منع غاز روسيا ليس السبب الوحيد.. 7 خطوات لإنقاذ أوروبا من أزمة الطاقة
قال موقع تركي إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "قد حاصر أوروبا بشدة بشأن قضية الطاقة، لكن وفقا لخبراء الطاقة فإن القارة العجوز ليست عاجزة، والخطوات الـ7 التي ستتخذها من خلال المصالحة يمكن أن تنقذ دول الاتحاد".
وسلط موقع "فيكر تورو" الضوء على دراسة لثلاثة خبراء يعملون في مجال الطاقة، أفادوا بأنه "يمكن للاتحاد الأوروبي أن يهزم بوتين، ولكن بشرط تقديم بعض التنازلات".
وأوضح الموقع أن محلل الأبحاث في المناخ وسياسة الطاقة في مركز بروغل للأبحاث، بن ماكويليامز، والأستاذ الزائر في السياسة البيئية بجامعة جونز هوبكنز، سيمون تاجليابيترا، والباحث في بروغل، جورج زاخمان، نشروا على موقع المركز الخطوات التي يجب على أوروبا اتخاذها لمواجهة أزمة الطاقة الحالية.
ثلاث صدمات
وأفاد الموقع أن "أوروبا تعرضت إلى ثلاث صدمات أدت إلى تدهور الأمور في أزمة الطاقة، إذ هزت الصدمة الأولى أسواق الطاقة العالمية بكونها هزة ارتدادية للوباء العالمي".
أما الثانية، فجاءت مع "انخفاض الاستثمار في النفط والغاز بشكل كبير، ما كشف عن اختلال عميق في توازن العرض والطلب في الطاقة مع انعكاس الطلب العالمي على الطاقة بسرعة".
ثم جاءت الصدمة الروسية التي بدأت قبل وقت طويل من غزو أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، فتخلت موسكو عن عقود توريد طويلة الأجل يوليها لها شركاؤها الأوروبيون أهمية كبيرة، مستخدمة إمداداتها من الغاز الطبيعي كوسيلة للضغط على الدول لتخفيف العقوبات المالية والتكنولوجية.
وبدءا من أوائل يوليو/تموز 2022، ترسل روسيا ثلث كمية الغاز الطبيعي المتوقعة سابقا.
ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي بأكثر من عشرة أضعاف، وتحاول الحكومات حماية المستهلكين من صدمة الأسعار هذه من خلال إعانات دعم بقيمة مليارات اليوروهات.
وأضاف الموقع: "وأخيرا، أدت سلسلة من المصادفات المؤسفة إلى تفاقم حالة الطاقة المزدحمة بالفعل في أوروبا، أجبرت مشاكل التآكل والأكسدة فرنسا على إغلاق نصف محطاتها للطاقة النووية، مما زاد من الحاجة إلى الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء".
وعلاوة على ذلك، انخفضت مستويات المياه في الأنهار والبحيرات في أوروبا إلى مستويات منخفضة للغاية بسبب الجفاف الشديد، مما يعرض للخطر ليس فقط توليد الطاقة الكهرومائية ولكن أيضا محطات الطاقة الحرارية التي تتطلب محطات التبريد، والفحم التي تزود الفحم بالمياه، بحسب "فيكر تورو".
وأشار الموقع إلى أن "الصدمات التي واجهتها أوروبا أصبحت عائقا أمام تلبية احتياجها للطاقة في الشتاء المقبل، وهذه الأزمة لن تغرق أوروبا في دوامة من الركود الاقتصادي والتوترات الاجتماعية فحسب، بل ومن شأنها أيضا أن تعرض المجتمع السياسي داخل الاتحاد الأوروبي للمخاطر التي قد تجلبها الحمائية في مجال الطاقة".
وتابع: "هذا من شأنه أن يضعف السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وخاصة موقفه ضد الغزو الروسي لأوكرانيا".
وذكر الموقع أن "إستراتيجية بوتين لإضعاف دعم أوروبا لأوكرانيا باستخدام الطاقة كسلاح أصبحت الآن معروفة جيدا، ويتعين على القادة الأوروبيين أن يستعدوا لشتاء قاس لتجنب الهزيمة".
وشدد على أن "القرارات المتعلقة بكيفية إدارة إمدادات الطاقة غير الكافية من شأنها أن تشكل نظام الطاقة في أوروبا وأن تخلف آثارا سياسية أكبر".
واستطرد: "إذا تمت إدارة تكامل الطاقة بشكل صحيح، فإن تكامل الطاقة الأكثر إحكاما وتسريع الاستثمار يمكن أن يؤدي إلى فشل إستراتيجية بوتين، وفي الوقت نفسه يؤدي إلى التحول إلى مصادر طاقة أنظف وأرخص"، وفق تقييم الموقع التركي.
سبع خطوات
وبحسب الخبراء الثلاثة، هنالك سبع خطوات لإنقاذ أوروبا من أزمة الطاقة الحالية.
أولا، يتعين على جميع الدول الأعضاء أن تكون مرنة في جانب العرض لسوق الطاقة الأوروبية. وأن تقدم بعض التنازلات السياسية.
فيمكن لمحطات الطاقة النووية الألمانية وموارد الفحم الليغنيت أن تقلل من اعتماد الغاز الطبيعي على روسيا، كما أن موارد الغاز الطبيعي في هولندا ستستفيد أيضا.
ويمكن لواردات الطاقة من محطات الطاقة النووية في أوكرانيا أن تقلل بشكل طفيف من نسبة الغاز الطبيعي المحترق، وحتى في البلدان الأقل اعتمادا على روسيا، فإن التخفيض المؤقت لمعايير التلوث ووقت العمل سيساعد في الإمداد.
ثانيا، من شأن التوصل إلى توافق في الآراء بشأن الحصول على الغاز الطبيعي بشكل مشترك من الأسواق الدولية أن يقلل من خطر تفكك الاتحاد مع تنافس الدول الأعضاء مع بعضها البعض على الإمدادات المحدودة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإمداد المشترك بالغاز الطبيعي من شأنه أن يقلل من التكلفة المالية والسياسية للغاز الطبيعي ويسمح باستخدام الغاز الطبيعي المتراكم لتوفير الطاقة للمستهلكين الأكثر تضررا من نقص الإمدادات.
ثالثا، ينبغي لجميع البلدان أن تبذل جهودا مخلصة وبعيدة المدى لخفض الطلب حيثما أمكن ذلك، وهذا يتطلب تواصلا جادا ومفتوحا مع الجمهور.
كما ينبغي للسياسيين أن يشرحوا للمواطنين أن هناك توازنا بين استهلاك الطاقة المنزلية والحفاظ على العمالة والسلام، لأن إطلاق العنان السياسي لإمكانات إمدادات الطاقة غير المستغلة بعد في أوروبا وخفض الطلب من شأنه أن يخفف بشكل كبير من الضغوط على سوق الطاقة.
ويتلخص العنصر الرئيس الرابع في توافق الآراء الكبير في التصميم السياسي على الحفاظ على سوق طاقة أوروبية تعمل بشكل جيد وتسمح بنقل الإمدادات إلى المناطق التي تحتاج إليها.
خامسا، لا بد من استخدام الموارد المالية الأوروبية للتعويض عن العواقب المترتبة على القرارات الصعبة.
فإسبانيا، التي أنهت عقودا مع الجزائر من أجل توريد الغاز الطبيعي إلى إيطاليا، يجب أن تسدد لها فرق السعر بين الغاز الطبيعي المسال والغاز الطبيعي العادي.
ويمكن أيضا تيسير التعويض عن تخفيضات استهلاك الطاقة في جنوب أوروبا من خلال توفير حوافز مشتركة. وينبغي للبلدان الأكثر مسؤولية عن الأزمة الحالية أن تسهم بقدر أكبر، وفق الخبراء.
سادسا، والأهم من ذلك لا يزال الفقراء الذين هم أكثر ضعفا من أي وقت مضى في المجتمعات التي تعاني من فقر الطاقة، بحاجة إلى الدعم، وينبغي للحكومات أن تقدم تحويلات نقدية أو مساعدات اجتماعية بطريقة لا تضعف آليات الأسعار للحد من استهلاك الطاقة.
وأخيرا، ينبغي ألا تحول المتطلبات القصيرة الأجل دون تنفيذ حلول طويلة الأجل للحد من استهلاك الوقود الأحفوري، فينبغي تعزيز إنشاء البنية التحتية للكهرباء، وتركيب المضخات الحرارية، وضمان الكفاءة الهيكلية للطاقة، ورقمنة الشبكات، وتوسيع مصادر الطاقة المتجددة، وإنشاء سلاسل توريد منخفضة الكربون، وحلول النقل العام، وبرامج النقل النظيف.
وأشار الموقع التركي إلى أنه "يمكن لتسوية كبيرة للطاقة في أوروبا أن تسمح للاقتصادات التابعة مثل ألمانيا بالبقاء على قيد الحياة في فصل الشتاء بدون غاز روسي، وسيضمن حماية المستهلكين المتضررين من أزمة الطاقة في الدول الأعضاء وأن البلدان الأقل اعتمادا على الغاز الروسي يمكن أن تتحمل بعض العبء السياسي".
وختم الموقع بالقول: "مثل هذا الحل هو الخيار الأفضل لحماية المؤسسات الأوروبية، مثل أسواق الطاقة والكربون، وهي ضرورية لتحقيق الحياد الكربوني بطريقة فعالة من حيث التكلفة، والتعامل مع استخدام بوتين للطاقة كسلاح".