صمت أوروبا بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر يثير جدلا وتساؤلات
تحدث موقع "لوكوريه دا أطلس" الفرنسي عن اتهام منظمة العفو الدولية "أمنستي" للاتحاد الأوروبي بوضع مصالحه المالية أولا، والتعاون مع نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، من دون إدانة انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد.
وتساءل الموقع الإلكتروني عما "إذا كانت لدى أوروبا القدرة على التعاون مع مصر على حساب حقوق الإنسان؟"
ويأتي السؤال تعليقا من الموقع على اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية المصري سامح شكري في 19 و20 يونيو/حزيران 2022، لإعادة تحديد تعاونهم السياسي والمالي على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وأيضا للتحضير لمؤتمر الأمم المتحدة القادم حول تغير المناخ في عام 2022 الذي سيتخذ مكانا من 7 إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني في مدينة شرم الشيخ الساحلية جنوبي مصر.
تعاون رغم الانتهاكات
واجتمع مجلس الشراكة في لوكسمبورغ، برئاسة سامح شكري، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية الأوروبية جوزيب بوريل.
وبشأن وثيقة أولويات الشراكة الممتدة حتى 2027، التي وقعها الجانبان في 19 يونيو، أضاف البيان: "اتفق الاتحاد الأوروبي ومصر على أن المجتمع المدني والقطاع الخاص يعدان مساهمين فعالين في التنفيذ".
وأكد البيان أنه سيجرى تعميق الحوار في 3 أولويات هي: "اقتصاد حديث مستدام والتنمية الاجتماعية، وتعزيز الاستقرار والشراكة في السياسة الخارجية، والتعاون في مجالات بينها إدارة المياه ومجالات الطاقة".
وفي هذا الصدد، وافق الاتحاد على تقديم شريحة أولى لمساعدات بقيمة 240 مليون يورو لتمويل مشاريع تنمية مستدامة بمصر حتى 2024.
وشدد الجانبان على التزامهما بـ"دعم الديمقراطية، والحريات وحقوق الإنسان"، معلنين "الاتفاق على تعميق حوارهما السياسي".
وأدانت منظمة العفو الدولية صمت الاتحاد الأوروبي ورئيسته أورسولا فون دير لاين فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها مصر.
قالت منظمة العفو الدولية قبيل اجتماعات مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، إن القادة الأوروبيين يضعون المصالح قصيرة الأجل قبل حقوق الإنسان من خلال دعم الحكومة المصرية، في الوقت الذي تواصل فيه الأخيرة اعتداءاتها.
وقال حسين بيومي، الباحث المعني بمصر في منظمة العفو الدولية: “يلتقي قادة الاتحاد الأوروبي بوزير الخارجية المصري لبحث تعميق العلاقات، وتقديم الدعم السياسي والمالي للحكومة المصرية، التي تحتجز تعسفياً آلاف المعارضين والمنتقدين في ظروف غير إنسانية، وتضيق الخناق على المجتمع المدني".
بينما أصدرت المحاكم المصرية العدد الأكبر من أحكام الإعدام المسجلة على مستوى العالم في عام 2021، وفق قوله.
وفقا لأرقام المنظمة غير الحكومية، في عام 2021، حكمت المحاكم المصرية على 356 شخصا على الأقل بالإعدام، بزيادة قدرها 34 بالمئة.
وهو ما يجعل مصر الدولة الأكثر إدانة بالإعدام في العالم، بحسب الموقع.
وأوضح أن منظمة العفو الدولية واضحة للغاية بشأن الموقف الذي يجب أن يتخذه الاتحاد الأوروبي بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر.
وقال بيومي: "يجب على الاتحاد الأوروبي أن يدين على الفور انتهاكات مصر وأن يضع حقوق الإنسان في صميم المناقشات حول العلاقات، خاصة أن البلاد تستعد لاستضافة مؤتمر تغير المناخ".
وتضيف منظمة العفو أن القادة الأوروبيين يزعمون أنهم يهتمون بحقوق الإنسان، ولكن صمت الرئيسة فون دير لاين بشأن القمع المتصاعد خلال زيارتها الأخيرة لمصر يشير خلاف ذلك.
وبينت أن التزام الصمت أو الاكتفاء بالتعبير عن القلق بعبارات ضعيفة غير واضحة لن يكون كافيا لمساعدة من يعانون ظلما في السجون المصرية.
تدعو المنظمة غير الحكومية قادة الاتحاد الأوروبي إلى إسماع أصواتهم مع السلطات المصرية للإفراج عن المعتقلين تعسفيا.
ويأتي ذلك في ظل تزايد انتهاكات حقوق الإنسان داخل السجون المصرية وخارجها.
لا انفراجة
وأصدر المرصد الحقوقي التابع للمعهد المصري للدراسات، تقريره الشهري الخاص بتغطية حالة حقوق الإنسان خلال مايو/أيار، أكد فيه استمرار تدهور الأوضاع الحقوقية، رغم كل الأحاديث التي تقول إن هناك انفراجة مرتقبة في المشهد العام، وذلك على خلفية دعوة الحوار الوطني التي أطلقها رئيس النظام عبد الفتاح السيسي.
وتناول التقرير، مناقشة مبدأ الحوار بين النظام والقوى السياسية المعارضة، حيث نشطت الحركة المدنية الديمقراطية والأحزاب السياسية المختلفة لمناقشة ضمانات الحوار وتنظيمه وكيفية تنفيذ مخرجاته.
وجاءت قضية الإفراج عن سجناء الرأي، ووقف تقييد الإعلام وحجب المواقع، وإخلاء سبيل كل المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا أو اتهامات سياسية، كأحد المطالب الأساسية لإثبات جدية الحوار، وتمهيد المناخ له.
ويرى التقرير أنه "من غير المعروف إذا ما كان الحوار يتجه لمناقشة الخيارات الأساسية للنظام المصري في المجال السياسي والعلاقة بالسلطات الأخرى".
ولا يعرف إذا ما كان سيفتح المجال السياسي والحزبي، والتراجع عن السياسات الاقتصادية الخاصة باللجوء للقروض الدولية والدخول في مشاريع ليست ذات أولوية، والتخلي عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وقمع حرية التظاهر السلمي أم يقتصر على قضايا تفصيلية بعينها؟
ولفت التقرير إلى أن "لجنة العفو الرئاسي أخذت حيزا كبيرا من النقاش في عرض مداولات اللجنة واتجاهاتها".
كما حاولت منظمات حقوق الإنسان في الداخل والخارج التفاعل مع مهام اللجنة بعرض معايير منضبطة واضحة للعفو عن المحكوم عليهم في قضايا رأي، فضلا عن المحبوسين احتياطيا.
وأكد "استمرار انتهاكات حقوق الإنسان، رغم كل هذا الجدل، ومن أهمها صدور أحكام انتقامية بالحبس لفترات تتراوح بين 10 أعوام و15 عاما ضد رئيس حزب مصر القوية، عبد المنعم أبو الفتوح، ونائبه محمد القصاص، وعدد آخر من قيادات جماعة الإخوان المسلمين أبرزهم نائب المرشد محمود عزت، والمنسق السابق للحركة المدنية الديمقراطية، يحيى حسين".
كذلك أشار التقرير الحقوقي إلى "استمرار وفاة المحبوسين بمقار الاحتجاز نتيجة التعذيب وسوء الرعاية الصحية، وغياب أي تحقيقات مستقلة بهذا الشأن".
فضلا عن ذلك، رصد التقرير تردي الرعاية الصحية لعدد من سجناء الرأي، وأبرزهم الوزير السابق والقيادي بجماعة الإخوان، محمد علي بشر، وابنة نجلة نائب مرشد الإخوان، عائشة الشاطر.
وتابع: "رغم حالات إخلاء السبيل التي حدثت من النيابة العامة أو محاكم الجنايات وآخرها إخلاء سبيل 25 من الناشطين المحبوسين احتياطيا، فهي لا تزال محدودة ومؤقتة تتعلق بالحوار الدائر، ولا تتصف بالدوام.
مقابل ذلك، يجرى تجديد حبس الآلاف من سجناء الرأي، والذين يصل عددهم إلى ستين ألف سجين في تقديرات حقوقية مختلفة.
ولفت إلى "استمرار تدهور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمصريين، وخاصة العمال الذين يعانون سياسات انخفاض الأجور والخصخصة والتشريد والفصل، فضلا عن تدخلات الإدارة والأجهزة الأمنية بشطب المئات في الانتخابات العمالية التي جرت أخيرا في يونيو، كما استمر أيضا حبس الصحفيين، رغم إخلاء سبيل 3 منهم في نهاية مايو".
وعرض التقرير تطورات حبس الناشط البارز علاء عبد الفتاح في زاوية "شخصية العدد"، وعدد من المحاور الأساسية هي: الحق في الحياة وعقوبة الإعدام، حقوق السجناء والمحتجزين، والحق في الرعاية الصحية، وحرية الرأي والتعبير، والحق في التظاهر، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.