تنديد واسع بـ"المسرحية الهزلية" لاستبدال دستور تونس: إعلان عودة حكم الفرد

12

طباعة

مشاركة

ندد ناشطون تونسيون بمساعي سلطات نظام قيس سعيد لتزييف حقيقة عزوف الجماهير عن التوجه إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في مسرحية الاستفتاء الذي ينهي عشرية الحرية والديمقراطية ويعلن رسميا عودة حكم الفرد من جديد إلى البلاد.

وعبر تصريحات قيس سعيد التي لم تحترم الصمت الانتخابي وادعاءات رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر بشأن ارتفاع نسبة مشاركة الناخبين، يسعى النظام إلى تحفيز التونسيين المقاطعين لهذه المهزلة إلى الخروج للتصويت.

وفي مقابل ذلك، تحدث أكاديميون ومحللون وناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسمي #قيس_سعيد، #قاطع_الاستفتاء، عن الأسباب التي تدفعهم للامتناع عن المشاركة في التصويت على دستور قيس سعيد.

وأعربوا عن رفضهم إعانة المستبدين والطغاة، وعدم اعترافهم بالمسار الذي وضعه الرئيس التونسي ومخالفته أصول وضع الدساتير، بالإضافة إلى عدم ثقتهم في العملية الانتخابية برمتها.

واتهم المغردون قيس سعيد بخرق الصمت الانتخابي، بحديثه خلال توجهه إلى مركز اقتراع في العاصمة تونس، للتلفزيون الرسمي، عما يحمله دستوره من ميزات، لتحفيز الناخبين والمقاطعين للمشاركة.

وزعم سعيد أن هذا الدستور سيضع قانونا لانتخاب أعضاء المجلس النيابي ومجلس الأقاليم يمكّن "المهمشين والمغيبين" من المشاركة بصنع القرار.

ليرد عليه المغردون، مؤكدين أنه لا يعطي سوى صلاحيات واسعة له، من شأنها أن تعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بما كانت عليه قبل الربيع العربي، واصفين سعيد بالديكتاتوري والمتغطرس والسلطوي.

كما استنكروا ادعاءات رئيس الهيئة العليا للانتخابات التونسية فاروق بوعسكر، ارتفاع نسب المشاركة في الاستفتاء على الدستور بالخارج، زاعما أنها متقاربة مع ما تم تسجيله في الانتخابات التشريعية عام 2019. 

مهزلة الاستفتاء

وتعليقا على ذلك، طالب الكاتب والمحلل السياسي التونسي صفوت حسين، التونسيين بمقاطعة ما وصفها بـ"مهزلة الاستفتاء"، وعدم المشاركة في "صناعة الديكتاتورية".

 من جانبه، استنكر الأكاديمي بجامعة قرطاج الدكتور عبدالستار رجب، انشغال الانقلاب في تونس بالاستفتاء في حين يتوقع البنك الدولي أن يرتفع معدل الفقر 2.2 بالمئة في 2022، مشيرا إلى أن عدد العائلات المعوزة بلغ 960 ألفا، حسب وزارة الشؤون الاجتماعية.

وأضاف: "اضرب في متوسط عدد أفراد العائلة، لتحصل على عدد التونسيين الذي يعيشون الفقر".

ونشر الصحفي الأردني ياسر أبو هلالة، صورا لمراكز الاقتراع تظهر فارغة من المصوتين، ساخرا بالقول: "شاهد الازدحام".

الثورة المضادة

وأعرب ناشطون عن غضبهم من انتكاسة المسار الديمقراطي في تونس، بعدما كانت مهد ثورات الربيع العربي المطالبة بالحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية والديمقراطية.

وانتقد الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، استمرار مسرحية قيس سعيّد الهزلية لوأد آخر معاقل "الربيع العربي"، متوقعا أن يقرر ختام المسرحية سادة "الدولة العميقة" الذين يديرون "الدكتاتور الصغير".

وأشار إلى أنهم هم من سيقررون متى وكيف تختتم، لافتا إلى أن لإيحاءات "الثورة المضادة" دورا مهما في طبيعة القرار وتوقيته.

وقالت أستاذ العلاقات الدولية كوثر جلال: "كنّا نخجل من القول إننا في مرحلة انتقال ديمقراطي مأزوم واليوم لا مفرّ من القول إن التحول الديمقراطي فشل وإن تونس قد استكملت المسار وأغلقت قوس الربيع العربي.

وأضافت: "عوض أن يأسفوا لإجهاض أوّل تجربة ديمقراطية عربية، يسعدون لتخلص من الإسلام السياسي".

ورأى مريد حماد، أن تونس تدخل اليوم المرحلة الأخيرة من الثورة المضادة عبر انقلاب داخلي، في نسخة معدلة من دليل كُتب في عاصمة عربية تحمل برنامجا خطيرا للسيطرة عربيا أخذت على عاتقها إبطال أي تحرك شعبي نحو الحرية والديمقراطية.

تصويت الخارج

ورأى خاكيد حرماسي، أن المقاطعة الكبيرة التي شهدتها مكاتب الاقتراع في الخارج مؤشر واضح وصريح على سقوط الانقلاب بالضربة القاضية وولادة مشروع قيس سعيد ميتًا.

وأكد الأكاديمي التونسي الدكتور نبيل مصعبية، أن كل المؤشرات تدل على أن الهيئة العالية المستقلة للانتخابات بتركيبتها الحالية لا يمكن أن تكون جهة محايدة ولا ينتظر منها المهنية. 

وأشار إلى أن الدليل القاطع الأول الذي حول ذلك الاستنتاج من فرضية منطقية إلى حقيقة واقعية، بعد عرضهم لنسب المشاركة في اليوم الأول علق رئيسها بأن الأرقام تعد عادية مقارنة بما مضى، واصفا ذلك "بالكذب".

وقال نائب بمجلس نواب الشعب التونسي إياد فتحي، إن عملية التزوير وصناعة وهم النجاح، بدأت من الآن، مشيرا إلى أن ما صرح به فاروق بوعسكر نموذج على إرادة التزوير والترويج لنجاح مفقود. وسخر الإعلامي حسام يحيى، من مزاعم الإقبال على الاستفتاء، قائلا إن الإقبال الشعبي المهول يتضح من أرقام المصوتين في الخارج، نسبة التصويت في فرنسا مثلا 1.8 بالمئة، وفي باقي أوروبا والأميركيتين متوسط 3 بالمئة.

خروقات سعيد

واستهجن ناشطون خرق الرئيس التونسي للقوانين بظهوره في بث مباشر يتحدث عن الدستور ويدعو للتصويت بنعم عليه، واستمرار كيله الاتهامات لأطراف لم يسمها باختلاق أزمات وصرف أنظار الشعب عن القضايا الحقيقية.

وأوضحت الصحفية نائلة الحامي، أن تمرير القناة "الوطنية" (حكومية) كلمة مطولة للرئيس التونسي يعدد من خلالها "محاسن" مشروع الدستور الذي طرحه للاستفتاء مخالفة انتخابية.

وذكّرت بأن الصمت الانتخابي يتواصل اليوم في تونس وفق القانون على أن تقدم وسائل الإعلام تطورات التصويت دون التأثير بتقديم أي مواقف داعمة أو معارضة.

وأشارت الصحفية خولة بن جايٍس، إلى أن رئيس جمهورية وأستاذ قانون أول من يخرق القانون، ولم يستغل حتى هذه الفرصة ليقدم خطابا يجمع الناس ويخفف أي توتر!

وأضافت: "مهم أن يعرف الرئيس هناك من يعارضه ولا يقبل أيضا العودة للفترة السابقة، يعني مهم يفهم أن هناك تيار معارض له لا يحمل راية سياسية علّه يتواضع قليلا".

وتهكمت شيماء بوهلال، على خرق سعيد للصمت الانتخابي، قائلة: "قيس سعيد الصادق جدا الأمين جدا القانوني جدا الدستوري جدا في يوم التصويت وهو صاحب مشروع الاستفتاء وفكرة الاستفتاء ومنظم الاستفتاء والداعي للاستفتاء يدعو المواطنين للتصويت بنعم عبر بث مباشر في التلفزة الوطنية".

وتابعت: "الصمت الانتخابي نخوفوا بيه والقانون نكذبوا بيه.. ما خاين كان ذراعك يا قيس".

ونقل رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان، عن الرئيس التونسي قيس سعيد قوله وهو يدلي بصوته في الاستفتاء اليوم، إن السنوات العشر الماضية كانت عشرية سوداء.

وعقب قائلا: "الحقيقة إن أوضح تأكيد على أنها كانت عشرية سوداء أنها أتت بك في هذا المنصب الرفيع لنسمع منك ترهات كوميدية بائسة يوميا، بعد نضال تونسي طويل ضد الديكتاتورية".

واستنكر بسام جعارة خطاب سعيد قائلا: "لم يتبق للرئيس التونسي قيس سعيد بعد كل الغطرسة التي يتقيأها إلا أن يقول إنه ينفذ تعليمات ربانية في محاولته لتكريس الاستبداد!".