وضع معقد.. لهذا يواصل "الناتو" تعزيز وجوده العسكري على حدود روسيا
سلطت صحيفة روسية الضوء على ردة فعل موسكو ضد توسع حلف شمال الأطلسي"الناتو" الذي يواصل نشر القوات العسكرية في رومانيا، رغم اعتراض روسيا.
وذكرت صحيفة "غازيتا دوت رو" في مقالة للكاتبة نيكيتا فولوموف، أن الناتو نشر مقاتلات "إف-15" في قاعدة برومانيا بعد أسبوع واحد فقط من محادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جو بايدن في 7 ديسمبر/كانون الأول 2021.
وخلال المحادثات، قال بوتين إن "موسكو ترغب في الحصول على ضمانات بعدم توسع التحالف".
مواصلة التوسع
وأفاد الناتو بأن إجراء التوسع يهدف إلى ضمان الوجود الجوي للحلفاء في منطقة البحر الأسود و"تحسين التشغيل البيني" بين الحلفاء.
علاوة على ذلك، قال الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، إن الحلف "سيواصل توسعه".
ولهذا توضح صحيفة "غازيتا دوت رو" سبب استمرار الناتو في تعزيز وجوده العسكري على حدود روسيا.
وقامت قوات حلف شمال الأطلسي، التي ضمت مقاتلين إيطاليين "يوروفايتر"، بالتحليق في منطقة البحر الأسود خلال الفترة من 18 إلى 22 ديسمبر/كانون الأول 2021.
ولفتت الكاتبة فولوموف إلى أن نائب رئيس أركان القيادة الجوية للحلفاء، العميد جويل كاري، قال: "تعتبر الطائرات المقاتلة الإضافية من طراز إف-15 الأميركية ميزة مرحبا بها، وسيكون لها تأثير إيجابي على قدرات الردع للحلفاء".
وأشارت فولوموف إلى أن قيادة حلف شمال الأطلسي ليست الوحيدة التي بادرت ببناء القدرات العسكرية، حيث أعلنت السلطات الرومانية مؤخرا شراء حوالي 32 مقاتلة من طراز إف-16 من النرويج، لتحديث قواتها الجوية.
ووفق تقارير إعلامية رومانية، فإن الصفقة ستكلف بوخارست أكثر من 1.5 مليار دولار.
وضع معقد
وحسب ما ذكرته الكاتبة فإن الأمين العام للناتو شارك في منتدى بوخارست في 14 ديسمبر/كانون الأول 2021، الذي نظمه معهد "آسبن" للأبحاث في رومانيا.
وشدد ستولتنبرغ خلال خطابه مرة أخرى على أن "الوضع الأمني لا يزال غير متوقع، لذا يجب على الحلفاء توحيد قواهم".
وأكد أن الناتو سيستمر في التوسع رغم موقف موسكو، قائلا: "لقد قبلنا بالفعل الجبل الأسود ومقدونيا الشمالية، رغم احتجاجات روسيا"، مشددا على أن الحلف "لن يتنازل" لموسكو بشأن قضية أوكرانيا وجورجيا.
وعلقت الكاتبة: "قبل أيام قليلة من خطاب ستولتنبرغ، دعا الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس، خلال مشاورات هاتفية مع بايدن، إلى زيادة القوة العسكرية لحلف الناتو في رومانيا ومنطقة البحر الأسود".
وأشارت فولوموف إلى أن سياسة بايدن تجاه روسيا "تعرضت لانتقادات داخل الولايات المتحدة وخارجها"، كما يقول مدير مركز تحليل الإستراتيجيات والتقنيات، روسلان بوكوف.
وحسب بوكوف، فإن الوضع معقد بسبب حقيقة أن الهجمات على روسيا هي الاحتلال الرئيس لبعض الدول الأعضاء في الناتو، بما في ذلك دول البلطيق وبولندا.
وحسب ما جاء في مقالها، فإنه لهذا السبب ذهب بايدن إلى المفاوضات، و"كانت خطوة حكيمة وشجاعة لتهدئة الوضع".
ولكن في الوقت نفسه، بالنسبة إلى النقاد المحليين الذين اقتنعوا بأنه استسلم لبوتين وقدم تنازلات من جانب واحد، إلا أن ذلك دليل على أن بايدن يحاول ممارسة ضغوط إضافية على روسيا.
ولفت مدير مركز تحليل الإستراتيجيات والتقنيات، بوكوف، الانتباه أيضا إلى حقيقة أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يفهمان "بداية وأصل" الأزمة الحالية.
فحسب ما ذكره بوكوف، فإن معظم المراقبين الغربيين يميلون إلى إلقاء اللوم على الرئيس الروسي في العلاقة المعقدة بين الناتو وموسكو، رغم بداية تلك الصعوبات في عهد أول رئيس لروسيا، بوريس يلتسين، عندما "رفض الغرب بشكل واضح" ودعم موسكو في قتال الإرهابيين خلال الحرب الشيشانية الأولى (1994-1996).
وأكد بوكوف قائلا: "يرسل الإستراتيجيون الغربيون إشارة قوية إلى بوتين تطالبه بالتراجع، ولكن في الواقع، فإن هذا الإجراء يقنع القادة الروس والمواطنين العاديين بشكل أكبر من أننا نفعل الشيء الصحيح عندما نطالب الناتو بالتوقف عن التوسع في الشرق".
مخاطر متبادلة
وأشارت فولوموف في مقالها إلى أن رئيس قسم الأمن الأوروبي بمعهد أوروبا في الأكاديمية الروسية للعلوم والتكنولوجيا، ديمتري دانيلوف، قال إن "تعزيز الجناح الجنوبي الشرقي لتحالف شمال الأطلسي سيستمر".
ولفت دانيلوف الانتباه إلى حقيقة أن الإجراءات العسكرية الحالية للناتو كانت مخططة حتى قبل الاجتماع بين بوتين وبايدن، لذلك لن يقوموا بإلغائها.
وقال دانيلوف في حديث مع صحيفة "غازيتا دوت رو": "إذا تحدثنا بالمنطق العسكري، فإنه يتناسب جيدا مع مفهوم احتواء الناتو والولايات المتحدة فيما يتعلق بروسيا، ولكن هناك سؤال آخر كيف يتناسب ذلك مع مسار التفاوض المفتوح في هذه المرحلة".
ولفت الانتباه إلى حقيقة أن كلا من الولايات المتحدة وروسيا قد حددتا موقفهما ومخاوفهما بشأن توسع الناتو خلال المحادثات الأخيرة بين قادة البلدين.
ومع ذلك، فإن السؤال الرئيس "هو ما إذا كان سيتم مناقشة هذه المواقف بطريقة بناءة".
وعلقت الكاتبة بأن دانيلوف تساءل: "هل ستتمكن موسكو وواشنطن من تصحيح أخطاء آليات الاتصال الجديدة من أجل العمل للوصول إلى نتيجة؟ لذا يجب أن تكون النتيجة انخفاضا في التوتر العسكري والمخاطر المتبادلة في منطقة البحر الأسود".
وأكد دانيلوف أن روسيا ستواصل إصلاح موقفها بشأن عدم توسيع حلف شمال الأطلسي.
وأضاف: "تبذل الجهود ليس فقط على طول الخط الروسي الأميركي، ولكن أيضا في الحوار مع دول الناتو الأخرى وأولهم بريطانيا العظمى".
واختتم دانيلوف حديثه قائلا:" نتحدث عن المعدات البحرية والطيران في منطقة البحر الأسود، ولكن تلك القضية لا زالت معلقة".