كمال الخطيب لـ"الاستقلال": نرفض تولي السعودية الوصاية على الأقصى
أكد الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية بالأراضي المحتلة عام 1948 (الفرع الشمالي) أن الحكومات العربية الآن تطعن المسجد الأقصى في الخاصرة، وتتآمر عليه لصالح إسرائيل بالتحالف معها على حساب بيت المقدس والقضية الفلسطينية.
وقال الخطيب خلال حوار مع "الاستقلال" إن الواقع أثبت أن المرابطين هم صمام الأمان لحماية الأقصى من التهويد.
وأضاف أن هناك ملامح واضحة لمحاولة انتزاع الوصاية الهاشمية عن المسجد الأقصى المبارك لصالح النظام السعودي وهذا خطير وخطير جدا.
وتابع: شعبنا الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه شعروا خلال فترة واحدة بأن الاحتلال الإسرائيلي لا يميز بينهما وإنما هو احتلال لكل شعبنا.
وشدد على أن المطبعين سيكتب عنهم التاريخ بأحرف العار والشنار؛ بأنهم ما جاؤوا إلى المسجد فاتحين وإنما جاؤوا مطبعين مع الأسف الشديد.
مستقبل الأقصى
كيف ترى مستقبل الأقصى في ظل الاقتحامات والاعتداءات والأعياد الصهيونية؟
لا شك أن ما حصل في المرحلة الأخيرة هو نفس المشهد الذي يتكرر وحدث في العام الماضي (2021) عندما تزامن شهر رمضان المبارك مع عيد الفصحح اليهودي، والذي غالبا ما يكون في شهر نيسان من كل عام.
وللأسف بدلا من أن تراعي الدولة العبرية والمؤسسة الإسرائيلية خصوصية هذا الشهر الفضيل؛ فإنها هي من أطلقت العنان لسوائب وقطعان المستوطنين بزعم أنهم يريدون إحياء ذكرى الاحتفال بعيد الفصح اليهودي..
علما بأن عيد الفصح هذا يكون هو العيد الذي فيه يحتفل اليهود شكرا لله عز وجل على أن خلصهم من ظلم فرعون وما كان يفعله بهم في مصر، فلا ندري كيف لمن عاش الظلم وعانى مرارة الظلم أن يظلم الآخرين؟!.. وكيف لمن انتهكت حرماته أن ينتهك حرمات ومقدسات الآخرين؟!
ولكن على ما يبدو، فإن هذا الجناح اليميني الإسرائيلي الذي له الآن ممثلون تحت قبة الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)؛ بل إن لهم ممثلين في المجلس الوزاري المصغر.
حتى أن نفتالي بينيت (رئيس الوزراء) وايليت شاكيد (وزيرة العدل) هي من التيار الصهيوني الديني المتطرف.
لذلك حتى وإن كانوا هم الآن يظهرون بمظهر المسؤولين من خلال وجودهم كرئيس وزراء ووزيرة وغير ذلك؛ فإن أتباعهم هم الذين يمارسون هذه الانتهاكات والاعتداءات السافرة على المسجد الأقصى المبارك.
وبالتالي ما حصل في العام الماضي والذي قاد إلى تصعيد خطير، هو نفسه الذي حدث في هذه السنة (2022) وقاد إلى التصعيد الكبير والانتهاكات والاعتداءات بالضرب والقتل وكل صنوف الصلف والوقاحة الصهيونية التي مورست ضد المرابطين في المسجد الأقصى المبارك.
كيف يمكن حماية الأقصى وبيت المقدس من مخططات التهويد حتى لا تبتلع إسرائيل البلدة القديمة؟
ثبت بالواقع أن صمام الأمان للمسجد الأقصى هم رواده وعشاقه وأحبابه المرابطون فيه هؤلاء هم السدنة الأوفياء والحراس المؤتمنون.
والقضية ليست بالتي يمكن أن تحل عبر بيان خجول هنا أو هناك ولا عبر وصاية هنا أو هناك، هذا احتلال وقح لا يعرف سوى وجود ثقل جماهيري شعبي يعمر المسجد الأقصى المبارك يحول بينه وبين الاستهداف.
ونحن كنا نلاحظ هذا دائما عندما يكون عدد قليل من المصلين يكون الاقتحام صلفا وبشعا، وعندما تكون الأعداد كبيرة فإن هذا الاحتلال يتراجع.
فلا تدعوا الأقصى وحيدا؛ وإنما الواجب بل أقل الواجب في أن يستمر شعبنا وهم بحمد الله إذا ما سئلوا عن دورهم يعرفونه تماما، ويؤدونه على أحسن صورة وبأكمل وجه ويستمرون في شد الرحال من أقصى قرية في شمال النقب وحتى أقصى قرية في الجليل الفلسطيني.
وحدة الموقف
ما هو موقف فلسطينيي الداخل من محاولات الاحتلال انتزاع الأقصى كما فعل بالحرم الإبراهيمي؟
نعلم جميعا أن المؤسسة الإسرائيلية تعد أن خطئين أساسيين حدثا في تاريخها القصير وهما: كيف لم تستغل الحركة الصهيونية ظروف الحرب عام 1948 لتهجير كل الفلسطينيين والتخلص منهم وإلى الأبد؟ حيث أبقوا 154 ألف فلسطيني بالخط الأخضر، أصبحوا اليوم قرابة مليونيين في داخل ما يعرف بفلسطينيي 1948.
والخطأ الثاني هو أنه كيف لم يهدموا الأقصى في عام 1967 ويكون حجتهم أنه هدم بسبب الحرب، ويزول المسجد ولا تقوم له قائمة؛ بدلا من أنه اليوم أصبح شوكة في حلق الصهاينة كما هو حاصل.
وأنا أقول أن الـ154 ألف فلسطيني هؤلاء هم من قدر الله وأبقاهم ليؤدوا دورا نصرة للمسجد الأقصى المبارك.. فكان الخطأ الأول من أجل خطئهم الثاني وهذا كله تم بحكمة الله سبحانه وتعالى.
ولذلك أهل الداخل الفلسطيني يعدون دورهم دور شرف ونعمة وكرامة من الله سبحانه بأن يكونوا هم أقرب العرب بل أقرب الفلسطينيين إلى المسجد المبارك وهم أسرع من يستطيع تلبية نداء الأقصى والوصول إليه.
لذلك شعبنا لن يفرط في هذا الشرف، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يدير ظهره لنداءات المسجد الأقصى المبارك، وإن شاء الله ما حيينا وشعبنا كذلك فلن يكون في المسجد ما كان في الحرم الإبراهيمي؛ بل إن شاء الله بعزم شعبنا سيكنس هذا الاحتلال عنه وعن الحرم الإبراهيمي الشريف بحول الله تعالى.
اعتداءات الصهاينة على كنيسة القيامة وموقف الشعب الفلسطيني الموحد ضد الاحتلال، كيف يمكن استثماره؟
ما حصل يوم السبت (23 أبريل) حيث تزامن شهر رمضان مع حلول ما يسمى عيد سبت النور وتعرضوا لما تعرض له المسلمون في المسجد الأقصى من تقييد الأعداد والاعتداءات والتنكيل والإهانات على الحواجز في طريق الوصول إلى كنيسة القيامة.
ولذلك شعبنا الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه شعروا خلال فترة واحدة بأن الاحتلال لا يميز بينهما وإنما هو احتلال لكل شعبنا الفلسطيني.
وبالتالي لعل هذه ستكون إن شاء الله كما يقال بالضغط والتشديد تلتحم الأجزاء المبعثرة.
فمن خلال هذا الضغط على أبناء شعبنا وبهذا الاستهداف لمقدساتنا إن كانت هي في المسجد الأقصى أو كنيسة القيامة فهذا سيولد عند شعبنا حالة من الالتفاف ستقود إلى حالة من السعي لرفض هذا الاحتلال والتخلص منه بإذن الله تعالى.
ملف التطبيع
ألا تعتقد أن الهرولة العربية نحو التطبيع تنعكس على تشجيع الصهاينة على مواصلة مخططات التهويد؟
لا شك وهذا كان بارزا هذه المرة في أن المؤسسة الإسرائيلية كانت تنطلق عبر شعور بالأمان والأريحية بوجود أنظمة عربية قد أقامت معها علاقات دبلوماسية، وفتحت سفارات ووفودا وتبادل زيارات مع هؤلاء.
فهؤلاء بالطبع عرب ومسلمون والأصل أن يغضبوا لانتهاكات المسجد الأقصى المبارك.
لكن عرفنا أن بندا مهما من بنود اتفاقية أبراهام المتمثلة بالسلام بين الإمارات وإسرائيل وبعدها البحرين ثم المغرب والسودان أنه "لكل من هو من سلالة إبراهيم من أتباع الأديان السماوية الحق في الصلاة بالمسجد الأقصى المبارك وهذا أمر خطير".
وبما أن المسيحيين لا يطالبون بالصلاة في الأقصى ولا يزعمون حقا لهم وإنما من يفعل ذلك هم اليهود، إذن في هذا البند إعطاء الضوء الأخضر لليهود للصلاة في الأقصى.
ولذلك ما كان لافتا في هذه السنة أن اليهود لم يكونوا في السنوات الماضية مسموحا لهم بأداء شعائر دينية داخل المسجد الأقصى حتى أن الشرطة الإسرائليلة كانت تمنعهم بالقوة خوفا من الاحتكاك والتصعيد ومن تطور الأحداث.
الآن هم يؤدون صلوات في ساحات الأقصى ويبدو أن هذا جزء من اتفاقية أبراهام، وبالتالي فإن هؤلاء المطبعين سيكتب عنهم التاريخ بأحرف العار والشنار؛ بأنهم ما جاؤوا إلى المسجد فاتحين وإنما جاؤوا مطبعين مع الأسف الشديد.
والأقصى ليس ملكا للشعب الفلسطيني لكنه للأمة كلها، وبيقين فإن هؤلاء المطبعين سيدفعون ثمن هذه الجرائم بحق المسجد المبارك وإن لم يكن في الدنيا فسيكون حتما في الآخرة.
ما رأيك بقضية زيارة المسجد الأقصى من قبل الشعوب العربية ومدى قدرة ذلك على دعم المقدسيين؟
الحقيقة نحن نتحدث في هذا عن موقف هو موقف المفتين الكرام والمشايخ الأجلاء ومجالس الإفتاء التي أفتت بعدم جواز زيارة المسجد الأقصى في ظل حراب الاحتلال وأباح ذلك فقط للفلسطينيين الذين يقيمون في الخارج والمسلمين غير العرب.
والسبب يعني وجيه أن هؤلاء عندما يدخلون إلى المسجد الأقصى بإذن الاحتلال ورضاه وموافقته، فهم يعطون صك غفران وشرعية له.
وبالتالي لا بد أن تظل الشعوب على حالة من الرفض لهذا الاحتلال وعدم التقبل أن يقف الجندي الإسرائيلي على معبر غور الأردن أو معبر المطار أو غيره مرحبا بهذا العربي الذي يأتي زائرا للمسجد الأقصى وهو الذي سيأذن له بالدخول أو يمنعه.
لذلك لا بد أن تظل في الأمة هذه الروح الرافضة والمستنكرة لهذا الاحتلال الذي يقوم على تدنيس المسجد الأقصى المبارك.
دفاع ومخاطر
ما واجب الحكومات والشعوب الإسلامية في الدفاع عن بيت المقدس؟
كان في الماضي يطرح هذا السؤال في الحقيقة، ولكن اليوم بتنا نخجل من طرح مثل هذا السؤال لا لشيء؛ إلا أن هذه الحكومات الآن تطعن المسجد الأقصى في الخاصرة وهي من تتآمر عليه وتجري علاقات وتحالفات مع إسرائيل على حسابه.
ولا ينادى الحكام فهؤلاء أموات والميت لا يستغاث به، ومن يشغلون منصب رئيس لجنة القدس في منظمة التعاون الإسلامي، أتحدث هنا عن دولة المغرب.
هؤلاء هم من المطبعين مع المؤسسة الإسرائيلية فكيف لهم أن ينادوا لنصرة المسجد الأقصى المبارك؟
لذلك الأمل بعد الله ليس إلا في الشعوب الخيرة التي أعلم تماما أن بوصلتها لم تعد الآن متجهة نحو القدس بسبب أولويات هذه الشعوب التي تعاني من القهر والظلم والمطاردة والملاحقة، فكيف لها الآن أن تصب جهدها باتجاه المسجد الأقصى؟
ومع ذلك ومع كل الحاصل إن شاء الله تعالى بخلاص هذه الشعوب من الأنظمة المطبعة والمتآمرة ستعود البوصلة لتتجه نحو قضية الأمة وقضية كل العرب وكل المسلمين المتمثلة في المسجد الأقصى المبارك.
ما خطورة محاولات انتزاع الإشراف على بيت المقدس من الأردن؟
يبدو في الحقيقة أن الأمر تجاوز الغرف السرية والمؤامرات الداخلية، هو الآن خرج إلى العلن.
لذلك نعم هناك يعني ملامح واضحة لمحاولة انتاع الوصاية الهاشمية عن المسجد الأقصى المبارك لصالح النظام في المملكة العربية السعودية وهذا خطير وخطير جدا.
ويبدو أنه جزء كما ذكر بأن تعترف الدول العربية في زمن (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترامب بصفقة القرن مقابل أن يتم نقل الوصاية عن المسجد الأقصى المبارك للنظام السعودي ونحن نعد أن هذه حالة اعتداء سافر على الأمة كلها.
من يريدون أن يؤدوا واجب المسجد الأقصى المبارك يستطيعون دعم من يقومون على هذه الوصاية إذا كانت القضية محاولة المساهمة في تغيير الواقع فباستطاعتهم عبر القنوات الرسمية وعبر الوصاية الأردنية وليس عبر مؤامرات ودسائس.
وبالتالي سلب هذه الوصاية وانتزاعها يمثل نقطة ضعف للمسجد الأقصى لا سيما ونحن نرى الآن ما يحدث من قيود في المسجد الحرام، وما يحدث بمثابة اغتصاب حقيقي للحرمين الشريفين الأمر الذي يجعلنا نرفض ونستهجن كل محاولة لسلب الوصاية الأردنية لأي جهة كانت.