ثلاثة أهداف.. معهد إيطالي: هذا ما يسعى إليه بايدن عبر زيارته إلى السعودية
بدأ الرئيس الأميركي جو بايدن في 13 يوليو/ تموز 2022، جولة شرق أوسطية استهلها بزيارة إسرائيل، ثم الأراضي الفلسطينية، ليصل السعودية في 15 من الشهر ذاته.
وأكد "معهد الأعمال الدولية" الإيطالي أن أهداف زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية ثلاثة وهي "الطمأنة، وإعادة ربط العلاقات، وكذلك إعادة التصميم".
وشرح ذلك بالقول إن هناك ثلاث "ألعاب مفتوحة" تدفع واشنطن الآن نحو الرياض، تتمثل في الغزو الروسي لأوكرانيا، وكذلك تغلغل الصين في المنطقة، بالإضافة إلى تعزيز تحالف عربي إسرائيلي مناهض لإيران، وتشترك جميعها في "عامل الطاقة".
مرحلة جديدة
وذكر المعهد أنه بعد فترة عامين من الجدلية الباردة، عادت السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط والخليج لتفضيل الواقعية ومباركة ترسيخ النظام الداخلي الذي أطلقته اتفاقيات التطبيع في عام 2020 عبر محور "تل أبيب- أبو ظبي".
وأضاف أنه بالنسبة للولايات المتحدة، يمكن لإعادة إطلاق الشراكة الأمنية مع السعوديين تسريع تعزيز التوازن الإقليمي الجديد، لا سيما وأن المفاوضات مع إيران لإحياء الاتفاق النووي تبدو في طريق مسدود.
ولم يعد التطبيع الدبلوماسي بين السعودية وإسرائيل مجرد وهم الآن.
فبالنسبة للأمريكيين، الذين يركزون اهتمامهم على المحيطين الهندي والهادئ والجانب الشرقي من أوروبا، أصبحت التحالفات العربية الإسرائيلية أكثر جوهرية من أي وقت مضى لإدارة الأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط.
وتعد الهدنة في اليمن المدعومة من الرياض، الخبر السار الذي يمكن لواشنطن أن تعرضه للترويج لزيارة ليست سهلة بالتأكيد ولا تزال لا تحظى بتأييد الرأي العام الأميركي والجناح الأكثر ليبرالية للديمقراطيين الأميركيين.
ولهذا السبب أكد بايدن أنه سيتوجه إلى المملكة "لحضور قمة أكبر"، تضم قادة مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى مصر والعراق والأردن عبر رحلة طيران مباشرة من تل أبيب.
ووصف المعهد زيارة السعودية بالنسبة لبايدن بعملية "إعادة تموضع سياسي براغماتي، وإن كانت مريرة، في حين أن محمد بن سلمان يمكن أن يؤثر لنفسه لا سيما وأن حالة البرود التي ميزت العلاقات بين واشنطن والرياض في 2021 و 2022 كانت لأمور شخصية.
وأشار إلى أن الاثنين لم يلتقيا بشكل مباشر لكن العلاقات الشخصية في دول الخليج تعد جوهر الدبلوماسية، على حد وصفه.
وكان قد وعد بايدن خلال حملته الانتخابية بمعاملة المملكة العربية السعودية كدولة "منبوذة" بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
وبعد وصوله للحكم، أصدر نسخة رفع عنها السرية من تقرير المخابرات الأميركية عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في عام 2018 أشارت إلى ضلوع ولي العهد في عملية الاغتيال الوحشية.
على الطرف المقابل، صرح محمد بن سلمان في مقابلة صحفية أمريكية منذ أشهر قليلة، بالقول "لا يهمني ما يعتقده بايدن عني" مضيفا أن المملكة لا تمانع في اللجوء إلى أسواق أخرى مثل الصين.
محور إقليمي
وأوضح المعهد أن استضافة مدينة جدة لقمة دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى دول العراق ومصر والأردن رسالة في حد ذاتها.
فطبعا جدة هي المقر الصيفي للمؤسسات السعودية خصوصا وأنها أقل حرارة من الرياض، وهي في الواقع ليست عاصمة المملكة، ما يشير إلى أن القمة متعددة الأطراف وربما لتخفيف الإحراج الأميركي المتبقي بشأن لقاء محمد بن سلمان.
وعلى حد تفسيره، جدة هي "الاختصار الجغرافي والرمزي لاتفاقيات التطبيع التي توحد وتقوي الخليج والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، أي منطقة عالمية تاريخية -الحجاز- وكذلك مدينة بحرية مهمة لأنشطة التجارة والبنية التحتية".
باختصار، "صيغة جدة" تمثل النظام الشرق أوسطي الناشئ، يضيف المعهد الإيطالي.
وهناك ثلاثة مؤشرات توضح مرافقة الولايات المتحدة للتعاون العربي الإسرائيلي المتزايد.
أولا، "تحالف للدفاع الجوي المشترك في الشرق الأوسط"، وهو تحالف دفاع جوي بين دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن وإسرائيل.
وكانت الأخيرة قد أكدت بناءه تحت إشراف أمريكي لمواجهة التهديد الإيراني والتصدي للهجمات التي تشنها طهران عبر وكلائها في المنطقة.
وبحسب المعهد يمكن لنظام الدفاع الإسرائيلي "القبة الحديدية ''، الذي يعترض الصواريخ قصيرة المدى وطائرات بدون طيار، أن يساعد السعودية والإمارات كثيرا في مواجهة هجمات جماعة الحوثي اليمنية.
ثانيا، يقوم الأميركيون بتسهيل الاتفاق غير المباشر بين السعودية وإسرائيل بشأن نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير اللتين تنازلت عنهما مصر للسعوديين في عام 2016.
فتغيير الملكية يتطلب موافقة إسرائيلية خصوصا أن جزر خليج العقبة المنزوعة السلاح تعد جزءا من اتفاق السلام الإسرائيلي المصري الموقع في كامب ديفيد عام 1978.
أما المؤشر الثالث يتمثل في زيادة التعاون البحري، إذ منذ عام 2021 ، نسقت القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية مناورات بحرية مشتركة في البحر الأحمر بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.
وبالتالي، يتجاوز الإطار الإستراتيجي لاتفاقيات التطبيع الدول الموقعة ويخلق تداعيات اقتصادية وأمنية أوسع، وفق المعهد الإيطالي.
أهداف أميركية
بالنسبة للولايات المتحدة، تعزيز التحالفات الأمنية في الشرق الأوسط له الآن ثلاثة أهداف: كبح إيران، وكذلك وقف التغلغل العسكري التكنولوجي للصين، وبدرجة أقل لروسيا في المنطقة، فضلا عن متابعة إستراتيجية فك الارتباط التدريجي عن المنطقة، يشرح المعهد.
فالتعاون وكذلك التكامل الدفاعي بين الحلفاء في الشرق الأوسط (خاصة الجوي والبحري) يعد جزءا من مفهوم "الردع المتكامل" الذي أدرجه البنتاغون في إستراتيجية الأمن القومي للعام الحالي 2022.
وأضاف أنه تم المصادقة عليه أيضا ضمن المفهوم الإستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي "ناتو" خلال قمة مدريد، بإعادة التأكيد على "الأمن التعاوني" إلى جانب "الردع والدفاع".
فهل سيكون من البصيرة الاستعانة بمحور تل أبيب- الرياض- أبو ظبي لفرض الأمن في الشرق الأوسط، خاصة إذا أعلنت إيران نهاية الاتفاق النووي؟ يتساءل المعهد مشيرا إلى أن هذا السؤال سيرافق زيارة بايدن وما بعدها.