بوتين يبدأ "المرحلة الثالثة" في حربه ضد أوكرانيا.. تعرف على تفاصيلها
سلط مركز تركي الضوء على إعلان زعيم منطقة "زاباروجيا" الأوكرانية يفجيني باليتسكي، عن إجراء استفتاء للانضمام إلى روسيا، بالإضافة إلى أهداف موسكو ضمن "المرحلة الثالثة" من الغزو الذي بدأ منذ 24 فبراير/شباط 2022.
وقال مركز أنقرة للأزمات والأبحاث السياسية "أنكاسام" في مقال للكاتب التركي دوغان جان باشاران، إن "إعلان باليتسكي الصادر عبر بيان في 8 أغسطس/آب 2022، مهم جدا، حيث يوضح مسار الحرب وإستراتيجية إدارة موسكو".
وأشار باشاران إلى أنه "بالنظر إلى الوضع الحالي للحرب الروسية في أوكرانيا يمكن القول إن إدارة موسكو تواصل هدفها المتمثل في تحويل البلاد إلى دولة برية".
وأضاف "من الواضح أنه إذا سيطرت روسيا على مدينة أوديسا في المستقبل، ستكون قد حظرت وصول أوكرانيا إلى البحر الأسود بالكامل تقريبا".
وعلاوة على ذلك، فإن روسيا لم تتصرف فقط في سياق البحر الأسود في الحرب الأوكرانية، وإنما زادت أخيرا من أهدافها.
فيما تعزز موقف الجيش الأوكراني بأثر المعونة القادمة من الغرب فهو يستعد للهجوم.
وعند هذه النقطة، سيتعين على روسيا التي تدرك أن الأمور لا تسير كما هو مخطط لها على الأرض، أن تتخذ خيارا آخر، وفق الكاتب التركي.
وأوضح باشاران أن "الخيار هو الاعتراف بالهزيمة في أوكرانيا أو توسيع منطقة الهجمات الروسية قبل أن يواصل الجيش الأوكراني هجومه".
وأضاف: "من المتوقع أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يوافق على إنهاء الحرب دون تحقيق ما قد يصفه بأنه انتصار في أوكرانيا".
واستطرد: "لذلك، من الممكن التنبؤ بأن الكرملين سيختار نشر الحرب إلى جغرافيا أوسع من خلال توسيع أهدافه، وهذا نذير بالانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب المسماة العملية الخاصة".
المرحلة الثالثة
وقال باشاران: "كما هو معروف، حددت روسيا هدفين رئيسين في المرحلة الأولى من الحرب".
وأوضح أنه "يمكن تلخيص الهدف السياسي للحرب على أنه الإطاحة بالرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، ويمكن وصف هدفها العسكري بأنه تحويل أوكرانيا إلى دولة برية".
ومع ذلك، في المرحلة الأولى من الحرب، واجهت القوات الروسية مقاومة غير متوقعة وواجهت حقيقة أن الإطاحة بزيلينسكي "لم تكن سهلة كما كان يعتقد".
لذلك، خفضت روسيا الحصار في كييف وانتقلت إلى شرق البلاد.
ومنذ الإعلان عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من الحرب، تحولت الصراعات إلى شرق أوكرانيا، وفي هذه المرحلة، تستعد إدارة موسكو لتوسيع هدفها، وتشير في الواقع إلى أن المرحلة الثالثة من الحرب قد بدأت، وفق باشاران.
وبعبارة أخرى، زادت موسكو من أهدافها وحولت أنظارها إلى كييف مرة أخرى من أجل منع أوكرانيا من تحرير أراضيها عن طريق الهجوم.
ولفت الكاتب إلى أن "الغارة الجوية التي نفذها الجيش الأوكراني على القاعدة الروسية في شبه جزيرة القرم (في 10 أغسطس 2022) تكشف بوضوح أن إدارة كييف لديها موقف حازم بشأن إقامة السلامة الإقليمية للبلد، بما في ذلك شبه جزيرة القرم".
ولهذا السبب، يبدو أن روسيا ستحاول أخذ زمام المبادرة من خلال توسيع نطاق العملية.
وقال باشاران: "عند هذه النقطة، تتبادر إلى الذهن فكرة أن نهر دنيبر يمكن وضعه على أنه جدار برلين للحرب الباردة الجديدة".
واستدرك: "في الطريق إلى هذا الوضع الراهن، من المثير للفضول نوع الإستراتيجية التي سيتبعها الكرملين فيما يتعلق بالأراضي التي يسيطر عليها".
وتابع: "عندما نفذت تدخلها في أوكرانيا عام 2014، طبقت روسيا نموذجا هجينا، فمن ناحية، الكرملين أنشأ ما يسمى بالدول للانفصاليين في لوهانسك ودونيتسك واعترف باستقلال هذه الهياكل الانفصالية عام 2022، ومن ناحية أخرى، ضمت شبه جزيرة القرم في انتهاك للقانون الدولي".
وبهذا المعنى، يمكن تفسير البيان الذي أدلى به بشأن إجراء استفتاء في منطقة زاباروجيا على أنه محاولة لتشغيل نموذج القرم.
منطقة عازلة
ولفت باشاران إلى أن "أحد أسباب تدخل روسيا في أوكرانيا هو خطابها بأنها تريد إنشاء منطقة عازلة بينها وبين الغرب".
وأضاف "كما هو معروف، حتى في الثورات الملونة، نفذ صناع القرار في كييف سياسات من خلال النظر في التوازن الروسي الغربي ووضع أوكرانيا كمنطقة عازلة".
ومع ذلك، فإن حقيقة أن هذا البلد قد فقد طابعه كمنطقة عازلة جعلت موسكو تستوعب الشعور بأنها تحت الحصار، مما أدى إلى سياسات عدوانية وتحريفية.
ولكن إذا كان الكرملين يريد حقا إنشاء منطقة عازلة مع الغرب، فإنه يفضل نموذج دونباس، مع إعطاء الأولوية لخيار المنطقة العازلة، بحسب الكاتب التركي.
وعلق باشاران: "في كلا السيناريوهين، يتعارض تدخل روسيا في أوكرانيا مع القانون الدولي بوصفه انتهاكا للحدود والسلامة الإقليمية لدولة ذات سيادة تعترف الأمم المتحدة بحدودها".
لكن نموذج القرم له بعد أكثر خصوصية، لأن هذه الطريقة ليست هدف سياسات روسيا لإنشاء منطقة عازلة، بل يظهر أن التربة آخذة في التوسع.
من ناحية أخرى، ليس لدى موسكو هدف في هذا الاتجاه، ومن الممكن أيضا أن يطالب الانفصاليون في زاباروجيا بذلك.
والواقع أن الاستفتاءات تنظم في منطقة أوسيتيا الجنوبية في جورجيا من وقت لآخر أو تأتي محاولات تنظيمها على جدول الأعمال؛ ومع ذلك، يبدو أن موسكو لم تتخذ خطوات في هذا الصدد.
وعلاوة على ذلك، من الممكن أن يكون البيان الصادر في حالة زاباروجيا "نتاج جهد" لزيادة دوافع الحرب لدى الانفصاليين في المنطقة.
وقال الكاتب إنه "يمكن تحويل وعد الجنسية الروسية إلى حافز لأولئك الذين سيقاتلون عند نقطة الحرب الهجينة".
واستدرك: "لكن الأحداث في شبه جزيرة القرم تذكرنا بخيار الضم".
وتابع: "في حين يعتقد أن الجغرافيا التي وقعت فيها الصراعات في الحرب الروسية الأوكرانية ستتوسع، وتجرى في المناطق الانفصالية مناقشة مسألة الارتباط بموسكو".
وختم باشاران مقاله بالقول: "هذا يشير إلى أن إدارة موسكو لا تنشئ منطقة عازلة، وإنما كانت في أوكرانيا لغرض الحصول على الأراضي".