"بيدق في الصدام".. هل تنجر مولدوفا إلى فوضى حرب روسيا وأوكرانيا؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة إيطالية إن الحكم على رئيس مولدوفا السابق الموالي لروسيا، إيغور دودون، بالإقامة الجبرية لمدة 30 يوما في منزله، بسبب اتهامات فساد تعود لعام 2019، "أدى إلى تكثيف التوترات السياسية في البلاد".

وأوضحت صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو"، أن "هذه التوترات تأججت كذلك بسبب الحرب القريبة التي تدور في أوكرانيا، وكذلك الهجمات الغامضة في جمهورية ترانسنيستريا الانفصالية".

واستعرضت الصحيفة، ردود الفعل خاصة من الاشتراكيين "الذين عدوا هذا الحكم ذا طابع سياسي تقف وراءه الأحزاب الموالية للغرب؛ بهدف خنق المعارضة، كما كانت هناك احتجاجات أمام البرلمان في العاصمة كيشيناو قادها بعض النواب".

وذكرت أن "الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) يدفعان في اتجاه تقوية الجيش المولدوفي، إلا أن الرئيسة مايا ساندو، تتبع نهجا حذرا بموجب الحياد المنصوص عليه في دستور البلاد، لتجنب وقوع توترات في العلاقات مع روسيا".

اعتقال دودون

وأمرت إحدى المحاكم المحلية في العاصمة كيشيناو، في 26 مايو/أيار 2022، بوضع دودون، الرئيس السابق لمولدوفا من 2016 إلى 2020، قيد الإقامة الجبرية لمدة 30 يوما على الأقل. 

وكان الزعيم السابق للحزب الاشتراكي المولدوفي، الذي تم توقيفه في 24 مايو بقرار من مكتب المدعي العام الوطني، قد احتجز لمدة 72 ساعة بتهم "الفساد السلبي والحصول على تمويل من منظمة إجرامية لفائدة حزب سياسي، وكذلك الإثراء غير المشروع والخيانة". 

وتعلقت عمليات البحث والتفتيش التي جرت في مبان مختلفة بقضية "الحقيبة" المثارة على خلفية مقطع فيديو تم تداوله عام 2020 ويعود لسنة 2019، يظهر فيه زعيم الأوليغارشية والرئيس السابق للحزب الديمقراطي في مولدوفا، فلادمير بلهوتنيوك، وهو يسلم حقيبة تحتوي على أموال إلى دودون أثناء اجتماع. 

ويظهر المقطع رفض الأخير قبول الحقيبة وطلبه من بلهوتنيوك تسليمها لأعضاء آخرين في الحزب الاشتراكي. 

وذكرت الصحيفة أن التحقيقات جرى إعادة فتحها أواخر مايو 2022، بعد أن قرر المدعي العام في مايو 2020 عدم فتح تتبع جنائي؛ لعدم وجود أدلة كافية للتحقق من صحة ما أظهره تسجيل الفيديو. 

من جهته، تحدث الرئيس السابق المتهم عن مؤامرة، قائلا إن "المدعين العامين تديرهم السفارة الأميركية بتأييد من الرئيسة ساندو، إنه ملف سياسي".

وعد دودون أن "المستشارين الأجانب والرومانيين والأميركيين والألمان يتحكمون في جميع المؤسسات". 

فيما أعلن مكتب المدعي العام بأنه "عثر خلال عمليات التفتيش على تذكرة سفر لمغادرة البلاد في حدود التاسعة صباحا يوم 26 مايو 2022، بالإضافة إلى أملاك وأموال تزيد قيمتها عن مليوني يورو".

لعبة خطيرة

وقالت الصحيفة إن "اعتقال دودون يندرج ضمن عملية مناهضة للأوليغارشية ومكافحة الفساد التي تهدف إلى (تطهير الطبقة السياسية) وخطوة مؤيدة لانضمام مولدوفا إلى الاتحاد الأوروبي، والتي وعدت بها ساندو قبل انتخابها رئيسة جديدة للبلاد عام 2020".

وأضافت أن "من المحتمل أن تشكل أيضا خطوة لإقصاء أشد المعارضين لسياسة مؤيدة لأوروبا ولحلف الشمال الأطلسي عن المشهد السياسي، لا سيما وأن دودون قام فور صعوده إلى الحكم عام 2016، بإزالة علم الاتحاد الأوروبي من فوق مبنى رئاسة الجمهورية".

وعد سكرتير الحزب الاشتراكي المولدوفي المعارض، فلاد باترينشيا، قرار وضع دودان رهن الإقامة الجبرية بـ"لعبة خطيرة تهدف إلى زعزعة الاستقرار". 

فيما ترى "إيل كافي جيوبوليتيكو"، أن "اعتقال دودون لن يؤدي إلا إلى إثارة قلق روسيا أقوى حليف له". 

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف: "رغم أن الحادث يشكل (شأنا داخليا) لمولدوفا، إلا أن الاستخدام المتكرر لمثل هذا (الاضطهاد) ضد مؤيدي تطوير علاقات ودية مع روسيا يثير القلق". 

وأعلن بيسكوف أن الكرملين يأمل في ألا تكون هناك أي دوافع سياسية وراء الملاحقة الجنائية واحتجاز رئيس مولدوفا السابق".

وأضاف خلال مؤتمر صحفي في 27 مايو 2022، أن "فرض الإقامة الجبرية على الرئيس المولدوفي السابق، بمثابة ضغط غير قانوني على سياسي يدعو إلى إقامة علاقات وثيقة مع روسيا".

بدوره، أعرب نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، عن مخاوفه من "تصفية السلطات الموالية للغرب لحسابات مع خصومها السياسيين السابقين في ظل الوضع الحالي". 

وأضاف رودينكو أن روسيا "تراقب عن كثب" القضية لضمان احترام "جميع حقوق دودون" وأن تتوافق معاملته مع المعايير الدولية.

تجنب التصعيد

وأشارت الصحيفة إلى "تجمع عشرات المتظاهرين في 26 مايو في شوارع كيشيناو خارج البرلمان، حيث يحظى حزب الرئيس السابق بـ22 مقعدا من مجموع 101، ما خوله أن يكون قوة المعارضة الرئيسة في ائتلاف مع الحزب الشيوعي". 

ولفتت إلى أن "بعض النواب قاطعوا جلسة البرلمان، فيما طالبت الاحتجاجات التي نظمها الحزب بتحقيق العدالة واستقالة الحكومة برئاسة ناتاليا جافريليتا، والحرية للصحفيين في أداء عملهم".

وذكرت "إيل كافي جيوبوليتيكو" أن "دودن كان قد عارض تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم دعم عسكري لمولدوفا". 

وتابعت بأن هذه الفكرة دعمتها أيضا وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تروس، قبل أيام قليلة من اعتقال الرئيس المولدوفي السابق ودعت إلى أن تكون البلاد مسلحة، وفقا لمعايير الناتو". 

من جانبها، قالت صحيفة "تليغراف" نقلا عن وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، إن "لندن ترغب في إرسال أسلحة حديثة إلى مولدوفا لحمايتها من خطر الغزو الروسي".

من جانبها، تتعامل رئيسة البلاد ساندو مع هذا التطور بحذر، مذكرة بالطابع السلمي والحيادي لمولدوفا وحرصها على عدم "تهديد سيادة أي دولة أخرى". 

وبذلك، بينت الصحيفة الإيطالية أن "الأمر بأيدي كيشيناو إذا ما أرادت عدم الانجرار إلى سباق التسلح الجديد هذا، وتجنب التحول إلى بيدق في الصدام بين روسيا والغرب بسبب الحرب في أوكرانيا". 

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول إن "جمهورية ترانسنيستريا الانفصالية الموالية لروسيا تثير مشكلا آخر لمولدوفا، لا سيما بعد أن وجهت أصابع الاتهام مؤخرا إلى كيشيناو وعدتها مسؤولة عن بعض الهجمات التي وقعت داخليا خلال الأشهر الأخيرة".