هدد حقل كاريش.. "إلباييس": حرب المسيّرات تنقلب ضد حزب الله اللبناني
سلطت صحيفة إسبانية الضوء على الملاسنات الحاصلة بين الحكومة اللبنانية و"حزب الله" بعد إسقاط القوات الإسرائيلية ثلاث طائرات مسيرة للحزب أثناء توجهها، نحو حقل غاز في البحر الأبيض المتوسط.
وقالت صحيفة "ألباييس" إن "إسقاط صواريخ القوات المسلحة الإسرائيلية لثلاث مسيرات في 3 يوليو/تموز 2022، أدى إلى خلاف بين حزب الله وحكومة بيروت".
وأوضحت أن "حزب الله توغل بطائرات دون طيار حدث خلال تفاوض لبنان وإسرائيل، بوساطة الولايات المتحدة، على ترسيم حدودهما البحرية المشتركة، وهي منطقة بها احتياطيات كبيرة من الغاز".
أزمة عميقة
وفي 4 يوليو 2022، وصفت السلطات اللبنانية عملية إرسال الطائرات المسيرة بأنها "غير مقبولة".
ونقلت الصحيفة الإسبانية أن مكتب رئيس مجلس الوزراء، نجيب ميقاتي، أصدر بعد لقائه وزير الخارجية، عبد الله بو حبيب، بيانا جاء فيه أن "لبنان يعد أي عمل يتم خارج إطار صلاحيات الدولة، والسياق الدبلوماسي للمفاوضات التي وصلت إلى مرحلة متقدمة، غير مقبول، لأنه يعرض البلاد لمخاطر لا داعي لها".
تجدر الإشارة إلى أن حزب الله شهد انتكاسة في انتخابات مايو/أيار 2022، وسط أزمة عميقة في البلاد.
وشددت "ألباييس" على أن "استغلال الحقول التجارية يعدّ أمرا حيويا لاقتصاد لبنان المتعثر".
من ناحية أخرى، يعيش 80 بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر بعد اندلاع الأزمة السياسية عام 2019.
لكن، يواصل "حزب الله" تشكيل دولة داخل الدولة، من خلال المليشيات التي أعيد تسليحها والتي تشارك منذ عقد طويل في الصراع داخل سوريا، تقول "ألباييس".
ونقلت الصحيفة عن محللين عسكريين إسرائيليين قولهم إن "رحلة الاستطلاع الفاشلة بطائرات مسيرة غير مسلحة فوق حقل كاريش كانت بمثابة رسالة تحذير".
"وصلت الرسالة"
من جهته، قال مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشوا، إن "العملية كانت تهدف إلى إحداث تأثير نفسي على إسرائيل التي تستعد لبدء استخراج الغاز في أيلول/سبتمبر 2022".
فيما نوهت "إلباييس" بأن "زعيم حزب الله، حسن نصر الله، بعد أن أثبت نفسه بمثابة مدافع عن المصالح اللبنانية في المياه الإقليمية المتنازع عليها، كان قد هدد بالفعل بالانتقام إذا بدأت عمليات ضخ الغاز قبل قبول بيروت باتفاق ترسيم الحدود".
وبينت أن "الطائرات لم تحلق في تشكيل مشترك، وكانت على ارتفاع منخفض جدا، ورغم ذلك، جرى رصدهم عندما كانوا متجهين نحو وادي كاريش الواقع على بعد 100 كيلومتر من ساحل حيفا في الشمال".
ونتيجة لذلك، شنت مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 16" الهجوم الأول، تلاه إطلاق صواريخ من كورفيت إيلات، والتي عرضت نظام باراك الدفاعي لأول مرة في عملية حقيقية.
وذكرت الصحيفة أن "أجهزة الإعلام العسكرية الإسرائيلية نشرت بعد ساعات قليلة صورا لإسقاط الطائرات المسيرة".
وخلافا لما جرت العادة، تحمّل التنظيم اللبناني الموالي لإيران المسؤولية عن العملية التي وصفتها بأنها "أنجزت المهمة"، دون أن يذكر تدمير الأجهزة غير المسلحة.
وقال الحزب في بيانه "وصلت الرسالة".
وأضافت الصحيفة الإسبانية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بالإنابة، يائير لبيد، اتهم في اليوم التالي حزب الله "بتقويض قدرة لبنان على التوصل إلى اتفاق بشأن الحدود البحرية".
وحذر لبيد، في 5 يوليو، قبل توجهه إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قائلا: "على الحكومة اللبنانية أن تُبقي حزب الله تحت السيطرة، وإلا فسنتكفل بذلك".
وأفادت الصحيفة بأن "دون علاقات دبلوماسية، تظل إسرائيل ولبنان في حالة حرب من الناحية التقنية، رغم أن المدافع صمتت عام 2006، أي في نهاية الصراع بين الجيش وحزب الله الذي أودى بحياة 1200 لبناني و165 إسرائيليا، لكن في الواقع، تتكرر حوادث الحرب في سيناريو يتسم بالتوتر".
عصر جديد
وتجدر الإشارة إلى أنه "لتأمين الاستقرار في حدود النزاع، يتولى جنرال إسباني قيادة 10 آلاف و300 من الخوذات الزرقاء للأمم المتحدة، بينهم أكثر من 600 جندي إسباني".
وأوردت "ألباييس" أنه "منذ عام 2020، أجرى كلا البلدين مفاوضات غير مباشرة، بوساطة الولايات المتحدة ورعاية الأمم المتحدة، لترسيم الحدود البحرية في مناطقهما الاقتصادية الخالصة".
واستؤنفت المحادثات عام 2021 بعد حصار أولي، جراء نزاع إسرائيل ولبنان على قطاع مساحته 860 كيلومترا مربعا في قلب احتياطيات الغاز بشرق البحر المتوسط.
وبينت الصحيفة أن "منصة كاريش تقع خارج المنطقة المتنازع عليها، بحسب إسرائيل، لكن بيروت لا توافق على موقع الحقول الأخرى المجاورة لها".
ولفتت إلى أن "زيادة الطلب على الطاقة في أوروبا، التي تبحث عن مصادر بديلة لإمدادات الغاز من روسيا بعد اندلاع الصراع في أوكرانيا، يبدو قد عجلت من عملية الحفر والضخ".
وبينت الصحيفة أن "عصر الطائرات دون طيار قد أعلن بالفعل بدايته في الشرق الأوسط، وتتميز هذه الأسلحة بكونها لا تترك تقريبا بصمة حول هوية من أطلقها، وهي رخيصة نسبيا، وتتيح مراقبة العدو من بعيد".
وفي فبراير/شباط 2022، أطلقت طائرة مسيرة تابعة لحزب الله إنذارات بعد دخولها المجال الجوي الإسرائيلي من لبنان.
وإزاء هذا الوضع، أرسلت مقاتلات قاذفة وطائرات هليكوبتر بشكل عاجل لمواجهتهم، بينما حلقت صواريخ نظام القبة الحديدية الدفاعية في سماء الجليل، وفق "ألباييس".
من جهته، أكد حزب الله بعد التوغل أن الطائرات المسيرة عادت إلى قاعدتها "سليمة"، بعد أن وصلت إلى شواطئ بحيرة طبريا على بعد 70 كيلومترا من الخط الأزرق الحدودي غير الرسمي بين البلدين.
وختمت الصحيفة أن "الطائرات دون طيار أصبحت إستراتيجية بشكل متزايد، لكن في مواجهة الأحداث الأخيرة في البحر الأبيض المتوسط، يتعين على حزب الله حاليا أن يتعامل مع رفض وتوبيخ الحكومة اللبنانية".