كمدا وقهرا.. هكذا "يقتل" النظام الإماراتي أبناء المعتقلين والمعارضين

12

طباعة

مشاركة

بعد 48 ساعة من مناشدة زوجة المعتقل الإماراتي عبدالسلام درويش، حكومة بلاده من أجل الإفراج عنه، لأن نجله المصاب بمرض التوحد في حاجة له، أعلنت في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وفاة الابن سلمان.

وفي مناشدتها التي أطلقتها بالتزامن مع الاحتفال بيوم الطفل العالمي، دعت زوجة درويش الحكومة الإماراتية، إلى ألا يحرموا ابنها من صحبة والده في رحلة علاجه.

وواسى ناشطون عبر تويتر درويش وزوجته عواطف عبر وسمي #سلمان_في_جوار_ربه، #عبدالسلام_درويش، معربين عن حزنهم وتقديرهم لمعاناة الأسرة من ظلم النظام الإماراتي.

وأشار الناشطون إلى أن الابن مريض بالتوحد، وكان عمره 12 عاما حين اعتقل والده عام 2012، ومنذ اختفاء الأب عانى من صدمة نفسية كبيرة أثرت على سلوكياته حتى توفي دون رؤية والده رغم سيل المناشدات.

ولفتوا إلى سحب السلطات الإماراتية الجنسية عن سلمان وإخوته وهم في رحلة للعلاج بالخارج، وحرمتهم من الراتب التقاعدي لوالدهم، انتقاما من دعوته للإصلاح، لافتين إلى أن سلمان حُرِم من والده المعتقل.

وأنذر ناشطون النظام الإماراتي بالويل والعذاب لمعاقبته أطفالا لا حول لهم ولا قوة بعدما ظلم والدهم قرابة عشر سنوات في سجن الرزين سيئ السمعة.

واتهم آخرون النظام الإماراتي بقتل نجل درويش والتنكيل بأبناء المعارضين والمعتقلين.

وفي 24 يوليو/ تموز 2012، اعتقلت السلطات الإماراتية درويش بعد خروجه من صلاة التراويح برمضان في إطار حملة شنتها حينها على “دعاة الإصلاح” في البلاد.

وكان درويش رئيسا لمركز الإصلاح الأسري في محاكم دبي، وحكم عليه في يوليو/تموز 2013 بالسجن 10 سنوات مع 3 سنوات إضافية للمراقبة.

وكانت منظمة هيومن راتيس ووتش الحقوقية الدولية استنكرت في تقرير لها في أكتوبر/تشرين الأول 2021، ترويج الإمارات لنفسها كدولة متسامحة، وتنظيمها قم واجتماعات دولية للتسامح بينما يقضي ناشطون أحكاما طويلة بالسجن إثر محاكمات جائرة. 

رثاء الأهل

والدة سلمان، قالت في رثائه: "إنا لله وإنا إليه راجعون، الحمد لله الذي اختاره في حسن جواره، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا، أغلق علي صباح هذا اليوم باب من أبواب الجنة".

فيما نعته شقيقته جنان، قائلة: "رحل عنا سلمان اليوم إلى جوار ربه، وهو مشتاق لوالدي وينتظر رجوعه، سيكون سلمان بالانتظار عند باب الجنة بإذن الله، شفيع لوالدي عبدالسلام درويش، ولوالدتي عواطف، ولكل من أحبه وسانده في حياته".

 وأوضحت جنان، أن بعد فترة من اعتقال والدها، روى لهم مرة عن رؤية رأى فيها سلمان يقف عند باب الجنة فيقول لوالدها أدخل من باب عمر، ويقول لوالدتها ادخلي من باب حفصة، فسأله والدها وماذا عنك، فقال أنا سأقف هنا لأدخل الضيوف.

 نعي ورثاء

كما رثا ناشطون سلمان درويش، وأعربوا عن ألمهم على وفاته بعيدا عن والده دون أن يراه، مطالبين النظام الإماراتي بالسماح لوالدته بالعودة ولوالده بدفنه في بلاده.

وأعرب الناشط الحقوقي الإماراتي عبدالله الطويل، عن حزنه، قائلا: "كلما رأيت سلمان ازددت يقينا بأن الطغاة اقترب موعدهم وعندها لن ينفعهم جاه ولا سلطان.. سلمان الذي سحبت منه الجنسية ومنع من العلاج اليوم هو شهيد في غربته".

 فيما كتب الشاعر والكاتب الإماراتي خالد الهاشمي: "بح الصوت والموت أسرع، كم ناشدنا سلطات أبوظبي بالإفراج عن معتقل الرأي عبدالسلام درويش من أجل رؤية أبنائه المرضى، كم نادينا وصدى الصوت ردنا لا إنسانية لا حياء وعند الله تلتقي الخصوم.".

 ودعا الإماراتي علي حسن الحمادي، المدير السابق بدائرة الطيران المدني، النظام الإماراتي، للسماح لوالدة سلمان التي بقيت مع أخيه المريض أيضا في أميركا بالعودة دون المساس بها والإفراج عن والده عبدالسلام ليودعه ويلقي النظرة الأخيرة عليه.

وقال: "على الأقل اثبتوا أنه مازال باقيا لديكم شيء من الإنسانية والرحمة في القلوب اسمحوا لدفنه في وطنه".

 معاناة المعتقلين

وتداول ناشطون مقطعا مصورا لسلمان وهو يمسك بالهاتف مفتوحا على صورة والده ويقول له "بابا أحبك"، وأعربوا عن أسفهم لكل ما تعرضت له أسرة درويش من تنكيل انتقاما من والدهم، مستنكرين معاناة المعتقلين كافة وأبنائهم.

وكتب الحقوقي اليمني زهير الهناني أن معتقلي الإمارات من أصحاب الرأي يعانون مصيرا صعبا بسبب حلمهم بالحرية، فالسلطة القمعية خطفت حريتهم وحرمتهم من أسرهم كما حدث مع عبدالسلام درويش.

 ولخص حساب معني بنقل الصورة من داخل الإمارات ما حدث مع سلمان بالقول: "سلمان المصاب بالتوحد، خرج في رحلة للعلاج خارج الدولة، أُبلغ بسحب الجنسية، ومُنع من تجديد الجواز، وقُطع عنه مصروف العلاج، وقُطع عنه راتب والده التقاعدي، وتوفي وآخر كلماته بابا أحبك".  فيما أكد الناشط الإماراتي إبراهيم آل حرم أنه "عند الله تجتمع الخصوم".

 تسامح مزعوم

واستنكر ناشطون آخرون ادعاء النظام الإماراتي التسامح واحترامه حقوق الأطفال والتعايش وغيرها من التوصيفات التي ينسبها لنفسه لتلميع صورته.

وتساءل الصحفي الأردني ياسر أبو هلالة: "أي قسوة في قلوب حكام الإمارات؟ قبل مدة يغادر الدنيا مصاب بالشلل الدماغي دون أن يرى والده، واليوم مصاب بالتوحد يغادرها  ولم ير والده منذ 5 سنوات، ربنا أرحم به من هذا العالم الظالم". 

 فيما كتب القائم على حساب محبي الدكتور الإماراتي محمد الركن: "أما سلمان فلا خوف عليه فهو بين يدي رحمن رحيم، وأما والده المظلوم فليس بين دعوته وبين الله حجاب وأما ظالمهم فله من الله ما يستحق، إن تسامحهم المزعوم هو لبني صهيون".  فيما اتهم حساب باسم سيف الدرعي، السلطات الإماراتية بقتل سلمان باحتجازها والده، وتجاهلها أوجاعه، حتى عجز هذا الشاب المصاب بالتوحد عن الصمود في وجه الحرمان الذي عاشه داخل الامارات".

أبناء المعارضين

ورصد ناشطون ثلاث حالات وفاة في الشهور الأخيرة لأبناء معارضين، اثنان منهم معتقلان، وهم آلاء الصديق ابنه المعتقل محمد عبد الرزاق الصديق التي توفيت في حادث سير في لندن في يونيو/حزيران 2021، ومحمد النعيمي المصاب بالشلل الدماغي نجل الإعلامي المعارض المقيم بالخارج أحمد الشيبة النعيمي، المتوفى في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وآخرهم ابن درويش.

وأشار أحمد الشيبة النعيمي إلى وفاة ابنه محمد قبل 3 أسابيع في الإمارات الممنوع من مغادرتها، واليوم ابن أخيه عبدالسلام درويش، لافتا إلى أن كليهما كانا معاقين حُرما من والدهما، وماتا قهرا من أقسى انتهاكات لحقوق الإنسان في حق معتقلي الرأي بالإمارات.

 وأشار حساب باسم نجلاء الحمادي، إلى أن سلمان بن عبدالسلام درويش، ثالث من يموت في غربته، داعية الله أن يتقبلهم في الصديقين والصالحين والشهداء.