يدعمون دعوته للتغيير لا تظاهراته.. لماذا يتخوف سنة العراق من مقتدى الصدر؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر "تحرير" المنطقة الخضراء من الفاسدين، ودعوته العراقيين لاستثمار ما أسماها بـ"الفرصة العظيمة" لتغيير جذري للنظام السياسي والدستور والانتخابات، برزت تساؤلات عن مدى استجابة المكون السني ومشاركته بمظاهرات الصدريين.

وفي 30 يوليو/ تموز 2022، اقتحم الآلاف من أنصار التيار الصدري (شيعي)، مقر البرلمان في المنطقة الخضراء ببغداد، احتجاجا على ترشيح قوى الإطار التنسيقي (شيعي/ موال لإيران) النائب محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، معلنين إقامة اعتصام مفتوح داخل البرلمان.

"عهد جديد"

وعلى وقع مطالبة الصدر بتغيير النظام السياسي في العراق، وصف المجمع الفقهي العراقي (أكبر مرجعية دينية للسنة)، النظام الحالي بأنه "لا يلبي احتياجات الشعب وتطلعات الأجيال"، داعيا إلى "عهد جديد" تصنعه "وجوه مشرقة لم تلوث بالعنف والطائفية والإرهاب".

وقال المجمع خلال بيان في 1 أغسطس/ آب 2022 إن "ما وصل إليه العراق من تدهور وانحطاط في كل ما يخدم الشعب، ولم يعد المواطن العراقي ينعم بالحياة الكريمة والمستقبل المشرق، فذلك كله سببه النظام السياسي القائم على المحاصصة الفئوية والحزبية الضيقة والتوافقية النفعية".

ورأى أن "تراكمات الإخفاقات طوال السنوات الماضية ولّدت تفاقما ونقمةً لدى الفرد العراقي، وأصبح الشعب يحصد الظلم والبطالة والعوز والفقر، واستمرت الفوضى في حياة الناس، إذ لا يزال عشرات الآلاف من المعتقلين والمغيبين والنازحين فضلاً عن العاطلين والمهمشين الذين يعانون وأسرهم الأمرّين".

وتابع المجمع: "لذا لا بد من تحمل المسؤولية التاريخية أمام الله ثم أمام الشعب ومن قبل جميع الجهات المعنية ليقفوا وقفة تاريخية ملؤها الحكمة وضبط النفس بعيدا عن العنف واختلاق أسباب الفوضى هنا أو هناك".

ودعا إلى "حوار وطني هدفه الحفاظ على وحدة الوطن وسيادته وتنمية ثرواته غير متناسين محاسبة الفاسدين والعابثين في أمن البلد وتبديد ثرواته ومستقبل أجياله المتطلعة إلى عهد جديد تصنعه وجوه مشرقة وأيد ذات كفأة ومخلصة لم تلوث بالعنف والطائفية والإرهاب والفساد والظلم والإقصاء".

وحذر المجمع في بيانه من "تداعيات اعتماد لغة العنف وإراقة دماء الأبرياء ومن استغلال هذا الظرف لإحداث فتنة من أطراف متطرفة ومندسة"، داعيا "الجميع إلى عدم التصعيد واحترام إرادة الشعب واعتماد المبادرات الوطنية وصوت الحكماء بعيدا عن المشاريع والأجندات التي لا تريد خيرا لهذا الشعب الأبي".

تأييد سياسي

أما على صعيد القوى السياسية السنية في العراق، فأعلن خميس الخنجر رئيس "تحالف السيادة" (أكبر كتلة سنية بالبرلمان) دعمه لخطاب مقتدى الصدر، داعيا إلى إجراء انتخابات مبكرة وفق معايير جديدة وقوانين عادلة.

وغرّد الخنجر على "تويتر" في 3 أغسطس 2022 قائلا: "ندعم جميع الجهود المخلصة لإنقاذ العراق، ومعالجة حالة الجمود السياسي التي عطّلت الدولة ومصالح الشعب".

وأضاف: "نعلن دعمنا لمضامين خطاب مقتدى الصدر نحو انتخابات مبكرة، ووفق معايير جديدة وماكنة وقوانين عادلة تسمح بمنافسة حقيقية".

وفي السياق ذاته، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي، السياسي السني محمد الحلبوسي، عبر "تويتر" في 5 أغسطس 2022 تأييده لدعوة مقتدى الصدر، إلى إجراء انتخابات مبكرة.

وقال الحلبوسي إن "مجلس النواب ممثل الشعب، وتلك الجماهير التي احتشدت هي جزء من كيانه وضميره، التي لا يمكن بأي حال إغفال إرادتها في انتخابات مبكرة التي دعا لها السيد مقتدى الصدر".

وأضاف: "نؤيد المضي في انتخابات نيابية ومحلية خلال مدة زمنية متفق عليها للشروع مجددا بالمسيرة الديمقراطية تحت سقف الدستور والتفاهم، بما ينسجم مع المصلحة الوطنية العليا للبلاد".

وفي الوقت الذي لم تطلب فيه القوى السياسية السنية من جماهيرها الالتحاق بالمتظاهرين الصدريين، فإن بعض العشائر السُنية من محافظة الأنبار (غرب العراق) وبغداد، ومنها عشيرتا المحامدة والجنابيين، احتشدت في مبنى البرلمان، تأييدا لما طالب به زعيم التيار الصدري من تغيير جذري للنظام الحالي.

"تخوف سُني"

وعن أسباب عدم مشاركة الشارع السني في مظاهرات التيار الصدري، قال المتحدث السابق باسم الحراك السني في العراق، الشيخ فاروق الظفيري، إنه "من ناحية السياسيين السنة فإنهم متخوفون من وضع الصدر، وذلك بسبب تقلباته في القرارات".

وأضاف الظفيري لـ"الاستقلال": "بل عادة ما يكون زعيم التيار الصدري هو المنقذ لائتلاف نوري المالكي (رئيس الوزراء السابق) وللائتلاف الشيعي بصورة عامة، وذلك عندما يصلون إلى طريق مسدود".

ورأى أن "المظاهرات الحالية للتيار الصدري لا تعدوا عن شبيهاتها من المظاهرات السابقة، فهي ذات أبعاد سياسية صرفة وصراع على المناصب والنفوذ، وليس لها علاقة بالعراق أو محاربة الفساد".

وأكد المسؤول السني السابق، أنه "لذلك فإن ساسة السنة متخوفون من التكلم بشيء إيجابا أو سلبا تجاه المظاهرات لأنهم يعرفون تقلبات الصدر".

الأمر الثاني، يضيف الظفيري، أن "جماهير أهل السنة أيضا متخوفون ولا علاقة لهم بمظاهرات التيار الصدري، لأنهم يعلمون ماذا يريد، فهم اليوم أعلم حتى من سياسييهم وعندهم مقدرة بالتمييز أفضل من السياسيين الذين تكبلهم التفاهمات السياسية والمناصب التي يشغلونها".

وتابع: "لذلك المجتمع السني لا علاقة له بما يجرى من مظاهرات، والمحافظات السنية لم تشترك بها، إنما تؤيد المطالب المرفوعة، لكنها تعرف جيدا أن الصدر هو رأس من رؤوس الفساد والإجرام، فهو يمتلك مليشيا جيش المهدي الذي فعل الأفاعيل بأهل السنة إبان الحرب الطائفية عام 2006".

وأوضح الظفيري أنه "حتى اليوم يسيطر الصدر على مدينة سامراء (السنية) فهي اليوم كأنها مقفلة بسجن تام بسبب وجود مليشيا سرايا السلام التابعة للصدر والتي هي البديل عن جيش المهدي".

وأكد المتحدث أن "أهل السنة في العراق لم يحصلوا على شيء من الأطراف الشيعية جميعها سواء التيار الصدري أو الإطار التنسيقي، لذلك هم الآن ساكتون ولا علاقة لهم بالمظاهرات لأنهم يعلمون أن هذا كله صراع من أجل المناصب وليس من أجل العراق أو محاربة الفساد".

وبحسب الظفيري، فإن "أفسد جزء من الحكومة هو الذي يمثله التيار الصدري، لأن أكثر الوزراء والمديرين العامين والنواب في البلد هم تابعون للصدر، فهم شاركوا في جميع الحكومات التي مرت على العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم".

وكان الصدر قد دعا خلال تغريدته على "تويتر" في 31 يوليو/ تموز 2022، إلى "قيام دولة أبوية تفرض القانون على نفسها قبل غيرها، ولا تستثني المتنفذين والمليشيات"، داعيا العراقيين إلى أن يهبوا لطلب الإصلاح، وعدم تفويت هذه الفرصة.

كما حذرهم من "الندم"، وأنه من لم ينصر دعوة الإصلاح فسيكون "أسير العنف والمليشيات والخطف والتهميش والفقر والذلة".

ولا تزال الأزمة السياسية في البلاد قائمة بقوة، إذ يعيش العراق شللا سياسيا تاما منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

ولم تفضِ المفاوضات بين القوى السياسية الكبرى إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة، بسبب الخلافات بين أقطاب المكون الشيعي.