السيارة الكهربائية التركية.. ما المعوقات التي تعترض طريقها إلى العالمية؟
تحدث موقع تركي عن أهمية صناعة وتطوير المركبات الآلية في العالم، قائلا: إن هذا القطاع أصبح يمثل أساس الاقتصاد في جميع البلدان الصناعية.
وقال موقع "ميليم أناليز" التركي في مقال للكاتب أنس غونايلي إنه "جرى إنتاج أكثر من 73 مليون سيارة في جميع أنحاء العالم بعد عام 2007، ويعود ذلك إلى علاقتها بالصناعات والقطاعات الاقتصادية الأخرى".
إذ تعتبر صناعة المركبات قطاعا يعتمد على مواد الصناعات الأساسية مثل الحديد والصلب والبتروكيماويات والمطاط، الأمر الذي يجعلها بمثابة عجلة للتطور التكنولوجي في هذه القطاعات.
وعلى الناحية الأخرى، توفر هذه الصناعة جميع أنواع المركبات الآلية التي تتطلبها قطاعات السياحة والبنية التحتية والمقاولات والنقل والزراعة.
لذلك فإن أي تغيرات حادثة في هذا القطاع تؤثر على الاقتصاد العام بشكل مباشر، وفق ما يرى الكاتب.
وأوضح أن إنتاج السيارات يحتل حوالي 70 بالمئة من إجمالي الإنتاج الضخم للمركبات في العالم.
أهمية القطاع
ويرى غونايلي أن صناعة السيارات التي تتطلب أكثر التقنيات تعقيدا بعد الصناعات الجوية والفضائية، تحتاج إلى تقنيات عديدة تشمل جميع المجالات الهندسية الرئيسة.
إذ يتم تصنيع المركبات ذات المحركات من خلال إنتاج وتجميع ما يقارب من 5 آلاف قطعة مختلفة باعتماد نهج واحد لإدارة جودتها وكفاءتها.
ويقول الكاتب: لتصنيع مركبة وعرضها في السوق، يتطلب أن تكون موافقة لحوالي 50 لائحة من اللوائح الفنية العالمية والمتعلقة بالسلامة المرورية والبيئية، ومن الإلزامي أن يتم توثيق وإثبات ذلك بالوثائق والمستندات.
ويجرى تحديث هذه اللوائح باستمرار بناء على التطورات الحادثة في التكنولوجيا. لذلك، يواجه القطاع ضغطا كبيرا في ظل الاستعدادات للوائح الجديدة والمتعلقة بالبيئة.
ويتابع قائلا: باعتبار التنافس الشديد في السوق لا يمكن الارتقاء لمستوى رضا العملاء إلا من خلال التطور التكنولوجي.
لهذا، يعد البحث المكثف والتطوير المستمر أمرين ضروريين لا غنى عنهما في هذا القطاع.
من ناحية أخرى، تخلق المركبات فرص أعمال كبيرة في قطاعات التسويق والتجارة والخدمات والوقود والتمويل والتأمين.
كذلك يعد قطاع السيارات أساسا لتطوير الصناعات الدفاعية ورفع مستوى التكنولوجيا في البلاد، خاصة وأنه لا تزال هناك إمكانيات كبيرة وقوية في التطور التكنولوجي لهذه الصناعة.
وأفاد أن البلدان الصناعية والاتحادات الاقتصادية مثل الاتحاد الأوروبي ونافتا (اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية) تسعى لحماية هذا القطاع وتحسين قدرته التنافسية.
وواصل الكاتب: وفي هذا، تحتل تركيا المرتبة الخامسة في أوروبا والرابعة عشرة على مستوى العالم من حيث إنتاج المركبات.
كذلك تندرج تركيا في فئة مصنعي المركبات التجارية الأوروبية، غير أن قطاع المركبات في البلاد يعتمد على الاستيراد، خاصة في السلع الوسيطة ذات التقنية والقيمة المضافة العالية.
وأعقب بالقول: لذلك لم تتمكن تركيا من إظهار قدراتها في صناعة السيارات بشكل كامل.
ولكي تفعل ذلك وينجو الاقتصاد التركي من شرك الدخل المتوسط ويرتقي إلى مستوى البلدان المتقدمة ذات الدخل المرتفع، من الضرورة بمكان أن تنتج تركيا قطعا عالية الجودة بعلاماتها التجارية الخاصة، في القطاعات التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة مثل قطاع المركبات.
واستدرك الكاتب: تشكل المركبات المحلية والوطنية جزءا مهما من التقدم التكنولوجي وعنصرا لا غنى عنه للنمو الاقتصادي من حيث القيمة المضافة التي توفرها، خاصة وأنه في المرحلة القادمة وحتى عام 2030 ستبدأ السيارات الكهربائية والآلية والمتصلة بالانتشار السريع على نطاق واسع.
فمن المتوقع أن يتم حظر سيارات الوقود الأحفوري تماما بحلول عام 2030، من خلال توفير البنى التحتية اللازمة للسيارات الكهربائية.
وكل هذه التطورات التكنولوجية ستؤثر لا محالة على مستقبل صناعة المركبات، في وقت يزيد فيه عدد سكان المدن.
لذلك، ينبغي أن يتابع القطاع في تركيا هذه التطورات عن كثب ويتحرك وفقا لها، بحسب رؤيته.
تحولات كبيرة
وقال غونايلي: "بدأت بعض المهن تتلاشى خلال جائحة كورونا وتظهر أخرى جديدة بسبب التحولات في القطاعات".
فبينما كان هناك حوالي 40 ألف قطعة في المركبات ذات المحركات، بات من الكافي استخدام 50-60 قطعة فقط للسيارات الكهربائية الآلية.
إلى جانب أنه يجرى إنتاج هذه المركبات باستخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات الروبوت المتقدمة.
وعلق: لذلك، من السهل أن نتوقع أن يكون العاملون في إنتاج قطع الغيار ومنتجات الصناعة الفرعية عاطلين عن العمل بشكل خاص مع التطورات في القطاع.
فعلى سبيل المثال، زادت مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا بنسبة 122 بالمئة في الأشهر الستة الأولى من عام 2021.
ولذلك تتخذ مجموعة مبادرة السيارات التركية (TOGG) خطوة كبيرة بإطلاقها مشروع السيارة الكهربائية المحلية والوطنية (توغ) الذي تدعمه الحكومة التركية.
خاصة وأن تركيا تتمتع بموقع جغرافي إستراتيجي يمكنها من الوصول السريع إلى أسواق إفريقيا والشرق الأوسط ودول البلقان.
ونوه قائلا: بالتزامن مع التحولات في قطاع المركبات، ستحدث تحولات طبيعية في موارد الطاقة.
إذ سيتم استبدال البطاريات التي تعتمد على الليثيوم، بالبنزين والنفط، الأمر الذي يزيد من أهمية مناجم الليثيوم يوما بعد يوم.
لذلك تقوم الدول التي تسعى لريادة هذا القطاع مثل تركيا والصين وألمانيا بخطوات جادة في هذا المجال.
وأضاف الكاتب: هناك قضية مهمة أخرى وهي احتمالية اختفاء الدولار الأميركي كعملة دولية.
إذ يشكل مؤشر البترودولار أحد أهم العناصر التي تعطي للدولار الأميركي قيمته اليوم.
وبالنظر إلى أن المركبات الكهربائية لا تعتمد على النفط، يمكن أن ترتفع مكانة الدول ذات موارد الطاقة الطبيعية والمتجددة مثل الليثيوم والبورون مع ضعف أو انهيار مؤشر البترودولار.
وبناء على ذلك، يبدو من المحتم أن تظهر صيغ مالية جديدة تعتمد على العملات الافتراضية، كما يعتقد الكاتب.
وواصل أنه "ونظرا لالتزام الدول وشركات السيارات باتفاق باريس للمناخ، فقد توقف إنتاج المركبات ذات المحركات التي تعتمد على الوقود الأحفوري".
غير أنه من المتوقع أن تكون أسعار السيارات الكهربائية مرتفعة للغاية خاصة في ظل ارتفاع الطلب عليها.
وتابع: لذلك يبدو أنه سيكون من الحتمي أن تنتشر خدمات تأجير السيارات الكهربائية، خاصة وأنه يتم الترويج لها كأيديولوجية.
وقريبا سيكون من الممكن أن نعمل على استئجار السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة، مثل سكوتر "مارتي" الذي يمكن العثور عليها بسهولة في كل مكان ويتم استخدامها الآن في المدن الكبرى مثل إسطنبول، كما قال.