في مفاوضات غزو أوكرانيا والحرب العالمية.. ما الاختلافات بين بوتين وهتلر؟
سلطت صحيفة إسبانية الضوء على الحرب في أوكرانيا و"عقيدة" الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في التعامل مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين.
وقالت صحيفة "الإسبانيول" إنه "ليس من الممكن توقع انتهاء الحرب باستسلام غير مشروط للجيش الروسي، لأن القوى النووية العظمى لا تخسر الحروب".
وأشارت إلى أن "ماكرون أصرّ مرة أخرى على ضرورة تفاوض الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والروسي بوتين، على مخرج من الصراع المسلح في أوكرانيا، قبل ساعات من وصوله إلى كييف (في 16 يونيو/حزيران 2022) مع المستشار الألماني، أولاف شولتز، ورئيس حكومة إيطاليا، ماريو دراغي".
ولفتت الصحيفة إلى أن "الرئيس الفرنسي كرر هذا الموقف عدة مرات، حيث إن محاولات الوساطة الخاصة به تعود إلى ما قبل بدء الحرب -أبرزها التي انتهت بتلك الطاولة اللامتناهية، التي وضعها بوتين بينهما خلال إحدى زياراته لموسكو- والتي عادة ما تثير الكثير من الانتقادات".
صفعة كبيرة
وأشارت "الإسبانيول" إلى أن "الحجة الرئيسة التي تتكرر ضد ما يمكن أن نطلق عليه (عقيدة ماكرون)، والتي تُعزى أساسا إلى ما قاله السياسي المخضرم، هنري كيسنجر، خلال مايو/أيار 2022 في دافوس وكلفه صفعة كبيرة من جانب زيلينسكي، تتمثل في أن التفاوض مع بوتين حاليا سيكون مثل التفاوض مع أدولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية".
وعلقت الصحيفة: "في الواقع، إنها مقارنة قوية، لكنها غير دقيقة على الإطلاق، وبشكل عام، لا يمكن أن يكون هتلر مقياسا لجميع الأحداث التاريخية الأوروبية".
وتابعت: "لا توجد طريقة لمعرفة كيف يتشابه الموقفان، بغض النظر عن الحقيقة البديهية القائلة إن كلا من الزعيم الروسي والزعيم النازي يشكلان خطرا على القارة".
وأشارت الصحيفة إلى أن "أولئك الذين يتمسكون بهذه الحجة، يتجاهلون عدة أسئلة على رأسها، في أي لحظة من الحرب العالمية الثانية (1939-1945) يمكن إجراء المقارنة؟"
واستطردت: "الشيء الطبيعي هو التفكير في السنوات السابقة، في مارس/آذار 1938، عندما ضمت ألمانيا النمسا دون أن تنبس بقية القوى ببنت شفة أو في أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، عندما احتل هتلر إقليم السوديت، وتلقى في المقابل تحذيرا عاما من عصبة الأمم".
ونوهت الصحيفة بأن "الفترة الحالية الأمر مختلف، حيث تعلمت أوروبا والغرب بشكل عام من أخطاء عام 2014، عندما وقفا مكتوفي الأيدي في مواجهة احتلال شبه جزيرة القرم وجزء كبير من لوغانسك ودونيتسك".
وأشارت إلى أنه "مرت أربعة أشهر على غزو أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، وكان الرد فوريا، حيث اكتشف الغرب التهديد وحاربه، وفرض عقوبات، وأرسل أسلحة، وضغط على شركاء روسيا، وفعل عمليا كل ما هو ممكن من أجل ذلك، ونتيجة لذلك، أوقفوا بوتين عسكريا دون تجاوز حدود معينة كانت ستقود العالم إلى حرب نووية".
إستراتيجية الدم
وبينت الصحيفة أن "مقارنة ماكرون تشير بالأحرى إلى عام 1941، قبل التدخل الأميركي في الصراع، عندما كان هتلر يسيطر على كل أوروبا باستثناء بريطانيا العظمى، وكان يشرع على وجه التحديد في احتلال روسيا".
وأوضحت أنه "كان بإمكان رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، ونستون تشرشل، أن يختار التفاوض والاستسلام... لكن اختار المقاومة بـ(الدم والعرق والدموع)، لكننا لسنا في هذه الحالة".
وتابع: "الشيء الوحيد الذي كان من الممكن أن يتفاوض عليه تشرشل عام 1941 هو كيف ومتى يستسلم".
وأشارت الصحيفة إلى أن "هذا السياق الأخير لا يمكن مقارنته بالوضع الحالي، ففي الواقع، فقدت روسيا أكثر من 20 ألف جندي في أقل من أربعة أشهر".
علاوة على ذلك، تعتمد روسيا بشكل مفرط على مليشيات دونيتسك ولوغانسك، في وقت تدعي الأولى أنها فقدت بالفعل نصف رجالها، تقول "الإسبانيول".
وواصلت: "عموما، من غير المعروف إلى متى سيتمكن بوتين من الاستمرار في دفع أجور المرتزقة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن وضعه الاقتصادي سيصبح قريبا معقدا للغاية".
وأشارت إلى أنه "في ظل هذه الظروف، أصبح لدى روسيا سبب للتفكير في اتفاق لا يعني الاستسلام، وخلافا لذلك، فسيتعيّن عليه بالطبع مواصلة القتال".
وأضافت الصحيفة أنه "بالعودة إلى الحرب العالمية الثانية، يجب الإشارة إلى أنه لا يمكن توقع أن تنتهي الحرب الأوكرانية باستسلام غير مشروط للجيش الروسي، في الحقيقة، لا تخسر القوى النووية العظمى الحروب، قد لا تكسبها، لكنها لا تخسرها، ولا يمكنها السماح بذلك".
وتابعت: "من ناحية أخرى، نحن لسنا في عام 1938 ولسنا في 1941 ولسنا في عام 1945، فقط الناتو يمكنه طرد روسيا من أوكرانيا، لكننا نعود إلى إحدى النقاط الأولى والتي تفترض حربا نووية، مع ذلك لن يخاطر أحد بذلك للدفاع عن أوكرانيا، وفي الواقع، للدفاع عن جزء محدد جدا من الأراضي الأوكرانية".
وأوردت الصحيفة أنه "إذا كان لدى زيلينسكي الضمان بأن الأموال والأسلحة من الغرب ستتواصل لأشهر وسنوات دون توقف، فقد يحلم بحرب طويلة ومتساوية".
واستدركت قائلة: "لكن الأمر لن يكون كذلك، من المؤكد أن شولز ودراغي وماكرون أوضحوا له ذلك، عاجلا أم آجلا، في سياق ارتفاع التضخم والركود الاقتصادي المحتمل، سيوقف الغرب مساعداته وسيطالب بالسلام".
وختمت الصحيفة مقالها بالقول: "بالنسبة إلى زيلينسكي، ما زال لا يعرف ما إذا كان يريد انتظار تلك اللحظة مع خطر حدوثها فجأة والتسبب في كارثة في جيشه، أو ما إذا كان يريد إعداد دبلوماسيته للتوصل لاتفاقات قابلة للتطبيق".