سطام أبوريشة.. زعيم قبلي شاب يؤجج حربا بين السنة ومليشيات شيعية بالعراق

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أشعلت محاولة اعتقال الزعيم القبلي الشاب سطام أبوريشة بمحافظة الأنبار ذات الغالبية السنية غربي العراق، توترا سياسيا بين مليشيا "كتائب حزب الله" الشيعية الموالية لإيران، وقيادات سنية عدة في مقدمتها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وسط مخاوف من اشتعال صراع مسلح يصعب إطفاؤه.

وفي 31 مارس/آذار 2022، حاصرت قوة أمنية من الأنبار منزل أبو ريشة، واعتقلت عمه عبد الجبار، لتتدخل "كتائب حزب الله" وتمنع اعتقال سطام، الذي بدوره اتهم الحلبوسي بالتحكم في القضاء وإرسال القوة لاعتقاله، كونه ينتقد "فساده" وقمع معارضيه.

ومنذ انضمامه للتحالف الثلاثي مع الكتلة الصدرية الشيعية والحزب الديمقراطي الكردستاني، لتشكيل حكومة أغلبية لا تضم قوى الإطار التنسيقي الشيعية الموالية لإيران، ويتعرض الحلبوسي لهجمات من المليشيات الشيعية وتثار ملفات فساد بشأنه.

مهدد بالاعتقال

وبعد حصار منزله بساعات، وجه سطام أبو ريشة خلال مقطع فيديو تناقلته قنوات عراقية، رسالة إلى الحكومة العراقية والقيادات الأمنية والعشائر في الأنبار، قال فيها إن "قوة أمنية تأتمر بإمرة الحلبوسي، اعتقلت عمي الشيخ عبد الجبار أبو ريشة وتحاصر منزلي منذ الصباح الباكر".

وأضاف أبو ريشة أن "سبب ذلك هو انتقادي لفساد الحلبوسي، وتكميم الأفواه وتسييسه للقوات الأمنية واستخدامها لصالحه في قمع كل صوت يفضح مخططاته الخبيثة، لذلك على القائد العام للقوات المسلحة ألا يسمح بهذه الجرائم في الأنبار، وإلا سيكون لنا موقف حازم تجاه هذه الأفعال القمعية بالمحافظة".

وصدرت بحق سطام أبو ريشة مذكرة اعتقال من القضاء العراقي بتاريخ 29 ديسمبر/ كانون الأول 2021، وفق المادة 210 من قانون العقوبات العراقي، والتي "تعاقب بالحبس لمدة ثلاث سنوات لكل من أذاع عمدا أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة ومغرضة أو بث دعايات مثيرة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو القاء الرعب بين الناس أو الحاق الضرر بالمصلحة العامة".

وتداولت حسابات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع فيديو تظهر تواجد قوة من مليشيا "كتائب حزب الله" الشيعية أمام مقر إقامة سطام أبو ريشة لحمايته من الاعتقال.

وتساءل الصحفي العراقي عمر الجنابي في تغريدة مرفقة بصور للمليشيا، "لماذا تحمي الكتائب سطام؟".

وعلى ضوء ذلك نشبت حرب تغريدات على منصة "تويتر" بين المسؤول الأمني لـ"كتائب حزب الله" أبو علي العسكري ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي وصلت إلى التهديدات المتبادلة بين الطرفين.

وقال "العسكري" خلال تغريدة في 1 أبريل/ نيسان 2022، إن "كتائب حزب الله ستقف مع من يشكو ظلم البهلوان وأعوانه (في إشارة إلى الحلبوسي)، وستدعم المظلومين وتوصلهم إلى الدوائر القضائية المختصة بمساعدة مقر ممثلية كتائب حزب الله في الرمادي ومقراتها الأخرى بالحبانية والقائم".

وأضاف أن "الشيخ سطام هو ابن الشهيد عبد الستار أبو ريشة وهو أمانة والده وجميع شهداء الأنبار العزيزة الذين قارعوا قوى الظلام، ومن يحاول الاعتداء عليه بدفع داخلي أو خارجي إنما يعتدي على جميع الأحرار في العراق".

وأردف "العسكري" بأن سطام أبو ريشة "لم يطالب لنفسه بمكسب أو سلطة، بل كانت مطالبه الأساسية هي رفع الظلم عن أهالي الأنبار، وكف يد البهلوان وزبانيته التي عاثت في العراق فسادا، لذا فإن حمايته ودفع الأذى عنه شيمة نتوقعها من رجال عشائر الأنبار الكريمة".

بعدها رد الحلبوسي، بشكل ضمني على تهديدات "العسكري" وكتب عبر "تويتر" في 1 أبريل 2022، قائلا: "سنبقى نلاحق المجرمين والقتلة الذين غيبوا الأبرياء في الرزازة والصقلاوية وجرف الصخر، ثم عادوا ليكرروا إجرامهم بتغييب وقتل وإصابة الشباب المتظاهر الباحث عن الدولة والعدالة".

وأضاف: "جرائمكم لن تغتفر ومصيركم المثول أمام القانون محليا ودوليا، وتأكدوا أنكم لن تفلتوا من عدالة الخالق".

وفي الأثناء، دخل على خط المواجهة رئيس تحالف "السيادة" (أكبر كتلة سنية بالبرلمان)، خميس الخنجر، مغردا في 1 أبريل، أن "أهلنا في الأنبار قدموا أروع البطولات في التحرير والإعمار، وضحوا بدمائهم الطاهرة في سبيل طرد الإرهاب وفلوله، ولن نقبل أن تعبث بأمنها مجاميع مليشياوية".

وأضاف الخنجر: "يجب أن نحتكم إلى القانون لا إلى سلاح وفوضى لن تبني البلد ولن تحفظ سيادته، وعلى قواتنا ومؤسساتنا الرسمية أن تردع العابثين بكل حزم".

من جانبه، أعلن مجلس شيوخ عشائر الأنبار، رفضه "للتدخلات المشبوهة" للدفاع عن بعض المطلوبين للقضاء، مطالبا بتدخل القوات الأمنية بشكل عاجل وإغلاق المحافظة بوجه "المجاميع المنفلتة". 

شيخ قبيلة

سطام من مواليد عام 1996، لكنه تولى قيادة عشيرة أبو ريشة في محافظة الأنبار وهو في الحادية عشرة من عمره، وذلك بعد مقتل والده عبد الستار أبو ريشة بسيارة مفخخة استهدفته عام 2007 في حربه ضد تنظيم القاعدة، حيث أعلن الأخير تبنيه العملية.

وتولى عمه أحمد أبو ريشة رئاسة مؤتمر صحوة العراق، الذي أسسه والده لمقاتلة تنظيم الدولة غرب العراق، حيث كان الأخير أول رئيس له،  وأنشأه من أبناء العشائر، وتمكن بدعم من السلطات العراقية والقوات الأميركية من هزيمة تنظيم القادة وإبعاده عن مدن الأنبار عام 2007.

سطام الذي تربى في بيئة عشائرية، يحمل أيضا إرثا تاريخيا إذ إن جده أبو ريشة كان شيخا عشائريا في ثورة العشرين، وكذلك والد جده كان قائدا في الحرب الإنجليزية العراقية في عام 1941.

ولا يعرف عن والده عبد الستار أبو ريشة سوى القليل عن الحياة قبل احتلال العراق عام 2003، لكن من المعروف أنه قضى معظم حياته في الإمارات، وأنه كان يدير مكاتب للاستيراد والتصدير في دبي وعمان في الأردن.

رافض للإقليم

سطام على خلاف مع عمه أحمد أبو ريشة الذي تربطه علاقة وثيقة مع الحلبوسي، إذ إنه في اليوم نفسه الذي حدثت فيه أزمة محاولة الاعتقال، نشر عمه صورة تجمعه بالحلبوسي، قال إنها خلال زيارة الأخير له في منزله بدولة الإمارات.

وفي 24 فبراير/ شباط 2022، انتقد أحمد أبو ريشة ابن أخيه سطام على "تويتر"، بالقول: "فاجأتني يا سطام وفاجأت والدك في قبره على موقفك هذا من أهلك ومحافظتك، ما كان والدك إلا مع بلده وكرامة أهله ولم يسمع بحياته من الذين يحاولون خراب ديارنا وبلدنا كما فعلت وغرروا بك واندفعت وراء رغباتهم".

وأضاف أحمد أبو ريشة قائلا: "لا عتب على من سعى لشق الصف بين العائلة واستمالة الأبناء لاتخاذ موقف مضاد من توجهاتنا الوطنية فهذا دليل على إفلاسهم".

ويأتي ذلك على إثر افتتاح مؤتمر صحفي عقده سطام أبو ريشة هاجم فيه الحلبوسي والخنجر، واتهمهما بالفساد والتلاعب بالانتخابات البرلمانية الأخيرة في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بتعاون مع جهات خارجية.

 ودعا سطام أبو ريشة القوى الشيعية والكردية إلى انتقاء شركاء من المكون السني غير ملوثين بالمال الحرام والدماء، متهما خصومه باستغلال ضعاف النفوس من القضاة وقادة الأجهزة الأمنية في قمع كل من يفضح فسادهم.

ورفض في حينها ما أسماها "مشاريع إنشاء أقاليم فئوية" الغرض منها إضعاف العراق ووحدته، وذلك بدعم من جهات خارجية للقادة السياسيين الحاليين في الأنبار، والذي أيضا يتبعه مشروع تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي على حساب قضية فلسطين المركزية، متعهدا بمنع تمرير كل "المشاريع المشبوهة".

وفي 28 يناير/ كانون الأول 2022، نجا سطام عبد الستار أبو ريشة، من "محاولة اغتيال فاشلة" تعرض لها على الطريق السريع في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار غرب العراق.

وحسبما ذكرت وسائل إعلام محلية، فإن مجموعة مسلحة فتحت نيران أسلحتها باتجاه أبو ريشة أثناء تواجده على الطريق السريع في مدينة الرمادي، لكنه لم يصب بأذى ولاذ المهاجمون بالفرار.

وفي أول ظهور إعلامي له في 18 أبريل/ نيسان 2020، هاجم سطام أبو ريشة، زعيم حزب "تقدم" (السني) ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي على موقع "تويتر" وذلك بنشر صورة الأخير، وعلق عليها قائلا: "مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا". 

ومنذ ذلك الحين، أصبح سطام أبو ريشة له حضور في المشهد السياسي بمحافظة الأنبار، وكذلك يجري لقاءات وزيارات متبادلة مع شخصيات سياسية وعسكرية شيعية، ولا سيما تلك التي تعتبر على غير وفاق مع خصومه الأساسيين محمد الحلبوسي، وخميس الخنجر.