عضو بالمجلس الأعلى للدولة الليبي لـ"الاستقلال": نأمل تغييرا بتقارب تركيا والإمارات

12

طباعة

مشاركة

أكد عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي عبدالقادر حويلي، أن طرابلس في 2022 هي العاصمة العربية الوحيدة التي تحتفل بالذكرى السنوية للربيع العربي، مشيرا إلى أن الشعب الليبي لن يسمح بعودة الاستبداد مرة أخرى.

وقال حويلي، الذي يشغل أيضا عضوية "ملتقى الحوار السياسي" الليبي، في حوار مع "الاستقلال" إن الانتخابات وحدها كفيلة بإنهاء الانقسام السياسي الراهن، متوقعا أن تبدأ ليبيا خلال 2023 في التخلص من أزمتها الحالية.

وأشار إلى أن خليفة حفتر يريد الحكم العسكري، وسيف القذافي جاء لينتقم، بينما عقيلة صالح تديره دول غربية ومخابرات إقليمية.

وأوضح أنه ما دام حفتر على قيد الحياة فلن يكون هناك توحيد للجيش الليبي، وعملية طرد المرتزقة الروس والأفارقة الذين جلبهم، لن تتم إلا عبر حكومة منتخبة.

وشدد على أن السعودية والإمارات حاربت الثورة الليبية، بينما دعمتها قطر، فيما خلقت تركيا توازنا عسكريا، ونأمل أن يخفف التقارب التركي الإماراتي من حدة التوتر ويوقف دعم حفتر.

كما لفت حويلي إلى أنه لولا ثورة مصر لما قامت ثورة في ليبيا من الأساس؛ فسقوط المخلوع حسني مبارك كان أحد أسباب نجاح الثورة، لكن دور القاهرة منذ انقلاب 2013 سلبي للغاية ولا يعول على موقفها ولا وعودها في حل الأزمة.

ثورة 17 فبراير

بحلول الذكرى السنوية لثورة 17 فبراير 2011، كيف ترى مستقبل ليبيا؟

مستقبل ليبيا زاهر وواعد بحكم موقعها الجغرافي الإستراتيجي، وشريطها الساحلي، وعمقها الصحراوي؛ وقد عاشت تحت حكم الاستبداد أكثر من 40 عاما تسببت في تخلفها.

كما أن الأطماع الشخصية والفئوية والجهوية بين الليبيين من جهة، وتدخلات المرتزقة الأجانب من جهة أخرى عقدت الأوضاع في ليبيا، وعرقلت الإصلاح.

وليبيا لن تكون عالة على البشرية، وستخدم المجتمع الدولي بخصوص مواجهة الهجرة غير الشرعية ومحاربة الإرهاب، وأتوقع أن يتجاوز الليبيون هذه المعضلة خلال عام 2023 لتبدأ ديمقراطية ناجحة. 

كيف اندلعت شرارة الثورة وما هي ذكرياتكم الخاصة معها؟

كنت بالجنوب الليبي عندما اندلعت شرارة ثورة 17 فبراير، وتحديدا في مدينة سبها المؤيدة لنظام معمر القذافي؛ حيث ينتشر الجهل والأمية، بينما حراك الثوار ضعيف وأعدادهم قليلة جدا.

وكنا ننتقد ما يقوم به القذافي من أعمال ضد إخواننا بالمنطقة الشرقية، وخلال الثورة تلقيت إنذارات بالاعتقال، وعلمت لاحقا أن اسمي كان على رأس قائمة قرر القذافي تصفيتهم في مطلع سبتمبر 2011.

لكن إرادة الله أن يسقط النظام في 20 أغسطس/ آب 2011، أي قبل تنفيذ حكم الإعدام بحقنا بعشرة أيام فقط.

برأيكم ما أسباب نجاح الثورة في إنهاء حكم أطول نظام استبدادي في المنطقة؟

لا شك أن أهم أسباب نجاح ثورة 17 فبراير انتشار الظلم وحكم الاستبداد والقبضة الأمنية التي تحرم الناس من التعبير عن آرائهم.

كما أن نجاح الثورة في مصر من أهم الأسباب، ولولاها لما قامت ثورة في ليبيا من الأساس؛ فسقوط المخلوع حسني مبارك كان أحد أسباب نجاح ثورتنا.

كيف كانت ردة فعل الشعب الليبي والثوار عندما قتل القذافي في المواجهات؟

الثوار فرحوا بالفعل بالتخلص من القذافي، ولكن فرحتهم لم تكتمل ببناء الدولة التي حلموا بها وناضلوا من أجلها، وهو ما أصاب بعضهم بالإحباط؛ بينما البعض لا زال يقاوم.

وستكون طرابلس في 2022 هي العاصمة العربية الوحيدة التي تحتفل بالذكرى السنوية للربيع العربي إن شاء الله.

ما مكاسب الثورة التي شعر بها الشعب الليبي؟

أهم مكاسب الثورة حرية الرأي والتعبير دون خوف من أحد في عموم ليبيا عدا المنطقة الشرقية، التي يسيطر عليها حفتر بالاستبداد العسكري نتيجة أخطاء وقع فيها ثوار بنغازي عندما لم يستجيبوا لتحذيراتنا من حفتر ومشروعه الاستبدادي.

ويجب على الثوار إنهاء مشروع حفتر الانقلابي من جذوره كما أنهينا القذافي؛ فحفتر جاء برعاية أميركية لإرجاع ليبيا إلى حضن الاستبداد والتخلف وبدعم إماراتي بدافع الحسد والخوف من أن ازدهار ليبيا سيؤثر عليها بحكم الثروات الطبيعية الموجودة لدينا.

مصير الثورة

كيف تتخيل ليبيا بدون ثورة 17 فبراير؟

صحيح نحن لم نضع العربة على السكة بعد، لكن أنا أشعر براحة نفسية عالية جدا، وكذلك جميع الثوار في ليبيا؛ لأنهم بلا شك لو لم تقم ثورة 17 فبراير كانوا الآن يعانون الاكتئاب وتمكنت منهم الأمراض والتخلف وتراكم الجهل بينهم.

فليبيا اليوم فقدت 68 بالمئة من احتياطاتها البترولية دون الاستفادة من عوائدها في تحقيق النهضة الصناعية والزراعية، ما يجعل العين على الـ32 بالمئة المتبقية واستثمارها بشكل صحيح لكي تزدهر ليبيا.

وإن شاء الله ستبدأ ليبيا خلال 2023 في التخلص من أزمتها السياسية الحالية.

ماذا تبقى من الثورة الليبية بعد مرور هذه السنوات؟

ثورة 17 فبراير نجحت في إسقاط نظام القذافي القمعي الاستبدادي، وسلمت السلطة للشعب الليبي بعد انتخابات المؤتمر الوطني العام في 7 يوليو/ تموز 2012.

ليبدأ الشعب الليبي الكفاح من أجل بناء الدولة الذي تأخر كل هذا الوقت، بسبب قلة الخبرة السياسية وانحرافات في البوصلة داخل المؤتمر الوطني العام.

والشعب الليبي اليوم يصارع لمواجهة الأطماع الشخصية والقبلية، والتدخلات الخارجية؛ لكي يتمكن من بدء عملية بناء الدولة المنتظرة منذ انتصار الثورة.

ما مصير الرعيل الثوري الأول في ليبيا، وما أخطاء الثوار من وجهة نظركم؟

ثوار 17 فبراير كانوا من كافة الأطياف وغالبيتهم من التيار الإسلامي، بعضهم هاجر والبعض ما زالوا في صدارة المشهد حتى اليوم.

ومن الأخطاء التي وقعنا فيها نحن الثوار في المؤتمر الوطني العام أننا لم ننشئ جيشا موحدا، وأجهزة أمنية صحيحة للحفاظ على تماسك وحماية الدولة، بسبب تخوف الإسلاميين من بناء هاتين المؤسستين نتيجة قلة الخبرة والحنكة السياسية.

ولم يقم رؤساء المؤتمر الوطني المتعاقبين "محمد المقريف" و"نوري أبوسهمين" بواجبهم بتأمين وحماية المؤتمر وأعضائه، وعدم السيطرة على الإدارة الوسطى للدولة.

ما مكن الدولة العميقة وقوى الثورة المضادة من عرقلة بناء الدولة الليبية حتى اليوم برعاية انقلاب عبد الفتاح السيسي في مصر وانقلاب الإمارات على الربيع العربي.

وجود شخصيات مثل حفتر وسيف القذافي وعقيلة صالح من رموز العهد البائد ماذا يعني لثوار فبراير؟

رموز العهد البائد بشكل عام ليبيون، وإذا رضوا بالديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة ومدنية الدولة فمرحبا بهم.

أما بالنسبة لحفتر فوضعه استثنائي ويريد الحكم العسكري؛ بينما سيف الإسلام القذافي جاء لينتقم؛ وعقيلة صالح متخلف تديره دول غربية ومخابرات إقليمية.

فقط نحن نحتاج إلى القضاء على حفتر ومشروعه، ثم سيف القذافي الذي ليس لديه قوة ويمكن مقارعته عندما يختفي حفتر لتكون البلاد بخير.

ما مآسي الثورة المضادة وأزلام القذافي خلال السنوات الماضية؟

الثورة المضادة تحركت نهاية 2012 بتنظيم صفوفها مستغلة حالة الاستقطاب والانقسام بالمؤتمر الوطني العام، وإضعاف سلطته التشريعية بعد أن تجاوب وقرر إجراء الانتخابات التي قاطعها الشعب الليبي للأسف.

كما يوجد دور لمجلس النواب السيء الموجود حاليا في طبرق وفق قانون النظام الفردي، فيما تسبب الصراع بين الإسلاميين والليبراليين داخل المؤتمر الوطني في ضياع المجلس واختطافه في المنطقة الشرقية حتى صارت ليبيا ضعيفة ومهلهلة.

ويحرص الثوار على استبعاد الصف الأول والثاني من أزلام القذافي من تقدم الصفوف في مواقع القيادة، وعدم الانخداع بمقولة "هؤلاء ليبيون".

الدور الإقليمي

كيف ترى موقف مصر منذ اندلاع الثورة وحتى اليوم؟

مصر ليست حيادية في ليبيا، ولا يعول على موقفها ولا وعودها في حل الأزمة الليبية، ودورها سلبي للغاية منذ انقلاب السيسي في 2013.

 وحتى بعد مجيء حكومة الوحدة الوطنية ظلت مصر تدعم الأجسام الموازية للحكومة بالمنطقة الشرقية لتعزيز الانقسام.

وبعد تحسن طفيف في العلاقات نجد أن مسؤولين مصريين زاروا طرابلس مثل وزير الخارجية سامح شكري ورئيس جهاز المخابرات عباس كامل، وتجاهلوا زيارة المجلس الأعلى للدولة، رغم أن كافة الوفود الدولية التي تزور طرابلس تلتقي برئيسه.

ما دور الجزائر وتونس في دعم استقرار ليبيا في ظل التطورات الحالية؟

دور الجزائر لم يتغير حيث تركز في صد محاولات التدخل المصري في النزاع الليبي لجانب طرف على حساب آخر، وفي بعض الأحيان تقوم الجزائر بإرسال إنذارات ورسائل حمراء عندما يكون دور مصر سلبيا في ليبيا.

كما أن دور الجزائر تمثل في الحياد الإيجابي حيث أخذ مسافة ثابتة من جميع الأطراف في النزاع الليبي.

بينما تونس كان لها دور إنساني واضح في الأزمة الليبية، ووقفت على الحياد حيال كل الأطراف المتقاتلة، إلا أن الوضع في تونس حاليا متأزم وليس صحيا وقد ينعكس سلبا على ليبيا، ونأمل أن تستقر تونس وتنكشف الغمة لينعكس إيجابا على ليبيا. 

كيف ترى موقف دول الخليج من تطورات الأزمة الليبية؟

للأسف السعودية والإمارات حاربتا ثورتنا، بينما دعمتنا قطر، والشعب الليبي يعلم جيدا الدور السلبي للإمارات المعادي لحقه في الحرية والديمقراطية كما مثلت العدو الحقيقي لثورات الربيع العربي في مصر وتونس واليمن.

ولعل التقارب التركي الإماراتي يخفف من ذلك ويوقف دعم حفتر.

كانت أبو ظبي تتصدر تأجيج الحرب الأهلية في ليبيا وأنفقت المليارات لتسليح المرتزقة.. كيف ترى دورها بعد تقاربها مع تركيا؟

لا شك أننا نأمل أن يترجم التقارب التركي الإماراتي على أرض الواقع في ليبيا بحيث يؤثر إيجابا على العلاقات الليبية الإماراتية ونأمل أن الأتراك يكون لهم دور ناصح للإماراتيين.

ما مستقبل الوجود التركي في ليبيا؟

تركيا داعم قوي للثورة الليبية؛ خاصة بعد هجوم حفتر على طرابلس؛ لأنه لولا الاتفاقية الأمنية بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني السابقة لما وصلنا إلى هذا الحوار السياسي اليوم.

كما خلقت تركيا توازنا عسكريا وردعت قوات حفتر، ومكنت الثوار من تحرير طرابلس ثم غريان وترهونة، رغم غياب وزير دفاع يقود المعركة؛ بسبب تكاسل رئيس المجلس الرئاسي آنذاك فائز السراج.

وعلاقات تركيا بالشعب الليبي جيدة منذ القدم منذ أن احتل فرسان القديس يوحنا والإسبان طرابلس، وطردهم العثمانيون؛ بل هي حليف قوي يعمل مع ليبيا لتقوية العلاقات المشتركة ويحافظ على ثرواتها بشرق المتوسط.

 كما أنها صديقة ملتزمة بالبعد الإسلامي في علاقاتها، وتجمعنا بها شواطئ متقابلة، ويهمها وأن تكون ليبيا دولة موحدة وقوية.

ما تقييمكم للموقف الروسي في ليبيا؟

لا شك أنه في ظل وجود حكومة منتخبة لن تستطيع روسيا الوقوف بوجهها، ويمكنها طرد المرتزقة الروس؛ وهو ليس صعبا حيث تصر روسيا على التملص من المسؤولية عنهم، ومن ثم إنجاز الدستور وتفعيل قرارات مجلس الأمن الدولي بإخراج كافة المرتزقة.

تحديات كبيرة

ما هي تصورات إنهاء وجود المرتزقة بمختلف أجناسها بما يخدم المصلحة الوطنية؟

من المعلوم أن القذافي هو أول من جلب المرتزقة لقتل الشعب الليبي في 2011 والقضاء على ثورته.

ثم لجأ إليهم حفتر في 2014 بعد أن ألغى الاتفاقية العسكرية بين ليبيا والسودان التي كانت تحمي الحدود الليبية السودانية؛ ليجلب المرتزقة من السودان وتشاد.

ثم قام حفتر بجلب مرتزقة فاغنر الروس بعد فشل الهجوم على طرابلس وتحرير الثوار لمدينة غريان وبدء انكسار انقلاب حفتر.

وعملية طرد هؤلاء المرتزقة الروس والأفارقة لن تتم إلا عبر حكومة منتخبة حيث يزعمون أنهم جاؤوا بأمر برلمان طبرق.

ولعل إصرار أميركا على الانتخابات الهدف منه طرد فاغنر الروسية من ليبيا رسميا خوفا من وجودهم جنوب أوروبا.

ماذا عن إمكانية التخلص من المرتزقة الأفارقة والجنجويد؟

لا أعتقد أن نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو "حميدتي" يسيطر على كل الجنجويد، وإن كان المال الفاسد يحرك مجموعات مرتزقة من دارفور بعيدا عن سيطرة الخرطوم، ويعملون لحساب منظمات إرهابية متعددة الجنسيات.

ولا بد من إحياء الاتفاقية المشتركة بين ليبيا والسودان لحماية الحدود، ووجود حكومة ليبية منتخبة وقوية سيضبط الحدود.

هل تعتقد أن التنسيق التركي الروسي يمكن أن ينهي ملف المرتزقة في ليبيا ؟

التنسيق الروسي التركي مهم جدا، ونأمل أن يستطيع الرئيس رجب طيب أردوغان أن يقنع روسيا ويحل المشاكل العالقة بينهما في ليبيا وسوريا وأذربيجان، وتساعد ليبيا لتسريع خروج المرتزقة.

وتركيا تحرص دائما على تلطيف الأجواء والاستقرار في ليبيا وتوطيد الروابط مع الشعب الليبي.

ماذا عن مستقبل جيش ليبي تحت قيادة موحدة؟ وما تصوركم لمصير المليشيات الليبية المقاتلة في الشرق والجنوب؟

ما دام حفتر على قيد الحياة فلن يكون هناك توحيد للجيش الليبي مهما حدث، فطالما لم ينته حفتر أو تتم محاكمته من قبل واشنطن باعتباره مواطنا أميركيا فلن  يتوحد الجيش.

ولا أعتقد أن لجنة (5 + 5) التي تجتمع الآن تستطيع توحيد المؤسسة العسكرية؛ حيث تخضع لسيطرة حفتر، و يجب أن يعي الليبيون أن وجود حفتر هو العقبة أمام توحيد الجيش الليبي.

قضية توحيد البنك المركزي والمؤسسات السيادية .. كيف تراها؟

من الواضح أن الانقسام السياسي هو السبب الرئيس في انقسام البنك المركزي، فإذا حلت المشكلة السياسية وتوحدت السلطة التشريعية بانتخابات جديدة ستتوحد المؤسسات السيادية للدولة ومنها المصرف المركزي.

كيف يمكن عبور الأزمة الحالية إلى ليبيا موحدة وقوية وغنية؟

الانتخابات وحدها كفيلة بإنهاء هذا الانقسام السياسي والتشريعي لتصحيح المسار بالتوافق بين برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة؛ وإلا سينتفض الشعب على الطبقة السياسية مرة أخرى.

فالشعب الليبي لن يسمح بعودة الاستبداد ونظام حكم القذافي مرة أخرى.