عبدربه لعكب.. قيادي عسكري يمني فضح مؤامرات التقسيم فعزلته الإمارات
كشفت الأحداث الأخيرة من اشتباكات ومحاولة اغتيالات في محافظة شبوة اليمنية، عن شخصيات عسكرية خاضت معارك ضد المجاميع المسلحة التي حاولت السيطرة على شبوة النفطية.
وبرزت شخصية العميد عبدربه لعكب، كقائد عسكري مثير للجدل، بعد محاولة اغتيال تعرض لها في مدينة عتق عاصمة المحافظة في 19 يوليو/تموز 2022، من قبل عناصر مسلحة مدعومة إماراتيا، في خطوة عدها مراقبون تلبية لمطالب أبوظبي.
ليتخذ بعدها، محافظ شبوة الموالي للإمارات عوض بن الوزير العولقي، في 24 يوليو/تموز 2022، قرارا بإيقاف قائد قوات الأمن الخاصة، العميد لعكب، وقائد اللواء الثاني "دفاع شبوة"، وجدي باعوم عن العمل، على خلفية الاشتباكات بين القوتين.
مدير البحث الجنائي في شبوة: #الإمارات تدعم مجموعات لتنفيذ عمليات تفجير متكررة لأنابيب النفط شرقي #اليمن pic.twitter.com/JmmTNChd5X
— صحيفة الاستقلال (@alestiklal) June 10, 2020
مقاومة المليشيا
ويعد العميد لعكب أحد قادة التحرير في مديريات بيحان وأبرز القادة الذين واجهوا مليشيا "الحوثي" في شبوة، وتولى منصب قائد قوات الأمن الخاصة بمحافظة شبوة بموجب قرار جمهوري صدر في 28 أغسطس/آب 2019.
استمر لعكب في منصبه رغم تغيير المحافظ السابق محمد صالح بن عديو بمحافظ جديد موالي للإمارات، حتى أصدر مجلس القيادة الرئاسي في 8 أغسطس 2022، قرارا بتعيين العقيد مهيم سعيد محمد ناصر، قائدا لقوات الأمن الخاصة خلفا للعميد لعكب، بعد المعارك التي شهدتها شبوة، بين قوات الأمن الخاصة والقوات المدعومة إماراتيا.
كان للعميد لعكب دور بارز في هزيمة القوات الإماراتية والمليشيات الموالية لها عام 2019، بعد سيطرتها على العاصمة المؤقتة عدن وطرد الحكومة منها ومحاولة توسعها باتجاه محافظتي أبين وشبوة.
ووصفته صحيفة "التايمز" البريطانية، في تقرير نشرته في يناير/كانون الثاني 2021، بـ"بطل شبوة"، وأنه "أصغر عميد بالجيش اليمني، دمر سمعة الجيش الإماراتي القتالية" التي تمتعت بها قبل تلك الهزيمة.
ينحدر عبدربه لعكب الشريف (أواخر الثلاثينيات من عمره)، من مديرية عسيلان التابعة لمحافظة شبوة، وتخرج في الكلية البحرية برتبة ملازم ثم تحول إلى قائد ميداني في جبهات المعارك ضد الحوثيين.
أصيب لعكب عند تحرير محافظة شبوة من الحوثيين ثلاث مرات، إحداها بلغم أرضي وتم نقله إلى مصر للعلاج وتم بتر رجله وكف يده.
وعاد بعد تركيب أطراف صناعية إلى جبهة بيحان ليقود معركة تحرير عسيلان من الحوثيين، وكان أول القادة الميدانيين، الذين دخلوا إلى مدينة النقوب.
وقدَم الكثير من التضحيات في مواجهة مشروع الحوثيين المدعومين من إيران، حيث استشهد شقيقه، أحمد لعكب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، متأثرا بإصابته في معارك ضد مليشيا الحوثي في بيحان، كما أن لديه شقيقا آخر أسيرا لدى مليشيات الحوثي.
ورغم التضحيات التي قدمها لعكب، واصطفافه بجانب الحكومة الشرعية في مواجهة المد الإيراني، إلا أن ذلك لم يشفع له في وقف استهدافه المتكرر من قبل القوى الموالية للإمارات.
فمنذ تعيين محافظ شبوة الحالي، العولقي، تعرض العميد لعكب والقوات التي يقودها لمضايقات مختلفة من خلال نشر النقاط العسكرية التابعة للمليشيات الانفصالية والاستحداثات العسكرية المتواصلة وتضييق الخناق على قوات الأمن.
استهداف مبكر
ومنذ وقت مبكر، سعت القوات المدعومة من الإمارات، إلى بسط سيطرتها على المحافظة ذات الموقع الإستراتيجي والاقتصادي المهم على البحر العربي بمساحة تزيد عن 48 ألف كيلومتر مربع والتي توجد فيها 15 قطاعا نفطيا، بالإضافة لميناء بلحاف لتصدير الغاز الطبيعي المسال، الذي تسيطر عليه قوات إماراتية.
وكل مرة كانت تصطدم بمقاومة شرسة، من قبل قوات الأمن الخاصة بقيادة العميد لعكب، وبقية الألوية العسكرية التابعة لوزارة الدفاع اليمنية، وفي مقدمتها قوات اللواء 30 مدرع.
وبدأت شرارة الأحداث الأخيرة في 19 يوليو/تموز 2022، عندما نصبت قوات "دفاع شبوة" كمينا وسط الشارع العام في مدينة عتق، استهدفت فيه موكب قائد قوات الأمن الخاصة لعكب، ونتج عن العملية مقتل اثنين من حراسة الأخير وإصابة آخر، في خطوة عدها مراقبون تلبية لمطالب أبوظبي.
بعدها بأيام انفجرت، الخلافات بين قوات الجيش والأمن التابعة للحكومة اليمنية، وقوات العمالقة و"دفاع شبوة" وتحولت إلى اشتباكات مسلحة، اندلعت في مدينة عتق، مركز المحافظة، مسفرة عن قتلى وجرحى.
واندلعت المواجهة العسكرية بين الطرفين في 8 أغسطس/آب 2022، عقب قرار من محافظ شبوة العولقي بإقالة قائد قوات الأمن الخاصة التابعة لوزارة الداخلية لعكب، وهو القرار الذي يعد من صلاحيات وزير الداخلية.
واتهم ناشطون وسياسيون محافظ محافظة شبوة بالسعي لإثارة الفتنة وتكريس الانقسام وضرب الاستقرار الداخلي للمحافظة، من خلال رفضه للقرارات الرئاسية وتجاوزه لصلاحيات السلطة المحلية من خلال الخطوات التي قام بها، والتي تخالف قانون السلطة المحلية والتسلسل الإداري.
وحسمت مليشيات دفاع "شبوة" و"العمالقة" التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا معركة مدينة عتق بمحافظة شبوة في 10 من الشهر نفسه، بمساندة من طيران مسير إماراتي شن غارات على القوات الحكومية.
وتمكن العميد لعكب من الخروج إلى محافظة سيئون، الخاضعة لسيطرة قوات الجيش التابعة للحكومة اليمنية، والتقى في القصر الجمهوري بوزيري الدفاع محسن الداعري والداخلية إبراهيم حيدان.
إقالة وتوضيح
وفي 14 أغسطس/آب 2022، أصدر لعكب، بيانا لخص فيه حقيقة ما جرى في محافظة شبوة من أحداث عنف، بعد قرار المجلس الرئاسي بتعيين قائد جديد لقوات الأمن الخاصة بالمحافظة خلفا له.
وقال البيان إن "الأحداث المؤسفة بدأت عندما انخرط المحافظ العولقي في مخطط الفتنة بالاعتماد على مليشيا دفاع شبوة، التي هي نفسها قوات النخبة التي أدينت في تقارير فريق خبراء العقوبات مجلس الأمن وتدار من دولة أخرى، ولم يتم تحديد تبعية تلك القوات حتى الآن من قبل اللجنة العسكرية أو المجلس الرئاسي".
وأضاف أن "العولقي، استقدم مجاميع مسلحة من خارج المحافظة، بقصد تسليم المحافظة لطرف معين وإقصاء المؤسسات الأمنية والعسكرية الرسمية".
وأوضح أنه "منذ منتصف يوليو/تموز 2022، تحديدا، بدأت المجاميع التي استقدمها العولقي، بممارسة تصرفات عنجهية بعدم التوقف أو الاعتراف بنقاط قوات الأمن التي تقوم بواجبها في مداخل المدينة ومحاولة اقتحام بعضها، وتوقيف ضباط وأفراد من منتسبي الأمن الخاص في نقاطهم غير القانونية".
وأشار البيان إلى أن "المحافظ قاد الفتنة إلى جانب قيادات وقوات تابعة للانتقالي من خارج المحافظة واستعان بالطيران لاستهداف القوات الأمنية والعسكرية، ورفض الاعتراف بقرارات المجلس الرئاسي وتوجيهاته واستغل منصبه ليوفر غطاء لتصفية ضباط الدولة وأفرادها".
وبين بالقول أنه "بمجرد صدور قرار مجلس القيادة بالإقالة رحبت به لكن العولقي ومليشياته أصروا على التصعيد ورفضوا استقبال اللجنة المكلفة بالتنفيذ".
وكان العولقي، قد استقدم قوات من مناطق نفوذ حلفاء الإمارات في محافظتي لحج والضالع، ما دفع رئيس مجلس القيادة إلى التوجيه بإيقاف التحشيد وعودة ألوية "العمالقة" و"دفاع شبوة" إلى معسكراتها وتسليم حماية المدينة لقوات النجدة والأمن العام.
لكن المحافظ رفض ضمنيا تلك التوجيهات ومطالبات وزير الداخلية، حين دفع بالعشرات من مسلحي "العمالقة" معززين بآليات ومدرعات إلى المدينة، وإلى مواقع قرب منزل العميد لعكب، ما فاقم حدة التوتر، وأدى إلى اندلاع المعارك العنيفة في عاصمة المحافظة.
المصادر
- Shabwa: The Special Forces Commander Dismissed
- اشتباكات شبوة قمة جبل الجليد.. ماذا تعرف عن مؤامرة أبوظبي لتقسيم اليمن؟
- تعيين العقيد مهيم سعيد محمد ناصر قائداً لقوات الأمن الخاصة فرع محافظة شبوة
- اليمن.. قوات تابعة لمحافظ شبوة تحكم سيطرتها على مدينة عتق عقب تدخل الطيران المسيّر
- نجاة مسؤول أمني يمني من الاغتيال في محافظة شبوة