تجسس عالمي.. هكذا تحاول "بيغاسوس" الإسرائيلية التحايل على القضاء الأميركي
سلطت صحيفة إسبانية الضوء على محاولة شركة التجسس الإسرائيلية "إن أس أو" عرقلة دعوى قضائية من شركة "ميتا" صاحبة موقع فيسبوك، حيث قدمت التماسا إلى المحكمة العليا الأميركية للاعتراف بها بمثابة "وكيل لحكومة أجنبية".
وقالت صحيفة "بوبليكو" إن "شركة (إن أس أو) المالكة لبرامج تجسس هاتفية مثل بيغاسوس، تسعى جاهدة إلى تجنب الاضطرار لدفع تعويض قدره مليون دولار، وعدم إجبارها على الكشف عن اسم عملائها أو قدراتها التكنولوجية".
خيبة أمل
وأوضحت "بوبليكو" أن "إن أس أو، طلبت من المحكمة العليا الأميركية الاعتراف بها على أنها (وكيل لحكومة أجنبية)؛ بهدف تجنب العقوبات المحتملة من المحاكم الأميركية وحماية عملياتها حول العالم".
وأوردت أن "هذا الالتماس جاء فيه أن الشركة الإسرائيلية تطالب بالاعتراف بها على أنها وكيل لحكومة أجنبية ومنحها الحصانة على أساس القانون الأميركي الذي يحد من الدعاوى القضائية ضد دول أخرى".
في المقابل، رفضت محكمتان فيدراليتان أخيرا هذه الحجة، حيث يرى الخبراء أنه من الصعب جدا على المحكمة العليا أن تنظر في الطلب.
وأشارت الصحيفة إلى أن "القرار الأخير كان بمثابة انتكاسة وخيبة أمل للشركة الإسرائيلية، حيث إنها كانت تحاول من خلال التماسها مواجهة والتصدي لدعوى قضائية رفعتها خدمة المراسلة واتساب، المملوكة لشركة فيسبوك، والتي تحمل اسم (ميتا بلاتفورمز إنك) في الوقت الراهن".
ولفتت إلى أنه "في الواقع، تعالج المحكمة العليا فقط نسبة واحد بالمائة من الطلبات التي تتلقاها".
وذكرت الصحيفة أنه "في عام 2019، رفعت شركة فيسبوك دعوى قضائية تتهم فيها إن أس أو، بتطبيق وسائل متطورة للتجسس ضد 1400 مستخدم لخدمة الرسائل المشفرة".
ومن هذا المنطلق، تطالب شركة "ميتا" بالسماح للمحاكم بحظر (إن أس أو) من منصات فيسبوك وخوادمها، بالإضافة إلى تعويض ضخم لم يتم تحديده إلى غاية الوقت الراهن.
ونوهت الصحيفة بأن "نجاح شركة إن أس أو في إقناع المحكمة العليا بالموافقة على التماسها ومنحها الحصانة، وهو ما يبدو غير مرجح، يعني أن تكون الشركة الإسرائيلية قادرة على إيقاف دعوى فيسبوك".
كما أنها ستتجنب الاضطرار إلى الكشف عن هوية عملائها وأسرارهم التكنولوجية، التي تنشأ من الجيش الإسرائيلي، في الدعاوى القضائية المحتملة الأخرى التي يمكن أن ترفعها أطراف أخرى لاحقا، بحسب "بوبليكو".
انتهاكات حقوقية
ونقلت الصحيفة أن "إن أس أو بررت في التماسها، الذي من المرجح أن يبقى حبرا على ورق، أنه في الماضي، وعلى مر السنين، أعطت محاكم أميركية أخرى آراء مختلفة بشأن الحصانة السيادية، مما يجعل من المهم للمحكمة العليا أن تحكم بوضوح في قضية لها آثار بعيدة المدى على الأمن القومي والحكومات في جميع أنحاء العالم".
من ناحية أخرى، عللت الشركة الإسرائيلية التماسها، الذي قدمته في أبريل/نيسان 2022، بأن "العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة، تعتمد على متعاقدين من القطاع الخاص لإجراء أو دعم الأنشطة الحكومية الأساسية".
وأوضحت "بوبليكو" أنه "إذا لم يتمكن هؤلاء المتعاقدون من التماس الحصانة أبدا، (...) يمكن أن ترى الولايات المتحدة ودول أخرى أن عملياتهم العسكرية والاستخباراتية أصبحت في خطر، من خلال دعاوى قضائية ضد وكلائهم".
وأضافت أن "من الحجج الأخرى التي استندت عليها إن أس أو، يمكن ذكر التالية، بيغاسوس وبرامج التجسس الأخرى تُباع فقط للوكالات الحكومية لغرض مكافحة الجريمة والإرهاب، كما جرت الموافقة على جميع العقود من قبل وزارة الدفاع الإسرائيلية".
واستدركت قائلة: "لكن كثيرا ما تُستخدم مثل هذه البرامج ضد المعارضين في البلدان ذات الأنظمة الشمولية أو شبه الديمقراطية".
ونقلت الصحيفة أن "موقع فيسبوك يشير في الواقع إلى أن أكثر من 100 من عملائه الذين تجسست عليهم البرامج الإسرائيلية، هم صحفيون أو نشطاء حقوقيون أو أعضاء في المجتمع المدني".
من جهتها، ترد الشركة الإسرائيلية بأنها "لا تستطيع التحكم في استخدام عملائها لبرامجها في الخارج".
لكن، يؤكد فيسبوك أنه "من الضروري التوقف تماما عن الأنشطة غير القانونية التي يتم ارتكابها باستخدام هذه البرامج".
فيما قال تطبيق "واتسآب" في بيان إن "تجسس (إن أس أو) ينتهك حقوق المواطنين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم ويجب أن تنتهي هذه الاعتداءات".
غير أخلاقية
وأوردت الصحيفة أن "العديد من مجموعات حقوق الإنسان وشركات التكنولوجيا تجادل بأنه سيكون من الخطر على العالم أن تمنح المحكمة العليا الحصانة لشركة إن أس أو".
ووصفت شركة "آبل" عام 2021 أنشطة شركة الاحتلال الإسرائيلي بأنها "غير أخلاقية"، وقال مسؤولون أميركيون إن مثل هذه الأنشطة تمثل "قمعا عابرا للحدود".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الكثير من الباحثين أكدوا أن شركة إن أس أو تستهدف العديد من هواتف آيفون التابعة لمسؤولين رفيعي المستوى في الاتحاد الأوروبي وتتجسس عليهم، ويدعم هذه الادعاءات شكوى تتضمن شهادة مسؤولي الاتحاد بالإضافة إلى جملة من الوثائق".
لكن بروكسل تحتفظ رسميا بـ"موقف لين"، في كثير من الأحيان، مع كل ما يتعلق بإسرائيل، وفق "بوبليكو".
وبينت الصحيفة أن "هناك ما لا يقل عن أربعة أشخاص رفيعي المستوى جرى التجسس عليهم، بينهم مفوض العدل البلجيكي، ديدييه رايندرز".
وفي السياق، أخبرت بروكسل بعض المسؤولين بشكل خاص أن أجهزتهم "قد تكون مستهدفة" أو قد تكون هدف جواسيس "دولة معينة"، لكنها كانت حريصة على عدم ذكر اسم "إسرائيل".
كما هو الحال في كثير من هذه الحالات المتكررة بشكل متزايد، أصدرت "إن أس أو" بيانا قالت فيه إنها ليست مسؤولة عن محاولات التجسس المبلغ عنها، وتؤيد التحقيق فيها.
وشكل البرلمان الأوروبي، لجنة تحقيق لفحص استخدام برامج التجسس "بيغاسوس" من قبل دول، مثل المجر وبولندا، وهما حليفان مقربان لإسرائيل.
وبينت "بوبليكو" أن "إسرائيل تحقق أرباحا سياسية في أوروبا وأماكن أخرى من العالم من خلال بيع برامج التجسس التي تُستخدم لأغراض سياسية، على سبيل المثال، ضد الصحفيين والسياسيين والمحامين، وفقا للبرلمان الأوروبي".
وختمت تقريرها بالقول: "عموما، تتمكن بيغاسوس من تحويل الهواتف الذكية إلى أدوات تجسس قادرة على قراءة الرسائل وتحديد الموقع أو حتى تفعيل الكاميرا والميكروفون بالجهاز دون علم المالك".