"الذئب الأزرق".. صحيفة إسبانية تنتقد قمع ومراقبة إسرائيل للناشطين في فلسطين

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية بحق المجتمع المدني في فلسطين، لا سيما ملاحقة عمال الإغاثة، والرقابة الشديدة على الناشطين خاصة والفلسطينيين بشكل عام، وهو ما ظهر في إطلاق جيش الاحتلال برنامج مراقبة يدعى "الذئب الأزرق".

وعن حالة عاملة الإغاثة خوانا رويز، تناولت صحيفة بوبليكو الإسبانية حكم محكمة إسرائيلية في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بسجن الناشطة 13 شهرا.

والحكم على هذه السيدة الإسبانية يعد فصلا آخر في النهج الذي تخوضه دولة الاحتلال دون هوادة ضد المجتمع المدني الفلسطيني. 

وقبل ذلك، اتهم الجيش الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول ست منظمات فلسطينية غير حكومية بتمويل "الإرهاب"، لكنه تجنب في الآن ذاته ذكر الاحتلال الوحشي للضفة الغربية. 

وقالت الصحيفة إن الاحتلال أصدر حكما بالسجن في حق خوانا رويز التي اقتحم الجنود الإسرائيليون منزلها في بيت ساحور قرب بيت لحم في 13 أبريل/نيسان 2021.

منذ ذلك الحين، ألقي القبض على رويز (62 عاما) منسقة مشروع لجان العمل الصحي في فلسطين.

تهم الإرهاب

وفور الإعلان عن هذه الإدانة شرعت إسرائيل في إطلاق حملة دعائية دولية تربط نشاط العاملة الإسبانية في مجال حقوق الإنسان بالمنظمات الفلسطينية الست المستقلة.

وأسند وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس لتلك المنظمات المدنية تهما تتعلق "بالإرهاب". 

في هذا السياق توصل المدعي العسكري إلى اتفاق مع محامي عاملة الإغاثة الإسبانية، يقضي بالحكم بالسجن لمدة 13 شهرا وغرامة قدرها 50 ألف شيكل (16 ألف يورو).

وهي صيغة ستصدق عليها المحكمة العسكرية بالتأكيد في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني، دون انتظار تعديلات جوهرية، وفق تقدير الصحيفة.

ونقلت أنه من الشائع في هذه الحالات أن يتوصل مكتب المدعي العام الإسرائيلي ودفاع عاملة الإغاثة إلى اتفاق مناسب لكلا الطرفين. 

من جهة، "تظهر" النيابة أن خوانا رويز قد تقبل اثنتين من التهم الخمس، مرتبطة "بالإرهاب"، بينما من جهة أخرى تضمن عاملة الإغاثة أنها ستحصل على حكم مخفف يسمح لها بإطلاق سراحها قريبا، وأنه لن تكون هناك مفاجآت غير سارة في المحاكمة.  

وأوردت الصحيفة أن وسائل إعلام محلية تعتبر أن الاتفاقية تأتي بعد أيام فقط من إطلاق إسرائيل حملة دولية لتبرير إغلاق ست منظمات غير حكومية مرموقة تعمل من أجل حقوق الفلسطينيين. 

وعلى وجه التحديد، تربط وزارة الجيش الإسرائيلية هذه المنظمات غير الحكومية بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كما في حالة خوانا رويز بالتحديد.

وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي انتقدا إغلاق المنظمات غير الحكومية، لكن لا يبدو أن إسرائيل مستعدة للتراجع.

قبل أيام قليلة فقط من الحكم حظر الاحتلال إقامة الأنشطة الثقافية الفلسطينية في القدس. 

ومن هنا، فسر إغلاق المنظمات غير الحكومية الست على نطاق واسع على أنه ضربة أخرى للقضاء على أي نوع من النشاط المدني في الأراضي المحتلة. 

وأضافت الصحيفة أنه في الولايات المتحدة وفي العديد من دول الاتحاد الأوروبي يشار إلى أن إسرائيل تستخدم الأدوات القانونية بشكل جائر لمحاربة المجتمع المدني الفلسطيني، وأن إغلاق المنظمات غير الحكومية جاء وفق حسابات سياسية معينة.

مفارقات وتوقعات

لكن من المفارقات، لا يمكن توقع أي شيء من هذه الشكاوى بالنظر إلى العلاقة الوثيقة بين دولة الاحتلال والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عديم الفعالية، تقول الصحيفة.

وبعد الاستفادة من إدانة خواريز شددت السلطات الإسرائيلية على أن قضيتها تشرح بشكل مثالي الروابط بين المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان التي تم إغلاقها مؤخرا وتمويل "الإرهاب"، وفق ادعائها. 

وأوضحت الصحيفة أن اكتفاء النيابة بحكم السجن لمدة 13 شهرا فقط، مع حديثها عن دليل يدين تمويل خوانا رويز "منظمة تعتبر أنها إرهابية"، يثير الكثير من التساؤلات والشكوك.

وفي جميع الأحوال، لا يبدو من المنطقي أن تقرر النيابة الإسرائيلية حكما سيسمح بإطلاق سراح عاملة الإغاثة قريبا جدا، إذا كان لديها دليل قاطع، مثلما تدعي.  

وخلال نوفمبر/تشرين الثاني أعاد وزير الخارجية يائير لابيد إطلاق الحملة ضد المنظمات غير الحكومية.

وقال: "يجب على المجتمع الدولي بأكمله التعاون مع إسرائيل لمنع وصول الأموال إلى المنظمات الإرهابية في إطار مدني"، بحسب تعبيره.

ونوهت الصحيفة بأن جذر المشكلة لا يزال متمثلا في الاحتلال الوحشي للأراضي الفلسطينية، وهي قضية لم يتطرق إليها الإسرائيليون، وتجاهلتها الولايات المتحدة وأوروبا عن عمد. 

في غضون ذلك، تفكك إسرائيل أي مبادرة للمجتمع المدني الفلسطيني، وتوسع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية.

في هذا المعنى، انتقدت منظمة بتسيلم الإسرائيلية غير الحكومية تصريحات الوزيرين لابيد وغانتس. 

وأشارت إلى أن "التصريحات التي قدموها والتي تربط العمل الإنساني الفلسطيني بالإرهاب تعمل على تبرير قرارهم المؤسف بإغلاق منظمات حقوق الإنسان وإسكات الانتقادات الموجهة إلى السياسات الإسرائيلية". 

الآن، وبسخرية شديدة، يثنون على حقوق الإنسان في الوقت الذي يكافحون ضدها كل ساعة وكل يوم، تقول بتسيلم. 

ونقلت الصحيفة أن السؤال المركزي، فيما يتعلق بمحاكمة رويز، يختزل فيما إذا كانت إسرائيل ستستسلم وتعيد فتح المنظمات غير الحكومية الست التي أغلقتها للتو.

وهو أمر لا يبدو أنه سيحدث، وسيكون بمثابة ثمن سلبية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدم مبالاتهم بالقضية الفلسطينية.  

الذئب الأزرق

وفي نوفمبر/تشرين الثاني أيضا، جرى الكشف عن وجود برنامج مراقبة متطور للجيش الإسرائيلي يشجع الجنود على تصوير جميع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن.

ومن ثم إدخال الصور في قاعدة بيانات تسمح لهم بالتعرف على سكان الضفة الغربية ومراقبتهم في جميع الأوقات ضمن التطبيق مجهول الهوية الذي يحمل اسم "الذئب الأزرق".

وأوردت الصحيفة أن تقريرا لصحيفة واشنطن بوست جمع تصريحات الجنود الذين شاركوا في استعمال هذا البرنامج وأبلغوا بها منظمة كسر الصمت الإسرائيلية.

وهؤلاء الجنود الذين أبلغوا عن القضية هم عناصر سابقون من الجيش مناهضون للاحتلال، لم يكشفوا عن هوياتهم لتجنب التعرف عليهم ومعاقبتهم.

وأفادت الصحيفة بأن برنامج انتهاك الخصوصية يعتمد على تقنية التعرف على الوجه باستخدام شبكة متنامية من الكاميرات والهواتف الذكية.

ويتم ربط هذه البنية التحتية للمراقبة بمستودع يعرف باسم "الذئب الأزرق". 

ويعمل هذا البرنامج على مطابقة الصور لوجوه الفلسطينيين مع قاعدة بيانات صور واسعة النطاق توصف، على حد تعبير جندي سابق، بأنها "فيسبوك الفلسطينيين" السري لجيش الاحتلال. 

وعند توقيف أي فلسطيني في الشارع يرسل تطبيق الهاتف إشعارات بألوان مختلفة لتنبيه الجنود حول ما إذا كان ينبغي اعتقال الشخص أو تجاهله.