بعد مقتل الظواهري.. 4 سيناريوهات لمستقبل العلاقات بين واشنطن وطالبان
سلط مركز تركي الضوء على تداعيات واقعة اغتيال الولايات المتحدة لزعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري، في 1 أغسطس/آب 2022، إثر هجوم بطائرة بدون طيار في العاصمة الأفغانية كابول.
وقال مركز أنقرة للأزمات والبحوث السياسية "أنكاسام" في مقال للكاتب دوغاجان باشاران، إنه "في أعقاب هذا التطور، أعلنت حركة طالبان إدانتها للهجوم، وأعلنت أن إدارة واشنطن وقعت على اتفاق الدوحة المؤرخ في 29 فبراير/شباط 2020، ولذلك، فقد انتهكت سيادة أفغانستان".
وأشار البيان الذي أدلت به طالبان إلى أن "الحبال ستزداد إحكاما في الاتصالات مع الولايات المتحدة".
ملفت للنظر
وأوضح باشاران أنه "في اتفاق الدوحة تعهدت طالبان بأنها لن تسمح للمنظمات الإرهابية بالعمل في أفغانستان، وأنها ستحارب الإرهاب في المنطقة".
وتابع: "بهذا المعنى، يمكن تفسير مقتل الظواهري على الأراضي الأفغانية على أنه حدث من شأنه أن يضعف يد طالبان".
واستطرد باشاران قائلا: "من الملفت للنظر أنه وبعد الحادث مباشرة، بدأت الأصوات التي تنتقد طالبان في الارتفاع من الولايات المتحدة".
وعلى سبيل المثال، أوضح السيناتور الأميركي ليندسي غراهام هذا الوضع في بيانه بالقول "هذا التطور دليل على أن أفغانستان أصبحت مرة أخرى ملاذا آمنا للإرهابيين الدوليين".
وتجدر الإشارة إلى أن غراهام أوضح أن الهجوم بطائرة بدون طيار على الظواهري "هو تطور يؤكد وجود تنظيم القاعدة الإرهابي في أفغانستان".
وفي هذه المرحلة، فإن الموقف الأكثر خطورة في هذا الوضع هو أن الهجوم المعني وقع بمنطقة "شير بور" في كابول؛ والتي تعد محصنة أمنيا من قبل أصول طالبان، وهي منظمة في مساحة المعيشة البيروقراطية الدبلوماسية حيث يقيم قادة طالبان، وفق باشاران.
وأضاف أنه "بناء على كل هذه المعلومات، يمكن التنبؤ بأن الولايات المتحدة ستزيد الضغط على طالبان بسبب علاقتها المزعومة مع الإرهاب، لكن جوهر المسألة قد يكون مختلفا تماما عما يبدو".
وتابع: "إذا كانت الصورة المذكورة أعلاه قد سادت أثناء اغتيال الظواهري، فربما أرادت الولايات المتحدة معاقبة طالبان على هذا الاغتيال وفضح العلاقة بين طالبان والقاعدة أمام المجتمع الدولي".
سيناريوهات محتملة
وأشار الكاتب التركي إلى أنه "بعد اغتيال الظواهري، وبالنظر إلى الاحتمالات في الاتجاه المعاكس، من الممكن التحدث عن أربعة سيناريوهات مختلفة".
أول هذه السيناريوهات، هو أن طالبان ربما تعاونت على المستوى المؤسسي خلال اغتيال الظواهري.
وكما هو معروف، زار وزير دفاع طالبان، الملا محمد يعقوب، قطر يومي 11 و12 يوليو/تموز 2022، وبعد الزيارة المذكورة تم الإعلان عن توقيع اتفاقية تعاون شاملة تتراوح بين أمن الحدود ومكافحة الإرهاب بين الطرفين.
ومما لا شك فيه أن قطر هي نافذة طالبان على الغرب، لأن العديد من الجهات الفاعلة الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، تجري اتصالاتها مع "طالبان" عبر الدوحة.
لذلك، ربما تكون "طالبان" قد تبادلت المعلومات الاستخباراتية حول موقع الظواهري كعلامة على حسن النية بأنها تنأى بنفسها عن تنظيم "القاعدة"، بحسب باشاران.
وكما هو متوقع، إذا كان مثل هذا السيناريو يعكس الواقع، على عكس التوقعات، خلق جو إيجابي في العلاقات بين الولايات المتحدة وطالبان، وهذا يمكن أن يفتح الباب أمام عملية تؤدي إلى الاعتراف بطالبان.
ويمكن تفسير السيناريو الثاني من خلال الصراع على السلطة داخل طالبان، لأن هناك تنافسا داخل الحركة بين الجناح الإصلاحي المعتدل بقيادة نائب رئيس وزراء، الملا عبد الغني برادر، والمتطرفين المشار إليهم باسم شبكة "حقاني"، يوضح الكاتب التركي.
وقال باشاران "هذا يعني أن شبكة حقاني ستكون مستهدفة من قبل إدارة واشنطن، ومن شأن ذلك أن يقوي من موقف الملا عبد الغني برادر وبالتالي المعتدلين".
واستدرك: "مع ذلك، إذا حدث مثل هذا التطور فمن المحتم أن ترد شبكة حقاني عليه بقسوة وأن تتسارع الاشتباكات داخل طالبان".
علامة فارقة
أما السيناريو الثالث الذي يحتاج إلى تقييم يتعلق بالصراع على السلطة داخل طالبان. وبناء على ذلك، ربما كانت شبكة "حقاني"، التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات بالفعل بسبب صلتها بتنظيم القاعدة، تهدف إلى الحد من ضغط العقوبات عليها من خلال الإبلاغ عن موقع الظواهري إلى المسؤولين الأميركيين.
وقد تكون هذه بداية تطورات من شأنها أن تزيد من ثقل شبكة "حقاني" داخل طالبان وتؤدي إلى تصفية الإصلاحيين، بحسب باشاران.
أما السيناريو الرابع هو أن المخابرات الباكستانية، المعروفة بنفوذها الكبير في أفغانستان، تتبادل المعلومات مع الولايات المتحدة، لأن إدارة إسلام أباد، في الوقت الحالي، تحاول إصلاح علاقاتها مع الغرب.
وفي هذا السياق، ربما اختارت باكستان، التي نفذت انفتاحا غربيا، التعاون في قتل الظواهري "كدليل على حسن النية".
ونتيجة لذلك، فإن الهجوم الأميركي على الظواهري من خلال الطائرات بدون طيار هو تطور سيعد علامة فارقة لمستقبل كل من طالبان وأفغانستان، بحسب الكاتب التركي.
وقال باشاران: "إذا كان مقتل الظواهري نتيجة للتعاون مع طالبان على المستوى المؤسسي، فقد يؤدي ذلك إلى تسارع إيجابي في العلاقات بين طالبان والولايات المتحدة في المستقبل، رغم بيانات الإدانة الصادرة في الوضع الحالي".
واستدرك موضحا: "لكن إذا كان الهجوم نابعا من الانقسام داخل طالبان، فيمكن القول إن الصراع على السلطة داخل الحركة سيزداد، وستصبح أفغانستان غير مستقرة، وسيصبح الفاعل المتعاون مع إدارة واشنطن أقوى".
وختم باشاران مقاله بالقول: "مع ذلك، فإن المخابرات الباكستانية، التي تتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة، تعني أن التوتر الذي تصاعد مؤخرا على خط طالبان وباكستان سيزداد أكثر، وأن العلاقات بين الطرفين قد تصل إلى نقطة الانهيار".