عمرو سالم.. وزير تجارة النظام السوري يبيع الوهم للشعب ويشتري رضا الأسد

مصعب المجبل | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

ببيعه للوهم، أصبح وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري عمرو سالم، والصديق المقرب لرئيس النظام بشار الأسد، معروفا بـ"الكذب" وفساده في أوساط الشعب، لكونه بات يخدع المواطنين بلقمة عيشهم المغمسة بـ"الدم".

ولم يكن الشارع السوري ليلقي بالا لـ"التصريحات المستفزة" لسالم (64 عاما)، القادم من شركة "مايكروسوفت" التي عمل فيها بالولايات المتحدة قبل عقدين من الزمن، لو كانت "سياسية"، بل لأنها تمس أوضاعهم المعيشية اليومية.

آخر فصول تصريحات سالم، قوله في 4 أبريل/نيسان 2022 إن روسيا أرسلت وفدا للاستفادة من تجربة نظام "البطاقة الذكية" المعمول به في مناطق الأسد، وتطبيقها لضبط الأسعار، والتي تحصل بموجبها العائلة على مواد وسلع بأسعار مخفضة مقارنة بالمطروحة في السوق المحلي.

ولم يكتف سالم بروسيا حليفة نظام الأسد وداعمته في قتل السوريين وتشريدهم، بل زعم أن ألمانيا تستعد لتطبيق تجربة استخدام البطاقة الذكية، ليشن السوريون هجوما لاذعا عليه كونه "وزيرا يهرف بما لا يعرف"، لا سيما بعدما اتضح أن الخبر حول ألمانيا نشره موقع "أمل برلين" بمناسبة "كذبة أبريل" وبطريقة متهكمة ولا صحة له على أرض الواقع.

خروج مخز

ولد سالم في مدينة دمشق عام 1958، ودرس الهندسة الميكانيكية في جامعتي دمشق وحلب، كما درس هندسة المعلوماتية في سويسرا، وحصل على شهادة الدكتوراه في المعلوماتية مع تخصص فرعي في الإدارة.

كان عضوا في مجلس إدارة "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية"، وخبيرا في البرمجة في "شركة بوبست" بين 1978 و1983، ومديرا عاما لـ"مركز آبل كمبيوتر" في دمشق بين 1991 و1996.

وهو أحد مؤسسي "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" التي أسست عام 1989 في دمشق، بمبادرة من شقيق بشار الأكبر، باسل الأسد، والذي توفي بحادث سير غامض بدمشق عام 1994.

وعقب ذلك سافر إلى الولايات المتحدة، وتمكن من العمل في شركة "مايكروسوفت" بين 1998 و2005، وتبوأ منصب مدير البرامج المسؤول عن تصميم برامج إنتاج مواقع ويب، ومدير أعلى للبرامج في نظام "مايكروسوفت إكسل".

وكانت العلامة الفارقة في حياته حينما استدعاه الأسد عام 2005 ليكون إلى جانبه بوصفه من مؤسسي "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية"، ولا سيما أن الأسد الذي ورث الحكم عن أبيه عام 2000 قدم نفسه على أنه حامل لسياسة "التطوير والتحديث" بسوريا.

وشغل سالم منصب "وزير الاتصالات والتقانة" بين 2005 و2007، ومستشارا للأسد بين 2005 و2006، قبل أن يمنحه الأخير حقيبة التجارة الداخلية وحماية المستهلك منذ 10 أغسطس/آب 2021 في حكومة حسين عرنوس.

ولم يكن سجل سالم نظيفا خلال توزيره في وزارة الاتصالات والتقانة، إذ أقيل منها بـ"قضية فساد" عام 2007، على خلفية عقد مع شركة "بوكو" الصينية، للعمل على تقديم خدمة "نظام الفوترة والترابط" في المؤسسة.

ووفق ما أكدت حينها وسائل إعلام موالية، أنه خضع للتحقيق لدى الهيئة العامة للرقابة والتفتيش، وحجزت الحكومة إثرها على أمواله المنقولة وغير المنقولة، لكن قرار براءته من قضية الفساد ظهر بعد سنة من خروجه من الوزارة.

مستفز السوريين

اتخذ سالم بحكم خبرته الطويلة في التكنولوجيا والتقنيات، من موقع "فيسبوك" عقب تقلده وزارة "التجارة الداخلية وحماية المستهلك"، ساحة لبث أفكاره وآرائه انطلاقا من عمله كوزير.

ولجأ سالم منذ تسلمه الوزارة لتبرير "القصور" الاقتصادي لحكومة نظام الأسد، ويرميها على ما يسميها "الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي تؤثر بدورها على عدد السفن والبواخر التي تصل إلى المرافئ السورية".

إلا أن الشارع السوري بات ينظر بنظرة تشاؤم كلما خرج سالم بتطمينات حول ثبات الأسعار، والتي يتبعها ارتفاع مفاجئ في القيمة المالية للمواد الاستهلاكية صبيحة اليوم التالي.

وحاول سالم طرح معادلة رياضية أثارت استنكار وسخرية المواطنين في مناطق نفوذ الأسد لمعالجة أزمة الخبز، عبر "توطين الخبز" والتي تجبر الأهالي على شرائه من معتمدين محددين، الأمر الذي سبب ارتفاعا في سعر ربطة الخبز فور تطبيق الآلية غير العادلة كما يراها المواطنون.

وأكثر ما يغيظ الأهالي في شخصية "سالم" أنه "يمننهم" بتوفير بعض المواد الغذائية بسعر أقل، وذلك عبر منشورات على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، مثلما حدث في تأمين "السكر الأبيض" في 29 يناير/كانون الثاني 2022.

ومما يجعل سالم أكثر الشخصيات جدلا في وزراء حكومة نظام الأسد ومادة للسخرية والتندر من الشارع، هو عدم واقعيته في حقيقة لهيب الأسعار، وبعده عن أحوال المواطنين وأساس دخلهم.

وتحتاج عائلة بدمشق مؤلفة من أربعة أفراد إلى 300 دولار شهريا كحد أقصى لتأمين احتياجاتها الضرورية، في وقت يصل الراتب الشهري للموظف فئة ثانية نحو 20 دولارا فقط.

وباع سالم المواطنين الوهم، لا سيما بعدما خصص أرقام هواتف تتبع لوزارته لتلقي شكاوى ارتفاع الأسعار في السوق، إلا أن الوزارة لا ترد على هذه الشكاوى، ولا تنزل إلى الأسواق لمحاسبة التجار الفاسدين المتهمين بالارتباط به.

وذات يوم خطر على بال سالم أن يقارن سعر علبة زيت دوار الشمس في سوريا بسعرها في دولة خليجية معتبرا في منشور له أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أن "السعر متقارب"، ليتعرض لوابل من الانتقادات، ابتدأت من المقارنة بسلم الرواتب في تلك الدولة والميزات والخدمات الممنوحة للمواطن منذ يوم ولادته.

محاب للأسد

ووضع سالم نفسه في دائرة الاستهداف المباشر من المواطنين، ولا سيما أنه لا يكف عن إطلاق التصريحات الدعائية وغير المنطقية، ومنها قوله في 11 مارس/آذار 2022 خلال معرض حديثه عن أهم أولويات الحكومة: "لا خوف على سوريا لأن فيها فريقا نوعيا وجيشا اقتصاديا"، بحسب زعمه.

ومنذ تسلم مهامه وزيرا أعفى سالم 35 مديرا واستبدل "معاونين اثنين"، إلا أن ذلك لم يغير من الواقع المعيشي وتحسن الأسعار وضبطها في بلد يعاني فيه 12.4 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي، ويواجهون صعوبة في الحصول على وجبتهم الأساسية، بحسب بيانات "برنامج الغذاء العالمي".

ويرى مراقبون اقتصاديون أن  سالم، هو "رجل مرحلة اقتصاد الحرب"، الذي قبل أن يلعب "دور المخادع في قوت الشعب خدمة ومحاباة للأسد".

وبناء على تصريحات سالم عد البعض أنه يفترض محاكمته "بتهمة الكذب وتوجيه له جريمة ازدراء الشعب السوري واللعب على أوجاعه".

وكتب فراس طلاس وهو نجل وزير الدفاع السوري الأسبق، مصطفى طلاس، في منشور على صفحته بفيسبوك موجها كلامه لـ"سالم": "مع كل الدمار في سوريا هناك نكتة دائمة في مسؤولي الأسد الإداريين أنهم يمتازون بالجحشنولوجيا، وهي تعني حرفيا عليك أن تكون أغبى من بشار لتترقى في مناصبك".

بدوره، نشر الكاتب السوري، ياسر العيتي، في 4 أبريل/نيسان 2022 مخاطبا سالم بالقول: "عمرو سالم وزير تجارة النظام المجرم، وأنت تذيل منشوراتك بعبارة (تزول الدنيا ولا تزول الشام) أريد أن أذكرك من هي الشام".

ومضى موضحا: "الشام هي الغوطة التي دمرها نظامك الذي سخرت حياتك لخدمته، الشام هي عشرة آلاف معتقل ومفقود على الأقل من أبناء دمشق لوحدها، الشام هي حوران التي لفظت أسدك وما زالت تلفظه ودفعت ثمن ذلك عشرات الألوف من الشهداء".

وختم العيتي قائلا: "الشام هي حمص التي سوي نصفها بالأرض لأنها قالت (لا) لربك بشار الذي تخافه وترجوه من دون الله، الشام هي حلب الشهباء التي دمرتها براميل طاغيتك، الشام هي نصف مليون شهيد قتلهم سيدك المسخ و13 مليونا هجرهم في أصقاع الأرض".