إعادة اللاجئين بعد العملية العسكرية.. معادلة تركيا للتعامل مع الملف السوري

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة تركية إن أنقرة "تحاول تنفيذ عملية عسكرية صعبة للغاية، مع العديد من المعادلات، حتى يتمكن اللاجئون السوريون من العودة بأمان إلى ديارهم، وعيش حياتهم بسلام أكبر من الآن فصاعدا".

وأشارت صحيفة "ستار" في مقال للكاتب، فاروق أونالان، إلى أنه "بينما تحاول اتخاذ هذه الخطوات، يتم تنظيم الاستفزازات والأخبار المزيفة وحتى الهجمات المخطط لها التي ستضع تركيا تحت الاشتباه".

وأوضحت أنه "في السنوات الأخيرة، أدت الأحداث في المنطقة بصفة خاصة إلى عمليات صعبة، وأصبح ملايين النازحين لاجئين، وفي هذا الاتجاه، للأسف، تتحمل تركيا العبء الأكبر، حيث تتبنى سياسة (الباب المفتوح) كشرط للسلوك الإنساني والأخلاقي". 

محاولة تدخل

وأكد أونالان أنه "لدى تركيا علاقات تاريخية مع السوريين الذين فروا من القنابل وتراكموا على خط الحدود".

وذكر أنه "قبل بدء الحرب الأهلية السورية، كانت العلاقات التجارية والدبلوماسية مع دمشق على مستوى متقدم للغاية، وألغيت التأشيرات وعقدت اجتماعات رفيعة المستوى للتعاون الإستراتيجي، وبلغت استثمارات رجال الأعمال الأتراك مليار يورو".

وتابع: "نقطة أخرى مهمة هنا، هي أنه في وقت كانت فيه العلاقات جيدة، أرادت أنقرة تلبية مطالب الشعب بالإصلاح في 15 مارس/آذار 2011، عندما بدأ الجيش والشرطة يقمعان الاحتجاجات السلمية بقسوة، تدخلت أنقرة مرة أخرى". 

وأعلن رئيس النظام، بشار الأسد، عن فتح تحقيق في الأحداث المعنية، وذكر أنه سيتم اتخاذ خطوات بشأن المطالب المشروعة، وفق الكاتب التركي.

وقدمت أنقرة بعض المقترحات تحت عناوين مثل إنشاء أحزاب سياسية وبناء منظمات غير حكومية، وتعامل الأسد مع هذه الاقتراحات على نحو إيجابي، ولكن هذه التوصيات لم تنفذ.

وأضاف أونالان: "من المعروف أن ماهر شقيق بشار الأسد موال لإيران ومدعوم من المخابرات الإيرانية". 

ولفت إلى أنه "عندما لم تكن العلاقات مع دمشق قد تدهورت بعد، كانت وكالات الأنباء الإيرانية الرسمية وشبه الرسمية والمواقع التابعة لدمشق تقوم بدعاية استفزازية ضد تركيا". 

ووراء المظاهرات المؤيدة للنظام التي نظمها عملاء المخابرات داخل تركيا، كانت الاحتجاجات أمام سفارة أنقرة في دمشق والقنصلية العامة في حلب.

وفي الوقت الذي ذبح فيه النظام ما يقرب من ألفي سوري خلال مجازر درعا وحماة، تواصل الرئيس رجب طيب أردوغان مع الأسد، لأن الأشخاص الفارين من الهجمات بدأوا يتدفقون نحو الحدود التركية، وحذر النظام من نفاد صبره، ولكن تم تجاهل التحذيرات الأخيرة، بحسب أونالان.

مؤامرة خطيرة

وقال الكاتب التركي: "اليوم، نواجه سوريا مجزأة، حيث فقد مئات الآلاف من الناس حياتهم، وشرد الملايين".

وأردف: "منذ اليوم الأول للحرب الأهلية، أبقت أنقرة قضية المنطقة الآمنة وحظر الطيران على جدول الأعمال، وكانت إيران تعارض الفكرة علنا".

وآنذاك، صرح المرشد الأعلى خامنئي – أثناء زيارة الأسد إلى طهران – بأن "المنطقة الآمنة" التي تعتزم أنقرة إقامتها شمال سوريا هي "إحدى المؤامرات الخطيرة، ويجب معارضتها بشدة". 

ولكن قوبلت دعوات أنقرة بالدعم، وإن كانت بشكل ضعيف، من الولايات المتحدة، ودعا سياسيون بارزون، بمن فيهم السيناتور الجمهوري، جون ماكين، إلى تسليح المعارضة السورية وإنشاء منطقة آمنة لمعارضي الأسد للجوء إليها. 

نفذت الولايات المتحدة أنشطة تدريب وتجهيز للمعارضة السورية لفترة من الوقت، لكنها اختارت إنهاءها والتعاون مع حزب العمال الكردستاني (بي كا كا). 

وأضاف أونالان: "من ناحية أخرى، فإن الدول الأوروبية، التي لا تريد أن يأتي اللاجئون إلى بلدانها، لا تدعم العملية التي ستضمن العودة الطوعية والكريمة للسوريين، وبالتالي المنطقة الآمنة التي سيتم إنشاؤها". 

وأشار إلى أن "تركيا قامت حتى الآن ببناء عشرات الآلاف من منازل الطوب بوسائلها الخاصة"، فيما يواصل الاتحاد الأوروبي تكتيكه المماطل من خلال مناقشة كيفية وأي منظمة سيتم تسليمها المساعدات". 

وكان للرئيس أردوغان رد فعل "ذو مغزى كبير" حيث طالب من الدول الأوروبية أن يأخذوا اللاجئين دون شروط وقيود، وأنه سيعطيهم أربعة أضعاف المساعدات التي سيقدمونها له.

وأردف الكاتب: "تؤيد تركيا خطة تشكيل حكومة موثوقة وشاملة وغير طائفية في سوريا تماشيا مع القرار رقم 2254 بتاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، والذي وافق عليه مجلس الأمن الدولي بالإجماع". 

وتابع: "الواقع أن إنشاء اللجنة الدستورية انطلاقا من نتائج عملية أستانا، التي جاءت نتيجة جهود تركيا، هو خطوة بالغة الأهمية". 

وأوضح أونالان أن "هذه اللجنة تتكون من 150 شخصا، 50 من النظام، و50 من المعارضة و50 من الممثلين المدعوين من قبل الأمم المتحدة".

ورأى أنه "بفضل موقف أنقرة القوي، مُنع حزب العمال الكردستاني/حزب الاتحاد الديمقراطي من التواجد على الطاولة، وعقدت ثماني جولات من المحادثات في جنيف إلى يومنا هذا، وكان من المقرر إجراء الجولة التاسعة في نهاية يوليو/تموز 2022، لكن تم تأجيلها إلى وقت لاحق".

أنباء مضللة

وقال أونالان: "في قمة طهران التي عقدت في 19 يوليو/تموز 2022، أعرب الرئيس أردوغان عن تصميمه على عملية عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب في سوريا". 

وأضاف "بعد يوم واحد، هوجمت منطقة سياحية في زاخو شمال العراق، وبينما كانت الجثث لا تزال على الأرض، تم على الفور تقديم أنباء كاذبة تفيد بأن الهجوم نفذته القوات المسلحة التركية". 

وقامت احتجاجات نظمتها ميليشيات موالية لإيران وحزب العمال الكردستاني، وجرت محاولات لمهاجمة القواعد التركية في شمال العراق.

وتم تشويه بيان "المصالحة" الذي أدلى به وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، كما نفذت هجمات على العلم التركي في شمال سوريا، يقول أونالان.

وأضاف: "في الآونة الأخيرة أيضا، ذكرت وكالة تسنيم للأنباء، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، أن أنقرة طلبت من الائتلاف الوطني السوري المعارض مغادرة تركيا وإيجاد مكان آخر لأنفسهم". 

وتابع: "سرعان ما تم نفي هذا الخبر، لأنه قبل أسبوع واحد فقط، التقى وزير الخارجية تشاووش أوغلو برئيس الائتلاف الوطني السوري سالم المسلط، ورئيس هيئة التفاوض بدر جاموس، ورئيس وزراء الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى". 

كما أعلن مرة أخرى أن مساهمة المعارضة السورية في العملية السياسية في إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 تحظى بتقدير ودعم تركيا.

وستجتمع مجموعة "شنغهاي" الخمسة في سبتمبر/أيلول 2022، ودعا بوتين الرئيس أردوغان إلى هذه القمة.

وزعمت وكالة تسنيم للأنباء أن بوتين سيجمع أردوغان والأسد معا في الاجتماع، فيما نفى وزير الخارجية تشاووش أوغلو هذه الأنباء.

وقال أونالان: "نتيجة لذلك تتخذ تركيا بعض الخطوات في ظل جميع أنواع الأعمال والهجمات الاستفزازية، فمطالب تركيا واضحة جدا، التطهير الكامل للحدود من التشكيلات الإرهابية وأمن الحدود، ووحدة سوريا الإقليمية والسياسية، وقدرة المهاجرين على العودة إلى ديارهم بأمان وكرامة".

ولفت إلى أن "وزير خارجية النظام، فيصل مقداد، طالب بإخراج القوات التركية من سوريا، ولكن ليس لدى تركيا ترف الخروج في ظل الظروف الحالية، ويبدو أن اجتماع وكالات الاستخبارات والدبلوماسيين على مستوى معين سيستمر لبعض الوقت". 

وختم أونالان مقاله بالقول: "إذا تم الحصول على ضمانات كبيرة وقوية منها، يمكن نقل المفاوضات بين أنقرة والنظام إلى مستوى الوزراء، ويبدو من الصعب تحقيق ذلك على المدى القصير".