خبير قانوني أردني لـ"الاستقلال": تعديلات الدستور "انقلاب" واتفاق المياه احتلال
اعتبر الخبير القانوني المخضرم، عضو مجلس النواب الأردني، صالح العرموطي، التعديلات الدستورية الأخيرة "انقلابا وخللا في العقد الاجتماعي"، كما أكد أن الشعب بكافة طوائفه يرفض التطبيع وكل الاتفاقيات مع العدو الإسرائيلي.
وأضاف نقيب المحامين الأردنيين الأسبق في حوار مع "الاستقلال" أنه لا يعتقد أنه يمكن عقد اتفاقيات مع العدو تخدم الشعب، فالاحتلال يشن حربا إعلامية على الأردن ويستهدف وجوده ويعتبر أن له حقا فيه باعتباره وطنا بديلا للفلسطينيين.
واعتبر أن الاتفاقيات المفروضة على الأردن مع الاحتلال، من أجل الدعاية السياسية والاقتصادية للعدو حتى تظهر الكيان المغضوب عليه من شعوب المنطقة وكأنه بات أكثر استقرارا وتغلغلا في المنطقة مع تهافت بعض الأنظمة العربية على التطبيع.
وأشار إلى أن الضغوط الأميركية والرعاية الإماراتية تقف وراء إبرام بعض الاتفاقات الأخيرة بين الأردن والكيان الصهيوني، وشعب الأردن وحكومته غير مرتاحين لمظاهر التطبيع مع الصهاينة.
كما أكد العرموطي أن القضية الفلسطينية تعد بعدا قوميا لبلاده وتمس جزءا من عقيدتها، واستدرك: "لكن الأردن محاصر، ولم يعد لديه ولاية حقيقية حاليا على مقدسات فلسطين".
ويشهد الأردن احتجاجات شعبية بين الحين والآخر رفضا للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني، وللمطالبة بإلغاء أي اتفاقيات سياسية أو اقتصادية مع ما العدو، وكان آخر تلك الاتفاقيات "مبادلة المياه بالطاقة".
وفي 6 يناير/ كانون الثاني 2022، أقر مجلس النواب الأردني 30 تعديلا جديدا على الدستور أعدتها لجنة ملكية لتحديث المنظومة السياسية، وتصف الحكومة التعديلات بأنها "خارطة طريق" للمرحلة السياسية الجديدة.
بينما يرى نواب أنها شكلت تراجعا حقيقيا لمنسوب الديمقراطية في الأردن، عبر إنشاء مجلس للأمن القومي يسحب صلاحيات السلطة التنفيذية في السياسة الخارجية وملفات داخلية، ويضعها بيد الملك.
تقارب مرفوض
كيف تنظر إلى علاقات التطبيع بين الأردن والاحتلال؟
نحن في البرلمان، والشعب الأردني، نرفض كافة أشكال التطبيع والتقارب مع العدو الذي يستهدف الأردن وجودا، ويراه للشعب اليهودي وستقام على أراضيه دولة فلسطين.
ونؤكد أن ما يظهر على السطح من علاقات مع الاحتلال ليس بإرادة أردنية لا على المستوى الرسمي أو الشعبي.
ولا أعتقد أن من يستهدف المقدسات، ويعمل على تهويد القدس، ويقتل شعبنا الفلسطيني في الأراضي المحتلة، يريد الخير للأردن، بل هذا مؤشر خطير يجعلنا نرفض التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
أليس التعامل مع الاحتلال يعد ضرورة بسبب وصاية الأردن على المقدسات؟
لم تعد هناك وصاية من الأساس؛ فالاحتلال يشكل خطرا أمنيا وجوديا يستهدف الدولة الأردنية، ولا يزال ينتهك صباح مساء السيادة الأردنية والوصاية على المقدسات.
كما أنه أعلن يهودية الدولة بما تحمل من معان عنصرية، ويرتكب المجازر والجرائم ضد أهلنا في فلسطين المحتلة، ويخرق كل المواثيق والأعراف الدولية.
عقدت الأردن ما يمسى باتفاق النوايا مع الاحتلال برعاية أميركية إماراتية.. كيف تنظرون للاتفاق؟
يروجون للاتفاق على أنه اقتصادي، لكنه سياسي بامتياز، جاء بضغط أميركي دعما للاحتلال، وما يدل على ذلك حضور المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون المناخ جون كيري توقيع الاتفاق.
ورعت الاتفاق واستضافت مراسم توقيعه الإمارات التي لا يخفى عن أحد دورها فيما يعرف بصفقة القرن وارتماؤها في حضن الاحتلال.
ما هو موقف البرلمان من التطبيع واتفاق النوايا؟
البرلمان والنواب الأردنيون يرفضون اتفاق النوايا، وصوت البرلمان بالفعل على غلق سفارة الاحتلال وطرد السفير ردا على الحملات الإعلامية التي تستهدف الأردن وتورط الكيان في حرائق الأغوار كما لا نرغب في علاقات مع العدو الذي يرتكب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني.
نعتبر أنه لا يوجد اتفاق نوايا حيث يأتي في صيغة "نبحث استيراد الطاقة من الأردن"، ونتساءل "كيف يستورد الاحتلال الطاقة من الأردن في حين أنه يصدر الغاز له؟".
كما أن فكرة مبادلة الطاقة بالماء مرفوضة بالنسبة لنا، والأردن ليس بحاجة للمياه من العدو، ولدينا مياه تكفي عشرات السنين .
وتحلية مياه العقبة تكفي ضعف ما يرغب استيراده من فلسطين المحتلة.
ما خطورة استيراد المياه من الأراضي المحتلة؟
أمر يهدد حياة الشعب الأردني، وخطير سياسيا واقتصاديا وبيئيا وصحيا، فهل نأمن جانب العدو؟ وهل هناك ما يمنع الكيان الصهيوني لو أراد تسميم المياه القادمة للأردن؟
وهناك سابقة حدثت بالفعل عندما منحوا الأردن مياها ملوثة لا تصلح للاستخدام الآدمي عام 2009 .
وتقدمت في السابق كتلة الإصلاح النيابية بمقترح لإلغاء اتفاقية وادي عربة مع الاحتلال (اتفاقية السلام التي وقعت عام 1994 في عهد الملك حسين).
وفي وقت يلتزم الأردن بكل الاتفاقيات، نرى ونؤمن أن الاحتلال لا يلتزم بأي اتفاقات، بل يزداد إجراما وانتهاكا للمواثيق والمعاهدات.
إن كان الاتفاق بهذه الخطورة برأيك لماذا اتجهت الحكومة لتوقيعه؟
الحكومة مجبرة على توقيع اتفاقيات المياه والغاز والكهرباء تحت الضغط الأميركي، ليشعروا الغرب أن الكيان الصهيوني مركز اقتصاد عالمي.
كما أن الاتفاق يهدف لتنقية المنطقة المحتلة من النفايات واستغلال الأردن لإنشاء محطات طاقة لحماية البيئة في فلسطين المحتلة، وتبقى المحطات في الأردن شاغلة مساحات كبيرة.
غاز منهوب
رغم أنها موقعة منذ عام 2016 لكن المطالبات بإلغائها تتجدد.. لماذا يعارض الشعب الأردني اتفاقية الغاز؟
لسنا بحاجة لغاز منهوب، فالعدو يبيع لنا ما ينهبه من الأراضي الفلسطينية المغتصبة ويوجد في الأردن غاز مسال في العقبة، وتتوفر طاقة كهربائية كبيرة تريد تصديرها وبيعها للخارج، كما نمتلك طاقة رياح وطاقة شمسية وغاز الميثان.
هل بإمكان البرلمان وقف الاتفاقية؟ أو تعديل بنودها؟
نذكر أن البرلمان السابق وافق على مشروع لعدم استيراد الغاز من العدو الصهيوني، لكن الحكومة استقالت بعد الموافقة والحكومة البديلة لم تعمل بالقانون.
فالاتفاقية غير قانونية أو دستورية وتقدمت بطلب للانسحاب منها وذكرت 15 نقطة تمكن الحكومة من الانسحاب دون أن يتغرم الأردن ولا فلسا واحدا.
خاصة وأن شركة الكهرباء الوطنية خسارتها 20 ضعف رأس مالها بنحو 7 مليارات دينار أردني (9.8 مليارات دولار)، ما يمنحها إمكانية الانسحاب دون أن تتحمل الدولة أي غرامات.
لو تفسر لماذا الاتفاقية غير قانونية وغير دستورية؟
الاتفاقيات التي تحمل ميزانية الدولة أي نفقات أو تمس حقوق المواطنين العامة والخاصة لا تنفذ إلا بموافقة مجلس النواب (الغرفة الأولى) والأعيان (الثانية)، وهو ما لم يحدث، وبالتالي فهي باطلة دستوريا.
عبث وانقلاب
وصفت التعديلات الدستورية بأنها انقلاب لماذا؟
التعديلات الدستورية انقلاب وعبث بالدستور وخلل في العقد الاجتماعي، تضر بمصالح الدولة الداخلية والخارجية، خاصة بعد تشكيل المجلس الوطني القومي كسلطة أعلى من السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية.
ما هي إشكالية تشكيل مجلس الأمن الوطني؟
التعديلات أعطت الملك صلاحية تشكيل مجلس الأمن الوطني ورئاسته، دون الرجوع للحكومة، وبالتالي فهو مصان ومحصن دستوريا، وهو اعتداء صارخ على السلطة التنفيذية ونزع لصلاحيتها كما أنه يفقد المجلس دوره في المراقبة، لأن الملك يترأسه، وهو معفي من المساءلة .
هذه التعديلات أمر في غاية الخطورة، وردة عن الإصلاح، ونقطة سوداء في وجه من ينادون بها ومن أقروها، الأكثرية والموالون.
وتتعارض مع دستور 1952 الذي وضعه الملك طلال، والذي يعد من الدساتير الراقية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ما موقع الجيش في التعديلات الأخيرة؟
التعديلات وضعت قائد الجيش ومدير المخابرات ومدير الأمن العام في موقع فوق السلطة والمساءلة بعضوية مجلس الأمن الوطني، بما يتعارض مع المادة 127 من الدستور التي تختصر مهمة الجيش في الدفاع عن المملكة وسيادتها، وبالتالي لا يجوز تدخل الجيش في السياسة.
هل تضمنت التعديلات أي إصلاحات سياسية؟
بالعكس لا توجد أي إصلاحات، وهي ردة عن الإصلاح، فسحبت صلاحيات مجلس الوزراء ومجلس النواب وألغت مبدأ الفصل بين السلطات.
وماذا عن صلاحيات الملك؟
لم تترك التعديلات شيئا من الصلاحيات إلا ومنحته للملك، فأعطته سلطة تعيين كل المناصب العليا دون موافقة الحكومة.
هل ينص الدستور على مساءلة الملك؟
الملك معفى من المساءلة بموجب الدستور، وهو ما يتنافي مع المسؤولية؛ فالأصل أن تتلازم السلطة مع المسؤولية.
إلى أي مدى تعزز التعديلات الدستورية الحقوق والحريات للشعب الأردني؟
لم تمنح التعديلات أي حقوق للشعب الأردني، ومنحت المجلس الوطني كل شيء حتى السياسة الخارجية، وجاءت خشية تشكيل حكومات حزبية، ما يعني انعدام الحياة الحزبية والحكومات البرلمانية.
الأمن القومي
كيف تقيم الاتفاقات بين الأردن والإمارات في مشروعات مثل تطوير ميناء العقبة، ومرسى زايد، ومطار الملك حسين؟
للأسف شراء شركات إماراتية وامتلاكها لأراض أردنية يمثل خطرا وتهديدا على الأمن القومي حيث إنها تمتلك أصولا في الأردن ما يمثل مصدر قلق كبير للأردنيين.
ومن الممكن أن تباع هذه الأصول في أي وقت لليهود، وبالتالي يكون احتلالا مدفوع الثمن.
ما حقيقة اتجاه الحكومة لإلغاء الثقافة الإسلامية؟
هناك اتجاه لإلغاء تدريس الثقافة الإسلامية بالجامعات، وقدمت سؤالا لوزير التعليم العالي عن ذلك، وتساءلت لماذا تدرس الثقافة الإسلامية بدون أستاذ جامعي تمهيدا لإلغائها، ومن الجهة التي أوصت بذلك؟
من المستفيد من إلغاء تدريس الثقافة الإسلامية في الأردن؟
لا شك أن العدو الصهيوني هو المستفيد من حملات التغريب والتجهيل، وإبعاد أبنائنا عن الحضارة والقيم الإسلامية، وإبعاد الجيل الصاعد عن جذوره الأصيلة، ولاحظنا حذف سير بعض أبطالنا من المناهج كـ"موفق السلطي"، وهو طيار قاتل في معارك ضد العدو الصهيوني.
كيف تفسر ادعاء الصهيوني جوزيف بروادي بعقد دورات لأئمة في وزارة الأوقاف الأردنية؟
هذا سؤال يجب أن يجيب عليه وزير الأوقاف، وهي واقعة خطيرة، فكيف يسمح ليهودي بترويج أفكاره، وأن يوجه الأئمة، ما يعني تغيير دينهم ورسالتهم في المساجد التي تقوم على الوعظ والإرشاد وتبعدهم عن الإسلام المعتدل.
أين تقع القضية الفلسطينية بالنسبة للأردن؟
الأردن أكثر الدول العربية الداعمة للقضية الفلسطينية، وهي تعد بعدنا القومي وتمس جزءا من عقيدتنا.
هل الأردن يقوم بدوره في حماية المقدسات وفقا للقواعد المتفق عليها؟
الأردن محاصر، والعدو ينتهك كل الحرمات، ويخرق كافة المواثيق والمعاهدات، ويستوجب محاكمته، ولا توجد ولاية حقيقية للأردن حاليا على المقدسات، حيث يطرد الاحتلال الفلسطينيين من الأقصى.
ما هي التحديات التي تواجه الأردن مع الاحتلال بشان ما يدور في القدس؟
على رأس التحديات محاولات تهويد القدس وفقدان الولاية على المقدسات، فكل يوم يسقط الشهداء، كما أن العدو لا يعترف بولايتنا، ما يستوجب شكوى الاحتلال أمام محكمة لاهاي والجنائية الدولية لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
الاحتلال الصهيوني لا يتوقف عن ارتكاب الجرائم ومصادرة منازل الفلسطينيين المملوكة لهم، بموجب عقود وسندات ملكية مسجلة في الأردن.
هل هناك مواد تدرس في المناهج بشأن القضية الفلسطينية؟
كل المناهج المتعلقة بالقضية الفلسطينية تم حذفها.