يسار إبراهيم.. خازن "بيت مال الأسد" ورئيس مافيا الاقتصاد في سوريا

مصعب المجبل | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

ما إن أطاح رئيس النظام السوري بشار الأسد، بمدير منظومته المالية وابن خاله رامي مخلوف عام 2020، حتى كان البديل جاهزا وهو يسار إبراهيم، الشخص القادم من ردهات القصر الجمهوري.

استطاع يسار إبراهيم أن يحظى بثقة أسماء زوجة بشار، وأن يقود دفة المرحلة الجديدة، تحت عنوان "اقتصاد العائلة"، في وقت تحتاج فيه الأخيرة إلى رجل يعيد ضبط "اقتصاد الحرب" ويجعله يدار من غرفة واحدة.

واجهة جديدة

يحوز يسار إبراهيم حاليا على صفة مساعد رئيس النظام السوري، وهو من مواليد 1982، إلا أنه لم يكن معروفا قبل عام 2011 بشكل واسع في الأوساط السورية، سوى أنه مدير وشريك مؤسس في كل من شركات "البرج" للاستثمار و"زيارة للسياحة" و"المركزية لصناعة الإسمنت" وغيرها الكثير.

وتؤكد مواقع سورية معارضة أن يسار ينتمي إلى الطائفة العلوية، وأن والده حسين عمل مستشارا لرئيس النظام السابق حافظ الأسد.

ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإنه أمام اشتداد الأزمة الاقتصادية، دخل النظام السوري في مرحلة يائسة جديدة من أجل البقاء عنوانها "البحث عن المال بأي الطرق".

وذكر تقرير الصحيفة في 4 ديسمبر/كانون الأول 2021، أنه على مدى العامين الماضيين، استولى نظام الأسد بـ"طريقة المافيا"، على أصول عشرات الشركات بما فيها الأجنبية وتلك التي تملكها عائلات سورية.

وبينت الصحيفة أن النظام السوري لجأ أحيانا إلى إقالة مسؤولي بعض الشركات وتعويضهم بموالين له، كأمثال يسار إبراهيم الذي أصبح يدير شركة "MTN" الخليوية.

ومنذ عام 2018 عملت أسماء الأسد على تأهيل يسار إبراهيم وزجه إلى الواجهة الاقتصادية التي تتبع بيت العائلة، حينما أسندت إليه متابعة مكتب "الشهداء" في وزارة الدفاع، والمخصص لتقديم المساعدات لذوي قتلى عناصر النظام.

وتولى يسار من حينها مهمة فرض مبالغ مالية على رجال الأعمال السوريين و"أمراء الحرب" الجدد المنتشرين في مناطق نفوذ النظام، كإسهام منهم في صندوق تمويل مكتب "الشهداء" المذكور.

كما أنيط ليسار إبراهيم مهمة إبرام صفقات تجارية تصب في صالح النظام السوري عبر الالتفاف على العقوبات الدولية.

وعين بشار الأسد، يسار إبراهيم مديرا للمكتب المالي والاقتصادي في رئاسة الجمهورية مع توجيهه صفعة لابن خاله رامي مخلوف وتقليم أظافره الاقتصادية، نتيجة تصاعد الخلافات بينهما حينما حجز احتياطيا على أمواله، وأموال زوجته، وأولاده، في مايو/أيار 2020.

واعتبرت تلك الخطوة بمثابة البداية ليتسلم يسار تركة رامي، وتصبح قدمه داخل القصر الجمهوري بصفة رسمية.

إذ إن تحجيم رامي مخلوف دل على وجود رغبة داخل دائرة الأسد الضيقة لتقويض هيمنته على الاقتصاد السوري، لصالح شخصيات تتبع أسماء، لا سيما أن مخلوف شرح ذلك في سلسلة تسجيلات مصورة.

وبهذا أصبح يسار إبراهيم يتلقى الأوامر بشكل مباشر وينفذها مستندا على منصبه الرسمي، مما يجعل الجميع يخاف من عصيان طلباته من قبل أصحاب الأموال الذين يدركون أنه وسيط بين جيوبهم وجيب الأسد.

خازن القصر

ولم تكن مهمة إبراهيم اقتراح مشاريع استثمارية واقتصادية تدر أرباحا على خزينة النظام، بل تطويع القوانين الحكومية بما يمكنه من سلب رجال الأعمال السوريين وأمراء الحرب جزءا من ثروتهم لصالح بشار وزوجته.

واكتسب يسار سيطرة شبه احتكارية على سوق الهواتف المحمولة في سوريا، بعد إزاحة مالكي عائلة شركة خدمات الدعم، وانتزع كذلك السيطرة على شركة "سيريتل" أكبر مشغل خلوي في البلاد، إضافة إلى المشغل الثاني "MTN".

وبالعودة إلى شركة "MTN"، فقد عمد النظام على ابتزاز الشركة الأم العالمية التي تحمل نفس الاسم، من أجل دفعها لبيع حصتها إلى الجانب السوري.

وأصدرت حكومة النظام قرارا في 25 فبراير/شباط 2021، يقضي بفرض حراسة قضائية، على شركة اتصالات "MTN" السورية.

واتهم النظام آنذاك الشركة الأم بمخالفة شروط عقد الترخيص في سوريا، وحرمان خزينة الحكومة نسبة 21.5 بالمئة من مجموع الإيرادات.

وعقب ذلك حددت مجموعة "MTN" العالمية في 28 فبراير/ شباط 2021، مبلغ 65 مليون دولار ثمنا لبيع حصتها في سوريا.

وهو ما دفع شركة "TeleInvest" المساهم الأصغر في الشراكة والتي يرأس مجلس إدارتها يسار ونسرين إبراهيم مديرة مكتب أسماء زوجة الأسد، منذ عام 2019 للعمل على شراء حصة الشركة الأم البالغة 75 بالمئة لكن العملية فشلت.

ومنذ ذلك الحين بدا واضحا أن النظام يريد وضع يده على قطاع الاتصالات الخلوية في سوريا، وبإشراف مباشر من قبل أسماء الأخرس، زوجة رأس النظام بشار الأسد، وذلك ضمن خطط مدروسة.

وبرز ذلك لاحقا وبشكل مؤكد عندما حصلت شركة "وفا تيليكوم" أخيرا على ترخيص المشغل الثالث للخليوي في سوريا لمدة 22 عاما.

رجل مرحلة

وبحسب موقع "اقتصاد مال وأعمال السوريين" المعارض، فإنه تبين أن إيران تملك حصة 52 بالمئة من شركة "وفا انفيست"، وهي إحدى أكبر الشركاء في شركة الاتصالات الجديدة "وفا تيليكوم".

و20 بالمئة يملكها يسار إبراهيم الذي بات يوصف بأنه أحد خازني أموال بيت الأسد.

ومما يؤكد على دور يسار إبراهيم في تحريك اقتصاد الأسد، ورود اسمه ضمن قائمة شملتها عقوبات وزارة الخزانة الأميركية في 20 أغسطس/آب 2020، والتي استهدفت وقتها الدائرة الضيقة من بشار بينها مستشارته الإعلامية لونا الشبل التي كانت سابقا مذيعة في قناة "الجزيرة" قبل استقالتها عام 2010.

ويؤكد مراقبون اقتصاديون سوريون أن مهمة يسار إبراهيم الأساسية، هي إدارة اقتصاد البلاد في المرحلة القادمة، ومنعهم من تكرار تجربة مخلوف، والتغلغل بعمق الاقتصاد الداخلي بحيث تصبح عملية الإطاحة بهم أكثر سهولة.

مقابل ذلك جرى تعويم رجال أعمال جدد بشكل مفاجئ وأصبحت الكلمة الاقتصادية في البلاد لهم، كونهم يعملون بتسهيلات من رأس النظام السوري مباشرة وبحماية تامة منه، لدرجة تحكمهم بالإيعاز بإصدار قوانين تخدم عملهم في إدارة إمبراطورية الأسد المالية الجديدة.

وضمن هذا الإطار تؤكد مجلة "الشراع" في منشور على موقعها في 9 نوفمبر/تشرين ثاني 2021 أن يسار إبراهيم تسلم الحافظة المالية لآل الأسد.

وتضيف المجلة أن واحدة من "إنجازات" يسار إبراهيم هي حصوله على 40 بالمئة من "أجنحة الشام" وهي شركة طيران سورية خاصة تعود لعائلة "شموط" وتمتلك أربع طائرات مدنية تعمل بمطار دمشق الدولي.

ولطالما رفض أبناء "شموط" مشاركة أحد في شركتهم لكن يسار إبراهيم احتال عليهم بعد أن أصدرت وزارة النقل السورية قرارا بمنع بقاء أي طائرة على أرض المطار أكثر من ساعة وكل وقت إضافي ستدفع الشركة مصاريف إقامة بما يعرضها لخسائر كبيرة.