب من المدن الصومالية الكبرى. 

إلا أن الوضع تدهور بشدة في السنوات الأخيرة بسبب الانقسامات العميقة داخل القوى السياسية، ما أدى إلى تعزيز مواقع حركة الشباب في العديد من المناطق في البلاد كانت تحت سيطرتها سابقا. 

علاوة على ذلك، تدهورت العلاقات المتوترة بين الحكومة الاتحادية وبعض الأقاليم الفيدرالية في فترة الرئيس السابق محمد عبد الله محمد فرماجو. 

بالإضافة إلى ذلك تراكمت لدى النخب الصومالية توترات طويلة أدت إلى صراعات على السلطة والتي طغت على الصراع ضد حركة الشباب.

وأفاد مركز الدراسات الإيطالي بأن تجديد تفويض بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال حتى عام 2024 سيركز على تعزيز قدرات قوات الأمن الصومالية في مواجهة الحركة.

وقال إن القليل من المراقبين  فقط يعتقد أن هذه القوات قد تكون جاهزة في المستقبل القريب. 

والمناقشات الطويلة بين المانحين الدوليين حول تمديد البعثة تظهر أن الرغبة في الحفاظ على المستوى الحالي للمساعدة الخارجية تتلاشى. 

مأزق صعب

من جانبها، أظهرت حركة الشباب قدرة قوية على الرد والتكيف، وتبنت أشكالا من حرب المدن التي خلقت العديد من المشاكل للقوات الحكومية وتحاول أيضا تجنب المعارك المباشرة المكلفة. 

كما تدعم سيطرتها على المناطق الريفية تجنيدها لعناصر جديدة، وشرعت في إرسال عناصرها إلى المدن الكبرى لتنفيذ عمليات ابتزاز للتجار الصغار وتحصيل عائدات ضريبية، يضيف المركز الإيطالي.

وأردف أن هذا المأزق أدى إلى ظهور موقفين، من جهة، تسعى الحكومة الصومالية إلى تعزيز سلطات الجيش والشرطة وزيادة الجهود العسكرية في مواجهة الجماعة المسلحة. 

في المقابل، شجع نجاح حركة طالبان في أفغانستان الحركة الصومالية، لذلك تحاول الاستفادة من الضعف الحالي للحكومة الفيدرالية ونفاد صبر الشركاء الخارجيين أمام الوضع الحالي من أجل الصعود إلى السلطة. 

ورأى أن كلا الجانبين يبالغ في تقدير فرصهما، لا سيما وأن عناصر قليلة تشير إلى إمكانية هزيمة حركة الشباب عسكريا، وكذلك من غير المرجح أن يظل نشاط مسلحيها مستمرا على المدى الطويل. 

من ناحية أخرى، من المرجح أكثر التدخل العسكري المباشر من قبل القوى الإقليمية إذا تدهور الوضع الأمني ​​بشكل أكبر وخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة.

وفسر المركز الإيطالي الدعوات إلى الحوار السياسي من قبل المجتمع المدني والجهات الفاعلة الدولية بشكل أساسي بالإحباط من الوضع الراهن. 

ومن بين العديد من المسائل المطروحة على الطاولة، موالاة الشباب لتنظيم القاعدة وكذلك عداء إثيوبيا وكينيا، اللتين عارضتا دائما الانفتاح على المليشيا نتيجة هجماتها.

وكذلك الفكر الذي تحمله حركة الشباب، فضلا عن رفض العديد من الفاعلين السياسيين الصوماليين فكرة الحوار. 

وعلق المركز بأنه من المفارقة أن معارضة الحركة لم تترجم قط إلى دعم للسلطات الحكومية. 

وعلى الطرف المقابل، شرح أنه من العراقيل أيضا عدم  اعتراف قادة الحركة بشرعية الحكومة الفيدرالية، كما يبدون القليل من الرغبة في التسوية مع الطرف الآخر بشأن رؤيتهم للحكم.

الحوار ممكن

ولتجاوز المأزق الحالي، أوصى مركز الدراسات الإيطالي بضرورة أن يشرع الرئيس الصومالي في فهم ما إذا كان الحوار مع حركة الشباب ممكنا أم لا. 

ورأى أنه يمكن أن تتخذ المبادرة أشكالا مختلفة إما تعيين مبعوث خاص أو تشكيل لجنة قادرة على الاتصال بقادة الشباب، أو كما حدث في عدة مناسبات تكليف الأمم المتحدة بالمبادرة. 

وبين أن الهدف المباشر هو فهم الشروط المسبقة للحوار وبالتالي البدء في سلسلة من المحادثات. 

وتابع أنه إذ تأكد استعداد كلا الجانبين بالالتزام بالحوار، يمكن اعتماد تدابير وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية للسكان الذين يعيشون في مناطق تحت سيطرة مليشيات الحركة خصوصا في ظل حالة الجفاف التي تعيشها البلاد. 

وعد الموقع أن احتمالات نجاح مثل هذه العملية منخفضة، إذ قد ترفض حركة الشباب مرة أخرى انفتاح مقديشو، لافتا في الوقت نفسه إلى أن تكلفة المحاولة في حد ذاتها منخفضة ويمكن إدارة معظم المخاطر.

وأكد أنه لا يوجد وقت مثالي لفتح حوار مع حركة الشباب إلا أنه من المنطقي المحاولة. 

وشدد على أنه ينبغي أن يؤخذ النقاش الذي سبق تجديد ولاية بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال على محمل الجد من قبل جميع الفاعلين السياسيين للتساؤل عن معنى تواصل هذه المهمة في البلاد. 

وفي هذا الإطار، ذكر أنه لطالما كان انسحاب القوات المسلحة الأجنبية شرطا لا غنى عنه لحركة الشباب لبدء الحوار. 

ولفت إلى أنه لا تزال علاقات المليشيا بالقاعدة والأنشطة القتالية خارج حدود الصومال تشكل عقبات كبيرة. 

وأكد أن هذه المسائل تحتاج إلى الحل من خلال التفاوض والحوار بدلا من الصراع، مشيرا إلى أن الحوار السياسي عملية طويلة ومتقلبة. 

في الختام، ذكر المركز بوعود الرئيس الحالي إثر انتخابه بتحقيق المصالحة بين الصوماليين، لافتا إلى أن السؤال الذي تدور حوله عملية التهدئة يكمن فيما إذا كان ينبغي أن تشمل المصالحة حركة الشباب.